داود البصري: أين أساطيل الغرب عن جرائم نظام دمشق/إيلي ليك: جيب بوش يضيّع فرصة ذهبية في خطابه للأميركيين/مهى عون: قراءة في هلوسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

508

أين أساطيل الغرب عن جرائم نظام دمشق؟
داود البصري/السياسة/21 تشرين الثاني/15
في سماء سورية زحمة سير حقيقية للطائرات الغربية والشرقية والإيرانية! وعلى الأرض السورية تتصادم عربات عسكر إيران والعراق ولبنان وروسيا، وفي العمق السوري تتغلغل كل ميليشيات وعصابات الدنيا الإرهابية والمدعومة من أنظمة إقليمية لها أجنداتها وتاريخها الطويل في دعم أفعال الإرهاب وتنظيماته، فبعد خمسة أعوام من الثورة الشعبية، وبعد مئات الآلاف من الضحايا الذين سقطوا على درب جلجلتها المؤلم،وبعد الخراب الكبير الذي لم يشهده الشرق في العصر الحديث، لا زالت أرض الشام مسرحا عجيبا أبشع وأغرب عملية تدمير ممنهج لشعب تحدى بثورته كل ضباع الأرض وأثبت بالدم السوري وعلى المكشوف من أن النفاق الدولي هو الحقيقة البشعة في عالم السياسة الدولية المنافق الذي لايعرف الرحمة، ولايقيم وزنا للإنسان، ولا يبالي أبدا بمعاناة الشعوبو تضحياتها الرهيبة وأوضاعها الكارثية.
فبعد ماجرى في باريس من أعمال إرهابية ذات صلة بسياسات داخلية غربية ارتدت نتائجها بشكل إرهابي انعكست مبرراته على الوضع العائم السائد في سورية من سيادة للفوضى وتحول الشام لمنطقة قتل وقتال وجذب للجماعات المسلحة التي استغلت الفوضى العامةو تغلغلت في العمق السوري وتحت رعاية النظام السوري ذاته الذي يسره كثيرا شيطنة الثورة وعمل استخباريا على إظهارها مجرد تجمع رث لعصابات إرهابية يقاتلها من أجل الأمن والسلام، وهي الخدعة السخيفة التي لم تنطل على أحد، تحول الشعب السوري ليكون كبش فداء لسياسات دولية وإقليمية متضادةو متغيرة، وتفاعلت هجمة عسكرية شرقية وغربية ليس من أجل ردع النظام السوري عن جرائمه ضد شعبه كما كان الغرب يرفع شعارات منافقة، من أجل تصفية حسابات واستعراض للقوة فوق الأرض السورية وعلى أجساد السوريين، وفي عمليات انتقام وقتل مفتوحة لا تشمل أبدا آلة القمع العسكرية والإرهابية للنظام، ولا تقترب من حافاته الإجرامية الخطرة، بل لضرب الشعب وسحق الأبرياء وجعل سورية أرضا يبابا ومكانا غير صالحا للعيش، فالأساطيل الفرنسية التي تضاف لأساطيل الروس البغاة ولجيوش الإيرانيين الإرهابية العدوانية ستحول السماء والأرض السورية لقطعة من الجحيم من أجل منازلة جماعة إرهابية معزولة وبائسة كما يقولون، معرضين أطفال الشام ونساءها وشيوخها لمخاطر الإبادة الجماعية وللمآسي اليومية، ومدشنين أكبر ساحة رمي ميدانية في التاريخ ضد شعب من الشعوب المظلومة.
لقد كنا وكان الأحرار في العالم ينتظرون بعد مئات الآلاف من الجثث السورية أن يتحرك العالم من غفوته وينفض عنه غبار التجاهل ليردع النظام السوري المجرم عن جرائمه البشعة ضد الإنسانية، كما هو مؤمل ومتأمل، إلا أن ماحصل فعلا كان كارثة تاريخية غير مسبوقة لكل الأحرار ودعاة العدالة في العالم… لقد تحركت الأساطيل وحاملات الطائرات فعلا، لكن ليس من أجل فرض السلام ومعاقبة المعتدي المجرم القاتل لشعبه، بل لمعاقبة الشعب على ثورته، ولمساندة ذلك النظام القذر بطريقة مافيوزية بشعة مفتقرة للحدود الدنيا من الأخلاق والإنسانية.
