علي الحسيني: عندما يصبح حزب الله عرّاب الاتفاق الإسرائيلي ـ الروسي/رضوان السيد: حزب الله وضمان المقتول للقاتل/نديم قطيش: صاحب الحاجة.. خامنئي

319

عندما يصبح «حزب الله» «عرّاب» الاتفاق الإسرائيلي ـ الروسي
علي الحسيني/المستقبل/02 تشرين الأول/15
يبدو أنه من الصعب على «حزب الله» تقبل واقعه الجديد والذي أصبح فيه أسيراً لارتباطات ومشاريع خارجية معروفة الوجهة بشكل مكشوف وفاضح وأداة تُحركها المصالح، على عكس سنوات خلت حاول خلالها التلطي خلف شعارات وعناوين مرحلية استغلها إلى أقصى حد لإظهار نفسه على صورة منقذ العالم «المستضعف»، من وراء قناع «المقاومة» التي أضاعها هي الأخرى بين طاولات البازارات السياسية والمكاسب التي تخدم مشاريعه الديموغرافية التوسعية. من غرفة عمليات لمقاومة إسرائيل إلى منصّة لاستهداف الوطن، هكذا حوّل «حزب الله» حارة حريك، والتي أصبحت تنطلق منها هجمات كتلة «الوفاء للمقاومة» بشكل أسبوعي ضد أفرقاء سياسيين في الوطن لذنب ارتكبوه وهو أنهم رفعوا شعار «لبنان أولاً» لا بشار الأسد ولا إيران ولا «طريق القدس تمر من الزبداني»، أي على جثث أطفال سوريا. وآخر «شطحات» الحزب تماهيه مع الموقف الأميركي – الروسي – الإسرائيلي – الإيراني الداعي إلى مكافحة الإرهاب وإعلانه الدعم العسكري البرّي للقوات الروسية في مناطق محددة في سوريا وكأنه بذلك يُمهّد الأرضية للاتفاق الروسي – الإسرائيلي الأخير القاضي بإنشاء حلف وتفاهم حول الطريقة الجديدة التي ستُخاض فيها الحرب هناك.
أمس اتهم «حزب الله» تيار «المستقبل« بـ»الارتهان لجهات خارجية وتحديداً السعودية وتحوله الى وكيل علني لارتكابات المملكة وأخطائها». لكن في الواقع اللبناني على وجه الخصوص، أين هو الخطأ في وقوف ليس فريقاً سياسياً محدداً بل كل اللبنانيين مع بلد شقيق له في كل بقعة جغرافية لبنانية وبيت لبناني بصمات خير وعطاء من دون مقابل وهي التي أخرجت لبنان من حالة الحرب إلى السلم، واليوم يُريد الحزب أن يُعيد عقارب الساعة إلى مرحلة الاقتتال ليبرّر تدخله في سوريا. أليس من واجب كل لبنان أن يقف إلى جانب دولة شقيقة وجارة تدعو العالم كله للوقوف معها في محاربة جماعات إرهابية تعتدي على حدودها وأمنها، وهي التي تدعو على الدوام إلى كلمة سواء بين شعب واحد للخروج باتفاق ورؤية واحدة ينتج عنهما انتخاب رئيس يُخرج لبنان من دوامته وأزماته وحالة الانشقاق السياسي والمذهبي التي يعيشها؟.
المشكلة في «حزب الله» أنه يُمارس ما يتهم به الآخرين في بياناته ومُمارساته الفعلية. يُقاتل في أرض حمته وحمت مقاومته وجمهوره يوم انقلب هو على قرارات الشرعية في بلده واستفرد بقراري الحرب والسلم، ويقتل فيها شعب فتح له ذات تموز بيوته لعائلات قياداته العسكرية والسياسية. واليوم يؤكد الحزب من خلال انجراره مجدداً على طريق نحر الشعب السوري أن مواقفه ضد إسرائيل طيلة الأعوام السابقة كانت تخضع لتسويات سياسية لم يكن فيها سوى متلقٍ للأوامر ومنفذ لها، وأن مشروعه «المقاوم» الذي كلّف لبنان واللبنانيين الدمار والخراب وآلاف الشهداء والجرحى، يُمكن أن يُصبح من الماضي بمجرّد وعود مستقبلية تتيح له توسيع نطاقه الديموغرافي ولو على حساب ما تبقّى من سيادة سورية.
