عمـاد مـوسـى: بين المطرانين خضر ومظلوم

351

بين المطرانين خضر ومظلوم
عمـاد مـوسـى/لبنان الآن/22 تشرين الأول/15
لمتروبوليت جبل لبنان لطائفة الروم الأرثوذكس المطران جورج متري خضر (91 عاماً) مقارباته الذاتية وأفكاره المشبعة بثقافة لاهوتية وفلسفية وحقوقية وأدبية ولغوية قلّ نظيرها عند سواه. مكتبتُه في دار المطرانية في برمانا. دراساته العليا باللغتين الفرنسية والعربية. عظاته. كتاباته. تاريخه. جدالاته. جرأة مقارباته الوطنية تجعل منه علامة مضيئة في تاريخ الكنيسة المشرقية.
وللنائب البطريركي العام (في بكركي) المطران سمير مظلوم (الذي يصغُر المطران خضر بعشرة أعوام) طروحاته ومواقفه ومهامه التي تمثّل بمعظمها إنفتاحاً على خط الممانعة الشيعي – الماروني، وسيادتُه عامل دؤوب على هذا الخط.
وعلى الرغم من حذر المطران خضر من منزلقات السياسة اللبنانية فقد عرّج في حديث صحافي (أقرب إلى دردشة) على أزمة رئاسة الجمهورية والمخاطر التي تهدد المسيحيين بقوله “إن المخاطر التي تتهدد المسيحيين في الشرق تتهدد كل سكان هذه المنطقة من دون استثناء. وأما أزمة الرئاسة في لبنان، فمَن قال برئيس ماروني؟ المهم أن يكون لبنانيا وينظر الى الفقير في هذا البلد”.
في المبدأ لا مانع. في العام 1932 ترشح الشيخ محمد الجسر في عزّ الصراع بين إميل إده وبشارة الخوري.
في العام 1970 ترشّح رئيس حزب النجادة عدنان حكيم مقدماً نفسه – كما النائب هنري حلو اليوم – مرشحاً وسطياً قادراً على كسر الإصطفاف الحاد حول الشهابي الياس سركيس ومرشح الحلف الثلاثي سليمان فرنجيه.
وقبل الإستقلال تبوّأ سدة الرئاسة أرثوذكسيان وبروتستانتي. ويقيني أن المطران خضر كان يفكّر برئيس جمهورية أرثوذكسي يملأ الفراغ وإلا لسأل  في معرض العارف “من قال برئيس مسيحي؟”.
أخذت “عبارة” خضر مساحةً على مواقع التواصل الإجتماعي، فشنّ الجمهور الماروني الساخط حملةً شعواء على مًن مسّ المقدّسات المارونية في هذا الظرف العصيب، حيث “التعصيب” يتملّك عقل التافه والنجيب. صلّى العقلاء أن تبرُد حمى الردود على سيادة المطران المتألِّق النضر نحّات اللغة. فبردت إلى أن أشعلها المطران مظلوم بحديثٍ إذاعي  شامل أشار في أحد محاوره إلى أن “موقع رئاسة الجمهورية تفصيل، والخوف على خسارة الرئاسة بقدر الخوف على خسارة لبنان ككل، والخوف على خسارة دور المسيحيين في الشرق”. وفي ردّ على خضر قال مظلوم: “إننا مستعدون أن نضحّي بالرئاسة شرط أن تُحلّ الأمور التأسيسية الأساسية الاخرى، المتعلقة بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية كافة”.
بدلاً من أن يكحّلها عماها. وبدلاً من إطفاء جمر “قبّولة” خضر نفخ فيها. وبدلاً من تلطيف الفكرة ذهب إلى التسرّع بموقفٍ لم يسبقه إليه ماروني. والمظلوم الذي كان يتولّى في العادة إصلاح “زلاّت” البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بات اليوم هو نفسه بحاجة إلى “مفسّر” الأقوال في تبدّل الأحوال.
يضحّي مظلوم بأعزّ ما يملكه الماروني (كرسي الرئاسة بالطبع) مقابل “أمور تأسيسية أساسية أخرى”. من يعرف بالتفصيل ماهية “الأمور التأسيسية الأخرى” يربح بطاقة سفر إلى أثينا مع إقامة 4 أيام في فندق 4 نجوم ونصف..