سلام حرب: نصر الله فرحاً بالروس: قضايا الوطن لا تعنينا الزبداني والفوعة وكفريا أولوياتنا/نادر فوز: الزبداني أقفلت معمل الانتصارات العسكرية والميدانية لحزب الله في سوريا

370

 نصر الله “فرحاً” بالروس: قضايا الوطن لا تعنينا …الزبداني والفوعة وكفريا أولوياتنا 
سلام حرب/موقع 14 آذار/27 أيلول/15/

في زمانها ومكانها، جاءت اطلالة أمين عام حزب الله حسن نصرالله بلا مناسبة معيّنة او إحتفال خطابي ما، وهي مقصودة في توقيتها لتوجيه عدد من الرسائل عبر تلفزيونه الخاص، لكن هذه الاطلالة كانت تفتقد للعفوية أو للتأثير الشعبي بل اتسمت بجرعة عالية من الرتابة التي تبعث الملل ولا تقدم أي جديد، وتعكس بالتالي تراجع الواقع الميداني لحزب الله ولمشروعه الاقليمي مقابل محاولات “تقطيع” الوقت على المستوى الوطني من دون طرحه مبادرات للحلّ. بالنسبة للزبداني، جاءت تبريرات نصرالله واهية لجهة مواصلة القتال هناك تحت ذريعة ايجاد حلّ سياسي لكفريا والفوعة. وعلى مبدأ “من فمك أدينك”، شكلت مقولة نصرالله أن الحل السياسي للزبداني كان مقابل تخفيف الضغط على الكفريا والفوعة إدانة صريحة له على مستوى أولوياته العقائدية كون المدينتين المذكورتين بغالبيتهما من الشيعة. وعلى المستوى العسكري، شكلت هذه المقولة اعترافاً صريحاً إن لم يكن بفشل الهجوم العسكري على الزبداني التي أعلن إعلام الممانعة عن سقوطها 5 مرات على الأقل، إلّا أنّه بالتأكيد إقرار عسكري بعدم قدرة النظام وحزب الله والروس فكّ الحصار عن الفوعة وكفريا. نصر الله الذي لم يعد قادراً على إعلان انتصارات عسكرية بعد ان كلفته الزبداني سقوط 150 مقاتلاً في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، بدا مكتفياً ومغتبطاً بالحلّ السياسي الدبلوماسي بل يكاد يكون “راضياً وحامداً لله” على ذلك. على خط الازمة السورية، يبدو أنّه من الجدير التوقف عند الترحيب الحارّ لنصرالله بالتدخل العسكري الروسي على حساب الوجود الايراني العسكري، والذي يشكّل هو وحزبه احد وجوهه وابرز علاماته الفارقة. لا جدال هنا أنّ هذا الارتياح تجاه العسكر الروسي إنما يشير إلى حاجة النظام السوري الملحّة لأكثر من داعم إقليمي على مستوى إيران، بل إلى مظلة قوة عسكرية عظمى مثل روسيا. مؤشرات الإنكفاء الإيراني ظهرت بعيد سقوط جسر الشغور وتعهد قاسم سليماني “باستعاددتها قريباً جداً”، الأمر الذي لم يحصل برغم مرور 5 اشهر على ذلك.

