عبدو شامي/داعش الأم أخطر من ابنتها

489

داعش الأم أخطر من ابنتها
 عبدو شامي

11/9/2014

العالم بقيادة أميركا يحشد قواه للقضاء على “داعش”. مؤتمرات الدفاع عن الأقليات وحماية الوجود المسيحي في الشرق تتوالى والغرض التركيز على خطر “داعش”. “داعش” شغل العالم الشاغل… صدق حكيم “ثورة الأرز” عندما قال: “اعترف للفريق الأخر بأمر واحد وواحد فقط، وهو قدرته أحيانًا على غش الرأي العام وتسليط الضوء على الزاوية التي يريد من المسرح وحجبه عن زوايا أخرى أشد خطورة وإجرامًا”.

أوباما في 6/9/2014:”مشكلة الدول السنية ليست إيران فحسب، داعش الخطر الأكبر على الدول السنية”. و”هنري كسنجر” في اليوم التالي يصرّح وكأنه يرد على استغباء “أوباما” للرأي العام السني والعالمي: “إيران أخطر من داعش، امبراطورية فارسية تحت مسمّى شيعي”.

 العالم الغربي يدرك جيدًا أنه لو احترم إرادة الشعب السوري وتخلى عن عميله الأسدي ودعم ثورة الحرية والكرامة في سوريا منذ بدايتها -وهو خائن لها حتى اللحظة- لما كان اليوم يواجه وحشًا كاسرًا يسمى “داعش”، وكذلك الأمر بالنسبة للإرهاب “الحوثي” الذي يضرب اليمن، وللمأساة التي يعيشها لبنان بسبب الحزب الإرهابي التكفيري وملحقاته، والفوضى التي يعانيها العراق جرّاء تسليمه للاحتلال الايراني ذي السياسات الإقصائية والفئوية والطائفية الحاقدة… كل ذلك ما كان ليحدث لولا لتخليهم عن “الثورة الخضراء” في إيران رغم الكيفية “الداعشية” بامتياز التي اتبعها نظام الخميني الدموي في إخمادها…هم باختصار لا يريدون قتل الأفعى التى ترعى مصالحهم وتنفذ سياساتهم الهدامة، هم ببساطة وبوقاحة وبمكابرة لا يزالون يفضلون الانشغال بمحاربة ذنَب الأفعى الذي لن يلبث أن يَنبتَ من جديد ولو قُطّع ألف قطعة وذلك طالما أن رأس الأفعى -صانع داعش وعلّة وجودها- بخير ومطمئن لعمالته للسياسة الصهيو-أميركية في المنطقة وتلزيمه إياها.

بالتأكيد هم لن يقطعوا رأس الأفعى وعلينا أن لا ننتظر منهم ذلك -على الأقل في المدى القريب- لأن قطعهم إياه بمثابة مَن يبتر جزءًا من جسده؛ فهل لأميركا أن تحرق آلة الحلْب الإيرانية التي تضعها وتثبتها -منذ إنجاحها للثورة الخمينية قبل 35 سنة- على ضرع البقرة الحلوب الخليجية لتشفط بواسطتها أموال تلك الدول بصفقات السلاح “المليارية” وتركّز موطئ قدم لها عسكريًا في تلك البقعة النفطية الاستراتيجية من العالم؟! أم هل لإسرائيل أن تقطع أو تسمح بتقطيع أوصال الحزام الفارسي (وقد تقطّعت) الممتد من طهران مرورًا ببغداد ودمشق وصولاً الى بيروت وهو الذي يحمي أمنها القومي تحت شعار الممانعة والمقاومة والقضية الفلسطينية؟! هم لن يفعلوا شيئًا من ذلك، فالشعوب الحرة هي وحدها القادرة على اتنزاع حريتها من فم الأسد، هذا ما أثبته التاريخ على مر العصور، وقد بدأ العد العكسي لمحور الشر مع اندلاع الثورة السورية -ثم ابنتها العراقية- اللتين أسقطتا الأقنعة وأجبرتا الحلف (الخفي) الأميركي-الصهيوني-الأسدي-الفارسي على الظهور الى العلن من “ليالي الأُنْس في نيويورك” في أيلول 2013، الى “ليالي الأُنس في فيينّا” في تموز2014، الى الحلف المشترك من تحت الطاولة ومن فوقها وإن كان لضرب “داعش”، مرورًا “بلحس” أوباما للخطوط الحمر الكيميائية في آب2013 فلا ضربات جوية رغم العهود والوعود التي قطعها على نفسه كرمى لعيون إسرائيل حيث التمسك بالأسد مستمر حتى آخر قطرة دم باقية في عروق طفل سوري نجا من الكيماوي والبراميل ويجب عليه أن يموت لأنه أدرك أن أمه ولدته حرًا وعبدًا لله لا عبدًا لـ”البعث” أو “دمية” تصفّق لبقاء العميل متربعًا على كرسي الاجرام الى الأبد.

قلناها سابقًا ولن نسأم من تكرارها منعًا لأي تضليل، رأس الأفعى هو محور الشر، بشار الأسد السفّاح البرميلي-الكيماوي والقيّم الأول على “المدجنة الاستخباراتية” أي “حاضنة تفقيس” الجماعات التكفيرية وبثّها في المنطقة، والنظام الفارسي المصدِّر الأوّل للفكر الإرهابي الدموي التكفيري تحت مسمّى “تصدير الثورة الخمينية”، وحزبه المسلح ذو الفكر الإرهابي التكفيري الذي يحتل لبنان يغتال دستوره يسفك دماء شعبه ويضطهد طوائفه…

إن “داعش الأم” تستثمر اليوم في “داعش البنت” لتلمّع صورتها وتعمي الأنظار عن خطرها وأمومتها وأبوّتها لها، بيد أن العقول العادلة السوية تدرك -ونعود الى الحكيم- أن كليهما داعشيّ سواء من يَقتل بيديه العاريتَين أو من يقتل بقفازات مخملية، والعين البصيرة تبقى كاشفة لجميع زوايا المسرح وتأبى أن تنغش بمحاولة الإرهابيين حصر الضوء في زاوية معينة والتعتيم الممنهج على بقية الزوايا التي تشهد على إرهاب محور الشر وتكفيره وأنه أخطر من صنيعته “داعش البنت”بأشواط كبيرة.