أسعد حيدر: الأسد والحرب مستمران حتى 2018/اميل خوري: كيف يمكن الاتفاق على تسوية شاملة قبل انتخاب الرئيس وإجراء انتخابات نيابية؟

195

كيف يمكن الاتفاق على تسوية شاملة قبل انتخاب الرئيس وإجراء انتخابات نيابية؟
اميل خوري/النهار/22 كانون الأول 2015
إذا كان “لقاء الدوحة” انتهى بالاتفاق على تسوية شملت انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وتعديل قانون الانتخاب، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، فقد يكون من الصعب على القادة في لبنان التوصّل الى مثل هذا الاتفاق والتزامه. فقبل “لقاء الدوحة” كان الاتفاق قد تمّ على اخيتار العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية والتوصّل الى تسوية شاملة في ذاك اللقاء أدى الى تأكيد انتخابه والى تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثّلت فيها كل القوى السياسية الأساسية بحسب حجمها، وتمّ توزيع الحقائب بحيث كان لرئيس الجمهورية حصة فيها، فكيف يمكن الاتفاق اليوم على تشكيل حكومة قبل معرفة ما اذا كان ينبغي أن تكون حكومة وحدة وطنية أو حكومة من مستقلين لا مرشّحين بين أعضائها للإشراف على الانتخابات لتأكيد حيادها، ولا صار الاتفاق على من يكون رئيساً للجمهورية ليكون له حصة فيها، ولا اتفاق على قانون للانتخابات تتولى حالياً لجنة برلمانية درسه. واذا كان “لقاء الدوحة” حلّ محل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في تأليف الحكومة ومحل مجلس النواب في تعديل قانون الستين ومحل هيئة الحوار الوطني بالدعوة الى حظر اللجوء الى استخدام السلاح في ما قد يطرأ من خلافات، وحصر السلطة الأمنية والعسكرية بيد الدولة وتطبيق القانون في كل المناطق بحيث لا يكون فيها مناطق يلوذ إليها الفارّون من وجه العدالة، فليس في الإمكان اليوم تكرار ما حصل في الدوحة وكان مخالفاً للدستور. فالاتفاق على من سيكون رئيساً للجمهورية ينبغي أن يسبق البحث في تسوية شاملة، ذلك أن قانون الانتخاب يحتاج الى حكومة تقره والى مجلس نواب يصادق عليه، والى اتفاق على شكل هذه الحكومة ومن يكون رئيسها، بل ينبغي انتظار نتائج الانتخابات النيابية التي قد تقلب كل الحسابات التي بنيت عليها التسوية، وهذه النتائج لا يمكن معرفتها قبل معرفة شكل القانون الذي ستجرى على أساسه. وإذا كان “اتفاق الدوحة” الذي حظي برعاية عربية ودولية لتشكّل ضماناً لتنفيذه قد خرق، فكيف باتفاق يتم بين القادة في لبنان ولا من يضمن التزام تنفيذه تنفيذاً دقيقاً كاملاً، خصوصاً في منطقة حبلى بالمتغيرات والتحولات والمفاجآت، وقد لا يكون لبنان بعيداً عن تداعياتها بحيث يصبح كل اتفاق يتم التوصل اليه معرّضاً للتغيير أو للخرق.