رهانات نصرالله للمرحلة القادمة في سوريا في غالبيتها ذات طابع سياسي حيث أعرب عن “ازدياد فرص الحل السياسي” مع أمل أن تغير تركيا من موقفها ما يُشكل نقطة التحول في النزاع. الملاحظ هنا ان نصرالله بدا كمن فقد القدرة على المبادرة القتالية من دون آمال أن تشهد الفترة المقبلة انقلاباً لمصلحة بشار الأسد في الوضع العسكري. ولكنه في الوقت لم يفوته ان ينتقد الولايات المتحدة بشكل تقليدي، مرة على اعتبار أنها فشلت في قتال داعش ومرة على انها لم تقاتل داعش…بناء على مبدأ “المهم النيّة”!
الخفوت في نبرة نصرالله وصل الى أوجه حين خاطب جمهوره بنوع من الاستسلام عن الوضع اليمني معتبراً “أنّ الحوثيين وحلفائهم لم يخسروا بعد ، وان الحل السياسي متوقف على نتيجة معركة مأرب” متجاهلا سلسلة الهزائم التي تعرضت لها جماعات ايران في اليمن . هذا الكلام عن الشأن اليمني، مختلف تماماً عن السياق المعتاد لنصرالله في مقارباته تجاه اليمن والذي شنّ خلالها الهجمات الكلامية النارية مع انطلاق عاصفة الحزم، من دون أن يفك الارتباط ويحافظ على مستوى مرتفع من العداء للسعودية .وكانت حادثة التدافع في منى ومقتل مئات الحجيج، الفرصة السانحة لنصرالله الذي فرغت جعبته من السهام لتوجيهها الى المملكة. وهنا قارب نصرالله المأساة بأسلوب مسيّس، مطالباً بتدخل دول اخرى لتنظيم الحجّ لغايات في نفس يعقوب. وعند الحديث عن الاعتداءات على المسجد الاقصى ، ورغم توقع نصرالله ان اسرائيل ستهدمه يوما ما ، فان رده كان خافتاً وضعيفاً للغاية ، ولم يطلق التهديدات المعهودة . وهذا يدل عن العجز اولاً، ويدل على تبدل اولوياته ثانياً. المواقف الحادة والمتشددة لنصرالله تجاه القضايا الإقليمية، قابلها موقف أقلّ ما يُقال فيه أنّه واهن ويفتقر الى الوضوح تجاه الحراك الشعبي المطالب بالقضايا المعيشية. تبريرات نصرالله لهذه الاستقالة من القضايا الاجتماعية الوطنية بذريعة انشغاله بالمعارك الكبرى، هو أقرب للهروب والتنصل من مسؤولياته وهو المشارك في المجالس النيابية منذ العام 1992 والحكومات المتعاقبة منذ العام 2005. هي محاولة فاشلة من حزب الله للتنصل من مشاركته في فساد القطاع العام الذي اعترف، في وقت يشارك فيه عملياً وما التمنيات بالتوفيق من أمين عام الحزب للحراك المطلبي إلا مثاراً لعلامات التعجب من قبل حزب يدّعي أنه يدافع عن شعبه ويحمي مصالحهم، وكأنّ قضايا الماء، والكهرباء، والنفايات، وغيرها لا تعني نصرالله ولا حزبه! المواقف الرمادية لنصرالله انسحبت أيضاً على ترشح ميشال عون للرئاسة الذي ربطه بديمومة ترشح الأخير للرئاسة. والمستغرب أن نصرالله أيّد قانون الانتخابات على أساس نسبي معترفاً أن قوى سياسية ستنال مقاعد ضمن مناطق نفوذ حزب الله وحرك أمل، ولكنه رمى تبني القانون النسبي في حضن “التوافق الوطني”، بحركة تذاكي سياسية يعلم نتيجتها مسبقاً.

 

الزبداني أقفلت معمل الانتصارات العسكرية والميدانية لـ”حزب الله” في سوريا
نادر فوز/العربي الجديد/27 أيلول/15

