ماذا يجني لبنان من التحالف ضد داعش/سابين عويس: الحريري يطرح فرنجيه معدلاً ثمن التسوية ضمانات سورية وإيرانية/روزانا بومنصف: خرق الجمود في اتجاه سلّة متكاملة فصل للحل عن سوريا أو مواكبة له

444

الحريري يطرح فرنجيه “معدلاً ” ثمن التسوية ضمانات سورية وإيرانية؟
سابين عويس/النهار/28 تشرين الثاني 2015
لا يقل موقف “حزب الله” من طرح ترشيح النائب سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية إحراجاً عن موقف ” التيار الوطني الحر”، أو “القوات اللبنانية”، او الكتائب او المستقلين، وإن يكن لكل من هؤلاء أسبابه وحيثياته في مقاربة هذا الطرح، قبولاً أو رفضاً. الواقع أن إرباك الحزب لا يأتي من شخصية فرنجيه أو موقعه السياسي أو موقفه من المقاومة، وهذه كلها تصب في إطار التزام زعيم “المردة” خط المقاومة ونهجها، كما أنه لم يفاجأ بهذا الطرح الذي انبثق من اللقاء الباريسي بين فرنجيه وزعيم “المستقبل” الرئيس سعد الحريري، بما ان اللقاء لم يتم من خارج درايته والتنسيق معه، بل الإرباك ناجم عن الأثمان التي فهم ان الحريري اشترطها للسير بهذا الطرح، كبند من رزمة متكاملة تشكل في مجملها التسوية السياسية المقترحة. بدا واضحاً منذ طرح السيد حسن نصرالله التسوية الشاملة القائمة على أربعة أعمدة: الرئاسة والحكومة والمجلس النيابي وقانون الانتخاب، أن الرجل الأول في تحالف 8 آذار قرر كسر حلقة المراوحة المفرغة التي تدور فيها البلاد منذ شغور سدة الرئاسة الأولى، والارتقاء في الحوار مع “تيار المستقبل” الى مستوى آخر بعدما سدت كل المنافذ نحو إنجاز الاستحقاق الرئاسي، في ظل تمسك العماد ميشال عون بترشحه، ورفض فريقه السياسي البحث في أي مرشح آخر. لم يكن أمام الحريري خيار غير ملاقاة السيد في المناورة الجديدة. فهو لا يمكنه أن يعود الى بيروت لهذه الغاية فقط، كما لا يمكن السيد ان يذهب اليه للغاية عينها، فكان الزعيم الشمالي صلة الحوار المباشر الذي فتحت أبوابه بعد مبادرة نصرالله. كان الحريري صادقاً وجدياً في طرحه ترشيح فرنجيه رغم كل المحاذير المترتبة على هذا الطرح، والتي يدركها الحريري جيداً، ولا سيما أنها تنال من علاقته الوثيقة مع حليفه المسيحي الاقوى سمير جعجع. لكن المطلعين على مجريات اللقاء الباريسي يؤكدون أن هذا القبول لن يكون تسليما بفرنجيه كما يقدم نفسه في سيرته الذاتية السياسية، بل بفرنجيه “معدلاً”، على ما يقول هؤلاء، لئلا تأتي الهزيمة بالشخص والجوهر. ليست التعديلات التي يطلبها الحريري على سيرة فرنجيه سهلة المنال أو حتى قابلة للحل، خصوصا أن قرار بتها لا يعود حصرا للمرشح الصاعد الى اول لائحة المتنافسين على قصر بعبدا، هي شروط تتطلب قرارا، على “حزب الله” والى جانبه الثنائي الايراني السوري اتخاذه، ويقتضي ضمانات أساسية حيال تورط الحزب في سوريا وعودته الى لبنان، فضلا عن ضمانات تؤكد نجاح التسوية بكل بنودها، ولا سيما في ما يتعلق بالحكومة وإطلاق يد رئيسها خلافا لما يحصل اليوم مع الرئيس تمام سلام، وفي شأن قانون الانتخاب، وهنا يعتقد الحريري ان نجاح عناصر التسوية يمكن ان يشكل تعويضا للحلفاء. لكن فرنجيه إستبق البحث بتأكيده استحالة تفريطه بأي من التزاماته وثوابته السياسية، بما يشي بأنه غير جاهز لمواكبة المرحلة الانتقالية في سوريا من خارج الأسد. فهل هذا يعني ان الترشيح سيكون مقرونا بشروط تعجيزية، على الحزب وسوريا دفع أثمانها لإيصال فرنجيه الى بعبدا؟ وهذا الواقع يطرح المزيد من الأسئلة عن وضع الحلفاء والراعيين الإقليميين، مفادها لماذا تقبل المملكة العربية السعودية بأكبر حليف لـ”حزب الله” وسوريا في لبنان؟ وهل بلغ الضعف بقوى 14 آذار حد القبول بمثل هذه الهزيمة لهذا الفريق؟ يؤكد المطلعون على مسار الطرح أن الحريري جدي مئة في المئة، وقد أدخل البلاد في مرحلة “سليمان فرنجيه مرشحاً” بعدما طوى هذا الترشيح صفحة عون رئيساً.
