كمال ريشا: نكسة ايران في سوريا وفقدان البيئة الحاضنة/هدى الحسيني: إيران ترتدي الدولة وتفوّض الثورة لحزب الله/ربى كبّارة: طاولة فيينا: التفاوض على الأسد وليس معها

327

نكسة ايران في سوريا وفقدان البيئة الحاضنة
كمال ريشا/30 تشرين الأول/15
فقدت إيران قدرتها على المناورة في الميدان السوري بعد ان باشرت روسيا حملاتها الجوية بطلب إيراني سوري حزب الهي، وتاليا أصبحت ورقة النظام السوري ورئيسه قاب قوسين او أدنى من الافلات من القبضة الايرانية لتتموضع في القبضة الروسية.
مصادر ديبلوماسية غربية إعتبرت ان موسكو هي التي تفاوض اليوم على الحل السياسي في سوريا، وأن إستدعاء إيران بطلب اميركي الى فيينا من باب تسجيل الحضور، لان هذا الاستدعاء ترافق مع دعوة كل من لبنان والاردن ومصر وسوها من الدول بحيث إتسعت طاولة حوار فيينا لتشمل 17 دولة من ضمنها إيران، وهذا لا يعطي الحضور الايراني أي ميزة تفاضلية، بل على العكس من ذلك، فإن مشاركتها جاءت على قاعدة إثبات حسن نواياها في الاسهام في حل الازمة السورية، وفي مقدم حسن النوايا هذا سحب اليد الايرانية المباشرة وغير المباشرة بواسطة حزب الله من الساحة السورية، في مقابل الحفاظ على المصالح الايرانية في سوريا؟!.
ومع ذلك تشير المصادر الديبلوماسية الى ان ما يسمى ب “الماصالح الايرانية”، في سوريا، يفتقد الى البيئة الحاضنة التي ستحمي هذه المصالح اولا، خصوصا في ضوء التدخل الروسي، مشيرة الى ان إيران فشلت في تسويق مفهوم حلف الاقليات في الشرق الاوسط، بعد إخفاقها على مدى اربع سنوات في تأمين الاستقرار في سوريا تحت راية نظام البعث، وكان النظام وكل المشروع الايراني قاب قوسين او أدنى من الانهيار قبل ان تباشر القوات الروسية طلعاتها الجوية وغاراتها.
وتضيف المصادر ان الحديث عن مصالح ايرانية في اليمن يجد له صداه وبيئته الحاضنة في جماعة الحوثيين، وفي العراق قربة 60% من الشعب العراقي هم من الطائفة الشيعية، ولا يخفى ان إيران شكلت عامل جذب إيديولوجي ومعنوي واستشعار فائض قوة مادي وعسكري للكثير من هؤلاء، ما يعطيها أرضية تشكيل بيئة حاضنة عراقية تحفظ مصالحها، وفي لبنان من لابديهي القول ان حزب الله يشكل البيئة الحاضنة للمصالح الايرانية، وينبطبق هذا الامر بشكل او بآخر على غزة، مع حركة حماس التي تتأرجح بين المملكة العربية السعودية وإيران وقطر.
أما في سوريا تضيف المصادر فلا بيئة حاضنة لايران ومصالحها، فهي تقاتل مباشرة او بالواسطة اللبنانية في سوريا، الامر الذي لا ينطبق على اليمن والعراق وغزة وحتى البحرين حيث تدعم إيران جماعات محلية ترتبط بها وبمشروعها.
وتشير المصادر الديبلوماسية الى ان العلويين هم البيئة الطبيعية الافتراضية للمصالح الايرانية في سوريا، ولكن هذا الامر دونه عوائق إيديولوجية وسياسية، تتضل بطبيعة الانتماء الديني والطبائع الايرانية في التعاطي معهم على مدى اربع سنوات، فإيران تسعى لتشييع العلويين لحمايتهم وفق منطق حماية الاقليات، كما ان مندوبيها في سوريا يتعاطون معهم بطريقة استعلائية ناجمة عن السلوك الامبريالي الايراني، وتاليا عندما وجد هؤلاء نافذة روسية للتفلت من الهيمنة الايرانية خرجوا الى استظلال الحماية الروسية للعودة من خلالها الى رحاب العالم العربي في اي تسوية مرتقبة تزيح عن كاهل العلويين سيطرة آل الاسد.
