روزانا بومنصف: ظواهر الغوغاء وجه آخر من استهداف لبنان/داود البصري: هل سيتم ترحيل نظام دمشق لمزبلة التاريخ/خليل فليحان:أحسن توطين للسوريين إعادتهم إلى بلادهم

231

ظواهر الغوغاء وجه آخر من استهداف لبنان هل انعدمت القدرة السياسية عن تدارك الانهيار؟
روزانا بومنصف/النهار/4 نيسان 2016
تزامن اقفال مكتب محطة “العربية” في بيروت مع محاولة غبية للاعتداء على مكاتب صحيفة “الشرق الاوسط” في بيروت نتيجة كاريكاتور يفترض انه غير معبر لا عن سياسة الصحيفة ولا عن سياسة المملكة ايا تكن المواقف الاخيرة التي اتخذتها من لبنان بجريرة معاقبة “حزب الله”. فالكاريكاتور مسيء للبنان واهله وهو من حيث شاء صاحبه ام لم يشأ يخدم هدفين انطلاقا من ان الكاريكاتور غالبا ما يحل مقام مقال او موقف معبر. فهو اولا يهين لبنان الدولة وثانيا يخدم سياسة النظام السوري المعروفة في اعتبار لبنان كيانا مصطنعا كون اجزءا منه فصلت في رأيه عن سوريا لتشكل لبنان الحالي. وليس واضحا اذا كان رسام الكاريكاتور قد قصد تقديم خدمة للنظام على هذا النحو فيما المملكة تعتبر من ألد اعداء هذا النظام راهنا او توجيه اهانة للبنان، فيما اقفال مكتب “العربية” واقتحام مكتب “الشرق الاوسط” يشكلان ضربة معنوية قاسية لبلد اعتاد ان يكون قبلة العالم العربي الاعلامية والسياسية فيما اعلامه يعاني من ازمة مصيرية. ذلك ان ترددات أي خطوة تتناول علاقة لبنان مع دول الخليج باتت في ابعادها الراهنة اكثر من رسالة رمزية معنوية وبانعكاسات سلبية كبيرة لا سابق لها بالنسبة الى لبنان وفي ظل عجز اي دولة على مساعدته حتى بالنسبة الى ايران المرتبكة راهنا في جملة استحقاقات وتحديات داخلية وخارجية وعدم قدرتها على رفد لبنان بما يحتاجه اكان ذلك يهمها او كان انهياره لا يعنيها وفق ما يرجح سياسيون كثر.
تمادت الاضرار من الغوغاء الذي يلاحق البلد. واذا كان للناس ان ينزلوا فعلا الى الشارع اعتراضا وسخطا في رأي بعض السياسيين فليس على نموذج الحراك المدني الذي سيّس واستخدم فاجهض وليدا، ولا على نموذج تظاهرات لخدمة اهداف فريق معين بل على نحو سلمي وشامل يضغط على المسؤولين من اجل اعتماد سياسة الحد من الخسائر التي باتت تترتب على لبنان اولا واساسا نتيجة سياسة التمادي في تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية على نحو يكاد يودي بلبنان ونتيجة المضي في اعتماد سياسات خاصة لكل من الافرقاء السياسيين بحيث غدا لبنان يدفع اثمانا باهظة لسياسات هؤلاء الافرقاء من مصالح ابنائه. كما ان سياسات هؤلاء الافرقاء قد اضعفت قدرة لبنان على امكان الافادة من الحلول في دول المنطقة في حال صحت المساعي الدولية ونجحت في ارساء قواعد لهذه الحلول. وتقول مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت ان الوضع لم يعد يحتمل في لبنان على رغم محاولة الترقيع التي تعكسها بعض الزيارات الغربية والتي يلتقي سياسيون على اعتبارها دعما للبنان من اجل استمراره في الدفاع عن اوروبا وتشكيله جبهة متقدمة تمنع اذا تم دعمها نزوح مزيد من اللاجئين وتواجه او تحارب الارهابيين وتمنع انتقالهم الى الدول الاوروبية. وغالبية السياسيين