علي رباح/حزب الله في سوريا إنكسار المشروع الايراني

273

“حزب الله” في سوريا.. إنكسار المشروع الايراني!
علي رباح /المدن/الأحد 20/12/2015
بعد الإنتخابات السورية الأخيرة، وفي ذروة مكاسب “حزب الله”، أطلّ الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله ليضع أسس الحل في سوريا. يومها، نعى نصرالله مؤتمر “جنيف 1″، واعتبر ان اي تسوية في سوريا لن تتم إلا تحت سقف الدستور السوري وفي ظل رئاسة بشار الأسد.
يجوز لجمهور “حزب الله” أن يتساءل إن كانت مشاركة إيران في محادثات فيينا (على قاعدة الإعتراف بـ”جنيف 1″ كأساس للتسوية)، ومحادثات “نيويورك” لاحقاُ، بمثابة الإعتراف الرسمي بفشل مشروع إيران و”حزب الله” في سوريا، خصوصاً أن محور “الممانعة” التزم الصمت حيال محادثات نيويورك، وقرار مجلس الأمن 2254 حول الحل في سوريا، وإحتمال انعكاس هذا القرار، وما حُكي عن اتفاقات روسية – اميركية، سلباً على مشروع “حزب الله” وايران.
للمرة الأولى منذ 5 سنوات، اي منذ انطلاق الثورة السورية، يتم التصديق في مجلس الأمن على قرار دولي لحل الأزمة السورية، من دون اعتراض من هنا، او “فيتو” من هناك. قرار تصفه مصادر دبلوماسية عبر “المدن” بـ”الضربة للمشروع الإيراني في سوريا”. وتفنّد المصادر بنود الاتفاق معتبرةً، ان “الدعوة الى مفاوضات سورية للتوصل الى تسوية وفقاً لبيان جينيف وبيانَي “فيينا”، وتحديد جدول زمني لصياغة دستور جديد وانتخابات جديدة في غضون 18 شهراً، يعني في أحسن الحالات نسف الدستور السوري الذي أشرفت عليه طهران عام 2012، ونسف الانتخابات التي جرت في ظل وجود حزب الله والايرانيين في سوريا”. وتتابع المصادر، مشيرة إلى ان الدعوة الى انتخابات سورية جديدة باشراف الامم المتحدة، يضر بمصالح ايران التي تفتقد لأي عمق شعبي او مذهبي في الداخل السوري. وهي، اي الانتخابات، قد تضمن حصة العلويين الذين ارتموا بالحضن الروسي، بعد ان شعروا بأن هوية البيئة العلوية باتت مهددة بفعل عمل ايران على صهر الطيف العلوي في “ولاية الفقيه”.
وبحسب المصادر، فإن إلتزام مجلس الأمن بوحدة سوريا واستقلالها وطابعها غير الطائفي، ينسف أيضاً مشروع “التغيير الديموغرافي” الذي عمل “حزب الله” والايرانيون عليه لسنوات. حيث اقدمت ميليشيات محور الممانعة على تهجير اهالي حمص والقصير والقلمون، واحرقت “السجل العقاري” في حمص، وحاولت تهجير من لم يخرج من الزبداني ومضايا بفعل البراميل المتفجرة من خلال تسويات مع التنظيمات المعارضة في الشمال السوري تؤمّن “الترانسفير المذهبي”، اضافة الى تجنيس النظام السوري للكثير من الشيعة اللبنانيين والعراقيين في مناطق محددة.
يعزو مراقبون هذا التراجح الواضح لمشروع ايران و”حزب الله” في سوريا، الى وصول الروس لقيادة عملية سياسية بموازاة عملياتها العسكرية، ولحماية مصالح موسكو أولاً بعد ان تبيّن لها ان القرار الاول والاخير في قصر المهاجرين بات لطهران. وبحسب المراقبين، فإن الاعتقاد كان ان الروس جاؤوا الى سوريا واطلقوا عملياتهم، بهدف استرداد محافظة ادلب، في محاولة لتحسين شروط التفاوض. إلّا أن أمرين كبحا خطط روسيا واجبراها على الدخول في تسويات مع الغرب: أولاً، تعرّض السلاح الروسي الى انتكاسة في الجو والارض، حيث تبيّن ان السلاح الاميركي (التاو وصاروخ الـ”اف 16″) قد تفوّق على الدبابات السورية (روسية الصنع) والسوخوي – 24، ما انعكس سلباً على صفقات الاسلحة الروسية في الاسواق العالمية. وثانياً، قناعة موسكو، التي تعاني من ازمات اقتصادية وصلت الى حد اشهار بعض البنوك والشركات افلاسها، بأن الاستنزاف الطويل في سوريا قد يعيدها عقوداً الى الوراء. وفي حديثها عن التنسيق الروسي – الاسرائيلي المُعلن في سوريا، وانعكاساته السلبية على المشروع الايراني، يتساءل المراقبون: “لماذا بات العالم يشهد سقوط اعداد كبيرة من قيادات حزب الله والايرانيين في سوريا منذ ان دخلت روسيا واعلنت رسمياً عن التنسيق الاستخباراتي بين موسكو وتل ابيب من خلال مكتب اتصال دائم؟!”.
دخول روسيا الى سوريا أضعف ايران وميليشياتها ومشروعها. ضعف ميداني وسياسي. ميدانياً، فقد الايرانيون و”حزب الله” عشرات القياديين في غارات قيل عن بعضها انها روسية جاءت عن طريق الخطأ، وعن بعضها الاخر اسرائيلية جاءت بفعل التنسيق الاستخباراتي بين موسكو وتل ابيب. سياسياً، هرع العالم للتحدث مع موسكو بشأن الحل السياسي في سوريا من دون ان يقيم وزناً لايران التي اعتادت طوال سنوات على فرض الشروط. اخفاقات تُرجمت في القرار الدولي 2254 الذي يراعي مصالح روسيا ويضر بالمصالح الايرانية.
في مجلس خاص، يقول احد الزعماء اللبنانيين، “الحقيقة المجردة انه لولا وجود قاعدة جوية روسية في اللاذقية، ولولا دخول روسيا الى سوريا، لكان بامكان الاسد اللجوء الى المرشد الاعلى في طهران ليسمع منه جملة واحدة: لا تُوافق على ما يعرضه عليك او ما يطلبه منك الكرملين”!