فادي الداهوك: سمير القنطا.عصا سليماني للشجار مع إسرائيل/كارولين عاكوم ونظير مجلي: حزب الله باع القنطار لإسرائيل.. تل أبيب نسقت مع موسكو قبل ضربه في حدود دمشق

315

“حزب الله” باع القنطار لإسرائيل.. تل أبيب نسقت مع موسكو قبل ضربه في حدود دمشق
كارولين عاكوم ، نظير مجلي
موقع 14 ىذار/22 كانون الأول/15
فتح إغتيال القيادي في ‘حزب الله” سمير القنطار في سوريا الباب أمام التساؤلات حول التنسيق الإسرائيلي – الروسي ، في ضوء تدّخل موسكو العسكري والإعلان عن أن آلية التنسيق تعمل بنجاح بين الطرفين. وفي وقت رفض الكرملين التعليق عما إذا كانت إسرائيل أبلغت روسيا بالعملية مسبقا وأحال الأسئلة إلى وزارة الدفاع٬ يعتبر البعض أّن عملية إغتيال القنطار تّمت من خارج الأراضي السورية ولا ينطبق عليها هذا التنسيق٬ بينما يرى آخرون أّنها ليست بعيدة عن عملية إستخباراتية جمعت حليف ‘حزب الله” وعدّوه ونتج عنها إغتيال أحد أبرز قيادييه في سوريا٬ وهو ما أشارت إليه وسائل إعلام إسرائيلية معتبرة أن العملية كانت نتاج هامش الحرية الذي أتاحه التنسيق الإسرائيلي -¬ الروسي في سوريا. وكانت عملية إغتيال القنطار أثارت موجة من التساؤلات في لبنان في أوساط مناصري ‘حزب الله” كما خصومهم٬ سائلين عن الدور الروسي الحليف الذي يهّدد تركيا من مغبة اختراق المجال الجوي السوري لكنه لم يفعل شيئا حيال هذه العملية٬ وعن جدوى ‘صواريخ S-400″ الروسية التي قيل إّنها ‘تسيطر” على الأجواء السورية. ورأى الخبير الروسي فيتشلاف ماتوزوف٬ أنه ‘لا يمكن أن تتورط موسكو في هذه المغامرة لا استخباراتيا ولا عسكريا٬ والعملية الإسرائيلية كانت تحديا لروسيا للقول: إن سلاح الـ(S400) ليس له فائدة”. واستبعد في حديث إلى صحيفة ‘الشرق الأوسط” في الوقت عينه أن يكون لروسيا أي رد فعل على عملية الإغتيال٬ موضحا ‘إنما بالتأكيد هي علامة سوداء تسّجل على إسرائيل التي تعلم جيدا أّن موسكو تعتبر ‘حزب الله” منظمة شرعية”.
مع العلم٬ أن الناطق الإعلامي باسم الرئيس الروسي ديمتري بيسكوف٬ قال أمس: ‘كما تعرفون هناك آليات لتبادل المعلومات بين هيئتي الأركان (في الجيشين الروسي والإسرائيلي)٬ ويجب إحالة الأسئلة حول ما إذا كانت هناك أي معلومات قدمت مسبقا من جانب إسرائيل٬ إلى الزملاء العسكريين (وزارة الدفاع)”.
من جهته٬ شّكك الخبير الاستراتيجي٬ رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات٬ هشام جابر٬ في أن إغتيال القنطار كان نتيجة تنسيق إسرائيلي – روسي٬ وأوضح في حديثه لـ”الشرق الأوسط”: ‘لا يمكن لروسيا أن تتواطأ ضّد حليف لها٬ أي ‘حزب الله”، رغم أن موسكو كان بإمكانها أن تتصدى للصواريخ الباليستية (يصل مداها إلى 120 كلم) التي استخدمت في العملية من خلال صواريخ ‘S400” انما لم تفعل ذلك انطلاقا من أن هذا الأمر لا يهّدد مصالحها كما أّن مهمة هذه الصواريخ الأساسية هي حماية قواعدها الجوية في سوريا٬ مضيفا: ‘التنسيق العسكري ضروري إنما التعاون بين الطرفين اختياري”.