وتضيف المصادر، في المقابل فإن السنة في سوريا الذين يشكلون غالبية السكان المطلقة اكثر من 82% من ضمنهم المكون الكردي، في حين تتوزع النسب الباقية بين العلويين 8 % وسائر الاقليات الاخرى من مسيحيين واشوريين وكلدان ودروز واسماعليين وسواهم 10%، وتاليا من أين لايران ان تجد بيئة حاضنة لمصالحها في سوريا، في حين ان المملكة العربية السعودية لها 82% من سكان سوريا كبيئة حاضنة محتملة لاي مشروع تسوية مرتقب في سوريا.
وتقول المصادر لهذه الاسباب لن تجد إيران صوتا سوريا يطالب بضمان مصالحها وستذهب كل استثماراتها السورية هباء، ويبقى السؤال هل ستطالب طهران بتعويضات في لبنان لخسائرها المحتمة في سوريا؟.

إيران «ترتدي» الدولة و«تفوّض» الثورة لحزب الله
هدى الحسيني/الشرق الأوسط/29 تشرين الأول/15
لم تتردد وزارة الدفاع الأميركية ومعها بريت ماكغورك، المبعوث الجديد للرئيس الأميركي باراك أوباما إلى التحالف الدولي لمواجهة تنظيم «داعش»، الذي سيحل مكان الجنرال جون ألن منتصف الشهر المقبل، في كيل الثناء للدور الذي لعبته قوات الحشد الشعبي من أجل استرجاع مدينة بيجي الاستراتيجية في وسط العراق. إحدى تغريدات ماكغورك في 21 من الشهر الحالي جاء فيها: «بقيادة القوات الأميركية تقدمت قوات الأمن العراقية وقوات الحشد الشعبي ضد إرهابيي (داعش)، ونحن فخورون بهذه الشراكة، وهذه الوحدات قامت بأداء بطولي، ونحن نتطلع إلى تعزيز شراكتنا معها في هجمات مقبلة».
بيان وزارة الدفاع الأميركية عكس أيضًا تقديرات مايك فيلانوسكي، الضابط المكلف بمهام القوات المشتركة، واستحسان ماكغورك، لقوات التعبئة الشعبية. ومع إشارة البيان إلى أن القوات الخاصة العراقية قامت بالعمليات الصعبة، فإنه لفت إلى أن فرق التعبئة الشعبية، وهي في الأساس «قوات الأمن الشيعية»، كانت هي الأخرى «تقود عمليات». بعدما قام الجنرال ألن بجولة على العراق ودول أخرى من أجل إنشاء التحالف الدولي لمواجهة «داعش»، وقال: «إن الولايات المتحدة تدعم فقط ما يُسمى بـ(الميليشيات الشيعية المعتدلة) وليس العناصر المتطرفة (…) هذه الميليشيات ليست كيانًا متآلفًا واحدًا، فهناك الميليشيات التي لها علاقات وثيقة مع إيران، وتلك هي العناصر المتطرفة، وليست لدينا أي علاقة معها». للتوضيح، فإن قوات الحشد الشعبي هذه، والتي أطلق عليها البنتاغون الميليشيات الشيعية، والتي شاركت في تحرير بيجي بقيادة القوات الأميركية، يرأس لجنة التعبئة فيها «أبو مهدي المهندس»، وهو قائد سابق في منظمة «بدر» التي أدرجتها الحكومة الأميركية عام 2009 كإحدى المنظمات الإرهابية العالمية، ووصفت الحكومة الأميركية «المهندس»، واسمه الأصلي جمال جعفر محمد، بأنه مستشار لقاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني».
