عمـاد مـوسـى: قرد ذوق مصبح/هشام ملحم: الروس قادمون، الروس قادمون/اميل خوري: حزب الله قد يتخلى عن سلاحه لرئيس يسميه لو أن في لبنان رجال دولة/غسان حجار: المؤتمر التأسيسي يتطلّب 3 سنوات

412

قرد ذوق مصبح
عمـاد مـوسـى
لبنان الآن/01 تشرين الأول/15
حتى كتابة هذا المقال (آخر أيلول) كان قرد ذوق مصبح لا يزال يسرح ويمرح قرب الـ NDU ويعضّ زنود صبايا على غفلة منهن ظنّاً منه أنه يمازحهن بقبلة.
الشرطة البلدية على سلاحها. القوى الأمنية كذلك مستنفرة للقبض على القرد الفار حيّاً أو ميتاً وسط غياب أي تحرّك للجمعيات المهتمة ب”الثروة الحيوانية” و”حقوق الحيوان” ولـ”الحراك المدني”. حتى وزارة الزراعة بدت غير مهتمة بالقرد الكسرواني كما اهتمت قبل عامين بتمساح برج حمود، ولا وزارة الداخلية اهتمّت ولا وزارة الصحة التي تفتقر مستودعاتها إلى لقاحات ضد عضّ السعادين.  قردٌ في الذوق؟ يا قرداً من أي منزل فررت؟ من أي حديقة حيوانات؟ من أي متجر؟ أي رعب يعيشه ويتسبب به؟ الأمرُ غريب. لم أعهد القردة كذلك. قبل أعوام سافرت ضمن وفد صِحافي إلى ماليزيا بدعوة من الخطوط الجوية الماليزية، وكانت لنا محطات في مناطق سياحية، وفي إحدى المحطات نزلنا في مجمّع سياحي وخصّ كل فرد من الوفد بـbungalow.  وضعت أمتعتي في “منزلي الخشب ” المزروع في غابة. تمنّت مضيفتي لي حسن الإقامة  وحذرتني من مغبة فتح النافذة للقردة “لأنها لن تترك حبة فواكه على طاولتك”.
أخذت تحذيرها على محمل الجد وصباح اليوم التالي إستيقظت على قرع على زجاج النافذة. فتّحت عينيّ لأجد قرداً (تعرفه الطبيعة) يشير بإصبعه إلى صحن الفواكه. قمت من فراشي. تناولت موزة. شققت درفة الشباك بحذر ناولته موزة. تناولها خطفاً وغادر سعيداً إلى شباك سائح آخر.
في تلك الرحلة السياحية الرائعة، زرنا أحد المعابد الهندوسية. صعدت وبعض الرِشاق أكثر من 270 درجة. وفوجئت بالعدد الهائل من القرود التي تتقافز على جانبي الدرج. هناك لا أحد يمس القرود أو يزعجها. إنها مقدسة ومهذّبة مع الغرباء بلا زغرة.
قرد الزوق غير شكل. غير مربى. غير أخلاق. إنه إبن بيئته. والبيئة غير صديقة. قردٌ سبّب بلبلة مناطقية كالقرد الذي أشعل قبل 39 عاماً جبهة. حدث ذلك في العام 1976. قرد في بناية معروفة بـ”برج الناصرة” على خطوط التماس بين راس النبع والبرجاوي أشعل منفرداً الجبهة الممتدة من الناصرة والسوديكو إلى البرجاوي ورأس النبع وستاد دو شايلا.  وما حصل في ذاك الزمن أن سكان إحدى الشقق (في برج الناصرة) هربوا ليلاً وتركوا القرد المنزلي فالتاً يقفز على الشرفات، فُخيّل لمقاتلي الحركة الوطنية أن وحدات الكتائب تنتشر في البناية الإستراتيجية لتغطي إختراقاً ما. لاحظوا في العتمة أخيلة متحركة صعوداً ونزولاً. أعلنوا الإستنفار. أطلقوا النار بغزارة  فردت الجهة المقابلة على مصادر النار لإسكاتها. بقيت الجبهة مشتعلة 48 ساعة مسبّبةً المزيد من شهداء الواجب والمدنيين إلى أن خرّ القرد صريعاً.  مصير قرد زوق مصبح محتوم. سيدفع عاجلاً أو آجلاً حياته ثمناً لحريته. لكن، ولله الحمد والشكر، لا خطوط تماس في زوق مصبح ولا متاريس. إن لم يمت الليلة سيموت غداً نافقاً ويحتل الصدارة في نشرات الثامنة.