وأوضح جابر٬ أّن الصواريخ التي استخدمت في عملية جرمانة أطلقت من خارج الأراضي السورية٬ على الأرجح من الأراضي اللبنانية المحتلة٬ وبالتالي فهي لا تدخل ضمن الاتفاق والتنسيق العسكري بين الطرفين المحصور في الأجواء السورية٬ وأضاف: ‘بالتالي فإن الأمر لن يكون له أي تداعيات بين إسرائيل وروسيا٬ من دون أن يخلو الأمر من عتب داخلي لن يؤثر سلبا على العلاقات بينهما”.
في المقابل٬ أشار بعض المسؤولين الإسرائيليين ووسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن اغتيال القنطار كان نتيجة تنسيق مع روسيا٬ وقال نائب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي٬ الجنرال يائير جولان٬ المسؤول عن التنسيق مع الجيش الروسي٬ إن ‘الروس لا يرون أي تناقض مصالح في أنشطتنا داخل سوريا”٬ مشيرا إلى أن إسرائيل¬ في المقابل لا ترى في العمليات الروسية ضد القوى المعارضة السورية٬ أي مصدر تهديد على مصالحها. ولمح أليكس فيشمان٬ أحد كبار الخبراء العسكريين الإسرائيليين٬ المعروف بعلاقاته الوثيقة مع قادة الجيش والمخابرات الإسرائيليين٬ إلى أن هناك تواطؤا روسًيا ساهم في نجاح عملية اغتيال سمير قنطار. وقال: إن العمارة التي جرى تدميرها تقع في محيط العاصمة السورية – المحمية بمظلة دفاع جوي روسية٬ وفي مركزها صواريخ ‘إس400” ورادار اكتشاف يغطي أجزاء واسعة من إسرائيل.
وفي الاتجاه عينه٬ كتب الخبير عاموس هرئيل٬ في صحيفة ‘هآرتس»”: ‘السؤال حول ما عرفته روسيا عن عملية الاغتيال سيشغل بالتأكيد إيران و”حزب الله”. رسميا٬ توجد روسيا في جانبهما وجانب النظام السوري في الحرب الأهلية السورية. لكن نظام الرئيس فلاديمير بوتين٬ لا يخفي اشمئزازه من التطرف الإسلامي بكل أنواعه. ولم يتردد بوتين في الاتفاق مع إسرائيل على آلية لمنع الاحتكاك بين الطائرات الإسرائيلية والروسية٬ خلال عملها في الأجواء السورية”.
أضاف: ‘لقد سبقت إغتيال قنطار ثلاث هجمات جوية٬ على الأقل٬ نسبت إلى إسرائيل٬ ضد قوافل الأسلحة بالقرب من العاصمة دمشق. ويستمد من هذا٬ أنه على الرغم من أن الوجود الروسي في شمال غربي سوريا يقيد حرية العمل الإسرائيلي في هذه المنطقة٬ فإنه لا يمنع القيام بعمليات أخرى تجري إلى الجنوب من هناك٬ حتى في منطقة دمشق. هذه ليست رسالة يسهل هضمها من قبل الرئيس السوري وشركائه في طهران وبيروت”.
وكان مسؤولون أمنيون إسرائيليون قد سربوا إلى الصحافة الإسرائيلية٬ المكتوبة والإلكترونية٬ معلومات حول متابعة إسرائيل نشاط سمير قنطار. فأجمعوا على أن المعلومات المتوفرة حول خططه لضرب إسرائيل٬ هي تلك الواردة في تصريحاته العلنية لوسائل الإعلام. فقد تحدث صراحة عن ‘تشكيل مقاومة عنيدة في الجولان توجه ضربات موجعة للعدو الإسرائيلي”.
كما أجمع المسؤولون في تل أبيب أن النظام السوري تخوف من القنطار وفتحه جبهة عليهم من جهة الجولان، وأنه بتنسيق مع ‘حزب الله” تم تسهيل عملية إغتيال القنطار حتى لا يدخل دمشق في حرب مع إسرائيل خاصة أنهم يعتقدون أنه خططه في الجولان تفتح جبهة من جهة إسرائيل.
