بسام النونو: باسيل والفيتو العربي على عون/خليل فليحان: الأزمة مع السعودية قد تطول إذا لم يحدد موعد لسلام في الرياض/محمد اليامي: صباح الحرف – استيراد لبنان

274

باسيل.. و«الفيتو» العربي على عون
بسام النونو/المستقبل/27 شباط/16
وكأنه من أنواع الحب «القاتل» للطموحات السياسية والرئاسية، ذلك المتبادل بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وزعيم التيار المؤسس العماد ميشال عون. فبعدما شكّلت توجّهات عون المفعمة بفائض الحب تجاه الصهر الأعزّ، الدافع الأكبر وراء استثارة القاعدة العونية المناضلة تاريخياً مع الجنرال بشكل أجهز على فرص «ترييسه» بالتراضي عليهم فكانت خطوة «تعيينه» بالإكراه رئيساً على التيار، ها هو باسيل يبادله حباً من النوع نفسه بعد أن شكّلت سياساته الديبلوماسية الدافع الأبرز وراء استثارة المنظومة العربية برمتها ضد ترشيح عون الرئاسي، بشكل بدا من خلاله وزير الخارجية يجهز بيديه على آمال عمّه وطموحاته في نيل الرضى العربي والقبول بمباركة حظوظه الرئاسية ربطاً بما عكسه «العهد العوني» في الخارجية من انحياز واضح إلى الأجندة الإيرانية المناهضة للعرب. وقياساً على أدائه المتمادي والممعن في النكء بالجراح الملتهبة بين لبنان والدول العربية منذ مؤتمر القاهرة مروراً بمؤتمر جدّة وصولاً إلى مؤتمره الصحافي المتمسّك بسياسة استفزاز العرب بعد ساعات فقط من صدور بيان مجلس الوزراء المتمسّك بسياسة الإجماع العربي، لعلّه من الجائز الظنّ بأنّ باسيل ربما يسعى إلى أن يردّ جميل «التعيين» بجميل مماثل معوّلاً على نجاح «حزب الله» ومن ورائه إيران في «ترييس» عون وفرضه رئيساً «معيّناً» على الجمهورية. نعم، وبشكل أكيد غير مقصود، كان باسيل، ومن حيث لا يدري ولا يرغب طبعاً، المساهم الأكبر في الإجهاز على ترشيح عون والدفع باتجاه اضمحلال حظوظ وصوله إلى سدة الرئاسة الأولى في ضوء اعتناقه «ديبلوماسية» موالية لطهران على حساب العروبة والعلاقات التاريخية مع المملكة العربية السعودية وعموم دول مجلس التعاون الخليجي. وأبعد، تبدو الأمور متجهة إلى ما بعد بعد النفور الخليجي والعربي نحو النأي الدولي بالنفس عن ترشيح عون باعتباره أضحى في نظر المجتمع الغربي كما العربي مرشحاً منحازاً لمحور ضد محور، سواءً في انحيازه الصريح على المستوى الداخلي لسياسات «حزب الله» في مواجهة سائر المكونات الوطنية، أو على المستوى الإقليمي في انحيازه الواضح للسياسات الإيرانية في مواجهة سائر المكونات العربية. فكما في معالم الصورة المحلية حيث لم يبقَ حليف ولا حليف حليف إلا ويكاد يتمايز عن ترشيح «حزب الله» لعون إلى درجة اضطر معها الدكتور سمير جعجع إلى مناشدة 8 آذار العودة لوحدة الصفّ خلف هذا الترشيح والتزام التصويت للجنرال كمرشح أوحد لهذا الفريق، يبدو كذلك في أبعاد المشهد الدولي أنه حتى حلفاء الحلفاء بدأوا باعتماد خيار النأي بالنفس عن ترشيح عون في ظلّ ما تواتر من معلومات موثوقة تفيد بأنّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعتذر عن عدم إمكانية استقبال عون في لقاء كان من المُفترض عقده أمس في موسكو، مبرراً ذلك بكون القيادة الروسية تفضّل في هذه المرحلة عدم الاجتماع بأية شخصية مرشحة للانتخابات الرئاسية خشية تفسير ذلك بأنه دعم روسي لمرشح ضدّ مرشح في السباق الرئاسي اللبناني. وأكثر، تنقل هذه المعلومات المتواترة من موسكو أجواء تشي بوجود استعداد روسي للضغط على إيران في سبيل حثّها على انتهاج سياسة متعاونة مع الجهود الدولية الهادفة إلى حل الأزمة الرئاسية في لبنان. حتى أنّ تقارير ديبلوماسية تحدثت عن تلقي طهران بالفعل رسالة روسية في الآونة الأخيرة تدعوها إلى استثمار اللحظة السياسية المتاحة حالياً من خلال مشروع الهدنة المقبل على سوريا والمساهمة في تذليل العقدة الرئاسية على الساحة اللبنانية قبل أن يفوتها قطار التسويات فتفقد دفّة المبادرة كلياً إن تغيرت المعادلات الإقليمية مستقبلاً. كَثُر التحليل والتأويل والحديث عن «فيتو» عربي على ترشيح عون.. قد يكون صحيحاً وقد لا يكون، لكنّ الصحيح أنه إذا كان هناك من «فيتو» فقد صوّت عليه باسيل نفسه في القاهرة وجدّة، حين صوّت ضد الإجماع العربي.