وليست إلا أياما قليلة ليتضح الخيط الأبيض من الأسود، ذلك ان “حزب الله” لن يطول به الوقت قبل ان يقول كلمته.

خرق الجمود في اتجاه سلّة متكاملة فصل للحل عن سوريا أو مواكبة له؟
روزانا بومنصف/النهار/28 تشرين الثاني 2015
يترك الربط الذي احدثه افرقاء لبنانيون، بين ايجاد حلول للاستحقاقات اللبنانية وفي مقدمها انتخاب رئيس جديد للجمهورية واجراء انتخابات نيابية بناء على قانون انتخاب يتفق عليه، وتبيان نتيجة الحرب في سوريا وفي اي اتجاه سيرسو الحل فيها، اثرا كبيرا في تقويم التطورات الاخيرة التي تمثلت في بروز ترشيح النائب سليمان فرنجيه للرئاسة الاولى. والربط الذي بات اساسيا في اذهان اللبنانيين، يدور حول تساؤلات محددة تطاول ما اذا كان هذا الترشيح تعبيرا عن ترجيح كفة بقاء بشار الاسد في سوريا او ترجيح كفة رحيله، باعتبار ان لكل من هذين الاحتمالين ابعاده وانعكاساته. وقد اعطت مصادر سياسية تفسيرات على قاعدة ان قوى من 8 آذار اعتبرت بروز هذا الترشيح إذكاء لانتصار هذا المحور، وخصوصا في ضوء التدخل الروسي المباشر الذي اعاد الاعتبار الى النظام محاولا إنقاذه من الانهيار، وتاليا هو تأكيد لاستمرارية الاسد، في حين ان قوى من 14 آذار بررت الموضوع بان الاسد، ولو بقي مرحليا، على رغم ان هذا لا يزال موضوع خلاف دولي واقليمي كبير، فسيتغير موقعه ونفوذه من ضمن معادلة حكم جماعية، بحيث لن يعود الحاكم الفعلي لسوريا في اي حال، لان هناك استحالة للعودة الى سوريا السابقة. والتساؤل الآخر الذي يستتبع ذلك هو: هل بوادر الحل التي بدأت تطفو على السطح قبل اسبوع، تواكب حلا سوريا وضع اطاره في فيينا في 14 من الشهر الجاري، بحيث ان هناك ربطا وتلازما بين التوجه الى حل في سوريا ومساعي ايجاد حل في لبنان، ام ان هناك فصلا للوضع اللبناني عن التطورات السورية؟ يغلب الاقتناع لدى سياسيين من مختلف التوجهات بأن هناك مسعى للفصل وليس لإقامة تلازم بين حلين، واحد للحرب السورية وآخر للوضع في لبنان. يستند ذلك الى تلاق، ولو من منطلقات مختلفة، على ان المسار السياسي الذي وضع اطاره في فيينا كحل للحرب في سوريا بمشاركة كل من ايران والمملكة العربية السعودية، وهو ما اعطى صدقية لهذا المسار، لا يعني ضرورة انطلاق الحل فعلا. فمع ان مجموعة امور ساهمت في تحفيز السعي الى الاتفاق، من بينها التدخل الروسي الذي لا يستطيع ان يظل تدخلا عسكريا يستنزف من دون السعي الى حل سياسي، ومن بينها ايضا موضوع تدفق اللاجئين الى اوروبا ثم الاعتداءات الارهابية في باريس، الا ان التطورات الاخيرة اظهرت وفق هؤلاء السياسيين ان الاطراف الدولية ليست على الموجة نفسها، ولا تزال مواقفها متباعدة، بما قد لا يسمح بتحديد مسار سياسي لحل الازمة، على رغم رسم اطارها او خطوطها الكبرى. ويدرج هؤلاء السياسيون من ضمن التطورات، الآتي:
– فيما يشكل الموقف من تنظيم الدولة الاسلامية اجماعا اقليميا ودوليا، ليس هناك استراتيجية واحدة محتملة. فحتى الفرنسيون الذين قام رئيسهم بجولة على الولايات المتحدة وروسيا من اجل توحيد التحالف الدولي من تنظيم “داعش”، اتسم الموقف الرسمي لديهم بارتباك واضح، على رغم ان فرنسا قد تكون من الاقدر على رسم سياسة بعيدة من الانفعال والغضب اللذين يتسم بهما موقفها. وثمة اهمال لواقع ان الاستراتيجية الفعلية لمحاربة “داعش” يجب ألا تسبق او توازي حلا سياسيا في سوريا، بل يجب ان يسبق الحل السياسي خطة القضاء على “داعش” في موازاة حل سياسي في العراق وازالة التوتر بين المملكة العربية السعودية وايران، اي بين السنة والشيعة، مع عدم امكان حصر القضاء على “داعش” في سوريا والعراق في الوقت الذي تشكل في ليبيا مثلا موئلاً مهماً للتنظيم. فامكان الاستعانة بجيش النظام مثلا يتجاهل ان روسيا لم تتدخل لانقاذ النظام، كما ان ايران وكل التنظيمات التابعة لها في المنطقة تدخلت لان جيش النظام الذي يراد الاستعانة به لم يعد موجودا، والاستعانة به تعني الاستعانة بهذه التنظيمات الشيعية في مواجهة تنظيمات سنية. اضف الى ذلك ان الولايات المتحدة اظهرت انها لا يمكن ان تكون في تحالف واحد مع روسيا في ظل اختلاف الاهداف.
وقد شكل حادث اسقاط الطائرة الروسية تعبيرا عن اختلاف الرؤى لجهة رفض سيادة المنطق الروسي او فرضه، وخصوصا ان الاختلاف في وجهات النظر من مصير الاسد لا يسمح بتعبيد الطريق امام الحل السياسي الذي حددت أطره. وفي موقف لافت ومعبر، يشير السياسيون المعنيون الى استمرار تأكيد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير موقفا لم يتخل عنه، حتى بعد اجتماع فيينا والبيان الذي صدر في شأن الحل في سوريا، ومفاده ان بشار الاسد لا يزال امامه خياران، اما ان يرحل بطريقة سلمية واما ان يبعد بعملية عسكرية، ولا مستقبل له في سوريا. ولعل الاشارة المتكررة الى العملية العسكرية تنطوي على تلميح الى الاستعداد لتزويد المعارضة المعتدلة الاسلحة اللازمة لذلك، بما يشير الى عدم تغير المواقف، في مقابل اصرار روسيا وايران على حل سياسي يكون عبر اشراك المعارضة التي يراها مناسبة، في مقابل حكومة انتقالية، مع الاصرار على مرحلة عملية المشاركة هذه من ضمن محاربة الارهاب، وترك المجال متاحا للاسد للترشح مجددا في اي اتفاق على تعديل للدستور. ومع ان المؤشرات لامكان انطلاق الحل السياسي في سوريا لم تبدأ بعد في انتظار مطلع السنة الجديدة، بحيث تتضح جديتها ام لا، هناك ترجيح لاستمرار الحرب السورية لمدة طويلة بعد، وهو ما يترجم تاليا محاولة فصل لبنان، اقله وفق هذا المنطق على الاقل.

