سيمون ابو فاضل: التسوية بين الحريري وفرنجية على وقع انتقام الشاغوري من باسيل/الصحافي السعودي أحمد عدنان: تسوية نتيجتها تولي فرنجية رئاسة الجمهورية والحريري رئاسة الحكومة هي هزيمة لا تسوية

500

من بيروت إلى الرياض أو العكس
تسوية نتيجتها تولي فرنجية رئاسة الجمهورية وتولي الحريري رئاسة الحكومة هي هزيمة لا تسوية، خصوصا وأن رئاسة مجلس النواب من حصة محور الممانعة.
الصحافي السعودي أحمد عدنان/العرب/29 تشرين الثاني/15
حدثان رئيسان، أعادا التساؤلات اللبنانية حول الدور السعودي في لبنان، الأول هو استقبال عبدالرحيم مراد السياسي الموالي لبشار الأسد، والثاني هو اعتزام سعد الحريري ترشيح صديق بشار الأسد وشقيقه الروحي رئيسا للجمهورية، أي النائب الزغرتاوي سليمان فرنجية.
الأسئلة عن المملكة كانت مطروحة سلفا، وتحديدا منذ تكشفت الأزمة المالية لسعد الحريري وتيار المستقبل، فضلا عن رسالة كتبها رئيس تحرير لبناني مطالبا العاهل السعودي بعدم التخلي عن المسلمين في لبنان.
كان استقبال عبدالرحيم مراد من الأخطاء الفادحة، فالرجل بدأ الترويج قبل استقباله في المملكة بأن الرياض تنظر إليه كخليفة لسعد الحريري، ولا أتصوّر أن دوائر السياسة في المملكة بهذه السذاجة، فمراد شخصية ريفية لن يسير تحت لوائها سنّة المدن الأكثر تأثيرا وفعالية، ولن ينسى السنّة مطالبته العلنية بإلغاء المحكمة الدولية أو عمالته لبشار الأسد الذي فعل بسنّة لبنان ما فعل فضلا عن قتله للسنّة في سوريا، عبدالرحيم مراد كان وزير الدفاع في حكومة عمر كرامي التي عملت على اغتيال رفيق الحريري معنويا تمهيدا لاغتياله الجسدي، وتصريحاته ضد الرئيس الشهيد وضد المملكة موثّقة ومعروفة. ومما سمعناه أن مراد يستحق الاحتفاء نظير تأييده لعاصفة الحزم، مع العلم بأنه فعل ذلك بموافقة بشار الأسد الذي يرى أن تأييد الدور السعودي في اليمن يعطي الشرعية للدور البعثي في لبنان، رغم الفارق الشاسع بين هذا وذاك، وإن كان هناك من يستحق الاحتفاء فهو بلا شك الرئيس فؤاد السنيورة نظير مبادئه وصلابته وإخلاصه وقيامه -قدر الممكن- بسدّ غياب سعد الحريري.
ربما يكون عبدالرحيم مراد أسوأ سنّي في لبنان، فعمالته الرخيصة لأجهزة الأمن السورية يعرفها القاصي والداني، وملايينه التي يتنعم بها يعرف اللبنانيون أن مصدرها معمر القذافي والحرس الثوري الإيراني، وعليه فإن أيّ تواصل سعودي معه هو عبء على المملكة وسيضعف السنّة ولبنان.
ولا بأس من التكرار، بأن الاسم الوحيد القادر على جمع السنّة من شبعا إلى الشمال هو اسم الحريري، ومهما كانت أخطاء سعد، وصاحب هذه السطور أكثر من تحدّث عنها، إلا أنه يتمتع بالقبول وبالشرعية وبالشعبية، وولاؤه للبنان وإخلاصه للمملكة ليس عليه غبار، ومشكلته إدارية صرفة ويمكن حلها بسهولة، والتفكير بإضفاء اللامركزية على المشهد السنّي في لبنان، مقابل مركزية حزب الله الشيعية، أكبر هدية مجانية ستكسبها إيران، خصوصا وأنها حاولت مرارا تحقيق هذا الهدف ومنيت بالفشل الذريع.