الروس قادمون، الروس قادمون
هشام ملحم/النهار/1 تشرين الأول 2015
عندما التقى فلاديمير بوتين نظيره الأميركي باراك أوباما الاثنين، تحدث بوتين باسم التجمع الرباعي الجديد: روسيا، سوريا، إيران والعراق. اللقاء، وهو الأول منذ سنتين للرئيسين، جاء بعد أسابيع من الحشود العسكرية الروسية في محيط مدينة اللاذقية، الأمر الذي لم يغيّر طبيعة السجال حول الحرب في سوريا وما هو الحل الأفضل لها فحسب، بل غيّر أيضاً الأوضاع الميدانية. والتدخل العسكري الروسي في سوريا، هو ثاني تدخل عسكري كبير يبادر إليه بوتين خلال 18 شهرا، بعد احتلاله وضمه شبه جزيرة القرم من أوكرانيا. وفي خطابه في الأمم المتحدة، لم يتحدث بوتين فقط عن صون “سيادة” سوريا بل عن التزامه إبقاء بشار الأسد في السلطة، زاعماً ان الخطر الحقيقي والآني في سوريا هو “داعش” والقوى الاسلامية المعارضة، والتي ينظر بوتين اليها كلها على انها إرهابية. ويسعى بوتين من خلال هذا الطرح إلى تغيير طبيعة النقاش في شأن الحرب في سوريا من خلال استغلال مخاوف الغرب من خطر داعش، وهو الخطر الذي تحول حديثاً الى هاجس غربي، ذلك ان هناك تركيزاً كبيراً على دور “الجهاديين الأجانب” بمن فيهم القادمون من مجتمعات غربية. ويقول بوتين لأميركا وحلفائها الأوروبيين: اذا اردتم القضاء على “داعش” عليكم التنسيق مع التجمع الرباعي الجديد. وفق هذا التقويم السوريالي للواقع السوري، يتحول خطر نظام الأسد (المسؤول الحقيقي والأبرز عن تحويل سوريا الى مقبرة جماعية وتهجير أكثر من أربعة ملايين سوري، واقتلاع ثمانية ملايين منهم) الى خطر ثانوي في الخلفية. هذا التشويه لحقيقة الحرب في سوريا بدأ يجد من يقبله في الغرب، إذ رأينا مستشارة المانيا انغيلا ميركل تدعو علناً الى التفاوض مع نظام الأسد، ومناوئاً لنظام الأسد مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحتى وزير الخارجية الأميركية جون كيري يتحدثان عن التعايش مع الأسد ليس فقط كمشارك في العملية الانتقالية (وفقاً لاتفاق جنيف) ولكن ابداء المرونة حيال التفاوض في شأن طول المرحلة الانتقالية. طرح الخيارات على انها فقط بين نظام الأسد من جهة او “داعش” و”النصرة” من جهة أخرى هو تزوير وتشويه للخيارات الحقيقية. الذين يدّعون ان مواجهة “داعش” بصفته الخطر الآني والمميت يقولون لنا عملياً ان الأسد سوف يبقى في الحكم الى ما لانهاية. الحقيقة التي لا تقبل التأويل هي ان نظام الأسد هو المسؤول عن قتل اكثر من 95 في المئة من السوريين وتهجيرهم. هذا ما تؤكده اكثرية اللاجئين. الأسد هو الجاذب الرئيسي للجهاديين الدمويين. التخلص من وحشية “داعش” يبدأ بالتخلص من البربرية الأبشع لنظام الأسد.

