مبادرة الحريري مستمرة وتنتظر: أن ينسحب عون أو يقتنع حزب الله بالبديل/هل يعود الثنائي عون – جعجع بعد إجهاض التسوية الرئاسية/ازدياد الشكوك حول إيصال رئيس طرف فرملة فرنجيه ترتّب مساءلة واسعة للمسيحيين

354

مبادرة الحريري مستمرة وتنتظر: أن ينسحب عون أو يقتنع “حزب الله” بالبديل
سابين عويس/النهار/14 كانون الأول 2015
على رغم ان كل ما تسرب عن أجواء اللقاء بين الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ورئيس ” تيار المردة” النائب سليمان فرنجيه، يشي بانسداد أي أفق أمام مبادرة ترشيح فرنجيه للرئاسة، والتي أوحى بها رئيس “المستقبل” الرئيس سعد الحريري، لا تزال الاوساط القيادية في التيار “المستقبلي” تؤكد أن المبادرة قائمة ولم تسقط. لكن المفارقة انه فيما يرفض الحزب الانجرار وراء اقتراح لا يزال في الإطار الشفوي، يمتنع الحريري عن إضفاء أي جدية على مبادرته عبر طرحها في شكل رسمي وعلني ليتسنى للفريق الآخر أن ينظر إليها بجدية وأن يبني على الشيء مقتضاه. “لا شيء سيتحرك من الآن حتى نهاية السنة”. هكذا تختصر مراجع بارزة في ” المستقبل” المشهد السياسي للأسابيع القليلة المقبلة، كاشفة عن ان حال المراوحة ستتحكم في الوضع من دون ان تسقط خيار التيار الأزرق المضي في تبني هذا الترشيح. أما الأسباب فتربطها بتعذر وجود خيارات أخرى تخرج البلاد من المأزق الرئاسي.
وتضع مصير المبادرة في ملعب الفريق الآخر، وتقول: “نحن طرحنا خيارا مكلفا على فريقنا السياسي، ونترك الامر له. وهذا يتوقف على نقطتين: أن يقتنع عون بالانسحاب لمصلحة النائب فرنجيه، وأن يقتنع الحزب بالبديل المقترح من عون”. وهذان الأمران يعي “المستقبل” انهما لن يتحققا. لكنه يراهن على الوقت، وهو مدرك انه في خياره هذا، رسم لـ”حزب الله” سقفاً لن يرتضي أقل منه: الاعترف اولا بأن عودة الحريري الى ترؤس الحكومة سيقابلها رئيس من فريق ٨ آذار، وليس أي رئيس، بل الأكثر تصلباً والأكثر قرباً من المحور السوري – الايراني الذي يخوض “المستقبل” حرباً شعواء ضده. والتراجع ثانياً عن مطلب الرئيس التوافقي بعدما اعتبر أن الرئيس التوافقي هو الرئيس الذي يأتي من الفريق الخصم ويحظى بتأييد الفريق المقابل! ولكن ألا تزال المعطيات التي دفعت الحريري الى تبني ترشيح فرنجيه قائمة، وهي المبنية اساساً على تفاهم سعودي-إيراني بتحييد الملف اللبناني عن الصراع بين رياض وطهران، على ما كشفت المعلومات الواردة من مصادر سياسية رفيعة أفادت أنه لدى الزيارة الاخيرة للمسؤول الايراني علي أكبر ولايتي لبيروت، نقل معلومات عن أن طهران ابلغت الرياض بأنه في ظل الخلافات العميقة التي تحكم العلاقات بين البلدين والتي تتطلب وقتا طويلاً لمعالجتها، فإنه يمكن تحييد الاستحقاق الرئاسي وفصله عن اجندة الخلافات بما يطمئن الغرب حيال الموقع المسيحي الأول في لبنان والمنطقة. تؤكد المصادر السياسية عينها هذه المعلومات، لكنها لا ترى جدية في التنفيذ، ولا سيما من خلال قراءتها لواقعة وقف محطة “المنار” عن البث على “عربسات”، وتعثر التسوية الرئاسية التي لا يزال يقف في وجهها “حزب الله”. وعليه، لا تستبعد المصادر ان تنسحب حال المراوحة والمراوغة، وفق تعبيرها، على الوضع الحكومي الذي دخل عمليا مرحلة تصريف الأعمال القسري، من دون ان تستبعد كذلك ان يلجأ رئيس الحكومة الى تنفيذ تهديده بالاستقالة إذا ظل الوضع على ما هو.

هل يعود الثنائي عون – جعجع بعد إجهاض التسوية الرئاسية؟
خليل فليحان/النهار/14 كانون الأول 2015
نجح رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون في تعطيل مبادرة الرئيس سعد الحريري التي رمت الى انتخاب سليمان فرنجيه رئيسا للجمهورية، وساعده على ذلك حزبا الكتائب و”القوات” وأكثر من قطب في قوى الثامن من آذار. ولم يتردد رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط في القول إن مبادرة الحريري التي شاركه في وضعها “تعطلت،” ثم خفف وطأة كلمته فقال إنها “تأخرت”. وسأل فرنجيه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله “الى متى نستمر في هذا الموقف؟ قوى 14 آذار ترفض انتخاب الجنرال ميشال عون، فما هي الخطة البديلة؟” فأجاب السيد بالدعوة الى التريث والتروي لاتخاذ الموقف المناسب.