الأزمة مع السعودية قد تطول إذا لم يحدد موعد لسلام في الرياض
خليل فليحان/النهار/27 شباط 2016
“من تأجيج الى تأجيج والأمور تتعثر أكثر، وكل تحركات رئيس الحكومة تمام سلام التي أنتجت قرارا جماعيا بالتشديد على حرص لبنان على علاقاته بالمملكة، لم ترض الجانب السعودي، وكذلك بالنسبة الى تحركات الرئيس سعد الحريري والوثيقة التي طرحها للتمسك بالعلاقات مع المملكة”. هذا الكلام لمصادر سياسية مواكبة لمسار التحركات البعيدة عن الاضواء والرامية الى ترميم العلاقات التي اهتزت بين بيروت والرياض، علما أن الوضع من سيئ الى أسوا. والرد السعودي متوقع خلال الساعات القليلة المقبلة على الرسالة التي بعث بها رئيس الحكومة تمام سلام الى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز طالبا موعدا لاستقباله في الرياض على رأس وفد وزاري لوضع حد لغضب المملكة الناتج من أمرين: الاول عدم إدانة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في مؤتمر وزراء الخارجية العرب حرق السفارة السعودية في طهران، والاكتفاء بالنأي بالنفس. والثاني أن الموقف بقي هو هو في مؤتمر وزراء خارجية “منظمة التعاون الاسلامي”، وهذا يعني أن البلاد غارقة في مزيد من التأزم والجدل حوال المخرج الذي يمكن أن يرضي السعودية لتوقف إجراءاتها ضد لبنان واللبنانيين. ولفتت الى أن المخرج الذي تطالب به المملكة لم يصدر بعد وهو اعتذار من أساء الى العلاقات، بعدما لاقى وزيرا الكتائب زميليهما في “حزب الله” على عدم القبول بالاعتذار “لأن لبنان لم يخطئ”. وأشارت الى ان اي مسؤول ليس في وسعه ان يعلم مسبقا طبيعة التدابير التي يمكن ان تتخذها الرياض لمزيد من الضغط ولتحقيق ما تطلبه من بعض القوى اللبنانية التي تهاجمها وتدخل في صراع عسكري ضدها في سوريا واليمن والبحرين. وكانت لافتة الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية السعودية بحق شركات وأفراد لبنانيين بتهمة العمل لمصلحة “حزب الله”. وأفاد تقرير ديبلوماسي أن المساعي التي تقودها فرنسا لإحياء الهبة التي أوقفتها الرياض للجيش وقوى الأمن الداخلي لم تلق تجاوبا، لأن الهبة ليست هي المشكلة مع السعودية، بل الصراع مع قوى لبنانية تؤيد ايران وتنفذ خططها، سواء في لبنان او في دول خليجية، وليس في وسع باريس بذل المساعي التي تضع حدا لذلك النزاع. وذكرت معلومات ديبلوماسية عربية انه إذا استمر التشنج بفعل الشروط السعودية الصعبة وعدم التجاوب اللبناني من القوى المتصارعة مع الرياض، فقد تطرح المسألة في القاهرة على هامش الدورة العادية لمجلس وزراء خارجية الدول العربية الذي سيعقد في 10 آذار تمهيدا للقمة العربية التي ستعقد في موريتانيا بعد اعتذار المغرب على استضافتها، ولم يحدد موعد انعقادها بعد.

