أحمد الدواس: حزب الله تنظيم خائن وورقة سياسية تلعب بها إيران فما قصته/يوسف الديني:الانسحاب الروسي: مكاسب داعش وحزب الله/محمد برهومة: أوباما بين دول الخليج وإيران

273

أوباما بين دول الخليج وإيران
محمد برهومة/الحياة/22 آذار/16
في حال صَحّتْ الأحاديث والتسريبات من واشنطن التي تفيد بأن الرئيس أوباما سيسعى لإقناع قادة «مجلس التعاون» الخليجي ببدء حوار مع إيران في القمة الخليجية – الأميركية المرتقبة في الرياض الشهر المقبل، والتي يحلّ أوباما ضيفاً عليها، فإن هذا مدعاة لأخذ الأمر بمزيد من الجدية والاهتمام.
فالمؤكد أنّ لا أحد عاقلاً يريد للصراعات والاقتتال في المنطقة أنْ تستمر. والخلافات الخليجية – الإيرانية، كما تؤكد المبادرة القطرية، «سياسية وليست مذهبية»، وليس ثمة دولة خليجية تريد لهذا الخلاف السياسي أن يتحوّل إلى خلافٍ وجوديّ. صحيح أن ثمة امتعاضاً خليجياً من كلام أوباما في «ذي أتلانتك»، وأن نخباً خليجية رأت في دعوة أوباما السعودية وإيران إلى اقتسام الشرق الأوسط «لمسة استعمارية»، وأن ليس من حق الرياض وطهران «صنع يالطا جديدة» لاقتسام المنطقة، كما يرى جمال خاشقجي، لكنّ هذا لا يمنع دراسة احتمالات الحوار ومدى جديته وصدق الجانب الإيراني في طرحه والاستجابة لشروطه ومتطلباته للنجاح الفعلي. وفي حال توافرت هذه الأرضية من جانب إيران، وهي ضرورية لإرساء أجواء الثقة المتبادلة، وبضمانة الضيف الأميركي، فإن الجانب الخليجي لا يعدم الاستجابة اللينة لهذه الطروحات. وقد أعلن عادل الجبير في اختتام اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الأخير، أن بلاده لا تمانع في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع إيران، إذا غيّرت الأخيرة سياساتها «الطائفية»، وتوقفت عن التدخل في شؤون دول المنطقة. وقال: «لنكن واضحين وصريحين، عندما تتغير السياسة، ستتحسن العلاقة في شكل إيجابي». وكان الأمير تركي الفيصل ذكر أن الرياض مستعدة لإجراء محادثات مباشرة مع إيران، بشرط أن تبدي طهران رغبتها في سحب قواتها من سورية. إيران، حتى اللحظة، تراهن على أن علاقاتها المستجدة مع الغرب وانفتاحه عليها عقب الاتفاق النووي تكفيها للتفاهم معه على الترتيبات الإقليمية في المنطقة، بغياب الدول الخليجية أو تهميشها، وإذا صدّقنا أنّ رسالة روحاني المذكورة لأمير الكويت قد تعني نهجاً آخر، فإن هذا يؤكد فكرة أساسية وهي أن أي هيكلية أمنية جديدة لمنطقة الخليج ينبغي أن ترتكز على أنّ مقتل هذه الهيكلية في وجود دولة إقليمية عظمى واحدة تتفرد بالهيمنة في هذه الهيكلية، وهذا الأمر يصحّ على إيران والسعودية وغيرهما. وتذهب مراكز تفكير أميركية إلى أنّ من شأن بدء حوار أمني إقليمي جديد وشامل للجميع، أن يخلق فرصاً لخفض التوتّرات العربية – الإيرانية في الخليج، ويكون أكثر ملاءمة لمصالح ورغبات أميركا التي يزعجها «الراكب المجاني»! وفق انتقاد أوباما. لكنّ هذه المراكز تنبّه إلى أن التحدي أمام هذه الصيغة يجيء من استمرار تشبث إيران بسياساتها التدخلية. إنّ الدعوة إلى بناء منظومة أمنية إقليمية في منطقتنا ليست جديدة، لكنها اليوم تأتي في ظل تغيرات جيواستراتيجية إقليمية ودولية جوهرية، وفي ظل انخراط دول الخليج في استراتيجية بناء الأمن الذاتي وتقليل الاعتماد على «الأمن المستورد». فهل تكون هذه البيئة الجديدة محفزة على الاستجابة بجدية أكثر لهذه الدعوات وبلورة صيغة أمنية إقليمية مع إيران تستهدف تهدئة الصراعات الإقليمية الحالية وتأسيس مستقبل إقليمي أكثر استقراراً وعدلاً وأمناً؟