لقد قرر الغرب مباشرة بعد الشرق الروسي المافيوزي شرب حليب السباع، وتحويل أرض الشام ملعباً متنقلا للقتل الشامل، فها هو رئيس الديبلوماسية الروسية لافروف يمارس منطقا إرهابيا فظا في الدفاع عن النظام المجرم بل ويتحرك عسكريا وديبلوماسياً لفك عثرته ومحاولة جعله هو الحل بينما الحقائق تقول العكس، وها هو الرفض الروسي لإسقاط ومعاقبة النظام لايشكل تدخلا فظا في شؤون ومستقبل الشعب السوري فقط، بل أنه قرار إرهابي روسي فظ يمثل حالة واضحة من الهمجية والعدوانية بعد أن أثخنت الطائرات الروسية بشكل متوحش في تقطيع أوصال أطفال الشام وضرب مدن السوريين وتجمعاتهم الإنسانية بطريقة همجية من دون أن يرف لهم جفن وأمام كاميرات الدنيا وفي استهتار فظ بكل قيم مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تحول لخرقة بالية في النظام الهمجي الدولي الجديد – القديم.
ثم جاء مستشار الولي الفقيه الإيراني علي أكبر ولايتي ليؤكد الدعم المصيري الإيراني لنظام دمشق عبر القول ان نظامه هو السبب الأساس في دعم وبقاء نظام دمشق بعد أن أوشك على الانهيار، ويتفاخر بذلك، رغم ما يواجه الآلة العسكرية الإيرانية من استنزاف قاتل، ومعهم أدواتهم الطائفية الإرهابية التي سلطوها على رؤوس السوريين، والنتيجة التي سيتلقاها الإيرانيون من دون شك هو تجرعهم المزيد من كؤوس السم الزعاف لتستكمل هزيمتهم التاريخية بعون الله، ومالله بغافل عما يفعل الظالمون، أما ثالثة الأثافي فهي التردد الغربي القاتل الذي تحول بعد ردة الفعل الفرنسية لحالة عدوانية مؤسفة تعبر فعلا عن سقوط القيم الغربية التي بها يتفاخرون!، فالغرب يعلم علم اليقين ان النظام السوري هو الصانع الأول للإرهاب وهو مدرسة متميزة وراسخة في هذا المجال، ومع ذلك فإن أساطيل الغرب لم تنتخ أو تستجيب لنداء السوريين الأحرار أو على الأقل لقيم الإنسانية وردع الظلم، بل جاءت وتدفقت لتكمل مهمة إبادة السوريين وتعويم النظام القاتل ومحاولة جعله جزءا من الحل الممنوع والمنشود!. ثمة مهازل تاريخية كبرى في سماء السياسة الدولية تجري اليوم فصولها بآليات عجيبة وأساليب أغرب من الغرابة… السوريون يذبحون من الوريد للوريد فيما الغرب ما زال يناقش طبيعة جنس الملائكة، لكن في النهاية فإن التخبط والعدوانية الدولية لن تمنع أبدا الحتمية التاريخية لإنهيار الطغاة، وإرادة الله رب العزة والجلال أقوى من طغيانهم مجتمعين، وسينصر من نصره، وسيخذل القوم المجرمين، ولكن أخلاقيات ومثل الغرب الدعائية هي اليوم في الحضيض، فأساطيلهم المهانة ليست سوى صورة بشعة لكل قيم النفاق والتوحش، وكان الله في عون السوريين.