في لبنان لا يقيمون اعتبارا لواقع ان لبنان سيغدو في ضوء واقعه المهترئ غير مؤهل لان يستفيد من مرحلة الاعمار الآتية في الدول المجاورة علما ان مخاطر تتهدد اقتصاده ومؤسساته ومنها ما بات على طريق الانهيار. حتى ان التساؤلات تقارب مجموعة مسائل منها: الى اي مدى يستطيع ” حزب الله” ان يستمر في السماح في هدر دماء عناصره في سوريا في حين ان النظام السوري بات جالسا على طاولة المفاوضات والدول الكبرى تفصل مراحل الحل السوري وتبحث في مستقبل رأس النظام لجهة المهلة التي سيسمح له فيها بالبقاء على رغم الثقة العميقة بانه لن يتمكن من البقاء لسبب جوهري ان اي حرب اهلية لا تسمح لمن كان مسؤولا عن حصولها ان يكون جزءا من الحلول لهذه الحرب. كما يطرح التساؤل عما اذا كان هناك من استراتيجية خروج يمكن ان يعتمدها افرقاء سياسيون عن المأزق الذي بات عليه الوضع في لبنان، وهي مسؤولية متكاملة على الجميع انما تقع نسبها اكثر على البعض من البعض الآخر. هذه الاستراتيجية باتت ملحة نظرا الى انه لا يمكن التعاطي مع ازمة الشغور الرئاسي المستمرة منذ سنتين بالمعطيات نفسها خصوصا ان تطورات كثيرة حصلت من جهة وخيارات اختبرت في لبنان من دون ان تؤدي الى اي نتيجة وليس محتملا ان تؤدي الى النتيجة التي يتوخاها البعض مع تغييرات كبيرة طرأت على الواقع اللبناني كما على علاقاته مع الدول العربية وكذلك بالنسبة الى افق الحل في سوريا. والتساؤلات تشمل اذا كان لا يزال مدى الافادة من غياب رئيس للجمهورية بعد سنتين على الشغور الرئاسي عبر اقتسام الحكومة وفي غياب اي رقابة ممكنا من دون مزيد من اهتراء لبنان وانهيار مؤسساته خصوصا ان الديبلوماسيين يعبرون عن قلقهم من واقع انفاق كبير يقوم به لبنان في مقابل تراجع قدرته على تأمين الاموال لخزينته ؟ فالمصادر الديبلوماسية المعنية تسأل اذا كان لا يزال اللبنانيون فعلا يؤيدون المسار الذي تعتمده بعض القوى السياسية في مقاربتها مجموعة المسائل المطروحة بعدما باتت مصالح اللبنانيين في خطر ولقمتهم مهددة من دون اهمال واقع أن الانتخابات البلدية والاختيارية المقبلة تشتري للقوى السياسية فرصة جديدة لدى اللبنانيين انطلاقا من انها تخلق دينامية تعطي زخما سياسيا إلهائيا يستفيد منها السياسيون بعض الشيء في محاولة تبييض صفحتهم او استعادة ثقة الناس واثارة حماستهم نحو محاولة التغيير من تحت في ظل العجز عن اي امر آخر.

هل سيتم ترحيل نظام دمشق لمزبلة التاريخ؟
داود البصري/03 نيسان/16
تصاعد الحرب السورية وتزايد الوحشية المفرطة للنظام السوري أخيراً في ضرب المدنيين ومحاولة قضم المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بدعم تعبوي وستراتيجي واضح وصريح من الحليف المافيوزي الروسي والإرهابي الإيراني والجماعات الطائفية المتجحفلة معهم، هي تحركات الهدف منها إظهار قوة النظام المتلاشية، ومحاولة يائسة منه للعبور نحو ضفة إعادة التسويق وإعادة عقارب الساعة للوراء، فالنظام السوري وقد أفلس بالكامل لا يمتلك سوى عقلية إدارة المغامرة والمراهنة على كل شيء، ومحاولة صناعة انتصارات ميدانية وهمية لن تنفع في سد رتق وفتق النظام الذي اتسع على الآخر!