الانسحاب الروسي: مكاسب «داعش» و«حزب الله»
يوسف الديني/الشرق الأوسط/22 آذار/16
في غمرة الانشغال بالانسحاب الروسي ودوافعه، يجب ألا ننسى تأثيرات هذا الانسحاب على وضعية تنظيم داعش في سوريا الذي يترشح كأحد أكبر المستفيدين من مسار الأحداث، وبدأ فور الانسحاب ممارسة أعمال عنف واسع في المناطق التي يسيطر عليها تجاه الأقليات العرقية والدينية وكذلك تجاه الأهالي الرافضين لآيديولوجيته الحربية بحجة تهمة «الردّة» التي لا تتطلب في الأدبيات المتشددة أي محاكمة أو مراجعة قبل تنفيذ عقوبة القتل. والحال أن أي مواجهة ناقصة أو محدودة ضد تنظيم داعش تنعكس إيجابًا على تمدد التنظيم واكتسابه المزيد من الانتصارات الوهمية وبالتالي الكثير من الكوادر والأتباع، وهو ما جاء في التصريح الذي يقترب من حدود السخرية من قبل روسيا حين أعلنت أن تنظيم داعش سيظل حاضرًا ومؤثرًا إلى أجل غير مسمى، وينقص التصريح أنه يتمدد بسبب تجاهله على الأرض من قبل النظام والميليشيات الشيعية وحتى بعد التدخل الروسي الذي استهدف تنظيمات معارضة معتدلة.
ما يوحي به الخروج المسرحي من قبل بوتين هو أنه يسعى إلى تعزيز المكاسب الميدانية التي حققها تجاه نظام الأسد وضد المعارضات المعتدلة لا سيما في منطقة حلب، كما أن ذلك قد يتيح له النجاة بمناطق آمنة يقيم فيها حكومة مركزية تاركًا باقي البلاد والعباد تحت قبضة العنف الداعشي.
من جهة «داعش» فإن اكتفاءه بالمناطق المحررة من قبله وعدم مناكفته للنظام يعد استراتيجية فعالة جدًا للحفاظ على مكاسبه على الأرض ومحاولة تجنيد المزيد من الأهالي من الأطفال والشباب والكهول في محاولة لخلق جيش ميليشيوي محلي في حال انقطع تدفق المقاتلين الأجانب إلى مناطق التوتر لا سيما بعد حالة التراجع التي يعانيه في المناطق العراقية وازدياد تهديد المقاتلين الأكراد ورغبة تركيا في الانتقام من التنظيم الذي يهاجمها في عقر دارها كلما لوحت بتهديده. في منتصف العام الفائت أصدرت الأمم المتحدة تقريرًا جديدًا عن جرائم التنظيم في الأراضي التي تخضع تحت سيطرته حيث أكدت ممارسته: القتل والإعدام من دون أي محاكمة عادلة، والتعذيب، وخطف الرهائن، والاغتصاب وممارسة العنف الجنسي وتجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية والهجوم على الأهداف المحميّة، فضلاً عن غيرها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، وهنا يمكن الحديث عن جانب غير مغطى في وسائل الإعلام بشكل جيد، وهو أن تنظيم داعش ليس مجرد ميليشيا مقاتلة تستهدف أعداء محددين بل إنه تيار عدمي لا إنسانوي يتخذ من العنف الفوضوي وفائض الرهبة لدى الناس لاستعبادهم وتجريف أجيال كاملة من السوريين من أبسط حقوق الآدمية، وفي ظل عدم الإجماع الدولي على أولوية الحرب على الإرهاب بكل أشكاله وعلى رأسه تنظيم داعش سنكون أمام فصل جديد لم تعهده المنطقة من قبل وهو ولادة أجيال جديدة من الإرهابيين بالتبني، والتقارير تعكس مدى سرعة انتشار دعاية التنظيم في ظل هذا التراخي الدولي عن إيجاد صيغة حل للحالة السورية التي تزداد تعقيدًا مع مرور الوقت.