 

صباح الحرف – استيراد لبنان
محمد اليامي/الحياة/27 شباط/16
أتساءل لماذا لا يعيش الإخوة والأصدقاء اللبنانيون في بلدهم كما يعيشون في الخارج، في أميركا اللاتينية التي شكلوا جزءاً من نسيجها الاقتصادي والاجتماعي، وفي الخليج حيث شكلوا مصدراً مهماً للتدفق النقدي إلى بلادهم ومواطنيهم؟ وما أقصده أنهم يعيشون بسلام، لا يظهرون الطائفية، ولا يتحزبون إلا لطلب الرزق والمعيشة، وهم يفعلون ذلك بذكاء معروف. في العادة، تصدّر الشعوب ثقافتها، وفي الغالب يأخذ أي شعب يشكل مجموعة مهاجرة، أو أقلية مستوطنة سمات جلبها من الوطن الأم تصبغ شكل حياته، وسلوكياته، وطعامه، وأرى اللبنانيين يخالفون هذه القاعدة، فهم في الداخل اللبناني شبه معطلين سياسياً وتنموياً نتيجة التحزبات وتفاصيل كثيرة لا أعرفها، إذ توقفت عن متابعتها منذ سنوات بسبب الملل واليأس، لكنهم في الخارج يركزون على أهدافهم، وعلى تنمية أنفسهم ويتناسون كل شيء، بدليل أن غالبنا في الخليج لا يفرق بين لبناني وآخر إلا إذا كان اسمه غير عربي فقط. أتأمل في الخبر الذي انفردت به «الحياة» على صفحتها الأولى وعنوانه «خمسة بلايين دولار تحويلات اللبنانيين من الخليج سنوياً»، والرقم ليس توقعاً أو مبالغة خليجية، إنه على لسان رئيس مجلس العمل والاستثمار اللبناني في منطقة الخليج محمد شاهين. خمسة بلايين تحويلات من الخليج، واثق أن مثلها ويزيد يأتي من مناطق أخرى، وخمسة أخرى ستأتي بها السياحة بسهولة، و50 بليون دولار قد تصبح استثمارات أجنبية، وكثير سيأتي لو تفرغ اللبنانيون للبنان، لو تحرروا من هواجس التبعيات والحسابات، بعبارة أخرى لو استوردوا لبنان الذي يمثله أبناء لبنان في الخارج، ليحل محل لبنان الضائع والذي ملّ الانتظار. كتب آلان جاكوب في صحيفة «لوموند» في تعليقه على رواية أمين معلوف «صخرة طانيوس» ما نصه: «ذلك البلد المنذور للتمزق»، وهو يعني لبنان وهو يعرج على الأوضاع في العام 1840 إبان حياة بطل الرواية، حين كانت الدولة العثمانية ومصر وإنكلترا تتصارع للسيطرة على لبنان، والحق أن كثيرين وفي مقدمهم إسرائيل يريدون لبنان على هذه الصورة، صورة البلد «المنذور للتمزق»، وهذا ما لا نريده نحن بالتأكيد، ولا تريده السعودية التي كانت أفعالها تاريخياً مع لبنان تصب في وحدته واستقلاله ورخائه. مؤلم هو اختطاف بلد، أي بلد، من فئة، أو حزب، ليس فقط الاختطاف السياسي كما في لبنان، بل كل أشكال الاختطاف التي تعوق النمو، النمو في كل المجالات، بما فيها النمو الحضاري المرتكز على ثراء فكري، وتنوع وتبادل وقبول. الخطوات التي اتخذت خليجياً تجاه لبنان اتخذت على كُرهٍ، لكنها المصلحة الأعم، والأكبر للطرفين، وهي بلا شك براغماتية مطلوبة في هذه الأوقات الصعبة، فعندما أخوض حرباً لمصلحة أطراف كثيرة، يجب عليهم جميعاً أن يحاربوا معي، وأضعف الإيمان أن يسجلوا موقفاً إن لم يستطيعوا تسجيل الأفعال على الأرض. السعوديون والخليجيون ممتنون من مواقف اللبنانيين المقيمين بين ظهرانيهم، وهم وحكوماتهم يعلمون ويعملون بمبدأ أخلاقي عميق في ثقافتنا الإسلامية هو «لا تزر وازرة وزر أخرى». يجب أن ينضج البعض في لبنان، كما نضجت الغالبية في الخليج.