ونقل عن أوساط كتلة “المستقبل” النيابية انه لم يعد من حاجة الى إعلان الرئيس سعد الحريري تأييده لترشيح فرنجيه، ولا الى سحب جنبلاط مرشحه النائب هنري حلو وتجيير أصوات النواب المؤيدين له الى رئيس”تيار المردة”. وأعربت لـ”النهار”مصادر قيادية وديبلوماسية معتمدة لدى لبنان، عن أسفها لسقوط الدينامية التي حاول إطلاقها الحريري لكسر الجمود الذي كان مسيطرا على انتخاب رئيس البلاد، ومطالبة جميع القوى السياسية بذلك ودول كبرى مؤثرة وعربية فاعلة ولها نفوذها لدى بعض الأحزاب او التيارات السياسية، من اجل حماية لبنان من نيران الأزمة السورية ومحاولة إنعاش المؤسسات الدستورية المشلولة والاقتصاد الذي يلفظ انفاسه في أكثر من مجال. واستغربت اجهاض “مبادرة” الحريري لانتخاب فرنجيه، من الحليف قبل الخصم الاقوى الذي رشحّه، انطلاقا من انه احد الأقطاب الأربعة الذين اتفقوا امام البطريرك الماروني بشاره الراعي في بكركي على ان يكون الرئيس المقبل واحدا منهم، اذا تأمن له العدد الأكبر من التأييد.
واستنتجت من اجهاض مبادرة الحريري عودة انسداد الأفق لانتخاب رئيس للجمهورية، وربط ذلك بالازمة السورية وتعقيداتها، بحيث تحل سنة 2016 وابواب قصر بعبدا مغلقة. ودعت الى التسليم بأن مثلث الحريري – بري – جنبلاط لم يتمكن من إقناع الثنائي عون – نصرالله، اضافة الى جعجع، بأن فرنجيه يمكن ان يكون الرئيس التسووي. وسألت: هل نعود الى الثنائي عون – جعجع؟ وهل من بديل؟ واستخلصت ان رئيس الجمهورية لا يمكنه ان يكون من صنع رؤساء الكتل النيابية، أضف اليهم دعما دوليا وإقليميا. وسألت: ماذا يمكن أن يكون الحل؟ ومن هي الجهة التي تنقذنا من هذا العجز المتحكم في قادة البلاد؟ وحذرت من فخاخ تتربص بالبلاد ومن خطر المنزلقات السياسية والامنية. وتلافت الإجابة عن سؤال عما إذا كانت الاتصالات تعيد الأمل بانتخاب فرنجيه، مكتفية بالتأكيد أنه قبل ان يعلن عون تخليه عن الرئاسة، كل اتصال لن يؤدي الى المجيء بنائب زغرتا الى الرئاسة، ويجب عدم التقليل من أهمية التفاهم السعودي – الايراني الذي هو حاليا في حال سيئة، او على الأقل لا يمكن ان يؤدي الى تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية.

ازدياد الشكوك حول إيصال رئيس طرف فرملة فرنجيه ترتّب مساءلة واسعة للمسيحيين
روزانا بومنصف/النهار/14 كانون الأول 2015
من الصعب ان تؤدي فرملة ترشيح النائب سليمان فرنجيه او تعطيله الى اعادة الامور الى ما قبل هذا الترشيح. هذا ما تعتقده مصادر ديبلوماسية رفيعة ترى ان الافرقاء جميعهم لا سيما منهم المسيحيين لا يستطيعون اهمال المعطى الجديد انطلاقا من ان هذا الترشيح هو بمثابة تغيير في قواعد اللعبة التي تم اعتمادها ولا يمكن التعاطي معه كأنه لم يكن او تمت اطاحته ببساطة. فالافرقاء المسيحيون لا سيما منهم “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” قد يجدون صدى شعبيا مؤيدا لرفضهما فرنجيه كل من موقعه ولحساباته ومصالحه الخاصة، لكن الاسئلة تتركز على ما بعد رفض فرنجيه. فثمة حقائق ابرزتها التطورات الاخيرة سيتيح هدوء ردود الفعل اعادتها الى الواجهة من بينها على سبيل المثال لا الحصر حملة الانتقادات التي ارتفعت ضد ما اعتبره البعض ترشيحا من الزعيم السني سعد الحريري لشخصية مسيحية لموقع رئاسة الجمهورية في حين ان العماد ميشال عون يستمر منذ اكثر من سنة ونصف السنة مرشح الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله من دون ان يقبل النقاش مرة في هذا الترشيح. لا بل يستمر رفع لواء هذا الترشيح تحت عنوان ان ” حزب الله” لا يزال يدعم خيار دعم عون مما ينزع من الزعماء المسيحيين الوهم عن تمتعهم بقدرة دفع ذاتي ايا يكن حجم قواعدهم .