ثم جاء ترشيح الحريري المنتظر لسليمان فرنجية كضربة موجعة لكل شيء، ولا أعرف من هو صاحب هذه الفكرة، لأن التداعيات تتضح رويدا رويدا، فالشارع السنّي يغلي بما في ذلك شريحة واضحة من أركان تيار المستقبل، والمسيحيون مصابون بالذهول وبخيبة الأمل، مع العلم بأن التسوية ليست مرفوضة في حدّ ذاتها، لكن هناك ثلاثة أسئلة لا بد من الإجابة عليها: لماذا؟ كيف؟ ما المقابل؟ ومن باب إحسان الظن سنقول إن إجابات الأسئلة ليست واضحة بدلا من القول بأنها مريعة. فظاهر الترشيح هو تسليم لبنان رسميا إلى إيران، ونتيجة ذلك هو التوتر شئنا أم أبينا لاعتراض أغلبية اللبنانيين، ومن يتصور بأن ترشيح فرنجية سيشق 8 آذار لم ير أن تفتت 14 آذار أقرب، ومن يظن أن فرنجية سيفضل العرب على سلاح حزب الله بعد انتهاء عهد الأسد مجرد واهم. إن تسوية نتيجتها تولّي فرنجية رئاسة الجمهورية وتولّي الحريري رئاسة الحكومة هي هزيمة لا تسوية، خصوصا وأن رئاسة مجلس النواب من حصة محور الممانعة، فالمفترض تقديم تنازلات حقيقية من 8 آذار باتجاه القانون الانتخابي وآلية العمل الحكومي وتحييد السلاح غير الشرعي قدر الممكن في الحياة السياسية المحلية وتأكيد سيادة الدولة اللبنانية على قراري الحرب والسلم، وما أخشاه أن يؤدي وصول فرنجية إلى كرسي الرئاسة الأولى دون مقابل مقنع للدولة اللبنانية ولثورة الأرز إلى تعزيز التطرف السنّي والمسيحي معا.
هذه حقيقة لا بد من إقرارها، أن نتائج المفاوضات التي جرت بين سعد الحريري وميشال عون أهم مما نسمعه هذه الأيام بين الحريري وفرنجية، وسبب ذلك معروف، أن عون يستطيع تقديم ما لا يستطيع فرنجية تقديمه، وفي رأيي أن الوصول إلى تسوية حريرية عونية أشرف للحريري مما نسمعه هذه الأيام، وفشل المفاوضات الأولى يتحمله الحريري وعون مجتمعين، إذ كان يجب أن تكون القوات اللبنانية في كواليسها منذ اللحظة الأولى من طرف تيار المستقبل، وكان يجب أن يتحلى عون بالاتزان أثناء التفاوض وبعده لكن فاقد الشيء لا يعطيه. كصحافي مختص، لا أستطيع الإجابة هل ترشيح فرنجية فكرة سعودية أو حريرية، لكن الإجابة لم تعد مهمة، فالمهم دائما في السياسة: لماذا وكيف وما المقابل؟ ووفقا للجواب نعرف الحال، هل ستربح المملكة وحلفاؤها أم أن الخسارة من نصيب الجميع. ربما تسبق تطورات الأحداث هذه المقالة، لكن السعودية يجب أن تعيد النظر في سياساتها اللبنانية، وأهمية لبنان تتلخص في إطلالته على الصراع العربي الإسرائيلي وعلى الثورة السورية وعلى البحر المتوسط، وقد يقول قائل إن لبنان لا أهمية له وليواجه مصيره، وهذا كلام لا علاقة له بالسياسة، وليس أدل على ذلك اهتمام إيران وإسرائيل. سنّة لبنان يتميزون عن غيرهم بأنهم الأقل تلوثا بالإسلام السياسي، وهذه زاوية لا بد من حمايتها وتعزيزها لحاجة الحرب على الإرهاب إلى نموذج، ولضرورة المحافظة على التمثيل المدني للسنّة. وفوق ذلك المطلوب هو توثيق علاقة المملكة بأطياف التنوع اللبناني لكسر الصورة التي تسوقها إيران وداعش عن الإسلام والسنة، فإيران تتقدم عربيا وإسلاميا بنظرية تحالف الأقليات، والتفات