تنظيم داعش يتغذى على الخلافات ضد الحرب عليه من التردد الأميركي إلى التجاهل الروسي إلى الفزع الأوروبي من استهداف التنظيم لأراضيه والتفكير في المقاتلين العائدين منه، هذه الاستراتيجيات المرتخية ساهمت في تمدد التنظيم بشكل توسعي، ورغم مروره بفترات ركود وضعف وحصار، فإن تنويعه للحرب من المواجهة المباشرة إلى حرب الشوارع إلى ممارسات التطهير العرقي حقق له حضورًا كبيرًا على الأرض لا سيما مع وجود المد الشيعي الذي يعتبر أحد أهم أسلحة «داعش» الدعائية لجذب المقاتلين تحت رافعة الطائفية.
وفي الضفة المقابلة يعزز الانسحاب الروسي تغول الجماعات الشيعية المسلحة بعد أن استطاع إيجاد مناطق آمنة للنظام ورقعة جغرافية لتمدد الميليشيات الشيعية التابعة لإيران والتي سعت منذ بدايات الأزمة السورية إلى تكرار تجربة «حزب الله» باجتراح نسخة سورية وكلنا يتذكر تصريح العميد حسين همداني قائد قوات «الحرس الثوري الإسلامي» قبل عامين حين أكد أنّ إيران قد أنشأت «حزب الله» ثانيًا في سوريا وذلك في إطار توحيد الكثير من الميليشيات المتعددة الأعراق والطوائف، وأهم هذه الميليشيات حضورًا وتمددًا هي التابعة لشبكة «لواء أبو الفضل العباس» و«لواء ذو الفقار» و«لواء الإمام الحسين» في مدينة درعا التي تتلقى دعمًا مباشرا من الحرس الثوري كما تستفيد من خبرات حزب الله والحرس وكل الميليشيات الشيعية في العراق التي تحتكم في أمرها إلى طهران. ولا شك أن موجة الاهتمام الدولي والإعلامي على «داعش» بسبب طبيعة التنظيم الدعائية في الترويج لأعماله العنفية ساهمت في إضعاف التركيز على النشاط الشيعي المسلح وبالتالي تمددت هذه الميليشيات في كل المناطق الخاضعة وساهمت تنظيمات ذات تاريخ عسكري عريق كجيش الإمام المهدي في إذكاء الحضور العسكري لتلك الميليشيات الشيعية التي تتخذ من حمص أرضًا خصبة بحكم قربها من الحدود اللبنانية السورية، ورمزيًا يعد «حزب الله» الآن شريكًا أساسيا للنظام وتقوم كل الميليشيات التي أنشأها ودعمها برفع أعلامه إلى جانب أعلام النظام في إشارة إلى ما يتجاوز التحالف إلى المحاصصة على الأرض وهو ما يطرح السؤال حول الأثمان الباهظة التي ستقبضها هذه الميليشيات في حال فشل التوصل إلى حل سوري شامل، والأكيد أن الثمن الأكبر الذي دفعه النظام السوري حتى الآن هو منح أرض صلبة ونفوذ قوي لإيران في قلب سوريا العروبة.

حزب الله” … تنظيم خائن وورقة سياسية تلعب بها إيران… فما قصته ؟ (1)
أحمد الدواس/سفير كويتي سابق/السياسة/22 آذار/16
انكشف الغطاء عن «حزب الله» بعد ان كان رمزاً للمقاومة اللبنانية ضد إسرائيل لقد كان العرب يعتقدون أنه كيان لبناني محض، لكن تبين لهم ان ايران هي من أنشأته ومولته منذ البداية. إنه ورقة تلعب بها ايران لتحقيق أهدافها الإقليمية، ففي العام 1982 لم يكن لإيران أي نفوذ في لبنان، وحتى تضع ايران موطئ قدم لها فيه طلبت من سفيرها في دمشق علي أكبر محتشمي بور، وكان رجلاً دينياً متطرفاً، ان يساعدها في ذلك بفتح فرع لها في لبنان لمايُسمى «حزب الله الايراني» وبعد لقاءات متعددة في لبنان نجح السفير المذكور، وكان نص بيان إنشاء الفرع يتعهد «خلق جمهورية إسلامية في لبنان»، ولتحقيق هذا الهدف تدفق على لبنان مئات من رجال الدين الإيرانيين ومعهم كثير من المثقفين السياسيين والحرس الثوري الإسلامي. في ذلك الوقت كانت في لبنان جماعات شيعية متطرفة وجماعات ماركسية