 

حزب الله” قد يتخلى عن سلاحه لرئيس يسميه لو أن في لبنان رجال دولة!
اميل خوري/النهار/1 تشرين الأول 2015
هل كانت الأزمة الرئاسية في حاجة الى خارج لحلها أو حتى إلى طاولة حوار، أو انتظار حلّ كل المشكلات في المنطقة لو أن في لبنان رجال دولة يقدمون مصلحة الوطن والمواطن على اي مصلحة؟ أفما كان التقيد بأحكام الدستور كافياً للخروج من الأزمة فيعمد كل طرف الى تسمية مرشح ينافس مرشح طرف آخر وتبقى الكلمة الفصل للأكثرية النيابية؟ إن من حق “حزب الله” أن يرشح العماد ميشال عون للرئاسة الأولى وأن يتمسك بهذا الترشيح، لكن ليس من حقه أن يفرضه على الطرف الآخر ولا أن يفرضه على الأكثرية النيابية إذا لم تكن معه، ولا من حقه أن يعطل نصاب جلسة الانتخاب إذا لم يضمن فوزه. فهذا يصح في الأنظمة الديكتاتورية والشمولية التي لا انتخابات فيها بل تعيين. وليس من حق الحزب ومن معه الانتقال الى البحث في أي موضوع آخر قبل انتخاب رئيس للجمهورية مثل تعديل الدستور أو اجراء انتخابات نيابية لا لشيء سوى أنه وضع تعديل الدستور أو اجراء انتخابات نيابية لا لشيء سوى أنه وضع نصب عينيه الاستيلاء على السلطة بأي طريقة من الطرق، كما فعل عندما حوّل أقلية نيابية أكثرية بقوّة الترهيب فاستطاع أن يشكل حكومة من لون واحد، وهو يحاول اليوم أن تكون له رئاسة الجمهورية باستخدام سلاح التعطيل أو باجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية علَّ نتائجها تأتي لمصلحة مرشحه الذي لا أمل له بالفوز مع المجلس النيابي الحالي وفيه أكثرية لا تؤيده. وفي المعلومات ان “حزب الله” قد يقبل في نهاية المطاف وبعد إلحاق ضرر كبير بمصلحة الوطن والمواطن لطول مدّة الشغور الرئاسي بمرشح توافقي شرط أن يتعهد الابقاء على سلاحه ما دام لبنان مهدداً من اسرائيل… أو أن يكون قانون الانتخابات النيابية الجديد مقبولاً منه كي يضمن الفوز له ولحلفائه بالأكثرية النيابية فيستطيع من خلالها التحكم في تشكيل الحكومات وتقرير مصير المشاريع في مجلس النواب وافتعال الأزمات، وهذا من شأنه أن يشكّل ضمناً وصاية ايرانية غير مباشرة على لبنان قد تكون أكثر قبولاً لدى بعض اللبنانيين من وصاية مباشرة كتلك التي أخضعت سوريا لبنان لها. لذلك فإن قانون الانتخاب الجديد قد لا يتمّ التوصل الى إقراره بسهولة إذا كان كل طرف يريد أن يكون على قياسه، فتوضع البلاد عندئذ بين خيارين: إما استمرار التمديد لمجلس النواب اذا ظل الاتفاق متعذراً على قانون جديد للانتخاب، وإما القبول بقانون يكون حتى في مصلحة طرف لتجنب الاستمرار في التمديد.
الواقع أن ما يهم “حزب الله” من الآن حتى إشعار آخر هو أن يظلّ محتفظاً بسلاحه ما دامت الظروف تقضي بذلك، وهو مستعد لتأييد أي مرشح للرئاسة إذا تعهد ذلك، أو اذا سلَّم له الطرف الآخر بانتخاب رئيس للجمهورية يثق به ويطمئن الى سياسته ونهجه كي يقبل التخلي عن سلاحه لأنه يكون قد ضمن انتهاج السياسة التي يريد، ليس في لبنان فحسب بل في المنطقة أيضاً. هل يقبل الطرف اللبناني الآخر بما يطالب به “حزب الله” ومن معه، أي التخلي عن سلاحه لرئيس جمهورية هو الذي يسميه، أو القبول بقانون للانتخاب يأتي بأكثرية نيابية له ولحلفائه بحيث يستطيع عندئذ ومن خلال هذه الأكثرية محاصرة أي رئيس للجمهورية يختاره الطرف الآخر، والتحكم بتشكيل الحكومات، وبالمشاريع المهمة التي تطرح على مجلس النواب بحيث يستعيض بهذه الأكثرية عن خسارة رئاسة الجمهورية؟ وهذا معناه أن لا سبيل الى اتفاق القادة في لبنان على أي أمر إلا اذا فُرض عليهم من الخارج جرياً على العادة. فأي رئيس سيفرضه هذا الخارج عليهم، وأي قانون للانتخابات النيابية، وأي لبنان سيكون لهم: لبنان المنحاز الى هذا المحور أو ذاك، أم لبنان عدم الانحياز ليظل هادئاً مستقراً وواحة أمن وأمان واستراحة؟ إن الجواب هو في انتظار ما ستكون عليه صورة المنطقة بعد الاتفاق النووي بين إيران والغرب، وهو الاتفاق الذي سيكشف حقيقة النيات، فإما الذهاب بها الى التقاسم، وإما الى التقسيم…