غريب هو أمر «حزب الله» وعجيبة هي أوامره. لم يعد يُسمع عنه اختراقه أمن إسرئيل ولا دخوله في حرب استخباراتية معها. يصب كل اهتماماته على قلب أنظمة عربية وتحريض شعوبها. يجعل من السعودية هدفاً سياسياً وتحريضياً دائماً خدمة للإيراني. يدعو إلى انقلاب في البحرين ويُساعد الإرهاب في اليمن ويمهد لقلب النظام في الكويت ويستغل القضية الفلسطينية أسوأ استغلال ويعمل على تدمير سوريا وتشريد شعبها، ومقابل هذا تنعم إسرائيل، عدوته المفترضة، بالأمن والأمان حتى أصبحت النقطة الحدودية بينه وبينها توصف بالمكان الأكثر هدوءاً مقارنة مع ما يحصل في المنطقة، ومع هذا يُقيم الدنيا ولا يُقعدها بعد كل عملية كشف عن عميل في صفوفه.
واليوم يُدرك «حزب الله» أن مساراً جديداً في سوريا بدأت عناوين تسويته تلوح في الأفق وذلك على قاعدة تقسيم مناطق وبلدات سورية بين الدول التي انضوت مؤخراً تحت شعار ضرب الإرهاب وهو الذي استعجل للانتهاء من ملف «الزبداني» سياسيّاً بعدما عجز عن حله عسكريّاً، ضمن مخطط على قاعدة التقسيم المذهبي وهو ما أعلن عنه السيد حسن نصرالله بنفسه مؤخراً في معرض كلامه حول عملية التبادل السكاني بين «الزبداني» و»كفرية» و»الفوعة» ولكن بطريقة غلّفها بعبارة «من يريد من المدنيين».
سيخوض «حزب الله» معارك بريّة إلى جانب القوّات الروسية في سوريا كميليشيا مسلحة شاركت في عمليات قتل الشعب السوري وتهجيره وتدمير بلده وتجزئة أراضيه واقتطاع قسم منها لصالحه تماماً كما حصل في «القصير» التي تحوّلت إلى «إمارة» خاصّة بعوائل قادته، وهذا الأمر سيجعله شريك الإسرائيلي سواء في السر أو العلن، وسيعلم عاجلاً أم آجلاً، أن مقاومته في لبنان أصبحت لزوم ما لا يلزم وبالتالي وجب عليه البحث عن «أرض الميعاد» ليبني عليها دويلته الموعودة بغض طرف إسرائيلي على غرار سنوات حكم آل الأسد من عهد الأب إلى الابن وضمن المهمة ذاتها وهي تأمين أمن وسلامة الجولان والقنيطرة.

 

حزب الله وضمان المقتول للقاتل!
رضوان السيد/الشرق الأوسط/02 تشرين الأول/15
جوهر الحديث الأخير للأمين العام لحزب الله أنه يريد «ضمانة» للسماح للبنانيين بانتخاب رئيسٍ للجمهورية. وضمانته: انتخاب الجنرال ميشال عون لرئاسة الجمهورية اللبنانية، التي يكاد يمضي عامٌ ونصفٌ وهي دون رئيس. أما لماذا هذه الضرورة للضمانة؟ فلكي لا يخرج الرئيس العتيد على نهج الممانعة، أو ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة! وإذا عرفنا أنّ الأمين العام لحزب الله يمتلك تنظيمًا مسلَّحًا يشنُّ الحروب في لبنان وسوريا والعراق.. واليمن، وأماكن أخرى نعرف بعضها ولا نعرف البعض الآخر، يصبح الأمر مثيرًا للعجب والسخرية والمفارقة الصارخة؛ إذ من الذي يحتاج إلى «ضمانة» في هذه الحالة: الطرف القوي بل الأقوى الذي يقرر ما يريد بالقوة، أم خصومه الذين لا يملكون من الأمر شيئًا؟ فمنذ عام 2005 يتساقط خصوم السيد حسن نصر الله صرعى في لبنان من سياسيين ومثقفين ورجالات جيشٍ وأمن، وإلى حدّ أننا لم نعد نعرف السبب أو «الذنب» الحقيقي لهذا المقتول أو ذاك، إلاّ بالطبع: اعتبار الأمين العام، وحليف الرئيس الأسد أنّ هؤلاء خصوم يستحقون التصفية. وبعد عام 2013 امتدت سطوته إلى سوريا والشعب السوري، هو لا يزال يخوض الحرب هناك على السوريين بالقتل والتهجير. وقد قال في حديثه الأخير إنه ليس نادمًا على خوض الحرب على السوريين، بل هو نادمٌ على أنه