فاتحدت هذه الفئات تحت اسم «حزب الله»، وعندما دخلت القوات الإسرائيلية لبنان وطردت ياسر عرفات من بيروت في العام 1982ثم انسحبت، أصبح حزب الله هو القوة العسكرية التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي، لكن الحزب استخدم أسلوب الإرهاب، فخلال فترة الثمانينات من القرن الماضي خطف «حزب الله» نحو 200 مواطن أجنبي في لبنان معظمهم أميركيون أو أوربيون غربيون، كما خطف طائرات مدنية، وبشكل أو بآخر ابتدع فكرة التفجير الانتحاري ضد الأهداف الأميركية والفرنسية فقتل نحو ألف شخص من بينهم 241 جندياً من القوات البحرية الأميركية و58 جنديا فرنسيا، فحقق الحزب بعض النتائج لصالحه إذ جعل فرنسا تقلل من دعمها لصدام حسين، وقامت أميركا بتزويد ايران بصواريخ مضادة للدبابات ساهمت بتحويل مجرى الحرب العراقية الإيرانية لصالح ايران، وفي مقابل ذلك طلبت ايران من «حزب الله» إطلاق الرهائن الأميركيين والفرنسيين. أنشأت ايران بعد ذلك فروعاً لـ «حزب الله» في نحو 20 بلداً أنفقت عليها مبالغ طائلة، وبعد انتهاء الحرب العراقية، الإيرانية (العام 1988) وجدت ايران فرصة أن تستفيد من «حزب الله» في أمور اخرى، فقامت «بإعادة صياغة وتشكيل الحزب للتأثير على مجرى السياسة الإقليمية»، وان تستخدمه لشن حرب صغيرة الحجم ضد إسرائيل، وفي العام 2000 انسحبت إسرائيل من القطاع الذي احتلته في جنوب لبنان فأعلنت إيران الحدث انه «أول نصر للإسلام على معسكر الغزاة الصهاينة»، ونال الحزب ثناء في الوطن العربي، فأصاب الغرور ايران وعميلها زعيم الحزب حسن نصر الله بهذا الحدث فوظفت ايران حملة دعاية إعلامية مكونة من وثائق تلفزيونية وأفلام وكتب ومقالات وكانت رسالة ايران هي «ان القومية العربية والإيديولوجية العلمانية فشلت في تحرير بوصة واحدة من الأرض العربية، بينما رؤية الخميني وتصوراته من خلال أسلوب «حزب الله» هو من حقق النصر الكاسح على إسرائيل في لبنان». تأتي أموال «حزب الله» أيضاً من امتلاكه مرافق تجارية من بينها بنك وشركة تأمين ومجموعة من الفنادق وسلسلة من الأسواق المركزية وشركات سيارات النقل والأجرة، ووكالة سفريات تتخصص لنقل الحجاج الى الأماكن المقدسة، ويشعر الزائر في جنوب بيروت أو سهل البقاع ان التعامل التجاري مع الحزب يحيط به من كل جانب، سواء في الفندق الذي يقطنه أو المطعم الذي يأكل فيه أو سيارة الأجرة التي تقله أو الدليل الذي يروي له معالم المنطقة، أو المحل الذي يشترى منه الهدايا، كل هذه الأماكن والخدمات ملكاً لـ «حزب الله»، وبهذا فقد هدد الحزب وضع الدولة اللبنانية فممارساته تشير الى ان الحزب أصبح «دولة داخل الدولة اللبنانيـة»، فإلى جانب السلاح الذي يحمله يجمع ضرائب الخُمس من معاشات الطائفة التي تتبعه ويدير كثيراً من المدارس التي تٌدرس المنهج الدراسي الإيراني كمايدير مستشفيات وعيادات طبية وشبكات الرعاية الاجتماعية ومراكز للأيتام والأرامل ويسيطر الحزب على المجالس البلدية ويُعين الموظفين المحليين فيها بدلاً من الحكومة المركزية في بيروت ولتكملة وضعه كدولة داخل دولة أنشأ الحزب عدداً من السفارات غير الرسمية له أحداها وأكبرها هي الموجودة في طهران وبها عدد ضخم من الموظفين.
قلنا في بداية الحديث ان «حزب الله» كان رمزاً للمقاومة اللبنانية لكنه تحول ورقة سياسية تلعب بها إيران وفي المقالة المقبلة سنرى كيف اتبع الحزب سياسة عدائية نحو دول الخليج.