الياس بجاني: الأحزاب اللبنانية ومحدودية هامش حرية القرار

511

الأحزاب اللبنانية ومحدودية هامش حرية القرار
الياس بجاني
16 كانون الأول/15

يتبين يوماً بعد يوم “لغير الزلم والهوبرجية من المواطنين”، “ولغير الصنوج والأبواق الإعلامية” الممتهنة بيع ألسنتها وأقلامها ومعرفتها والوزنات، يتبين وبتعري لابط للمصداقية والصدق، ولكل ما هو وعود وعهود لفظية، أن أصحاب “شركات الأحزاب اللبنانية” كافة لا يملكون حرية قراراتهم والتحالفات في الأمور الكبيرة، وخصوصاً الإستراتجية منها، وإن كان بنسب متفاوتة بين التبعية المطلقة، وما دونها من هوامش جداً ضيقة تقتصر فقط على شؤون وشجون محليةلا تتخطى اطر الصفقات والتنفيعات والمحسوبيات والسمسرات وتوظيف الأتباع وحمايتهم من محاسبة القضاء.

هذه الحقيقة المحزنة والمحبطة تخرج للعلن بين الحين والآخر لتفضح تبعية واستزلام شركات الأحزاب والطبقة السياسية بكاملها (ما عدا بعض الاستثناءات القليلة) في 14 و08 آذار وما بينهما من “مستقلين” وقيادات دينية-مذهبية من الصف الأول.

هذا الواقع التبعي والإستزلامي، المفروض بقوة المال والسلاح، وموازين القوى الإقليمية، والحماية، وتأمين المصالح والتنفيعات، وبسبب كارثية غياب نوعية صادقة ووطنية من السياسيين، هذا الواقع تمظهر علناً وبوضوح كامل جراء استدارة الرئيس سعد الحريري اللا 14 آذارية، واللا سيادية واللااستقلالية، واللا محترمة لدماء الشهداء، واللاغية لعقول وذكاء اللبنانيين الأحرار.

استدارة موحى بها من المرجعية التي “تمون” 100% على قرار الرجل والتي تحتضنه وتموله وترعى فريقه السياسي.

ما رافق الاستدارة من رزم ردات أفعال منها الراضي والمؤيد والمرحب، ومنها الرافض والغاضب والعاتب، كانت كلها عابرة وآنية وغير ذي تأثير فاعل على مجرى الأحداث لأنها وبعد دخول الرعاة والأسياد والممولين على الخط خفت ضجيجها والصراخ، وها هي تكاد تختفي كلياً بعد عودة كل طرف إلى حضن مرجعيته “مجبراً” وليس “مخيراً”.

بالتأكيد لن يجازف أي سياسي أو شركة من شركات الأحزاب بتخطي الهوامش المسموح بها، وإلا الإلغاء والتغييب السياسي، وقطع التمويل، وسحب الودائع النيابية من حوله وتبديل قبلته.

هذا أن لم يكن العقاب للعاصي بالنفي أو السجن وإن لزم الأمر بالإلغاء الجسدي.

واقعة استدارة الحريري، وهي تأتِ ضمن سلسلة من الاستدارات المماثلة سوف تتكرر ويعاد استنساخها غب طلب المرجعيات الإقليمية وخدمة لمصالح هذه المرجعيات وليس كرمى لعيون لبنان أو خدمة لمصالحه.

نشير هنا إلى أن العمل السياسي في لبنان مكلف جداً، وليس بمقدور أي جماعة محلية دون تمويل واحتضان خارجي أن تكون فاعلة ومؤثرة على الساحة.

فحتى يمتلك الحزب الشركة (وهذا حال الأحزاب الرئيسية) إذاعة وتلفزيون وصحف ومجلات وحرس ومقار ملوكية وجيش من الإعلاميين والمستشارين والحرس والزلم والهوبرجية يحتاج على أقل تقدير إلى 150 مليون دولاراً في السنة، حسبما أعلمنا سياسي “بشيري” مخضرم كفر بالسياسة وبالسياسيين وبواقع الحال المزري وقرر الاعتزال.