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قالت الأحد٬ إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن في خطابه الأخير أمام الأمم المتحدة أن روسيا تقر بحق إسرائيل في الدفاع عن مصالحها في سوريا٬ وهو ما مثل ‘تصريحا مفتوحا” لإسرائيل بالقيام بكل ما تراه مناسبا للحفاظ على هذه المصالح في سوريا٬ مشيرة كذلك٬ إلى أن إسرائيل لا تتوقع رد فعل ذا قيمة من إيران وحزب الله ردا على تصفية القنطار٬ على اعتبار أن عملا ‘عدائيا” من ‘حزب الله” سيحرج الروس٬ ويثير غضبهم٬ ويدفعهم لإعادة النظر في تدخلهم لصالح نظام الأسد.
مع العلم٬ أّنها ليست المرة الأولى التي تقوم إسرائيل بتنفيذ عمليات ضّد ‘حزب الله” في سوريا٬ وتحديدا بعد التدخل العسكري الروسي. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن للمرة الأولى في بداية شهر كانون الأول الحالي٬ أن إسرائيل ‘تنفذ عمليات” في سوريا٬ في أّول تصريح إسرائيلي رسمي عن التدخل في سوريا. وقال نتنياهو ‘ننفذ من وقت إلى آخر عمليات في سوريا بهدف تجنب أن يتحول هذا البلد جبهة ضدنا٬ ونقوم أيضا بكل ما هو مطلوب لتفادي نقل أسلحة فتاكة من سوريا إلى لبنان”.
وبحسب مصادر متطابقة٬ فقد شن سلاح الجو الإسرائيلي منذ 2013 أكثر من 10 غارات جوية في سوريا٬ استهدفت غالبيتها عمليات نقل أسلحة إلى ‘حزب الله” اللبناني٬ كما قامت إسرائيل باغتيال 6 قياديين من ‘حزب الله” ومسؤول عسكري إيراني في القنيطرة جنوب سوريا٬ في شهر كانون الثاني الماضي٬ كان بينهم جهاد مغنية نجل القائد العسكري عماد مغنية الذي قتل في تفجير بدمشق عام 2008.
وآخر هذه العمليات الإسرائيلية٬ كانت تلك التي نفذت بعد التدخل الروسي في سوريا٬ باستهداف الطيران الحربي الإسرائيلي بعدد من الغارات مستودعات أسلحة لـ”حزب الله” والنظام السوري داخل أو في محيط حرم مطار دمشق الدولي٬ ما أّدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. مع العلم٬ أّنه ليس هناك أي معلومات دقيقة حول عدد قتلى ‘حزب الله” في سوريا٬ في وقت كان قد كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير له في شهر تشرين الأول الماضي٬ أنه استنادا لمصادره ورصده استطاع توثيق مقتل 971 مقاتلاً من الحزب خلال مشاركتهم في القتال منذ عام 2013.

سمير القنطار.. عصا سليماني للشجار مع إسرائيل
فادي الداهوك/المدن/الثلاثاء 22/12/2015
قبل عام تماماً، بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث كثيراً عن سمير القنطار. ذلك الحديث استند إلى تسريبات استخباراتية نشرت في الإعلام تقول إن إيران تتطلع بشغف إلى تنشيط الجبهة الشمالية، وإحداث بؤر متوترة مع إسرائيل من خلال “شبكتين إرهابيتين”. كان اللافت في الأمر آنذاك أن التسريبات أشارت بوضوح، وسمّت، المسؤولين عن تشغيل الشبكتين: جهاد مغنية، وسمير القنطار. بالشراكة مع “حزب الله” أقامت قوة “قدس” التابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني في قرية عين الشعرة في جبل الشيخ، قرب بلدة حضر الدرزية، مقرين عسكريين؛ الأول لقوات “الدفاع الوطني”، والثاني “سرية المهام الخاصة”، التي كان يديرها جهاد مغينة، معنوياً، بإشراف سمير القنطار. في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، فُضح أمر المقرين على خلفية مقتل 22 درزياً من “الدفاع الوطني” ورّطهم القنطار بهجوم خاسر على قرى مجاورة تسيطر عليها المعارضة. حينها أصبح التداول باسم القنطار ومغنية، والمقرّين، علنياً من قبل سكان التجمعات الدرزية في منطقة جبل الشيخ، ما أدى إلى حصول توتر في العلاقة معهم، فانسحب القنطار ومغنية من المشهد.