لم يخضها قبل ذلك، أي منذ عام 2011! فإذا كان المشهد اللبناني على هذا النحو منذ عام 2005، والمشهد السوري على هذا النحو منذ ثلاث أو أربع سنوات، وكان هذا دور حزب الله وإيران في المشهدين وغيرهما، فمن الذي يحتاج إلى ضمانٍ وضمانة: حزب الله أم اللبنانيون الآخرون غير المسلحين، والذين لا يريدون شيئًا غير استمرار الدولة، وانتخاب رئيسٍ لها في المجلس النيابي؟! إن لم تمضوا أيها الساعون للسوء والغدر لانتخاب عون أو من يوافق الأمين العام على «مواصفاته» – هكذا قال – فلا رئيس، بل وهناك «خيارات» أخرى يمكنكم توقعها: انتخاب الرئيس (عون بالطبع!) من الشعب مباشرةً، أو إجراء انتخابات نيابية بناءً على قانونٍ للانتخاب يضمن حصول الحزب وأنصار عون على أكثريةٍ فيها (سبق لهما أنْ خسرا الانتخابات مرتين في عامي 2005 و2009)، وإن لم يعجبكم هذا أو ذاك أو ذلك، فعندكم «خيار» المجلس التأسيسي أي إعادة تأسيس الجمهورية بالشكل الذي يضمن سيطرة جماعة نصر الله على الجمهورية التعيسة إلى الأبد! ولماذا هذا كلّه؟ لأن نصر الله يمتلك السلاح، وخصومه لا يمتلكون السلاح!
لقد كان من «فضائل» العسكريين العرب اجتراح نهج الانقلابات العسكرية. وهو نهجٌ حوَّل الدول الوطنية الناشئة إلى ثكناتٍ وشموليات. وبسبب فشل تلك الأنظمة على طول مدتها، ظهرت في ثناياها البدائل الميليشياوية: الفلسطينية أولاً ثم الإيرانية الطائفية ثانيًا. كان الفلسطينيون يقولون في الأردن ولبنان إنهم يريدون الانطلاق من الجوار لتحرير فلسطين. إنما لكي يأمنوا وتكون حركتهم التحريرية حرة، فلا بد أن يسيطروا على النظام في البلد الذي ينطلقون منه. ولأنهم فشلوا في التحرير، فإنّ إسرائيل هي التي احتلت أجزاء من دول جوار فلسطين. وهكذا حلّت الميليشيات المتأيرنة والأخرى المتأسلمة محلَّ الميليشيات الفلسطينية، وفي لبنان أولاً، ثم صارت هي البديل لأنظمة الدول في كل مكان. فحتى في دولةٍ ذات أكثرية شعبية شيعية مثل العراق، انتهى الأمر بدولة ولاية الفقيه إلى تفضيل «الحشد الشعبي» على إدارة الدولة التي سيطرت هي على نظامها بمساعدة الأميركيين! ولا يقتصر الأمر اليوم بالطبع على لبنان والعراق، بل هناك الميليشيا العلوية التي يرعاها بشار الأسد والإيرانيون في سوريا، والميليشيا الحوثية باليمن، والتنظيمات الشيعية السرية بالبحرين والكويت، والميليشيات الموالية بقطاع غزة. إنه نمطٌ جديدٌ عمله الوحيد تحت اسم المقاومة أو الممانعة: تفكيك المجتمعات، وتخريب الدول والبلدان. ولأنه صار نمطًا (ميليشيا طائفية)، فحتى في الدول التي لا شيعة فيها مثل ليبيا انتشرت الميليشيات. كما أن الميليشيات الإيرانية والمتأيرنة أنتجت مضاداتها وإنما على مثالها، مثل «داعش» و«النصرة»، التي تحمل أيضًا شعارات وعناوين المقاومة، المقاومة لمن؟ ما عاد أحد يفكر بالطبع بإسرائيل. فميليشيات إيران تقاوم التكفيريين والإرهاب. وميليشيات التطرف السني تفعل الأفاعيل. وحتى عندما اكتشف الرئيس الروسي بوتين، أنه هو بدوره يريد مقاومة الإرهاب إلى جانب الرئيس الأسد، ما تردد في إعطاء «ضمانات» لإسرائيل بأنّ ذلك لمصلحتها. وقد يتوسط الرئيس الروسي بوتين لإدخال نتنياهو في الحلف الذي صاغه ضد الإرهاب والمكوَّن من إيران والميليشيات العراقية وميليشيات بشار الأسد بقيادة روسيا. ولا ندري فربما وجد الرئيس أوباما نفسه في هذا التحالف أيضًا، ما دام همّه الأوحد مكافحة «داعش»!
