تمثال سيدة بشوات محجّ للمسيحيين والمسلمين ومزارها معلَم سياحي يساهم في إنماء المنطقة

570

تمثال سيدة بشوات محجّ للمسيحيين والمسلمين ومزارها معلَم سياحي يساهم في إنماء المنطقة

بعلبك – وسام إسماعيل/النهار/25 كانون الأول 2015

يشكل تمثال السيدة العذراء سيدة بشوات العجائبية المميزة بفستانها الأزرق الغامق والمرصع بالنجوم الذهب حاملة في يديها الصليب، علامة فارقة عند مدخل بلدة بشوات – قضاء بعلبك حيث تم رفعه وتركيزه على بعد قرابة 600 متر من المزار المريمي المتواضع والشهير في بلدة بشوات والمبني من حجر أبيض طبيعي جميل يعود تاريخه الى مئات السنين، ويستقطب المؤمنين من انحاء لبنان ودول الاغتراب. بين اللبنانيين والسيدة العذراء عهد قديم يرقى الى صاحب نشيد الأناشيد الذي ناداها بقوله: “هلمي معي من لبنان” لكي يعبر عن تعلق اللبنانيين بالسيدة مريم العذراء، التي تعتبر شفيعة مناطق عدة منها منطقة بعلبك – دير الأحمر تحميها وترعى سكانها، لذلك كان القرار بإنشاء مجسم يخلد ذكرى الظهورات العجائبية للسيدة ويشيد بمحبة أهالي المنطقة بمسيحييها ومسلميها لمريم على مر الأجيال التي رافقت بناء وطنهم في ليالي تاريخهم الطويل، خصوصا في زحمة الاحداث وغمرة الشدائد، مستغيثين ومستشفعين فكانت لهم رفيقة ومحامية وشفيعة وسموها ” سيدة ” على كل نواحي حياتهم. لم يكن المزار يوما حكراً على المسيحيين بل هو ايضاً محج للمسلمين الذين شملتهم عجائب السيدة، فالعذراء منذ اناشيد العهد القديم الى القرآن موضع تكريم ومثال للطهر، فكان المجسم للسيدة العذراء عند مدخل البلدة كما ارادته فاعلياتها منارة سلام وأخوة ومحبة وتلاق. ويرتفع التمثال ستة امتار لكأنه يقول للقادمين ” تعالوا إلي ايها الراغبون فيّ، واشبعوا من ثماري” على قاعدة مؤلفة من أربعة مجسمات على شكل بوصلة الى كل الاقطاب، باسطة يديها لزوارها الذين يمرون من تحتها حيث كتبت كلمات “أهلا بكم في أرض القداسة”. وتجاوزت تكلفة المشروع نصف مليون دولار بمساهمة عدد من المؤمنين وخصوصا المغتربين منهم، ليكون أكبر تمثال لمريم العذراء في منطقة بعلبك – الهرمل. ويشارف بناء المجسم الانتهاء وبات مكتمل المعالم باستثناء اللمسات الأخيرة، من وضع الورود والاضاءة ونوافير المياه ، وكان لاختيار المكان رمزيته الروحية لدى اهالي البلدة حيث وضع فوق البئر الأثرية التي تعرف بـ ” عين سيدة بشوات المباركة ” وله حكايته الخاصة يتناقلها الأهالي. فخلال حكم الحرافشة لأمارة بعلبك حصلت معجزة حيث اعجب احد امراء آل الحرفوش بشمعة كانت موضوعة عند العين التي تروي المنطقة واخذها الى قصره في بلدة شعت القريبة من بشوات وليلاً أتته السيدة العذراء في الحلم لتبلغه ان الشمعة لها وطلبت منه اعادتها، فما كان منه الا أن اعاد الشمعة الى المكان، ولا يزال الزوار حتى اليوم يتباركون من مياه العين التي لا تجف. وبلدة بشوات زراعية في الأساس، وبفضل بركة السيدة باتت تشهد توالي ظواهر عجائبية وشفاءات في المزار، وتحولت بفعل “ظهور عجائبي” في العام 2004 “مركز حج ” استقطب مئات آلاف المؤمنين من المسيحيين والمسلمين، وصارت تاليا بلدة سياحية من الأجمل في المنطقة بطبيعتها نظراً إلى وقوعها على تلة عالية تحوطها اشجار السنديان واللزاب، وتشكل مصدر دخل للعديد من الأسر فيها حيث انشئ العديد من الغرف الفندقية والمطاعم والمعارض التي تعمل على بيع مجسمات دينية تذكارية يعود ريعها إلى المزار. ولتليق البلدة برمزيتها الروحية تشهد في الأيام الاخيرة عملية تأهيل تجميلية لساحاتها وشوارعها الرئيسية والفرعية، كتأهيل الجدران بالحجر الأبيض الطبيعي المستخرج من محيط البلدة ويتميز برونقه الخاص، الى جانب احداث حدائق عامة بالقرب من المزار تتسع لمئات العائلات.

الى جانب شجرة الميلاد والمغارة الميلادية التي اقيمت عند مدخل المزار من أغصان الاشجار الطبيعية، ينهمك خادم الكنيسة الاب سمعان فيلمون في استقبال المؤمنين مسيحيين ومسلمين الآتين للصلاة في معبدها الصغير وإيفاء النذور والتبرك وطلب الشفاعة في زمن الميلاد. وبدوره أكد رئيس بلدية بشوات حميد كيروز ان المشاريع الحيوية ساهمت في تحسين السياحة خصوصا ان التحسينات شملت تأهيل الطرق الرئيسية المؤدية الى البلدة والقرى المجاورة، لافتا الى ان الحديقة العامة المحدثة الى جانب المزار باتت شبه جاهزة. وأمل كيروز من القوى الأمنية في أن تقوم بجهود أكبر لتطبيق الخطة الأمنية التي وعدت بها الحكومة لتشجيع المؤمنين على زيارة البلدة، مؤكداً ان حركة الزوار هذا العام كانت افضل من العام المنصرم داعيا الجميع إلى زيارة البلدة للتبرك من المزار العجائبي، موضحا أن “أوتيل بيت مريم” مفتوح لاستقبال الزوار وهو باسعار مخفضة جداً ويعود ريعه إلى الوقف. وتوجه بالشكر إلى كل مَن ساهم في إنجاز مشروع الروحي “تمثال السيدة”، ولا سيما من المغتربين.