في حقيقة الأمر، لم تكن عين الشعرة أكثر من محطة للاسترخاء والتخطيط في قلب طبيعة خلابة. فالقرية تقع في مركز دائرة تحميه 6 بلدات لا تسيطر عليها المعارضة، وموقعها لا يمكن أن يشكل تهديداً لإسرائيل بأي حال من الأحوال، إلا إذا تمكّن مقاتلو القنطار ومغنية من السيطرة على قرى المعارضة، وذلك شبه مستحيل ضمن إمكانات الخليتين، كما أنه آخر ما يمكن أن يسمح به حزب الله لاعتبارات داخلية، تجنّباً لتوسّع المواجهة من عين الشعرة إلى راشيا على الحدود اللبنانية-السورية.
تلك الوقائع سرّعت الانتقال إلى مرحلة جديدة من الخطة، تمثّلت باستطلاع مناطق أقرب من عين الشعرة إلى الجبهة الشمالية، الهادئة، مع إسرائيل. وتطبيقاً لقواعد أمان الخليتين كانت بلدة مزرعة الأمل في القنيطرة، الواقعة في المنطقة محددة التسليح بإشراف قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك “اندوف” جنوب شرقي بلدة حضر، مكاناً أمثل للقنطار ومغنية. بيد أنها كانت أمثل للجميع فعلياً، حيث قتلت إسرائيل في يناير/كانون الثاني 2015 جهاد مغنية مع 5 آخرين من حزب الله، أهمهم محمد أحمد عيسى الملقب بـ”أبو عيسى”، وهو المسؤول الأبرز لحزب الله والنظام السوري في المنطقة منذ حرب يوليو/تموز 2006.
آنذاك، حظي مغنية بتشييع لافت، وردٍ من حزب الله تمثل باستهداف قافلة عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا، قتل على إثرها جنديان إسرائيليان. توقف الموضوع عند هذا الحد، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون إن اليونيفل نقل رسالة من حزب الله لإسرائيل: “من وجهة نظرهم فإن الحادث انتهى”.
والآن، الرد على مقتل القنطار لن يكون أكثر مما فعل حزب الله من أجل مغنية، فهو ليس معنياً بذلك إلى حد كبير. القنطار مجرّد ناشط في حزب الله يفتقد للخبرة العسكرية، لكنّه يتمتع بالمواصفات التي يفضّلها قائد قوة “قدس” قاسم سليماني.
من ذلك، كان خطاب نصرالله متواضعاً، ومتصالحاً مع تاريخ القنطار الفارغ، ومع حجم الخسارة التي تساوي صفر بالنسبة له. فمعركة الحزب حتى الآن لم تخرج من القلمون، ولم يسجّل أن وقع أسرى له أو قتلى خارج تلك المنطقة، إلا في حالات نادرة، على عكس من اشتغلوا مع سليماني.
حين تحدّث الإعلام الإسرائيلي عن القنطار ومغنية، وصفهما بالمشغلين لخلايا إيرانية على الحدود الشمالية، ولم يقل إنهما من حزب الله. كان من السهل التنبؤ أن ذلك الحديث رسالة تحذيرية لسليماني، الزائر الجديد لـ”الحي السوري” على الحدود المكشوفة لإسرائيل. لذا، فإن الرد على مقتل القنطار هو بعهدة إيران الآن، وربما كان وضع صورة القنطار في علم إيران على شكل خريطة فلسطين خلال خطاب نصرالله إشارة واضحة على ذلك؛ القنطار كان العصا التي حملها سليماني في الشجار مع إسرائيل.