والتصريح الأخير لوزير الخارجية الأميركي جون كيري حول توافق أميركي- روسي مزعوم لترحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد لدولة ثالثة في مرحلة معينة كثمن واجب الدفع لإنهاء الكارثة السورية، هل يمثل مصداقية حقيقية لخطة دولية معينة تحاول الدول الكواسر تطبيقها في سورية بالتدريج، أم أنه مجرد بالون اختبار يطلق في الهواء لقياس ردود الفعل، بينما الأوضاع تتجه نحو مسارات أخرى ومختلفة؟ فالجهد العسكري الروسي في سورية يتطور نحو نهايات متوحشة وعدوانية من خلال المشاركة الميدانية الروسية للمستشارين العسكريين وقوات النخبة الخاصة وسلاح الجو الروسي في قضم مناطق المعارضة السورية المسلحة وتحسين الموقف التفاوضي للنظام، والعمل الحثيث بالتعاون مع حلفاء النظام السوري الآخرين، كالنظام الإيراني ومجاميع العصابات الطائفية المسلحة الإرهابية التابعة لحزب حسن نصر الله الإرهابي، وجماعات “الحشد الطائفي” العراقية التي تعتبر المعركة في الشام معركتها الخاصة للحفاظ على القلاع المتقدمة لمراكز النفوذ الإيرانية في الشرق. وقائع إدارة أحوال الصراع السوري منذ ستينات القرن الماضي لا تدعم أبدا أي إمكانية لأن يترجل النظام الحاكم عن صهوة القيادة، وبالتالي فإن أي حديث محلي أو عربي أو دولي عن إمكانية رحيل بشار الأسد عن السلطة طوعا وسلما ووفق عملية سياسية معينة هو حديث خرافة لا يعتد به أصلا، ولا يمكن أن يكون منطلقا لأي تصورات واحتمالات مستقبلية قريبة. لقد ورث بشار نظام عائلي ذات جذور طائفية وتحالفات إقليمية قوية وراسخة تعززت وتجذرت أساساتها منذ أربعة عقود، كما أن تحالفاته الخاصة والاستخبارية مع الكتلة الشيوعية السابقة ووريثتها المافيوزية الروسية الحالية لا تسمح بأي اختراق لتلك المنظومة المتشابكة، وقد تصرف بشار الأسد بموجب تلك القناعات أخيراً وأطلق سلسلة من التصريحات المثيرة للسخرية حول تعديلات دستورية وعملية سياسية وهمية، مصورا نفسه ونظامه على كونه المنقذ للشعب السوري، رغم أن المآسي الجارية على الأرض السورية منذ مارس 2011 قد فاقت مجازر المغول في بلاد الشام، وإن حجم الخراب الهائل الذي تسبب به نظام دمشق لا يمكن التعامل معه إلا من خلال محاكم دولية مختصة بملفات الإبادة البشرية! النظام لا يخجل أبدا بعد خمسة أعوام من التدمير الممنهج ومن مصارع مئات الالآف من السوريين تحت تعذيب أجهزة المخابرات السورية من الحديث عن تشكيل حكومة جديدة تحت قيادة بشار وكتابة دستور جديد بدلا من ذلك الذي كتب في العام 2000 وأصبح بموجبه الرئيس الوريث للديكتاتور الراحل حافظ الأسد في جمهورية الوراثة لعصابات الصمود والتصدي والتوازن الستراتيجي الذي عبر عن نفسه وهويته خير تعبير من خلال استعمال أسلحة الصمود المزعوم من صواريخ وأسلحة كيماوية وبراميل قذرة بأجساد السوريين! لاشك ان بشار في دعواته الإصلاحية يريد أن يضيف لألقابه لقب بطل التدمير.. والسلام الملغوم أيضا، في محاولة بائسة ويائسة للضحك على التاريخ وعلى حتميته المتمثلة في انهيار الطغاة وتحويلهم لمزبلة التاريخ، ولكنه في واقع الحال لا يضحك إلا على نفسه وبشكل رث ومثير للسخرية حقا، فلا يوجد أي طرف وطني سوري حقيقي مستعد للمشاركة في إعادة إنتاج وتسويق النظام وصناعة مهزلة تاريخية لا يمكن أن يكون لها حظ من التطبيق، كما أن النظام ووفقا لماهومعروف عنه وعن طبيعته لا يمكن له أبدا التنازل للإرادة الشعبية أو الخضوع لرأي الجماهير، وهو الأمر الذي كان باستطاعته منذ بداية الأزمة قبل خمسة أعوام تجنيب البلد كل هذه المأساة! النظام السوري كأي نظام قمعي متغلب معتمد على القهر والظلم واستباحة الدماء لا يؤمن إلا بسياسة العنف المفرط والحلول الأمنية الصرفة، وهو نظام لا يرى أبعد من أنفه وقد أهدر فرصا تاريخية حقيقية للتغيير السلمي الهادئ بدءا من قمعه للحراك السياسي لأهل ربيع دمشق، وليس انتهاء بالسخرية من معاناة أطفال مدينة درعا وأصابعهم المقطوعة على أيدي جلاوزته الطغاة! نظام بهذه الوحشية والفظاظة والإرهاب لا يمكن له أن يغير جلده ويتحول لحمل وديع ولديمقراطي مسالم، فمن شب على شيء شاب عليه، ونظام دمشق يمثل آخر معاقل الاستبداد الفئوي العسكري الكريه، وقد حانت نهايته مهما امتلك من قوة دعم دولي وإقليمي، فالشعوب الحرة في نهاية المسار هي من تقرر مستقبلها وليس الطغاة التافهون الحالمون بإعادة التأهيل!

