عبدو شامي: ذكرى الحَسن الثالثة.. ستاند آب كوميدي مع المشنوق وحماده

566

ذكرى الحَسن الثالثة.. ستاند آب كوميدي مع المشنوق وحماده!
عبدو شامي

فيما العالم منشغل بالحرب العالمية الثالثة على الشعب السوري مع تلزيم آلة القتل الروسية مهمة القضاء على المعارضة المعتدلة واستغلال داعش الفرصة لقضم مناطق جديدة محرّرة من أيدي المعارضة… لم يجد “تيار المستقبل” لتسلية اللبنانيين أنسَب من عرضه مسرحية من نوع “stand-up comedy ” كان من المؤسف حقًا أن يتم عرضها في الذكرى الثالثة لاستشهاد اللواء وسام الحسن الأمر الذي جرّد الذكرى من هيبتها نظرًا لما حوَته كلمتَي “نهاد المشنوق” و”مروان حماده” من مضامين مثيرة للضحك الى حد القهقهة ومن الاستخفاف بالعقول الى حد الاستهزاء!

كلمة النائب “مروان حماده” بدأت رصينة منسوجة بإحكام سمَّت الأشياء بأسمائها وضعت الأصبع على الجرح وأشارت الى المجرم الإرهابي بصراحة، غير أن “حماده” زلَّ في سؤال و”نزَعَها” في الخاتمة: زلَّ عندما سأل: “إذا كانت الأرواح بيد الله فمن فوّض حزب الله حق إزهاقها”؟ الإجابة بالنسبة إلينا بديهية وتكمن في السؤال نفسه، فمَن فوّض الحزب إزهاق الأرواح هو مروان حماده نفسه الذي ارتضى لنفسه أن يسمّيه “حزب الله”! فمن حيث المبدأ حزب الله ينفذ أمر الله كما تنفذ القوى الأمنية أمر قيادتها وتطبق القانون، وبالتالي بات سؤال “حماده” غاية في السُّخف والخِفّة وكان باستطاعته تحويله الى سؤال استنكاري مفيد بمجرّد أن يسمّي الحزب وينعته بما يستحق، فحزب قاتل مجرم لا يليق به وممنوع عليه أن ينتسب الى الله تعالى بل الى الشيطان والأبالسة والإرهابيين.

نهاية كلمة حماده لم تكن موفّقة، فقد انتهك حرمة الذكرى مطلِقًا نكتة من العيار الثقيل حيث وجّه رسالة الى الرئيس الحريري قائلاً: “عُد الى لبنان، انت الحبيب وانت القائد، بل انت الثورة قبل الثروة.(…) عُد لنقنع الخصم بأن مغامراته الحربية انتهت ومسيرته لا بد من أن تعود سلمية… إن عدت نختار رئيساً ونحيي حكومة وننتخب مجلساً وتعود الثقة الى شعب لبنان والعالم بمستقبل لبنان”. كلام ارتجالي عجيب أفقد كلمة “حماده” الكثير من قيمتها، فبعد أن أشبَعنا ساسة 14آذار ومنهم حماده نفسه محاضرات في أن الحزب الإرهابي وأداته ميشال عون هما مَن يعطلان البلد، إذ بحماده ينسف هذه النظرية (الصحيحة) بنظرية مجاملة ومداهنة و”نفخ” يصل الى حد النفاق الخالص مفادها أن “الحريري” هو الثورة فيما سياسته الانبطاحية وتنازلاته المخزية هي التي اغتالت الثورة، وأن الحريري هو مفتاح الحل (سوبرمان) وبعودته يننتهي التعطيل وتعود الديمقراطية بل ويمكن لعودته أن تقنع الحزب بالكف عن إرهابه والتخلي عن دوره في تنفيذ المشروع الفارسي!!

بطلنا الثاني على مسرح الـ”ستاند آب كوميدي” كان الوزير القبضاي “نهاد المشنوق”، وكما أن بعض الممثلين الكوميديين بمجرد ظهورهم على خشبة المسرح يبدأ الجمهور بالضحك والابتسام لاشعوريًا، كذلك الحال مع قبضاينا، فمجرّد أن يكون الوزير الذي أجلس قاتل “وسام الحسن” في اجتماع أمني رسمي مكان وسام الحسن خطيبًا ومحاضرًا في ذكرى وسام الحسن دون خجل ولا وجل لهو أقصى أقصى درجات سخرية الحال الداعية الى الضحك والقرف في آن، والمثل الشهير أوضح من أن يقال. فكاهة المَظهَر أكمَلها المشنوق بفكاهة المَخبَر فاستعاد مضمون خطابه الذي ألقاه العام الماضي في الذكرى نفسها، وعلى قاعدة “نفِّذ ثم اعترِض” تذمّر وتأفف مجددًا من استمرار لعبه وتياره الأزرق دور الصحوات لكن زاد عليه هذه المرة “شرَف” شهادة الزور فإذ ذكّرنا دون خجل وهو وزير الداخلية بأن الخطة الأمنية في البقاع “لا تزال حبراً على ورق”، أعلن ان بقاء الوضع على ما هو عليه “هو الخطوة الاولى نحو الاستقالة من الحكومة والخروج من الحوار الذي أردناه صونًا لسلم أهلي فإذا بنا نتحول الى شهود زور على حساب مسؤولياتنا الوطنية”.

المشنوق أطلق مغالطة عجيبة ولسنا ندري أكان يقصد من خلالها الاستخفاف بعقل الجنرال عون أم بعقولنا نحن، فقد حاول نسف نظرية “الرئيس القوي” (التي يسوِّق بها عون أحلامه بالرئاسة) فزعم أن حجة كون “بقية الطوائف تختار الاقوى فيها هو محض اختلاق وافتراء، فلو أن الأقوى في طائفته هو من يتبوّأ المنصب الموكل للطائفة لما كان الرئيسان سلام وبري في موقعيهما”. وليسمح لنا المشنوق فكلامه هو الاختلاق والافتراء بعينه، فلولا موافقة الحريري وهو الأقوى نظريًا في طائفته لما كان سلام رئيس حكومة، ولولا أمر الحزب الإرهابي وهو الأقوى ترهيبًا في طائفته لما كان بري رئيس مجلس نواب، كلاهما معيّن من الأقوى وينوب عن الأقوى.

أما نكتة المشنوق المدوية التي بالتأكيد “طأطأت” معها خواصر الجمهور من كثرة الضحك فهي إشادته “بالقيمة الوطنية التي تمثلها عروبة الرئيس بري”!! صدَق المشنوق هي حقًا عروبة لكنها مترجمة الى اللغة الفارسية ولا تستطيع الحَيد عن مشروعها قيد أنملة.