المملكة إلى أطياف التنوع يعزز العروبة والسلم الأهلي ويضرب نظرية تحالف الأقليات في مقتل، وينقذ صورة الإسلام من الإرهاب المعادي للتعايش والتسامح، هذا غير فوائد أخرى تنعكس على المملكة وعلى العروبة والإسلام، فالعلاقة السعودية المسيحية لها امتدادها الغربي، والعلاقة السعودية العلوية لها امتدادها المتوسطي، والعلاقة السعودية الشيعية (مع الشيعة الموالين للعروبة) صوت مؤثر داخل إيران والعراق، والعلاقة السعودية الدرزية نفق سريع إلى فلسطين والأراضي المحتلة. نعم هناك علاقة سعودية ببعض هذه الأطراف، لكن هناك حاجة إلى التعزيز وإلى الإدارة السليمة والاستثمار الأقصى. لو تطرّقنا إلى التفاصيل فنحن بحاجة إلى حديث طويل، لكن على الصعيد الاستراتيجي ليس هناك مدخل لإنقاذ لبنان واستقراره غير إحياء وتوحيد قوى 14 آذار المنبثقة عن ثورة الأرز التي ليس لها إلا معنى واحد، الدولة والاعتدال، ولا يفتقد عرب اليوم غير الاعتدال والدولة، وكلمة السر هي اتفاق الطائف الذي يحدد العدو والصديق وموضوع الصراع.

التسوية بين الحريري وفرنجية على وقع انتقام الشاغوري من باسيل
سيمون ابو فاضل/الديار/الأحد, 2015/11/29
بدأت تتقلص اسهم التسوية التي تفاهم على عناوينها رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهي تراجعت الى ما تحت منتصف الامال التي كانت معلقة عليها، حتى أن رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط الذي التقى الحريري في باريس وكذلك الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بعيدا عن الاضواء لا يخفي في مجالسه سقوطها لعدم تأمين محفزات النجاح لها. فانطلاق الحريري في خطوته هذه مستندا الى عوامل خمسة لم تكن مستوفية عناصر النجاح وهي:
اولا – ان سليمان فرنجية هو احد الاقطاب الاربعة الذين توافقوا على ان يكون الرئيس من صفوفهم اذا ما توفرت حظوظهم الى الوصول الى بعبدا، وبذلك يحرج رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون المرشح عن 8 آذار ويدفع حزب الله للقبول به مستندا بذلك الى جو من التفاهم والانفتاح القى بظلاله على لقاء باريس.
ثانيا، رأى الحريري أن احالته عون للتفاهم مع القوى المسيحية في 14 آذار وحصرا رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع المرشح عن 14 آذار لم يوصل الى تفاهم على رئيس للجمهورية بل تفاهم الرابية ومعراب على ورقة نوايا وراحا يتبادلان المزاح والشوكولا، بحيث تراجع جعجع عن اندفاعته وحشره عون للتفاهم على رئيس فأتى ترشيح فرنجية ليحرج جعجع وعون كل من موقعه ووفق حسابات كل منهما وذلك بعيدا عن تحسسه لضرب الموقف المسيحي القوي من موقعه الوطني اثر تقارب الرابية ومعراب في مجال المزايدات المسيحية قبيل جلسة التشريع الاخيرة التي اوجد لها حلا .
ثالثا، حمل الحريري بيده ملفي عون وفرنجية الى السعودية فالاول لديه موقف رافض للطائف في مقابل تأييد فرنجية لهذا الاتفاق، منذ التفاهم عليه واقراره دستوريا بما مكنه من ان يقارب هذا الترشيح من زاوية ان فرنجية ابن صيغة الطائف التي لا تلقى قبولا عند عون.
