الإعلامية اللبنانية الجنوبية اللاجئة قسراً في إسرائيل/جولي ابوعراج: مات الجنرال لحد عميلًا بعد ان كان مرجعًا لكثير من الوطنيين

6132

مات الجنرال لحد “عميلًا” بعد ان كان مرجعًا لكثير من “الوطنيين”
بقلم الإعلامية اللبنانية الجنوبية اللاجئة قسراً في إسرائيل/جولي ابوعراج
16 أيلول/15

في الثامن عشر من ايلول،  سيوارى اللواء الركن انطوان لحد الثرى في أرض الغربة الفرنسية، وبذلك يغلق كتاب حياة هذا الرجل الذي دخل سجل التاريخ اللبناني من أبواب تختلف باختلاف الانتماءات اللبنانية وايديولوجياتها، لتبقى الحقيقة مغلفة لاعتبارات سياسية ولبنانية – إقليمية – دولية.

سيغلق الستار عن فصول حياة قضت أكثر من نصف قرن في المعترك العسكري، فالجنرال ابن كفرقطرة الشوفية كان شاهدًا  للفترات العصيبة التي اجتاحت وطنه، ولاعبًا اساسيًا في الكثير من الأحداث التي طبعت تاريخ لبنان الحديث؛ مساهمًا وفاعلًا ووسيطًا،  عرف كيف يكون متوازنًا في تناقضات الصراعات الداخلية التي هي امتداد لتدخلات خارجية حركت الميدان اللبناني وفقًا لمصالحها .

مات لحد “العميل” في نظر الزعماء اللبنانيين،  وهو صديق الأمس ومنقذ الكثيرين منهم. فتاريخ المنطقة الحدودية شاهد لوساطات لعبها اللواء الركن لصالح من يدعون “الوطنية” و”مقاومة الاسرائيلي”.
فالجنرال “العميل”، الذي أرسل الى المنطقة الحدودية للحفاظ على وجود اللبنانيين وبقاء أرضها لبنانية، كان سندًا، على مدى سنوات، للدولة اللبناانية التي تبرأت منه مرارًا وتكرارًا دون ان تتردد في طلب المساعدة، ولم يتوان للحظة هو وجيشه عن دعم الشرعية …
لقد كان لحد معطاء لدولته وجنديًا في خدمتها، لم يتردد يومًا في معاونة الجيش اللبناني. نذكر على سبيل المثال لا الحصر، مساندة جيش لبنان الجنوبي، بأمر من قائده،  الحكومة اللبنانية في معركة مخيمات شرق صيدا في ثمانينات القرن الماضي  عندما قررت الدولة ادخال الجيش اللبناني الى تلك المنطقة،  قاومتها المنظمات الفلسطينية  الارهابية فقامت قوات “الجنوبي”  في جزين الى قصف مواقع الفلسطينيين بما يقارب 3000 قذيفة مدفعية مما سهل دخول قوات الجيش اللبناني.

جاء زمن بدت في الدولة اللبنانية طلائع صحوة ضمير، فعملت سرًا في العناية بشؤون افراد جيش لبنان الجنوبي الذين هم اصلًا جنود في الجيش اللبناني، لكنها نبذتهم علنًا وحاكمتهم ظلمًا،  فكان “انفصام الشخصية” في سلوكها سيد الموقف، اذ نذكر هنا، قيام الرئيس اميل لحود، حين كان قائدًا للجيش، بإحالة عناصر “الجنوبي” على التقاعد، بعدما اضاف فترة خدمتهم في جيش لبنان الجنوبي الى فترة خدمتهم في الجيش اللبناني…قبل ان تتوقف عن دفع مستحقاتهم.

جيش لبنان الجنوبي “العميل” كان مقصدًا لحركة “امل” بزعامة نبيه بري القابع اليوم على عرش البرلمان اللبناني منذ عقود، اذ طلب من لحد استخدام المدفعية لتسهيل تحركه في حربه مع “حزب الله”.  وبالفعل  تلقت الحركة  أسلحة وذخائر من الاسرائيليين في اثناء حربها ضد المخيمات الفلسطينية وضد الحزب.

ويروى احد قيادي جيش لبنان الجنوبي في منطقة القطاع الغربي، انه وفي اعقاب عراك دار بين ابناء بلدة رميش وعيتا الشعب،  قبل عامين ونيف تقريبًا، من الانسحاب الاسرائيلي عام 2000 ، قام نبيه بري بالاتصال بالجنرال انطوان لحد للتدخل شخصيًا وفض المشكل للحوؤل دون تطورها.

دون ان ننسى في هذا الاطار كيفية اتصال عضو “حزب الله” والنائب حسن فضل الله بقيادات “الجنوبي”، في أعقاب وفاة اخيه،  لدفنه في بلدته عيناتا، وقد اتخذ الجنرال قرارًا، انذاك، بفتح المعابر وتسهيل الجنازة .
لقد كان لحد، ايضا، مقصدًا لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي طالبه،  ابان تهجير شرقي صيدا، بالبقاء في جزين لانه لن يقبل بنفوذ “حزب الله”  وحركة “امل” على حدود الشوف.
وباعتباره مرجعًا وطنيًا متوزايًا، طُلب من لحد لعب دور الوسيط  عام 1990 بين الدكتور سمير جعحع والعماد ميشال عون من اجل توحيد الصف المسيحي والحؤول دون كارثة وقعت بالفعل.

ان ذكرت بعض الاسماء اعلاه، لا يعني ان الجنرال لم يكن على اتصال مع اسماء اخرى، بل ضيق الصفحات يحول دون الدخول في سرد اخر للاحداث، التي جعلت من الجنرال لحد، صديق الامس عميل اليوم، مرجعا لكل مأزق.
ما ورد غيض من فيض، ومحاولة لضرب حملة الكذب والافتراء بحق هذا الرجل الوطني الذي قضى نصف قرن جاهدًا في الدفاع عن لبنانية لبنان، لقد تحمل ابن كفر قطرة مهمة شاقة في المنطقة الحدودية وهو الذي لم يساوم مع الاسرئيلي، يومًا، على ارضه، بل تعاون مع جيش الدفاع بعد ان اخذ توقيعًا بان لا اطماع له بشبر واحد من ارض لبنان وهذا ما اثبتته اسرائيل عام 2000 بتنفيذها القرار 425 الاحادي الجانب .

مات العميل الوطني وفي قلبه غصة لما آل اليه مصيره، بعد ان دفع وجيشه ثمن اتفاق “حزب الله” “الوطنجي” مع اسرائيل، لكنه مات هانئ الضمير وليس بنادم .

وما الهرطقة التي حصلت لمنع دفن الجنرال لحد في مسقط رأسه، ما هي الا مزايدات عملاء الارض الفعليين وحركة لاقزام الاحتلال الايراني وابواق سوريا. علما انه لم يكن مخططًا نقل جثمان الجنرال الى لبنان لدفنها في تراب الوطن رغم امنيته الاكيدة  بذلك. فمحاولة بائسة من قبل هؤلاء لفرض وجودهم الزائل. ليبقى السؤال عن دور الصوت الحر في لبنان، فهل هو الى زوال ايضا؟

مات العميل الوطني اللواء الركن انطوان لحد لبنانيًا، لتبقى وطنيته في ذمة التاريخ حتى تتيح الايام من يفهم معناها ويقدر تضحياتها.ٍ

دخل الجنرال السكينة الابدية  فاخورًا، نمرودًا، غاضبًا، حزينًا .. شريفًا.

ولعدالة التاريخ تتمة …