وتشمل الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، والتي لقيت ترحيب المسؤولين الأميركيين: «عصائب أهل الحق» ويتزعمها قيس الخزعلي الذي يُعتقد أنه شارك في قتل 5 أميركيين في كربلاء عام 2007، وكتائب «حزب الله العراقي» وهذه مدرجة من قبل أميركا كمنظمة إرهابية أجنبية، و«حركة النجباء» التي دعت أخيرًا إلى طرد القوات الأميركية من العراق ويتزعمها أكرم عباس الكعبي المصنف أميركيًا كإرهابي، وكتائب «الإمام علي» وزعيمها شبل الزبيدي المقرب من سليماني، وكتائب «سيد الشهداء» التي يقودها مصطفى الشيباني المصنف أميركيًا أيضا كإرهابي، و«فيلق بدر» أكبر الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران في العراق. هذه الميليشيات الشيعية العراقية التي شكلتها وتدعمها إيران تشارك هي نفسها ومجموعات شيعية أخرى من أفغانستان وباكستان في قتال «داعش» و«النصرة»، والمجموعات الأخرى التي تسميها إيران تكفيرية، في سوريا. والمعروف أيضًا أن إيران دولة دينية ثيوقراطية. وكان جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، قال الأسبوع الماضي، إن هناك بداية اتفاق حول سوريا «موحدة وعلمانية». لذلك كان مستغربًا، وما زال، أن الهجوم السياسي والإعلامي ضد الغارات الروسية في سوريا لم يرافقه أي اعتراض على دور إيران ودور الميليشيات الشيعية و«حزب الله» إلى جانب قوات النظام السوري ضد «النصرة» و«داعش» و«الجيش السوري الحر». إذا كنا نعتمد على مفهوم المبدأ، فيبدو أن الولايات المتحدة الأميركية مبدئيًا مع قوات الحشد الشعبي (المدعومة كليًا من إيران) في العراق ومع فروعها التي تقاتل بالمفهوم نفسه في سوريا. وبالتالي فإن موقف الولايات المتحدة من روسيا موقف مبدئي، فهي ضد روسيا بشكل تفصيلي وعام حتى لو جمعتهما في بعض الغارات أهداف واحدة وهي تدمير مقرات «داعش».
من جهتها، تحسد إيران على سعادتها. فهي تتلقى الثناء والشكر على دورها في العراق رغم أنها جزء كبير ممن سببوا المشاكل فيه. وتلقى التغاضي عن دورها في سوريا مع العلم بأنها تتحمل جزءًا أساسيًا من مسؤولية هجوم النظام على متظاهري درعا عام 2011. هناك من يبرر بأنه ليس أمام الولايات المتحدة سوى قبول دور الميليشيات الشيعية في العراق، فالعدو المشترك «داعش». أما بالنسبة إلى سوريا، فيقولون إن الولايات المتحدة صارت مقتنعة ببقاء بشار الأسد في الحكم لمدة عام ونصف العام، فهو «علماني». إذا كان الأمر كذلك فلماذا إذن تم التخلص من صدام حسين (العلماني في العراق) ومن معمر القذافي (العلماني في ليبيا)، خصوصا أن الدول الثلاث تعيش الآن المصير نفسه؟! حافظ الأسد احتل لبنان وتدخل في القضية الفلسطينية. وورثه ابنه بشار على رأس الاحتلال والتدخل. صدام حسين غزا الكويت، القذافي غزا تشاد وتدخل في مصر. ما الفرق إذن بين الثلاثة؟