رابعا، رأى الحريري أن البلد يدور في حلقة اقتصادية تراجعية والبلاد تعاني من شلل نتيجة غياب رئيس الجمهورية وهو ما انعكس على عمل المؤسسات على اكثر من صعيد، فاعتبر ان التفاهم الرئاسي مع فرنجية قد يحمل صدمة ايجابية تحرك عجلة هذا القطاع وتعيد دوره بزخم بعد سنوات من تراجع النمو. وقد يأتي التفاهم ليفرض قبولا ايجابيا من كافة القوى والقطاعات الانتاجية وينعكس الامر ضغوطا على القوى السياسية لمباركة التفاهم وتأييد صيغته.
خامسا، رأى الحريري أن مرحلة التسوية في سوريا واحتمال انسحاب حزب الله منها في موازاة مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد تتطلب طمأنة حزب الله بانتخاب رئيس للجمهورية من محوره، هادفا بذلك لملاقاة طرح التسوية من جانب امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله. وأن ذهاب الأسد سيضعف فرنجية ويحوله الى صورة مجددة عن الرئيس السابق ميشال سليمان الذي انقلب على محور الممانعة بعد تراجع موقع الاسد
لكن حسابات الحريري واجهت اعتراضات ثلاثية الابعاد سواء كانت من حلفائه او بيئته السياسية والمذهبية، ام من قبل عون او كذلك حزب الله ، فمن جهة الرابية التي فوجئت باللقاء وعمدت الى التريث واستيضاح الامر من حزب الله، ابلغها الأخير بان لا بديل عن الجنرال كحليف رئاسي وهو الذي امن غطاء لحزب الله ودعما له لم يحققه ايا سواه نظرا لحجم زعامته شعبيا وسياسيا، في حين ان الحزب امن لحلفاء آخرين الدعم والغطاء في عدة محطات، لا بل ان حزب الله تتابع المعلومات، حذر فرنجية من مناورة الحريري لاحراقه كما كان سعى مع عون. لكنه لم يقطع عليه طريق الذهاب ولعبه ورقته الرئاسية «حتى الثمالة»، عدا ان حزب الله يجد أن التسوية حاليا قد تفرض على فرنجية اذا ما قبل شروطا لصالح فريق 14 آذار في حين ان التطورات في سوريا العسكرية والسياسية تتقدم لصالح الاسد نجاحا ميدانيا، بما يعني ان فريق 8 آذار قادر ان يصل بالعماد عون رئيسا للبلد كحاجة متعددة الاهداف داخليا واقليميا محافظا بذلك على خياراته التي لم يتراجع عنها حتى ابان حواره الحريري.
ولان حزب الله حذر فرنجية من الوقوع في فخ الحريري، تتابع المعلومات، فان امينه العام حسن نصر الله يتمسك بضرورة تبني الحريري لترشيح فرنجية باعلانه من جانبه عن هذه الخطوة، لتأخذ مفاعيلها العملية ويتم التعاطي عندها على قاعدة التفاهم الذي حدا بالرجلين للقاء لاسيما ان رئيس المردة هو احد اقطاب 8 آذار، واذا ما ارادت ان ترشحه هذه الاخيرة الى الرئاسة تأتي هذه الخطوة من جانبها اي بما معناه من «بيت اهل العريس» وليس من «بيت اهل العروس» اذا ما سلمت النوايا.
وعلى ما تدل الوقائع فان خطوة الحريري لاقت اعتراضات سياسية ومذهبية داخل صفوفه فإن عددا من الفاعليات ومشايخ الطائفة السنية عبروا له عبر قنوات متعددة عن آلية تحفظهم على هذا التفاهم وما يمكن ان يؤدي من ردة فعل داخل الطائفة السنية خصوصا في منطقة الشمال.