ماذا يجني لبنان من “التحالف” ضد “داعش” ؟ تفجير برج البراجنة على جدول قمة بروكسيل
خليل فليحان/النهار/28 تشرين الثاني 2015
ماذا يستفيد لبنان من عضويته في “التحالف الدولي” إذا لم يساعد سلاحه الجوي في اقتلاع مسلحي “داعش” و”النصرة” المرابطين في جرود عرسال، ما دامت الهجمات على مواقع التنظيمين شبه يومية في سوريا، وهؤلاء يهاجمون في شكل شبه يومي مواقع للجيش في المنطقة او يطلقون قذائف على القرى المجاورة؟
وكان لبنان لبى الدعوة الاميركية التي وجهت اليه لحضور اول اجتماع للتحالف، وتمثل بوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ومثّله في آخر إجتماع في 23 من الجاري في واشنطن سفير لبنان لدى اميركا انطوان شديد. وسأل مصدر وزاري ماذا يجني لبنان من عضويته في هذا التحالف؟ فليس لديه اسطول ليساعد في شن الهجمات، ولا مال لشراء اسلحة للمعارضة، ولا يساعد على إقتلاع هؤلاء المسلحين لانهاء هجماتهم على الجيش ولاعادة الحياة الطبيعية الى عرسال وجوارها. واكد تقرير ديبلوماسي ورد الى بيروت ان هذا الخطر لم يناقش في إجتماع واشنطن.
وافاد مصدر ديبلوماسي اوروبي “النهار” أن تفجيري برج البراجنة مدرجان في جدول اعمال قمة الاتحاد الاوروبي التي ستعقد مع تركيا غدا الاحد في بروكسيل لمناقشة التوتر الناشئ بعد اسقاط مقاتلة تركية “السوخوي” الروسية بحجة خرقها الاجواء التركية، إضافة الى الهجمات التي شنها تنظيم “داعش” في باريس وتدمير طائرة مدنية روسية في سماء سيناء ومصرع 224 شخصا من الركاب والطاقم. ولفت الى ان قمة الاتحاد مخصصة ايضا لتقديم مساعدة مالية بقيمة ثلاثة مليارات أورو لتركيا، في مقابل وقف تدفق اللاجئين السوريين الى اوروبا، ولادارة ازمة الهجرة. واشار الى ان القمة ستناقش تطوير العلاقات مع تركيا لتسهيل عضويتها في الاتحاد. وذكر ان هذين المحورين سيناقشان بناء على طلب انقره. ونبّهت مصادر وزارية الى ان الاخطار محدقة بالبلاد من خلال اعترافات افراد الخلايا الارهابية الموقوفين والذين كانوا شاركوا في تفجيري برج البراجنة. صحيح ان الاجهزة الامنية تظهر براعة وهي موضع تقدير لدى الاجهزة العربية والدولية، لكن المطلوب خطة متكاملة من اجل التصدي للتنظيمات الارهابية التي تخطط لتفخيخ عدد من المناطق وايقاع اكبر عدد من الضحايا المدنيين الابرياء. ووفقا لمسؤول امني غربي، على لبنان ان يستنفر من اجل مواجهة تدفق “الداوعش” ومسلحي النصرة اذا ما اشتد القصف الروسي والفرنسي وسلاح جو “التحالف،” وعندها سيزداد خطر المواجهات التي ليس من الصعب مواجهة تغلغلها في لبنان. وانتقدت مصادر قيادية عدم القيام بتحرك دولي وعربي للتصدي لهذا الخطر الارهابي، وليس من الجائز في ظل المعلومات والتوقعات الاستخباراتية ترك الامن في البلاد يتعرض لمواجهات جديدة مع الارهابيين المرابطين في جرود عرسال او المتسللين الى تجمعات للاجئين لتنفيذ عمليات انتحارية جديدة. ورأت ان تنبيه بعض المسؤولين الى ان الارهابيين يخططون لمزيد من العمليات، غير كاف، لذا دعت الحكومة الى العودة الى عقد جلسات ومناقشة ما يجب القيام به وعدم شل الحكومة، الى ان تحل قضية النفايات، فالملفات المطلوب طرحها على مجلس الوزراء تتراكم في السرايا. صحيح ان ما يجري تداوله من تسوية سياسية شاملة امر جيد، لكن ذلك قد يستوجب وقتا ويلاقي عراقيل، ويجب عدم ترك القوى الامنية تتلقى الضربات والانفجارات الانتحارية، بل المطلوب استدراك ما يخطط له واستئصال كل ما يمكن ان يقتل الابرياء، باعتبار ان الارهابيين يتبعون في كل مرة اسلوبا مغايرا. فبعدما أقلعوا عن اتباع اسلوب السيارات المفخخة، اعتمدوا في تفجيري برج البراجنة الاحزمة الناسفة، ولا احد يمكنه ان يتكهن بالطريقة الجديدة التي قد تتبع غدا.