جيب بوش يضيّع فرصة ذهبية في خطابه للأميركيين
إيلي ليك/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/15
في يوم الأربعاء، ضيّع جيب بوش فرصته، ففي أعقاب هجمات باريس انتهج كثيرون في حزبه «الأهلانية» (نهج سياسي يقوم على حماية مصالح أهل البلاد الأصليين وتقديمها على مصالح المهاجرين)، الهجوم على خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما المتواضعة لإعادة توطين 10 آلاف لاجئ سوري في الولايات المتحدة. وفي غضون ذلك، عمل الرئيس أوباما بسياسة التصيد للجمهوريين بدلاً من صياغة استراتيجية متماسكة لدحر مرتكبي فظائع باريس. كانت هذه فرصة جيب بوش لإظهار الجانب الهادئ والثابت له أمام بلاده، والتحلي بالفضيلة من الكاريكاتير الذي صنعه دونالد ترامب له هذا الصيف، فقد قدم بوش خطابًا لطيفًا لا يختلف كثيرًا عن خطابه الأخير عن السياسة الدفاعية الذي ألقاه في مكتبة «ريغان» في أغسطس (آب) الماضي. ويكمن الجزء الأكثر تخييبًا للآمال في خطاب بوش في احتوائه على كلام مبتذل كثير، فقد دعا بوش إلى إرسال قوات برية للقتال ضد تنظيم داعش، لكن كان هناك تحذير: «ينبغي أن يحدث ذلك بالتعاون مع حلفائنا، وينبغي أن يتوازى نطاقها (القوات) مع ما يوصي به الجنرالات العسكريون بأنه ضروري لتحقيق هدفنا». هل هذا يختلف بصفة جوهرية عما يفعله أوباما بالفعل؟ فقد أرسلت الولايات المتحدة نحو 3500 عنصر قوات خاصة إلى العراق وسوريا. وتقوم تلك القوات بتدريب العراقيين، وأحيانًا تخوض قتالاً جنبًا إلى جنب مع جنود من حلف شمال الأطلسي وآخرين في المنطقة. ويصر الرئيس على أن جنرالاته يعتقدون أن هذا العدد كافٍ. هذا لا يعني القول إن جيب بوش لا يميز نفسه عن أوباما بشأن مسائل أخرى، فقد دعا بوش إلى زيادة الإنفاق العسكري أكثر من أوباما. وكذلك الحال بالنسبة إلى جميع مرشحي الرئاسة الجمهوريين، باستثناء راند بول. ودعا أيضًا إلى فرض منطقة حظر جوي في سوريا، وهو الخيار الذي غضت الولايات المتحدة الطرْف عنه عقب التدخل الروسي في الحرب في سوريا سبتمبر (أيلول) الماضي. وبالطبع، قال بوش لشبكة «سي إن إن»، الأحد الماضي، إنه ينبغي علينا التركيز على جعل دخول المسيحيين السوريين – الذين يستهدفهم تنظيم داعش غالبًا بسبب دينهم – إلى البلاد أولوية. وأخبر شبكة «بلومبيرغ»، الثلاثاء الماضي، أنه ينبغي على أميركا الالتزام بتقاليدها النبيلة المتمثلة في الترحيب باللاجئين، رغم أن حملته بدت في نفس اليوم تؤيد خطة تسعى لوقف السماح لهؤلاء اللاجئين بدخول البلاد، مراعاة لمخاوف «المحافظين» حيال عملية الفحص. وساء الأمر صباح يوم الأربعاء عندما سأله مذيع شبكة «فوكس نيوز» ثلاث مرات عما إذا كان قد غير موقفه. ويتمثل المجال الوحيد الذي ميز بوش نفسه فيه بوضوح عن أوباما في تصنيف العدو، فقد استنكف أوباما ومعظم الديمقراطيين عن قول «المسلمين الراديكاليين» عندما سئل عمن يواصل الهجوم علينا في الغرب. وانتهز بوش هذا الاختلاف اللغوي قائلا: «هذه هي الحقيقة التي لن تسمعها من رئيسنا. نحن في حالة حرب مع الإرهاب الراديكالي» (هل هذا عكس الإرهاب المعتدل؟). وكما كتبت سابقا، يقول شقيق جيب – الرئيس السابق جورج دبليو بوش – أيضًا «الإسلام الراديكالي»، وكان لديه سبب وجيه. وتستلزم الحرب على الإرهابيين الراديكاليين دعم كثير من المسلمين غير الإرهابيين. ويعتقد معظم المسلمين على سبيل المثال أن الشريعة ينبغي أن تكون القانون السائد للبلاد، لكنهم لا يوافقون على الانتحاريين، وتتمثل الاستراتيجية منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 في فصل المجموعة الواسعة من الإسلاميين المتدينين عن الإرهابيين المتطرفين المستعدين لإراقة الدماء في سبيل تحقيق آيديولوجيتهم. وقد يمكن لجيب بوش أن يفسر كيف أن هذا النهج – الذي فضله شقيقه وأوباما – فشل. كان يمكن له أن يقول إنه على دراية بالاستراتيجية القديمة، لكن كان ينبغي أن يقول أيضًا إن أميركا لديها واجب الانخراط في حرب الأفكار داخل الإسلام، وكان يمكن أن يكون محددًا حول عدد القوات البرية اللازمة لهذه الحرب الجديدة، وكان يمكن أن يطالب تجديد «الكونغرس» تفويضه لحرب مطولة ضد الإرهابيين مثلما فعل عقب هجمات 11 سبتمبر، وكان بإمكانه أن يوضح موقفه بشأن اللاجئين السوريين بدلاً من تفويت فرصته.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»

 