قبل عامين ونيف، وتحت وطأة الضغوط المباشرة لعودة الاغتيالات، وتدخل الحزب في سوريا، ظهر في صفوفنا عددٌ من الشبان الانتحاريين الذين أرادوا الانتقام للاغتيالات وقتل السوريين وتفجير المساجد في طرابلس. وكانت تلك المرة الأولى، لأن الانتحاريين السابقين كانوا من الشبان السوريين أو الفلسطينيين، وهي المرة الأولى كما قلت، التي خرج فيها هؤلاء من صفوفنا بطرابلس والبقاع وصيدا، ومضوا باتجاه مناطق الحزب وتجمعاته والسفارة الإيرانية. يومها جزعنا نحن أكثر من جزع الحزب، واعتبرنا ذلك مصيبة، وانصرفنا إلى صفوفنا وشباننا قصد مصارعة هذه الظاهرة المفزعة، وظواهر مثل أحمد الأسير. ذلك أنه إذا انتشرت ثقافة الموت المتعمد ضد المدنيين من أجل الانتقام، فإنّ المجتمعات تتفكك وتنتهي، ووقتها بالذات كان الأمين العام للحزب يطوف على كوادر حزبه وخلاياه وحوزاته، ويُلقي المحاضرات عن ضرورات التحشد والهجوم للدفاع عن المذهب ضد «التكفيريين» الذين سيغزون النجف وكربلاء وقم، إن لم تجر المبادرة لدفعهم بالقوة عن مزارات آل البيت ومقاماتهم: وأين كانت المزارات ووجوه الأخطار؟ في القُصير والقلمون وحلب، التي ليس فيها مزارٌ واحد لآل البيت. ولكي لا يبقى لدى أحدنا وهمٌ أو تردد، ها نحن بعد سنتين ونيف، نجد الحزب والإيرانيين، وقد قتلوا في سوريا ما لا يقل عن عشرين ألفًا، يعمدون بعد تهجير الأحياء من القصير والزبداني، يحاولون أن يُحلُّوا محلَّهم شيعة من قريتي كفريا والفوعة الشيعيتين بإدلب، مثلما فعل الصهاينة ويفعلون في فلسطين فيما بين القتل والتهجير والاستيطان! كلهم، ومن الأمين العام للحزب وإلى خامنئي وبوتين ونتنياهو يريدون منا نحن العرب المقتولين؛ سوريين ولبنانيين وفلسطينيين ويمنيين، ضمانات من طريق الخضوع للأسد وعون والمستوطنين والحوثي لاستدامة السيطرة، فيا للعرب!

صاحب الحاجة.. خامنئي
نديم قطيش/الشرق الأوسط/02 تشرين الأول/15
لم تصمد كثيرًا الحملة المغرضة التي تصدرها المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي ضد السعودية على خلفية مأساة مشعر منى ووفاة مئات حجاج بيت الله الحرام. منذ اللحظة الأولى بدت شهية المرشد، وجاراه في ذلك الرئيس الإيراني حسن روحاني، عالية للاستثمار في حادثة مروعة، لدرجة يكاد يُعتقد معها أن ثمة من أمر بإعدام ضحايا الحادثة! وسرعان ما انتشرت في وسائل إعلامية ومنشورات ومواقع إلكترونية تابعة لإيران حزمة شائعات وضعت الحادثة في سياقات تلقي بالمسؤولية على السعودية ومسؤولين فيها، وتظهر هؤلاء بمظهر التكبر والتجبر الذي يخالف كل ما درجت عليه تقاليد خدمة الحرمين الشريفين!