تنتظر الساحة السورية مرحلة انكفاء للدور الإيراني، ومعه ‘حزب الله”، نتيجة التدخل الروسي المباشر المستويين السياسي والميداني. وأمام لاعب دولي بهذا الحجم لا بد من تسجيل تراجع على مستوى اتخاذ القرارات وإدارة الملف السوري وسحبه من جعبة الإيرانيين الممسكين فعلياً بأرض النظام السوري والضامنين لأمنه واستمراره. بدا هذا التراجع واضحاً في الإطلالة الأخيرة للأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، والذي بدا أكثر هدوءاً وتعامل برويّة وواقعية مع الملف السوري ولو أنه لا يسعه سوى تكرار لازمة فشل السياسة الأميركية في سورية وإفشال مؤامرة إسقاط عصب رئيسي في محور ‘الممانعة”. هذه الواقعية فرضت أساساً على الحزب، ومن خلفه الإيرانيون، السير في المفاوضات حول مناطق الزبداني والفوعة وكفريا إلى حين إتمامها. كذلك أدت هذه الواقعية دوراً رئيسياً في طرح قيادة حزب الله مجموعة من التساؤلات حول ضرورة استمرار مجموعاتها المسلحة في الحرب السورية وإمكانية بدء تقليص هذه المشاركة العسكرية، نتيجة إدراك المتغيّرات السياسية في هذا الملف والوصول إلى قناعة بأنّ لا حسم مطلوباً من أي جهة دولية. وسبق لمسؤولين في الحزب أن لمّحوا في مجالس فريق ‘8 آذار” إلى إمكانية وقف العمليات العسكرية في سوريا عند حدود بلدة الزبداني
وسبق لمسؤولين في الحزب أن لمّحوا في مجالس فريق 8 آذار إلى إمكانية وقف العمليات العسكرية في سورية عند حدود بلدة الزبداني. وهو ما سبق أيضاً لشخصيات في قوى 14 آذار أن تبلّغته من مراجع دبلوماسية غربية في بيروت. ليتحوّل بذلك حزب الله من مجموعة مسلحة تخوض الحرب في سورية باسم النظام والدين، إلى ما ‘يشبه” حرس الحدود الشرقية مع سورية بوجه ‘المجموعات التكفيرية والإرهابية”.مما لا شكّ فيه أنّ الحزب استنزف عسكرياً وسياسياً وبشرياً طوال السنوات الثلاث الماضية، إلا أنّ خطوة تراجع ميداني بهذا الحجم من شأنها تكريس فكرة الهزيمة العسكرية لحزب الله في سورية ولو حافظ الحزب على سقف خطابات الانتصارات الإلهية. وتأتي التطوّرات الميدانية والسياسية الأخيرة المتمثلة بالحركة الروسية – التركية – الأميركية، والحديث عن المرحلة الانتقالية الجديدة في سورية، لتؤكد بشكل قاطع ألا حسم في المعارك، ما من شأنه كبح الاندفاع العسكري لكل الأطراف الأساسية وأولها حزب الله. إلا أنّ هذا الواقع لم يمنع الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، خلال إطلالته على شاشة ‘المنار” (المحطة التلفزيونية التابعة للحزب)، من التأكيد على استمرار حزبه في القتال في سورية، مضيفاً أنه ‘لو عاد الزمن إلى الوراء لكان حزب الله عجّل بالدخول الى سورية وما تأخر”.
وتقول الواقعية الميدانية والسياسية إنّ المتغيّرات فرضت حصول تسوية الزبداني. وما يجدر قوله في هذا الإطار إنّ هذه البلدة السورية الصغيرة الواقعة بين الحدود اللبنانية والعاصمة السورية، أقفلت معمل الانتصارات العسكرية والميدانية لـ”حزب الله” في سوريا. بعد أكثر من ثمانين يوماً على انطلاق هذه المعركة جاء التفاوض ومعه التسوية التي وضعت حداً للقتال وكرّست وقف إطلاق النار وبدء مرحلة ‘الترانسفير” السكاني المزدوج بين الزبداني من جهة وكفريا والفوعة من جهة أخرى.في محصلة معركة الزبداني التي أدارها ‘حزب الله”، ومعه الجيش النظامي السوري وعناصر إيرانية ومليشيات حليفة أخرى، سقط للحزب 109 قتلى وثّقتهم مواقع إلكترونية تابعة له، مذيّلة بعبارة ‘ارتفع أثناء قيامه بواجبه الجهادي المقدس في التصدي لمرتزقة الكفر والوهابية”. مع العلم أنّ مصادر المجموعات السورية في الزبداني تشير إلى أنّ الحزب كان يخسر مقاتلين اثنين كمعدّل يومي في هذه المعركة.وفي حال صحّت هذه المعلومات تكون خسائر الحزب البشرية قد تجاوزت 160 قتيلاً منذ بدء مطلع آب الماضي. وعلى الرغم من هذه التكلفة، فإنّ الحزب لم يتمكّن من حسم المعركة الدائرة على مساحة 15 كيلومتراً مربعاً من البساتين والأحياء السكنية. لم يأت الحصار بالنفع، ولا حشد آلاف المقاتلين حول المدينة من الحزب وجيش النظام وسائر المليشيات الحليفة الأخرى. حتى ‘الخبرات” العسكرية الإيرانية لم يكن لها نتائج حاسمة على هذا الصعيد، وكذلك البراميل التي أسقطتها المقاتلات بمعدل عشرين برميلاً في اليوم.
وكان الحزب ممسكاً بأكثر من عشرين نقطة عسكرية في محيط الزبداني من أصل عشرات النقاط التي استخدمت للقصف المدفعي وانطلاق محاولات التقدم والتوغّل في البلدة.أما من جهة المجموعات السورية، فإنها خسرت ما لا يقلّ عن 300 مقاتل، بالإضافة إلى جرح 400 آخرين ليبقى ما يقارب ثلث المقاتلين مستمرين في القتال إلى حين توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، باعتبار أنّ عديدهم منذ بدء المعركة لم يتجاوز الألف مقاتل، بحسب ما تقول مصادر في المعارضة السورية لـ”العربي الجديد”. وبذلك تكون الزبداني قد انضمّت إلى المعارك الأخرى التي فتحها حزب الله مع المجموعات السورية على طول الخط الحدودي الشرقي مع سورية، من دون أن يتم فيها الحسم، على غرار معارك قرى منطقة القلمون الغربي السوري وجرود عرسال والقاع اللبنانيين (على الحدود أيضاً)، وهي معارك أعلن الحزب عن انطلاقها منذ يونيو/حزيران الماضي وظلّ الحديث الإعلامي عنها متسمراً إلى أن انطفأ بفعل تجمّد الحركة العسكرية.وانتهت المعركة بفشل ميداني وعسكري للحزب، ولو أنّ الزبداني كانت شبه منتهية على هذا الصعيد. وموافقة الحزب ومن معه على إنهاء القتال جاءت للحدّ من الخسائر من جهة، ولإعلان انتصار سياسي استراتيجي متمثّل بانتفاء هذه النقطة العسكرية من محيط دمشق والربط بين جنوب سورية وشمالها من جهة ثانية. لكن الأهم يبقى أنه يمكن حزب الله من تكريس فكرة الفرز الطائفي والمذهبي على الأرض السورية، مهما حذّر ونبّه الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، مراراً وتكراراً من التقسيم الديمغرافي ورفضه. ففي الحقيقة بات بإمكان حزب الله أن يخاطب جمهوره بأنّ أبناء الطائفة الشيعية في سورية باتوا بخير ولو أنهم مهجّرون. فالحزب قاد الحرب والتسوية لتهجير ممنهج وإقامة مناطق صافية للسنة والعلويين ومعهم الشيعة