لقد سهّل “اتفاق الدوحة” انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وإن بعد ستة أشهر من التجاذبات، وتم تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس حصص حددها الاتفاق، لكن وزراء فيها استقالوا في ما بعد خلافاً للاتفاق الذي حظّر عليهم ذلك، ولم تصبح كل المناطق خاضعة لسلطة الدولة كي لا يلوذ اليها كل فار من وجه العدالة، ولا صار السلاح حصراً في يد الدولة. لذلك فمن التبسيط للأمور إن لم يكن من السذاجة، ربط انتخاب رئيس الجمهورية بشروط وتعهدات قد تتغير منها المواقف بتغيّر المعطيات والتطورات والأحداث. فالرئيس السابق ميشال سليمان انتهج في مستهل عهده سياسة قضت بها الظروف الموضوعية. وفي نهاية عهده انتهج سياسة أخرى قضت بها الظروف السائدة في حينه. فإذا انتخب رئيس للجمهورية هو صديق شخصي للرئيس بشار الأسد ويؤيّد المحور السوري – الإيراني و”جبهة الممانعة” وسلاح المقاومة، فإن هذا الموقف قد يتغيّر، خصوصاً مع تغيّر الوضع في سوريا وفي المنطقة، وكذلك الأمر بالنسبة الى انتخاب رئيس للجمهورية من أي خط سياسي آخر. فلا حاجة إذاً الى إضاعة الوقت وتأخير انتخاب رئيس للجمهورية في انتظار التوصل الى اتفاق على تسوية شاملة ما دام لا أحد يستطيع التزام تنفيذها كاملة إذا تغيّرت الظروف والأحوال وصار الاتفاق على التسوية من الماضي. لذلك ينبغي على القادة الاتفاق قبل أي أمر آخر على انتخاب رئيس للجمهورية معروف بصدقه ووفائه وبه ملء الثقة في كيف يتصرّف عند مواجهة الأزمات والتحديات بحيث يقدم مصلحة الوطن على كل مصلحة، ويحترم الدستور وفاءً لقسمه، ويكون حريصاً على إجراء انتخابات نيابية على أساس قانون عادل ومتوازن يحقق التمثيل الصحيح لشتى فئات الشعب وأجياله، وتتم تسمية الرئيس الذي سيكلف تشكيل الحكومة على ضوء نتائج هذه الانتخابات وعلى ضوء نتائج الاستشارات الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية، لأن هذه النتائج قد تأتي مخالفة لكل التوقعات فتسقط كل تعهد وكل اتفاق وتسوية. أفليس من المنطق إذاً ألا يتم الاتفاق على أي تسوية بتفاصيلها الدقيقة والمثير بعضها للخلاف قبل انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة وإجراء انتخابات ثم استشارات، وهذا ما ينص عليه الدستور ويجب العودة اليه، وبعد ذلك تبدأ إعادة تكوين السلطة على أسس سليمة وثابتة تضمن استمرار الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد.

الأسد والحرب مستمران حتى 2018
أسعد حيدر/المستقبل/22 كانون الأول/15
بدأت الرحلة رقم 2254. سواء صعد كل السوريين في «القطار» أم لم يصعدوا. ما رُسم قد رُسم. المشكلة في المدة وفي الثمن. لا شيء يضمن التنفيذ حسب الوقت المرسوم. لا أحد يعرف الثمن النهائي حتى الوصول الى «محطة» الحل النهائي. الأمر المؤكد، أن كثيرين سيسقطون من «القطار»، إما لخفة «وزنهم»، أو لأنهم أضاعوا «البوصلة»، أو لأنهم استخفوا بأهمية وثقل فريق العمل. الاتفاق على انطلاق الرحلة رقم 2254 تمَّ لأن إجماعاً، وإن كان ناقصاً في حيثياته وقع نتيجة للخطر الذي بدأ يمثله ترك «الملعب» السوري طوال أربع سنوات مفتوحاً لكل من أراد دخوله، ولأن العديد من «الأوبئة« خصوصاً وباء التطرف «الداعشي» قد اقتحمه أولاً ويعمل على نقل مفاعيله الى العالم. أسوأ ما في هذا الاتفاق، أن مدة «الرحلة» عامان وأن لا شيء يمنع ايقاف «ساعة الرمل» على حساب السوريين أولاً والعالم ثانياً. الأسوأ، أن الرئيس بشار الأسد باقٍ على حساب الشعب السوري طوال هذه الفترة، دون التأكد من تنفيذه لشروط «الرحلة»، لأن من مصلحته إطالة مدة وجوده في دمشق ولو فوق تلال جديدة من جماجم السوريين.