اما في ما خص المرشح عون الصامت عن الكلام فانه لا يزال ينام على ورقته كمرشح اقوى لا سيما انه لم ينسحب بعد من المعركة بشهادة فرنجية بعد جلسة الحوار الذي اكد ان رئيس التكتل لا يزال مرشح 8 آذار فلذلك لا يجد ضرورة لأن يعبر عن موقف يظهر اتساع الانقسام داخل هذا الفريق ومزاحمته لفرنجية فهو من جهة حسب اوساط مطلعة على موقفه لن يتنازل عن اي خطوة تفرط بحقوق المسيحيين طالما هو موجود حتى ان قانون الانتخابات يحقق الشراكة ومطلوب اقراره في اسرع وقت لا يجده كافيا بل لا يزال على موقفه حول ضرورة انتخاب الرئيس من الشعب، واعتماد هذه الآلية، ولذلك هو لا يدخل في مفاوضات حول ترشيحه وموقفه من المسلمات المسيحية هذه يجب تأمينها ومتى توفرت وامنت الشراكة المسيحية، العادلة فعندها لكل حادث حديث.. فهو الذي قال سابقا تهمه الجمهورية وليس الرئيس، وهو يقدم الجمهورية العادلة على رئاسة الجمهورية.
ولا تخفي الاوساط بان حسابات رجل الاعمال جيلبير الشاغوري النفطية استدرجت فرنجية نحو هذا اللقاء بهدف انتقام الشاغوري من الوزير جبران باسيل على خلفية مناقصات الغاز في لبنان حيث كان طلب الشاغوري من باسيل استخراج الغاز من عدة مربعات مدرجة على الجدول، فاجابه باسيل بان الامر يتطلب الدخول في مناقصة، فرد عليه الشاغوري «انني في نيجيريا افرض ما اريد.. وهيك صارت الامور معكن»، فاجابه باسيل «في لبنان الامور هيك بتكون، بالمناقصات». وتشير الاوساط الى ان خطوة فرنجية جاءت حكما ناقصة لعلمها ان الرئيس الايراني حسن روحاني كان باشر اتصالات تسبق زيارته الرئيس فرانسوا هولاند لكنها ارجئت عقب العمليات الارهابية في باريس مضمنا جدول اعمال الملف الرئاسي اللبناني اسمي كل من عون وفرنجية للتباحث فيها على وقع كلام الرئيس الفرنسي بانه سيزور لبنان لايجاد حل للفراغ في هذا الحقل، الا ان اللقاء الباريسي بحساباته المتعددة لم يحمل النتائج المرجوة من الجانبين على اكثر من صعيد. ولذلك دخل فرنجية حقل الألغام قبل الوقت المناسب لتعطيلها.
اما القوات اللبنانية الرافضة سياسيا لوصول فرنجية للرئاسة ولا يزال رئيسها جعجع محافظا على «الغموض الخلاق» و«الصمت المعبر» فهو لم يستفيض في كلامه مؤخرا، لكنه اعطى اشارتين بانه مستعد ان يتحمل نتائج رفضه لتفاهم الحريري – فرنجية مستندا الى محطات سابقة وما رتبت عليه من اعتقال سياسي من دون التراجع عن خياراته، وبذلك يأتي مضمون كلامه ليدل على ان من رفض الاكثر وتحمل نتائجه قادر على رفض الاقل، ملمحا الى تراجع للحريري عن خيارات 14 آذار، وما حملت من تضحيات بدأت باستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري وانتهت حتى حينه باستشهاد محمد شطح وذلك في ظل انتظار موقف سعودي واضح من ترشيح فرنجية واعلان عون رفضه للخطوة هذه.
لكن كلام جعجع حتى حينه لا يدل الى ان المواجهة التي جمعته وعون ستدفعه لتبني الاخير للرئاسة بعد ان ربط مضمون كلامه برسالة 14 آذار والحفاظ عليها في مقابل غمزه من قناة الحريري اثر ترشيحه لفرنجية.