قراءة في هلوسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
مهى عون/السياسة/21 تشرين الثاني/15
وكأني بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مداخلته الأخيرة من على منبر مجلس الأمن، قد نسي موضوع الطائرة الروسية المنكوبة في شرم الشيخ، كما التحقيقات ذات الصلة التي كشفت تورط أدوات استخباراتية متواجدة داخل المطار فيها، وراح يركز على قضايا «خنفشارية»، كالحاجة الى زرع هرمون الرجولة للزعماء والقادة العرب، متناسياً أنه حتى البارحة ما زال يأتمر بخصوص تدخله في سورية بأوامر الرئيس الأميركي ويلتزم أجندة نتانياهو. ولو خطر على بال بوتين مثلاً احتمال ضلوع الموساد الإسرائيلي بعملية تفجير الطائرة، تراه يفضل طي هذا الاحتمال، مخافة إغاظة أسياده، وبعد أن تلقى الرسالة الهادفة إلى «فرك» أذنه وإفهامه ضرورة التزامه الخط المرسوم له، أميركياً وإسرائيلياً، ذهب لتغطية السماوات بالقباوات، وعلى خطى ميشال عون استعمل لغة دونية في التعبير عن «دونكيشوتية» مفرطة. لقد فهم بوتين جيداً الرسالة ومضمون الصفعة التي أتته، بعد استقباله الرئيس السوري وتفرده بطرح طلب تنحيه ونظامه. لقد استوعب بوتين أهداف الصفعة-الرسالة جيداً واستوعب مراميها، وربما كفَّ عن التصرف الذاتي بخصوص مصير النظام السوري وعاد للالتزام بما هو مطلوب منه أميركياً وهو التركيز على إعلان محاربة تنظيم الدولة تماشياً مع المخطط الإسرائيلي-الأميركي: فقد نقلت بعض المواقع الالكترونية عنه قوله:»ان الله من يحاسب الإرهابيين ومهمتنا ارسالهم الى حيث سيحاسبون جيد جداً… هذا كلام يريح أميركا وإسرائيل، لقد عاد الرجل إلى الخط المستقيم المرسوم… ولكن كيف وأين ينوي بوتين تحضير هذا اللقاء؟ هل في سورية أم في العراق؟ هو لم يحدد، لكنه على الأرجح ينوي القيام بهذه المهمة حصراً في سورية، أما وقد عمد إلى التنسيق والتضامن مع الرئيس الفرنسي في قوله إن سورية باتت منبع الإرهاب، من جهة أن العملية الإرهابية، التي ما زالت مستمرة فصولاً وتهديداً في فرنسا، تم تدبيرها وتحضيرها في الداخل السوري على حد تعبير الرئيس الفرنسي.
في كل الأحوال، بوتين من دون شك متورط جداً في الوحول السورية، وطائراته ما زالت تغير كل يوم على ما تسميه مواقع «داعش» من دون الإعلان عن خسائر فادحة وقاتلة وحاسمة في صفوف التنظيم، أسوة بهشاشة وضبابية نتائج طلعات قوات التحالف الدولي من قبل، وبالتالي تبقى تهديداته ضمن السيناريو المعهود، وهذا ما هو مطلوب منه فقط لا غير، أما طريقته في المزايدة الإعلامية الدعائية فهي ليست سوى من باب ذر الرماد في العيون. لقد تورط بوتين بالكامل في المستنقع السوري، والرئيس الأميركي الذي هو وراء توريطه يظل المستفيد الأول، كونه يراقبه من بعيد ويستعمله في هذه المهمة مع الاحتفاظ بالأيدي النظيفة وبحرية انتقاده ومراجعة تصرفه عندما يستدعي الأمر، وفي هذا السياق رأينا أوباما يذكّره البارحة بضرورة التركيز على مطاردة داعش بدل التركيز على دعم الرئيس السوري، وهذا ما نقلته على لسانه وكالة «رويترز» وما صرح به حرفياً في العاصمة الفيليبينية مانيلا خلال حضوره قمة منظمة التعاون الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادي (أبيك) بتاريخ 18 نوفمبر الجاري، مضيفاً أنه سوف يناقش ذلك، أي التعديل المطلوب في ستراتيجية بوتين، خلال لقائهما المقبل. كلام مدلوله أن الرئيس الأميركي يسعى لغسل يديه من قرار المحافظة على الرئيس السوري الذي انتشرت صورته عبر العالم أجمع قاتلاً لشعبه ومشرداً إياه في أصقاع الأرض، وهو اتهام بدعم طاغية ومجرم حرب يحاول أوباما التنصل منه من طريق رميه على عاتق الرئيس الروسي.