هذا الاحتمال الكبير، لم يكن ليحصل لولا ثلاثة أشخاص بالتكافل والتضامن حتى لو كانوا يتنافسون ويتزاحمون. *الرئيس باراك أوباما، لعب لما يعتقد مصلحة الولايات المتحدة الأميركية، فترك الجميع يتقاتلون ويتذابحون أما هو فاكتفى بلعب دور «الحَكَم» الذي يسجل الأهداف والأخطاء. قاد أوباما واحدة من أخطر حروب أميركا دون أن يدفع دولاراً ولا خسارة جندي واحد. الآن يواجه أوباما مشكلة طارئة لكنها «كبيرة ومكلفة»، الوباء «الداعشي»، كسر الحدود السورية وكذلك العراقية معاً وهو يضرب العالم بقوة، وقد اقتحم «قلب« أميركا ومن الممكن أن تكون ضرباته أقسى وأرهب، بحيث إن إرهاب «القاعدة» لن يكون أكثر من «لعبة« بسيطة أمام إرهاب «داعش». إذا حافظ أوباما على «حظه» كما هو حتى الآن، فإنه سيغادر البيت الأبيض بعد عام من الآن، دون أن يغرقه إرهاب «داعش» في الذاكرة الشعبية الأميركية أكثر مما حصل في 11 أيلول 2001 مما سيجبره أو خليفته على دق طبول حرب هي الأخطر والأوسع والأشمل.
*فلاديمير بوتين، تمتزج في شخصه كل «الأحلام القيصرية»، وبإرادة تغيير النظام الدولي، واستعادة عظمة روسيا ولو على حساب دماء الآخرين، سواء في سوريا أو أوكرانيا.
«القيصر» يلعب الشطرنج بالأحياء، وببراعة حتى الآن. يضرب بلا رحمة، ويتحالف بلا قواعد أخلاقية. في سوريا، أصبح هو «القائد« الذي لا يقف أمام تحقيق هدفه المدنيون ولا حتى الجنود من حلفائه. أمس أعلن أنه قادر على التفاهم مع واشنطن حول مسارات المواجهات في سوريا ومع إيران وسوريا، وهو، ميدانياً، تقاتل «آلته الحربية»، مع «الحرس الثوري» ولكن لا شيء يمنعه من التفاهم الى درجة التحالف مع إسرائيل وسط صمت كامل من «المرشد» و«حزب الله«.
*المرشد آية الله علي خامنئي. سوريا هي «المربع الأول« لـ«الحرب الخامنئية» في المنطقة، والأسد خط أحمر ممنوع إسقاطه، أو كسره. من أجل الأسد، قبل إسقاط احتكار إيران للحالة السورية وبالتالي لمستقبلها. «القيصر» أصبح شريكاً أساسياً للمرشد وقد يضطر الأخير الى تقديم المزيد من التنازلات.
يريد المرشد الإسراع في حسم الوضع في سوريا، لأنه إذا كان أوباما ستنتهي ولايته عملياً عشية 4 نوفمبر من العام القادم، فإن الأمر بالنسبة للمرشد «الأعمار بيد الله» أولاً وثانياً لأن الانشطار الداخلي الحاد والعميق بين القوى السياسية الإيرانية أصبح منظوراً وهو يزداد تبلوراً مع اقتراب الانتخابات التشريعية والخبراء في 26 شباط 2016، الى درجة أن الموقف من التحالف مع روسيا لم يعد موحداً. في الوقت الذي يتضرع خطيب الجمعة الشيخ محمد علي موحدي كرماني الذي اختاره المرشد ليمثله، الى الله لتنجح ضربات روسيا» فإن «مركز الدراسات الدبلوماسية الإيرانية« يعلن «أن التحالف مع روسيا يهدد المصالح الإيرانية ليس في سوريا فقط وإنما في المنطقة كلها». أما موقع «سحام نيوز» القريب من الشيخ مهدي كروبي (الموضوع في الإقامة الجبرية منذ فشله أو إفشاله في انتخابات 2009) فقد كشف «ان الطيران الروسي ضرب قوات للحرس الثوري وهي تستعد لأخذ طريق دمشق تدمر لمحاصرة داعش». وفي كل ذلك بداية وليس نهاية. أما الشيخ هاشمي رفسنجاني الذي ترشح رسمياً لـ»مجلس الخبراء« مع حليفيه السيد حسن أحمد الخميني والرئيس حسن روحاني فيقول: «ان القرار الأممي الأخير حول سوريا إيجابي». خلال الرحلة الطويلة رقم 2254، لا يمكن إلا أن تقع مفاجآت وأن تنفجر ألغام منظورة وغير منظورة، خصوصاً أن مستقبل بشار الأسد ما زال معلقاً على اتفاق الجميع على وجوده. الأمر المؤكد فقط أن مأساة الشعب السوري ستستمر وستتصاعد دون أن يكون له الحق أكثر من الهجرة في رحلات الموت عبر البحار!