وفي نفس السياق تؤكد كافة المراجع الإعلامية من 08 و14 آذار على حد سواء أن الانتخابات النيابية الأخيرة وعلى سبيل المثال لا الحصر كلفت الرعاة الإقليميين ما بين 4 و5 بليون دولاراً.

من هنا لا قرار حر لنواب الأمة اللبنانية في سوادهم الأعظم، وهم للأسف ينفذون ما يطلب منهم كونهم مدينون بنيابتهم لمن مول وضمن وصولهم إلى مجلس النواب.

هذا الواقع التبعي المأساوي يفسر عدم انتخاب نوابنا الأفاضل لرئيس جمهورية بعد مرور 18 شهراً على الفراغ الرئاسي.

في الخلاصة، إن خداع الذات مدمر، وبالتالي هذا هو واقعنا المعاش الذي علينا الاعتراف به دون مكابرة أو تعامي لأن من لا يعترف بعلته، علته تقتله.

يبقى، أن المطلوب منا دون أوهام وأحلام يقظة العمل على تغيير هذا الواقع.

إن بداية رحلة الألف ميل التغييرية تبدأ بالذات، وبالتحرر من عاهات التبعية والخروج من وضعية “الزلم والهوبرجية” العمياء، كما التوقف عن بيع أصواتنا في الانتخابات النيابية، واحترام القوانين والعودة إلى ينابيع الإيمان والرجاء، وإلا فالج لا تعالج.

الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الالكتروني
Phoenicia@hotmail.com

في أسفل رابط المقالة في جريدة السياسة/اضغط هنا

http://al-seyassah.com/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D8%B2%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%87%D8%A7%D9%85%D8%B4-%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9/

في أسفل فهرس صفحات الياس بجاني على موقعي المنسقية الجديد والقديم
فهرس مقالات وبيانات ومقابلات وتحاليل/نص/صوت/ بقلم الياس بجاني بالعربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية

صفحة الياس بجاني الخاصة بالمقالات والتعليقات
مقالات الياس بجاني العربية لسنة 20142015

مقالات الياس بجاني العربية من سنة 2006 حتى2013
مقالات الياس بجاني العربية من سنة 1989 حتى2005
الياس بجاني/ملاحظات وخواطرسياسية وإيمانية باللغة العربية لسنة2014
الياس بجاني/ملاحظات وخواطر قصير ةسياسية وإيمانية باللغة العربية بدءاً من سنة 2011 وحتى2013

صفحة تعليقات الياس بجاني الإيمانية/بالصوت وبالنص/عربي وانكليزي
مقالات الياس بجاني باللغة الفرنسية

مقالات الياس بجاني باللغة الإسبانية
مقالات الياس بجاني حول تناقضات العماد عون بعد دخوله قفص حزب الله مع عدد مهم من مقلات عون
مقالات للعماد ميشال عون من ترجمة الياس بجاني للإنكليزية
مقابلات أجراها الياس بجاني مع قيادات وسياسيين باللغتين العربية والإنكليزية

صفحة الياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية
بالصوت/صفحة وجدانيات ايمانية وانجيلية/من اعداد وإلقاء الياس بجاني/باللغة اللبنانية المحكية والفصحى
صفحة الياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية لأول ستة أشهر من سنة 2014
صفحة الياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية لثاني ستة أشهر من سنة 2013
صفحة الياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية لأول ستة أشهر من سنة 2013
صفحة الياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية لسنة 2012
صفحة الياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية لسنة 2011
صفحةالياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية من 2003 حتى 2010

بالصوت حلقات “سامحونا” التي قدمها الياس بجاني سنة 2003 عبر اذاعة التيارالوطني الحر من فرنسا