ولا تجيب سلبية الافرقاء المسيحيين عمّا ينبغي القيام به بعد رفض فرنجيه وهل يمكنهم الاتفاق على بديل من خارج نادي الاربعة الاقوياء ام سينتظرون اتفاق الاخرين على فرض احدهم عليهم . فالزعماء المسيحيون حين يكررون تجربة ما اعتبره هؤلاء تكرارا لتجربة مخايل الضاهر فانما يكررون على نحو ممل ومؤذ اداءهم السابق لجهة قدرتهم على الرفض والتعطيل من دون القدرة على الاتفاق على بديل او الذهاب الى مبادرة ايجابية تقنع او تحرج الاخرين. فتجربة الشغور الرئاسي المستمرة منذ سنة ونصف السنة اعادت اثبات واقع ان الموارنة اصبحوا يملكون فيتو التعطيل ليس الا لكن ليس القدرة الايجابية على دور فاعل ووازن. يستتبع ذلك اسئلة ما اذا كان تلويح الدكتور جعجع بامكان دعم العماد عون اقله وفق ما نسب اليه يمكن ان تدفعه الى تبني هذا الترشيح فعلا في وجه ترشيح فرنجيه في حال كان ثمة اصرار على ايصال شخص من فريق 8 آذار باعتبار ان سقوط الموانع تجاه احد من هذا الفريق يفترض ان تسقط الموانع في شأن اخرين من الفريق نفسه.خصوصا ان جعجع يخشى منافسة مناطقية قوية في حال وصول فرنجيه وهو امر لا ينطبق على عون. يضاف الى ذلك انه يستطيع ان يتحصن بما يسمى “اعلان النيات” لكي يسقط تحفظاته عن عون علما انه كان ابرز من منع وصوله في صيف 2014 ام انه يعتقد ان الظروف الاقليمية يمكن ان تحسن من موقع قوى 14 آذار واوراقها بحيث تأتي التسوية الرئاسية اكثر انصافا في رأيه لهذا الفريق من دون ان يدفع الاثمان التي يدفعها في دعم ترشيح فرنجيه راهنا. وتاليا هل يبقى الفراغ في سدة الرئاسة افضل من التسوية المطروحة؟ السؤال نفسه يطرح على عون لجهة استمرار ترشحه للرئاسة على رغم ضعف فرصه ورهانه بدوره على تطورات اقليمية تعزز هذه الفرص وما اذا كان يمكن ان يتحمل استمرار تعطيل البلد على النحو الحاصل او ان يستمر في ان يكون واجهة للتعطيل الاقليمي. قد يكون المخرج مرحليا بالنسبة الى عون هو ان يساعد في اعادة الحياة الى مجلس الوزراء ويوقف تعطيله من اجل ان يشيح الانظار عن التركيز على ضرورة الذهاب بسرعة الى انتخابات رئاسية باعتبار ان تعطيل الحكومة وتأثير تعطيل الانتخابات الرئاسية على عمل البرلمان ساهما في الجهد الذي ادى الى ترشيح فرنجيه. ففي نهاية الامر ستقع مسؤولية ما يواجهه البلد من صعوبات اقتصادية وانهيار للمؤسسات الدستورية على عاتق الافرقاء المعطلين والرافضين لأي تسوية. والجزء الاكبر يتحمله المسيحيون لاتاحتهم الفرصة للآخرين الامساك بورقة الرئاسة رهينة لمصالحهم من دون اعفاء الاخرين وفي طليعتهم ” حزب الله”. فالسيد نصرالله حين تحدث عن تسوية شاملة وتنازلات مؤلمة فرمل اندفاعته لدعم ترشيح فرنجيه باعتباره العرض الذي لا يمكنه رفضه. يبرر البعض فرملة اندفاعته الى عدم توقعه تبني الحريري ترشيح الاخير باعتبار ان ذلك ينزع من فرنجيه مسبقا بعض الصفات التي يدعمه على اساسها انطلاقا من ان انتقاله الى موقع رئاسة الجمهورية يدفع به الى ان يكون رئيسا على مسافة متساوية من الجميع ولعله سلم مسبقا بانه لن يكرر عهد الرئيس اميل لحود في الحكم نسبة الى ولاء الاخير للنظام السوري واستشراسه في الدفاع عن الحزب. اصحاب هذا التبرير يستعيدون انزعاج “حزب الله” من انفتاح عون سابقا على الحريري سعيا لتبني الاخير ترشيحه ثم ارتياحه لدى فشل مساعيه. كما يقول البعض الاخر ان ما يعتبره الحزب حاجة الحريري بشدة الى تسوية رئاسية تأتي به ايضا رئيسا للحكومة هو في معرض ابتزاز الاخير للحصول على تنازلات منه قبل الاقرار بدعم ترشيح فرنجيه في ظل رمي بالونات عن عدم التسليم مسبقا برئاسة الحكومة للحريري علما ان ايصال رئيس جمهورية محسوب على طرف لن يساهم في تغيير الوضع في البلد قيد انملة وفق ما يعتقد كثيرون بل يمكن ان يغدو الوضع اسوأ مما هو عليه اليوم.