غير أن صاحب الحاجة أرعن كما يقول الإمام علي بن أبي طالب، وكان للرعونة أن تفضح نفسها سريعًا بطريقة غير مسبوقة، جعلت المرشد مكشوفًا أمام تناقض شراسة حملته وبعض التصريحات المهمة التي خرجت من إيران. فعلى عكس الحملة التي أعطى إشارتها خامنئي قال محمد هاشمي، رئيس مكتب هاشمي رفسنجاني، في مقابلة له مع وكالة «فارس» شبه الرسمية إنه «من الصعوبة بمكان أن نصدر أحكامًا في مثل هذه القضايا، فعندما هطلت 8 مليمترات من الأمطار في طهران لقي الكثير حتفهم، إلا أن ذلك ليس دليلاً كافيًا لنحكم من خلاله». وأضاف هاشمي: «الحادث كان مؤلمًا، ولكن لا نستطيع القول إن الحكومة هي مسؤولة أو غير مسؤولة، ونطلق الأحكام من هنا». ولئن التبست هذه التصريحات بأخرى نسبت لرفسنجاني بدا فيها في موضع النقد للسعودية حول الموضوع نفسه، جاءت تصريحات مسؤولين آخرين أكثر وضوحًا في إضعاف مصداقية المرشد وكشف رغبته العميقة في تسييس حادثة تمتلك كل مواصفات الحادثة، على مأساويتها وفظاعة حصيلتها الدامية! كان لافتًا مثلاً أن يثني وزير الصحة الإيراني حسن هاشمي من جدة على جهود السعودية في التعامل مع حادث منى، معربًا عن تفهمه صعوبة المهمة، وموضحًا أن الحادث «أمر خارج عن الإرادة».
لم يسبق أن تعرضت مصداقية المرشد الأعلى في إيران وهيبة موقفه السياسي لمثل هذا النزيف الحاد، لا سيما أنه بدا شديد التحفز لتحويل الحادثة إلى منصة سياسية للمواجهة مع السعودية، في حين جاءت بعض المواقف لتفضح رعونة موقفه بلا أي جهد يذكر لمسايرته!
الحقيقة أن الحاجة التي ولدت الرعونة، لا تتصل بالحج وبحادثة مشعر منى بقدر اتصالها بالوقائع الميدانية التي يفرضها التحالف على أرض اليمن بقيادة السعودية. رغم التطورات الميدانية المهينة للميليشيات الحوثية المدفوعة من إيران في اليمن بدت طهران حريصة على أن تُبقي تصريحاتها في الموضوع اليمني ضمن وتيرة «معقولة» وسقف مدروس، وأوكلت للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن يكون لسان إيران العربي في المواجهة السياسية والإعلامية مع الرياض! ومن يتابع يلاحظ أنه ما عاد في جعبة نصر الله ألاعيب لغوية وعنتريات خطابية يعالج بها ملف اليمن، من دون أن يجعل من خطابه أضحوكة أمام جمهوره قبل خصومه. وعليه ما إن حصلت حادثة منى حتى سارع المرشد وروحاني وعدد من المسؤولين للهجوم على السعودية منتحلين صفة الحرص على الحج وشعائره فيما المقصود النيل من السعودية وسمعتها وهيبتها والانتقام من القرار الذي لم تبتلعه إيران حتى اليوم، الذي اختصرته جملة عميد الدبلوماسية العربية الراحل الكبير الأمير سعود الفيصل: «نحن لسنا دُعاة حرب ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها». لسان المرشد نطق بالحرص المزيف على الحج وحسن إدارته أما عقله وما يعتمل في قلبه فكان اليمن! المفارقة أن خامنئي الذي يطالب بكف يد السعودية عن إدارة موسم الحج والعمرة بحجة عدم الكفاءة بعد وفاة مؤلمة لبضع مئات هو نفسه من لا يزال يدافع عن استمرار بشار الأسد بإدارة بلاد قتل من أهلها مئات الآلاف وهجر الملايين ودمر نحو نصف بنيتها التحتية بمشاركة من إيران ودعاء من المرشد له بالتوفيق! من يتنطح بالحرص على الحج عليه أولاً ألا يكون قد أوغل في دم الأنفس البريئة بمقدار ما أوغلت إيران وعصاباتها.