وبعيدا عن الابعاد الثلاثية للحريري التي حدت به لمحاورة فرنجية رئاسيا، فان دائرة الاعتراض توسعت بحيث ان حزب الكتائب قدم مواضيع سياسية استراتيجية على اي دعم رئاسي لفرنجية توزع بين حيادية لبنان، دور سلاح حزب الله واقرار قانون انتخابات عادل يعيد الشراكة قبل الانتخابات الرئاسية اي ان موقف رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل اعطى زخما لرفض عون وجعجع لوصول فرنجية انما من موقف مختلف عن حساباتهما.
ولا تقبل اوساط فرنجية ان يتم التعاطي معه من زاوية ان تفاهمه مع الحريري سيدفعه للتراجع عن خياراته السياسية فهو من الاساس بقي مدافعا عن المقاومة وسوريا في ظل تفوق فريق 14 آذار عليها في الـ2005 وبعدها، وهو في الوقت ذاته كان ذو حركة ايجابية داخل هذا الوسط وتعاطيه مع احزاب القوات والكتائب والاحرار وعناصرها، لم يكن يوما انتقاميا، ولم يسع للانقضاض على اي منها او الانتقام في ذروة الجهاز الامني اللبناني السوري على جعجع واعتقاله ولذلك ان ما اكتسبه كحقه الشرعي كمرشح يترجمه في حركته من دون اي رغبة في التنازل عن خياراته او ميل للانتقام من اي فريق سياسي، فهو صاحب حق في التواصل مع الجميع، كما هو حق عون في زيارته الحريري وتوقيعه ورقة النوايا مع القوات من دون العودة اليه.
واذ كان المشهد يدل على ان التسوية بدأت تتراجع فان في محور المستقبل من يعتبر أن الحريري أعطى فرصة لـ8 آذار لتقارب الملف الرئاسي بجدية بعد لقائه بفرنجية من دون ان يعني ذلك ان على فرنجية ان يعلن مواقف سابقة وعلانية من عدة مواضيع تبدأ بكيفية تعاطيه مع الاسد بعد انتخابه وعما سيزوره ام لا وموقفه الواضح من قانون الستين الذي يتمسك به كل من الحريري وجنبلاط اضافة الى صيغة الحكومة المقبلة وتوازناتها.
الا ان في مقابل كل ذلك يخلص مراقبون الى ان هذا التعايش المستحيل اذا ما حصل بين فرنجية والحريري لن يؤدي الى سير عمل البلاد لغياب اي مرجعية دولية واقليمية ضامنة له، اذ ان تسوية الدوحة التي حصلت بغطاء دولي واقليمي واسع لم تمنع اسقاط حكومة الحريري رغم تحظير استعمال هذا البند الدستوري على ما جاء في التسوية ورغم ذلك وقع المحظور يتابع المراقبون.
وحاليا تعطلت حكومة الرئيس تمام سلام بسبب مقاطعة وزيرين من التيار الوطني الحر ووزيرين من حزب الله اي اقل من نصف الثلث المعطل ومع ذلك شل عملها في مشهد يحمل دلالة الى الحريري بان ترؤسه الحكومة في ظل وجود فرنجية في بعبدا على ضوء التجاذبات الدولية الاقليمية على وقع الازمة السورية وحسابات حزب الله قد تضع الحكومة منذ ولادتها على المحك. وتعود عقارب الساعة الى المرحلة التي توترت فيها العلاقة بين الرئيس الاسبق اميل لحود وبين رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة ويطغى هذا الواقع على المؤسسات ….ويكون الحريري لعب ورقته في الوقت الضائع بدل من توفيرها لأستعمالها مع رئيس جديد بدعم داخلي -اقليمي-دولي. لان ثمة مراقبين يعتبرون بان الرهان على فرنجيه كان آخر العنقود الرئاسي من ضمن الاقطاب الاربعة ليبدأ بعدها النقاش بالرئيس التوافقي بعد ان خسرت القوى السياسية اوراقها الرئاسية…