في المقابل، وربما لكونه لم تنطلِ على بوتين ألاعيب صديقه اللدود أوباما، نراه يلعب على وتر «الدونكيشوتية»، محاولاً الظهور بمظهر اللاعب الأول على صعيد الشرق الأوسط وعلى الصعيد السوري على وجه التحديد، في ادعائه حمل مفاتيح الحل والربط في مختلف قضاياه، وفي القضية السورية على وجه التحديد، ومحاولاً جاهداً تقليم أظافر إيران تدريجياً، من طريق التغييب المشبوه لمختلف قيادييها العسكريين في الداخل السوري بهدف الاستئثار بملف القرار السوري لنفسه دون سواه. وضمن التمثيلية الأممية المطلوبة منه، رأينا الرئيس بوتين يتعاطف مع أحداث فرنسا في أعقاب إعلان الكرملين عن «اتفاق بين بوتين ونظيره الفرنسي فرنسوا هولاند خلال اتصال هاتفي مشترك بينهما يتناول التنسيق العسكري والاستخباراتي في سياق العمليات التي تنفذها روسيا وفرنسا في سورية ضد المنظمات الإرهابية» كردة فعل على أحداث باريس الدموية، حيث تم الاتفاق بين الطرفين على توجيه الدعوة إلى مجلس الأمن الدولي للتصويت فوراً على مشروع قرار بتشكيل جبهة دولية موسعة ضد الإرهاب، وفيما تتركز المساعي الفرنسية اليوم لتشكيل هذا الحشد الدولي العتيد، رأينا الرئيس الروسي يطالب خلال حضوره اجتماعاً طارئاً لهيئة الأركان في وزارة الدفاع الروسية، سلاح الجو الروسي بالتنسيق مع الضربات التي تنوي حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول توجيهها بعد وصولها إلى الشواطئ السورية معتمداً دائماً تعليل تدخله في سوريا أمام الكرملين بالحاجة للدفاع عن المواطنين الروس في سورية.
أما المهزلة الحقيقية، فجاءت ضمن العرض الذي قدمه وزير الدفاع الروسي لبوتين حول الضربات الروسية الأخيرة في سورية، مبيّناً أن عدد الطلعات القتالية لطائرات بلاده المشاركة في العملية الجوية تضاعف، الأمر الذي سوف «يتيح توجيه ضربات دقيقة قوية تستهدف إرهابيي «داعش» في عمق الأراضي السورية» على حد تعبيره، حيث أشار إلى «أننا نفذنا 4119 ضربة باستخدام صواريخ وقنابل ضد مواقع الإرهابيين ومناطقهم بسورية» مضيفاً: «نفذنا ضربات جوية مكثفة باستخدام صواريخ مجنحة دمرت مراكز لتنظيم «داعش». وكأن شر البلية ما يضحك دائماً، فتلك الضربات الروسية زائد ضربات التحالف لم تأت بنتيجة فعلية على الأرض، مع العلم أن هذا التحالف يضم غالبية الدول الشرق أوسطية زائد تركيا ودول أوروبية عدة والولايات المتحدة وروسيا، بمعنى أن السؤال هو اليوم وبمناسبة طلب الرئيس الفرنسي تشكيل هذا الحشد الدولي لمطاردة «منبع الإرهاب» في سورية على حد تعبيره، السؤال هو حول ما سوف يضيفه هذا «الحشد الدولي» على القدرة القتالية للقوات المتواجدة حالياً، والتي ما زالت تتضافر للقيام بطلعات جوية فاق عددها كل التصور أما السؤال الثاني فهو حول حقيقة إدراك الرئيس الفرنسي الذي أصيبت بلاده بالصميم لحجم هذه التمثيلية المهزلة، حيث لا بد له من التساؤل حول الإضافة التي بالإمكان أن تحدثها في المعادلة العسكرية القائمة زيادة حشد دولي على القوات الضاربة حالياً في سورية من تحالفات دولية ومن تدخل روسي مباشر