أحسن توطين للسوريين إعادتهم إلى بلادهم” درباس من جنيف: علاج اللجوء بوقف القتال
خليل فليحان/النهار/4 نيسان 2016
طُرحت أزمة اللاجئين السوريين في شكل عام في مؤتمر جنيف الاسبوع الماضي. وقد كلّف رئيس الحكومة تمام سلام وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس تمثيله في هذا المؤتمر الدولي الذي شهد مناقشات واقتراحات ومواقف لمعالجة هذه الأزمة الانسانية التي انهكت سوريا وانعكست سلبيات على لبنان في شتى الميادين. حاور درباس مندوبي دول العالم المشاركة في “مؤتمر إعادة توطين اللاجئين السوريين في بلدان ثالثة” وخاطبهم قائلا: “هذا المؤتمر حبوب لتسكين آلام الضمير، لكن العلاج يكون في عقد مؤتمر حقيقي وان تعمل الإرادة الدولية على وقف القتال في سوريا. وأحسن توطين للسوريين هو اعادة توطينهم في سوريا”. وهذا المؤتمر هو الثاني من نوعه يعقد في مقر الامم المتحدة في جنيف بدعوة من المفوضية العليا للاجئين. وقد افتتحه الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون الذي دعا الى اعادة توطين نحو نصف مليون لاجىء خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. وتوجه درباس الذي كان اول المتحدثين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بكلامه الى بان قائلا:”لمسنا حرارة منك عندما أتيت الى لبنان ومعك كل من رئيسي البنك الدولي وبنك التنمية الاسلامي لتشاهد معهما مأساة الشعب الفلسطيني والسوري واللبناني. نشعر بالامتنان ونطلب منك جهدا إضافيا من اجل ترميم الدول المضيفة لانها وعاء هشّ يحمل محتويات خطرة اذا ما انكسر الوعاء سالت الخطورة في كل مكان”. وأضاف:”إن الاٍرهاب لا يبرز جواز سفره على الحدود ولا يطلب سمات دخول، بل هو يتحرك حيثما تحركه الرياح الشيطانية”. ونبهّ الى ان “لبنان لا يتحمل لا عقوبات ولا إهمالا ولا تماديا في الانفلات السوري ولا توطينا، واذا لم تنقذونا بسرعة فإن الشعب اللبناني مرشح بقوة ليصبح من زبائن المفوضية العليا للاجئين”. وصوّب درباس ما ورد في كلمة الامين العام للامم المتحدة عن نسبة انتشار اللاجئين السوريين في لبنان بأنها 1/3 لاجىء من مجموع سكان لبنان، فقال له وزير الشؤون الاجتماعية بانها 2/4 لاجىء اي مليوني اجنبي من أصل مجموع السكان. اما المفوض العام للاجئين فيليبي غراندي فقال في كلمته:”اذا حسبتم ما استوعبه لبنان من لاجئين فعلينا ان نستضيف 100 مليون نسمة”. فعقَّب درباس قائلا: “ما تخططون لاستيعابه وهو 100 الف لاجىء، تستضيفه ضيعة لبنانية”. وحاور درباس عددا من رؤساء الوفود بناء على طلبهم وأمنت المواعيد مندوبة لبنان لدى المنظمات الدولية السفيرة نجلا الرياشي عساكر مع كل من المفوض العام غراندي الذي قال لدرباس:”نعتبر ان التعاون بين لبنان والمفوضية هو مضرب مثل”. اما وزير الهجرة اليوناني يانيس موزالاس فاستفسر عن وضع اللاجئين. وابلغ وزير الهجرة البريطاني مارك هارير انه سيزور لبنان قريبا. واما وزير الهجرة واللاجئين والجنسية الكندي جون مالكوم فقال لدرباس:” شرعنا في استقبال الآلاف من اللاجئين”. وختم لقاءاته باستقبال نائبة وزير الخارجية الاميركي المسؤولة عن الهجرة هيذر هيغينبوتم حيث راجعا التعاون والتقديرات في هذا الملف. وتسلم درباس ورقة خطية من بان تضمنت تقديرا لوزير الشؤون الاجتماعية “للدور الذي يضطلع به في قضية اللاجئين السوريين”، وشكره على استقباله إياه في طرابلس، كما طلب منه شكر الرئيس سلام على حفاوة استقباله في بيروت.