الجواب: إيران والاتفاق النووي وما سيليه. فالتركيز الإيراني بعد الاتفاق، وبعد رفع الحصار الدولي، سيكون بالأساس على حزب الله في لبنان، وبالتالي فإن دوره في المقاومة والثورة سيشتد. فإيران بصدد خلع بزة الثورة صوريًا تحضيرًا لرفع العقوبات واستقبال الاستثمارات الخارجية الغربية. يأمر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بتطبيق الاتفاق النووي، ويهاجم الولايات المتحدة وكأنها ليست الأساس في هذا الاتفاق وليست جزءًا من الغرب. ويقوم السياسيون الأميركيون بزيارة الدول العربية لإقناعها بدولة إيرانية مختلفة ستطل العام المقبل. لكن إيران الحقيقية ستحتفظ بـ«نيران» ثورتها في لبنان. لا تخاف إيران أن يهتف جمهور حزب الله «لبيك نصر الله»، فعبادة الشخص هذه مسموح بها ما دام المجال أمام استمرار ثورتها عبر تصريحات نارية يطلقها أمين عام الحزب مفتوحًا إلى آخر مدى. لم يتردد حسن نصر الله، يوم السبت الماضي، عن القول وكأنه يهدد: «نحن حزب ولاية الفقيه». ثورة إيران التي تم تفويضها إلى حزب الله، وبالذات إلى نصر الله، تستدعي منه أن يصل إلى سوريا والعراق واليمن، وإلى تهديد دول الخليج وعلى رأسها السعودية، كما تستدعي منه الدفاع عن فنزويلا (!).. الثورة التي تطلبها إيران ثورة «انفلاشية» يغطي تأثيرها دولاً عربية عدة فتؤدي إلى هدمها بالحرب، أو تركيز الجهود العربية لمكافحة المد الإيراني، أو ثورة كما الحال في لبنان، أعادته 100 عام إلى الوراء. انتشرت فيه رجعية وتخلف لا مثيل لهما. انتشرت فيه تجمعات ذات كثافة سكانية من فئة واحدة، يجب أن يبقى أبناؤها جاهزين متى ما تم استدعاؤهم. الفراغ الرئاسي فرّغ لبنان من القرار. ألغى حزب الله رئاسة الجمهورية في لبنان، وألغى الأمين العام للحزب في خطابه الأخير، صباح السبت الماضي، دور مجلس الوزراء عندما دعا فقط إلى تعزيز طاولة الحوار التي يرعاها ويرأسها نبيه بري رئيس مجلس النواب ورئيس حركة «أمل»، ليصبح لبنان بين مطرقة حزب الله وسندان «أمل». إن لبنان يُسحب من تحت اللبنانيين وأمام ناظريهم، كل ذلك لأن إيران ستتحول ضمن حدودها إلى دولة فيما تبقى ثورتها مشتعلة في لبنان. لكن، قد يكون حزب الله بدأ يلاحظ أنه حتى الذين اعتقد أنهم مسرورون في ربوعه صاروا يفكرون بالهجرة إلى الغرب، حيث لحقت الفاجعة البحرية بعائلة صفوان، أما الناجيان الاثنان فقالا من الضاحية: «هربنا كي يتلقى أطفالنا العلم والثقافة.. فأي مستقبل لنا ولهم هنا؟».
هذا الكلام يعبر عن مشاعر الكثيرين من الشيعة اللبنانيين الذين سئموا خط المقاومة، ودور المقاومة، وطلب المقاومة لأرواح أبنائهم. هؤلاء لبنانيون يرفضون ارتداء الثوب الشيعي الإيراني. لا يريدون تغيير عاداتهم أو تقاليدهم اللبنانية. الجيل الذي صعد مع حزب الله لن يكون له مفعوله على الأجيال اللاحقة.
قال أمين عام حزب الله، يوم السبت الماضي: «إن إسرائيل هي أداة تنفيذية خدمة للهيمنة الأميركية على منطقتنا»، للأسف هذا ينطبق أيضًا على حزب الله في لبنان لإبقاء الهيمنة الإيرانية على المنطقة. لكن هناك نتيجة إيجابية واحدة أنتجها «الربيع العربي»، إذ لم يعد بإمكان حزب، حتى لو ملأ «الساحات والميادين»، إخافة شعب أو التحكم به أو بطائفة بأكملها. لا يمكن العودة إلى الوراء. لجوء عائلة صفوان القادرة ماديًا إلى الهجرة غير الشرعية أكبر دليل على ذلك، ومشاركة شيعة كل المناطق اللبنانية، لا سيما تلك التي تعتبر معاقل للحزب ولحركة «أمل»، بالحراك الشعبي دليل آخر للتطلع إلى مستقبل يختلف عن ذلك الذي يعده به الحزب والحركة.