 

المؤتمر التأسيسي يتطلّب 3 سنوات!
غسان حجار/النهار/1 تشرين الأول 2015
أرفض اتهام جميع الرؤساء والوزراء والنواب بانهم حرامية لأن في الامر انعدام المسؤولية وتعميماً واحكاماً مسبقة تتعارض مع الواقع والمنطق، لكن بينهم حرامية ونصابين وكذابين وأثرياء، من زمن الحرب تاجروا بأرواح الناس، ومنهم مهربون او يغطون المهربين ومافيات سرقة السيارات، ومنهم اصحاب كسارات غير شرعية، ومنهم من يستولي على املاك عامة… وهؤلاء يجب ان يطبق عليهم قانون “من اين لك هذا؟” بطريقة حازمة، ورفع السرية المصرفية عن حساباتهم، ليتمكن المواطن من التعرف الى حقيقتهم ومحاسبتهم في صندوق الاقتراع، وليتمكن القضاة من محاكمتهم تحت قوس العدالة. في المقابل، تسيء الاحكام المسبقة غير المدعمة باثباتات الى اصحابها، اكثر من المتهمين، لأنها تضعهم في خانة العبثيين، وغير الجديين، والناقمين على كل سلطة قائمة، في مقابل عدم امتلاكهم مشروعا بديلا قابلا للتطبيق على مثال المنادين حاليا بالشيوعية التي سقطت في مهدها، او العروبة التي دفنت في واد سحيق بتواطؤ ضمني بين ارهابيين يرون في الاسلام حلا وحيدا، وبين عروبيين مثقفين انهزموا سريعا امام التمدد الاصولي، وآخرين ممن يصرون على العيش في زمن سابق ويتمسكون بمجموعة عقائد تفيد في دراسة الفلسفة ليس اكثر. بين هذا وذاك وتلك، نحتاج الى الخروج من الحلقة المفرغة القائمة، عبر بلورة مشروع اصلاحي، وتعديلات دستورية، تقوم اولا على تصحيح ما هو قائم، وتثبيت العيش المشترك عبر المناصفة الحقيقية. والواقع مناصفة وهمية، فيما اقتناص الحصص قائم بوتيرة سريعة. وهذه الحقيقة يجب الا تبقى اسيرة الصالونات، فيما تستمر حفلة التكاذب الاجتماعي على قدم وساق، بينما يغرق البلد في ازمات باتت مستحكمة فيه ولا قدرة له على الخروج منها الا بتدخل خارجي يزيد من اضعافنا وفضح هشاشتنا مرة بعد مرة. والمشروع الاصلاحي، او حتى المؤتمر التأسيسي، لا يقرر بهذا التسرع الحالي، ولا يعقد بناء لطلب فريق او آخر يريد ان يحقق انتصارا مرحليا وآنيا على شريكه في الوطن، بل يجب ان يتم الاتفاق عليه اساسا، ثم تعتمد الخطوات التي اعتمدها السينودس من اجل لبنان، اي وضع نقاط للتفكير والبحث على مستوى القرى والبلدات، والجمعيات، والجامعات، والنقابات، والاحزاب، ورابطات الموظفين والنواب السابقين والضباط المتقاعدين، ليشمل النقاش كل المستويات ويطال كل شرائح المجتمع وقطاعاته، عندها يتم جمع كل هذه الافكار وتلخيصها، ووضعها في كتيب، قبل عرضها لنقاش هادئ ومستفيض في مجلس النواب، ليصار بعدها الى اجراء تعديلات دستورية بعيداً من ضغط الشارع، والحسابات الضيقة، والمكاسب الآنية، وتدخل الخارج خصوصاً. هذه العملية تحتاج الى سنتين او ثلاث، وربما الى رئيس جديد يتبناها، ويمضي بها، فيسجل التاريخ اسمه، لانه لم يكتف بإدارة ازمة البلاد، بل ساهم في التأسيس للبنان جديد.