عبد الوهاب بدرخان: الرئاسة بين الزوجة والعشيقة/نبيل بومنصف: حكايات باهتة اقلبوها

282

الرئاسة بين “الزوجة” و”العشيقة”!
عبد الوهاب بدرخان/النهار/3 شباط 2016

اذا أمكن لأي سياسي في أي مكان في العالم أن يستمع الى خطاب الأمين العام لـ “حزب الله” عن انتخاب رئيس لبناني، واذا استطاع أن يكمله الى نهايته، فبأي نتيجة يخرج: ان حسن نصرالله يقول لميشال عون وسليمان فرنجية: أنت عيني وأنت عيني الثانية؟.. لا، النتيجة هي الآتية: بلد بائس، شعب بائس، زعماء بائسون، لا دستور ولا قوانين ولا مؤسسات، والاستحقاق الرئاسي رهن كلمة من “السيد حسن”، والأكثر بؤساً أنه هو نفسه لا يدرك أن ربط الاستحقاق بشخص حتى لو كان شخصه، أو بحزب حتى لو كان حزبه، أصبح خزياً وعاراً للبلد. نحو ساعة من الكلام كانت أشبه بثرثرة زوج انكشفت خيانته، ويريد اقناع الزوجة والعشيقة في آن بأنهما ستبقيان معاً حبّه الوحيد، الأول والأخير، ولن يختار بينهما إلا التي تتنازل عن مكانها ومكانتها للأخرى وبكامل الرضا ورحابة الصدر. وبالطبع لم تجد الزوجة أن هذه المعادلة لمصلحتها فلاذت بالصمت، أما العشيقة فاغتبطت لأنه وضعها على مستوى غريمتها فغرّدت: “سيد الكل…”. أخيراً صارت لصاحبة “الخطة ب” أولوية على من كانت دائماً “الخطة أ”. ما شأن اللبنانيين، بل ما شأن رئاسة الجمهورية بهذا النقار والنقير داخل عائلة “8 آذار”؟ وما شأن البلد بسباق شخصين الى رضا حزب لديه ترسانة سلاح للقتل والترهيب، وليست لديه قدرة تمثيلية برلمانية على ترئيس أي منهما إلا اذا نال أحدهما تأييد الفريق الخصم، أي “14 آذار”؟ لكن هذا الأخير انقسم للتوّ بانفراط تحالف “القوات” مع “المستقبل”. وإذ يفاخر نصرالله بأن المرشحَين المطروحَين هما من حلفائه، إلا أنه يتجاهل حقيقتين: الأولى، ان كون المرشحين من “8 آذار” يعني أنهما صالحان فقط لخدمة “حزب الله” وحلفائه وليسا صالحين للحكم وإلا لما تأخر انتخاب أي منهما حتى الآن. والثانية، ان نصرالله نفسه تعنّت في حصر الخيار في الجنرال عون فعطّل الانتخاب، والآن يحار في الاختيار بين عون وفرنجية فيزيد التعطيل تعطيلاً، ثم يدّعي العكس. وما قصة “الديموقراطية الايرانية” هذه التي استفاض نصرالله في شرح عبقريتها، وخلال الاسبوع الماضي سبقه العديد ممن هم في خطّه لامتداحها، ثم ما علاقتها بالشأن اللبناني؟ لا داعي للغوص في التاريخ، فالأخبار الراهنة تقول إن عدد من تُرفض ترشيحاتهم لمجلسي الشورى والخبراء أكبر من عدد الذين يُقبلون، والمعيار سياسي: الاصلاحيون غير مرغوبٍ فيهم إلا اذا تعهّدوا خدمة خط المحافظين، كما يفعل روحاني. ماذا يسمّى هذا في ادارة الانتخابات؟ إنه تلاعب بالنتائج من خلال اجراءات الترشيح، أي أنه تزوير مسبق… فإذا طُبّق لبنانياً لا يكون استبعاد نصرالله أي مرشح آخر غير عون و / أو فرنجية تزويراً فحسب بل اعلاناً للنتيجة من دون تصويت، وبالتالي تكون ايران بدأت تصدير “الديموقراطية” بعدما أنجزت “تصدير الثورة”

حكايات باهتة… اقلبوها!
نبيل بومنصف/النهار/3 شباط 2016
يغدو منطق تبرير الصفقات والتفاهمات والتوافقات مضحكاً حين يراد تسويقه أمام الرأي العام على قواعد تلميع الصورة السياسية وليس وفق منطق تطور الظروف والضرورة. ينطبق ذلك بشكل عام على التقلبات التي شهدناها منذ تشرين الثاني الماضي مع ولادة مفاجئة لترشيح النائب سليمان فرنجيه مرورا بالولادة الاخرى المباغتة لترشيح العماد ميشال عون بلوغاً الآن الى معارك الكر والفر في السباق اللاهث بين المرشحين وداعميهما. لا ندري كم يعني للبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا بعد ان تفتح “ملفات وراء الشاشة وأمامها” في ما يعود الى الظروف التي أنضجت هذين الترشيحين فيما هما سقطا على رؤوس الناس من دون اي استئذان او تمهيد. ولا نظن ان احداً كان في وارد لوم “المردة” و”القوات اللبنانية” لأنهما في ظرف محدد ناقشا احتمال ترشيح الزعيم الزغرتاوي للرئاسة ما دام الأصعب والاخطر المتصل بتجاوز تاريخ دموي قد تحقق. كما ليس في ظننا ان لبنانياً صافياً يمكنه ألا يبتهج بمصالحة تاريخية بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” وضعت حدا للحرب الاهلية الأخطر في تاريخ المسيحيين حتى مع الربط الملتبس الذي حصل بين هذا الإنجاز وترشيح العماد عون. مفاد ذلك انه آن الاوان كي تدرك القوى المسيحية انه بات محظورا مع تجاوز متاريس نفسية مزمنة من العداوات بفعل تسويات بهذا الحجم العودة واعادة الرأي العام اللبناني الى ما دون الصفر لمجرد ارتكاب “زلات لسان” وعودة “الطبع الاقوى من التطبع”. اذ ان أمن الناس ووضعهم أمام طي صفحات هي الأسوأ في تاريخ البلد ليس مسألة “نفوذ” حزبي او مزاجي خاضعة لموجات الهبوط والصعود في السباق الى بعبدا. وفي ابسط الاحتمالات لا نظن ان اي فريق حزبي مسيحي لا يدرك معنى العبث الغبي بشارع يختزن كل انواع الخيبات والإحباطات في هذه المرحلة تحديدا وما بعدها، فيما تتنامى الأخطار التي تتهدد الرئاسة ونفوذ طائفتها وجماعتها والنظام كله بفضل من حراس الهيكل اسوة بمسترهني النظام ومصير البلاد. لقد سمعنا الكثير وسنسمع اكثر على الارجح عن محاضر ليالي السمر بين المتفاوضين الأعداء بعدما كسروا شوكة العداء. صفقنا سابقاً وسنبقى نصفق للمصالحات ولا نظن ان احدا سيحاسب الأبطال المتصالحين لأنهم تداولوا احتمالات من هنا وهناك في صفقات سياسية وحزبية وحتى شخصية. ولكن، حذار ان يتراءى لأبطال التسويات في الآتي من معاركهم ان احداً سيبقى معنياً بسجال الروايات التي ستغدو كحكايات باهتة لا تعني الا مطلقيها في سجالات العقم خصوصا متى تناسى بعضهم او جميعهم ان تحريك العصبيات على نار هذه الحكايات سيسقط كل ما اتحفونا به في الأشهر الاخيرة، بما فيها صفقاتهم.