طاولة فيينا: التفاوض على الأسد وليس معه
ربى كبّارة/المستقبل/29 تشرين الأول/15
للمرة الأولى ستشارك إيران، الحليف المزمن لنظام بشار الأسد، يوم الجمعة المقبل في طاولة مفاوضات دولية تسعى الى رسم مستقبل سوريا. وقد تشكل هذه المشاركة أول نجاح للديبلوماسية الروسية وتأتي في أعقاب عجزها بعد نحو شهر من القصف الجوي المكثف للمعارضين «إرهابيين» و»معتدلين» عن تحقيق تغير نوعي في ميزان القوى الميداني. فرغم الجهود الروسية السابقة استبعدت إيران منذ عام 2012 عن مؤتمر «جنيف-1». ورغم دعوة أولية الى مؤتمر «جنيف-2» عام 2014، عاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون واستبعدها بسبب تصلب المشاركين المناهضين للأسد في رفض حضورها باعتبارها «جزءاً من المشكلة ولا يمكن أن تكون جزءاً من الحل». فروسيا وبعد تورطها العسكري المباشر في سوريا، باتت وفق متابع لبناني مخضرم، محشورة بين مطرقة القصف الجوي وسندان الديبلوماسية. وتظهر وتيرة اجتماعات فيينا، التي تعقد غداً الجمعة ثاني اجتماعاتها، مدى الاستعجال الروسي للتوصل الى حل سياسي خشية الاستغراق في العمل العسكري بدون نتائج عملية إضافة الى أن نجاحها منفردة، وهو المستبعد، يضعها أمام معضلة تمويل إعادة الإعمار وهي التي ترزح تحت وطاة عقوبات دفعت باقتصادها الى أدنى مستوياته. وفي المقابل لا تبدو الأطراف الأخرى، غربية كانت أو عربية، على الدرجة نفسها من الاستعجال فهي لا تخسر شيئاً إن نجحت روسيا في تركيب حل سياسي بل وتستفيد، وإذا لم تنجح فهي ستغرق حتماً في الوحول السورية بما يفتح الباب على تجربة تشبه تجربة دعمها لنجيب الله في أفغانستان والتي مهدت الطريق لانهيار الاتحاد السوفياتي. أما الغائب الأكبر عن اجتماعات فيينا فهو النظام السوري، الذي سبق لممثليه أن شاركوا سواء في اجتماعات جنيف أو موسكو، لأن التفاوض سيكون على بشار الأسد عبر الأوصياء عليه. ويستنتج مراقب لبناني مقيم في الخارج، أمضى بضعة أيام متنقلاً بين الحدود التركية والحدود الأردنية مع سوريا حيث تتمركز الفصائل المعارضة وحيث للأميركيين قواعد مراقبة، أن الروس رغم كثافة حركتهم العسكرية والديبلوماسية لم يحققوا على الأرض تقدماً ملموساً يسمح لهم بتثمين مبادرتهم. فمن الواضح أن قصف المقاتلات الروسية عشوائي وتنقصه معلومات عن مواقع المستهدفين. وقد سبق لها أن طلبت من الأميركيين تزويدها بإحداثياتهم، لكنهم تلكأوا. فالولايات المتحدة تراقب الوضع ولا تعطي معلومات عن المواقع وتتعامل بحذر بانتظار أن يبلور الروسي مفهومه للحل السياسي ولمصير الأسد والتركيبة البديلة. وينقل المصدر عن مراقبين التقاهم أن نجاح روسيا يستلزم إنزالها ما بين 20 و30 ألف جندي على الأرض السورية وهو ما لا تريده، لكن القصف الجوي مهما طال لن يكون كافياً بالاستناد الى فشل غارات التحالف الدولي الذي تقوده أميركا. ويلفت المتابع اللبناني المخضرم الى أن درجة الاستعجال الروسي تتبدى في وتيرة اجتماعات فيينا وفي كثافة الاتصالات التي يجريها فلاديمير بوتين بالقادة العرب للتوصل الى مخرج سياسي. ويُضاف الى ذلك تغير الموقف الروسي من المعارضة المعتدلة وفي مقدمها الجيش السوري الحر. فمن وصف وزير خارجيتها سيرغي لافروف مع بداية العمليات العسكرية هذا المكون أنه «وهمي» الى عرضها أخيراً تغطية قتاله لـ«داعش» بضربات جوية وهو ما ترفضه حتى الآن المعارضة في مؤشر إضافي على عدم استعجال الغرب والعرب. ويلفت المصدر الى أن المتضررين فعلياً من المبادرة الروسية هما إيران وتركيا. إيران التي تعوض عن تدهور أهمية دورها بالترويج زوراً أنها هي من تقف وراء الروس، وتركيا لأن ما يجري يقلل من أهمية تلويحها بدعم متزايد للمعارضة وبتكثيف موجات اللجوء الى أوروبا كأوراق ضغط لنيل منطقة آمنة تقيها شر نجاح الأكراد في إقامة شريط حدودي على تخومها.