جاد يوسف/داعش ثمرة سياسة الإقصاء السنّي والشيعي معاً

308

داعش ثمرة سياسة الإقصاء السنّي والشيعي معاً
جاد يوسف/الجمهورية
03 أيلول/14

إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما أنّ إدارته لا تملك حتى الساعة استراتيجيةً لقتال تنظيم «داعش»، قد لا يعكس الحقيقة الكاملة التي تقف وراء هذا التصريح «الصادم». فهو حتى الساعة لم يُغيّر اقتناعاته حيال ما يحصل، وبالتالي لم يُغيّر من طريقة مقاربته للمستنقع الذي دخلته المنطقة والمرشح أن يطول سنوات. مع تواتر الحديث عن قرب تسلم أوباما الخطط والمشاريع التي تُعدّها قيادته العسكرية للتعامل مع ملف الأزمة السورية، تكشف مصادر أميركية مطلعة أنّ الأمر لن يؤدّي الى قلب الطاولة، ليس في سوريا فحسب، بل في العراق ودول المنطقة، وأنّ الإدارة الأميركية منهمكة في نقاش الخيارات السياسية قبل العسكرية، التي تضمن احتواء مفاعيل الأخطار التي قد تنشأ، جراء الإشتباك العام القائم في المنطقة».

وتسأل المصادر نفسها «عما يمكن أن تقدّمه دول المنطقة «السنّية» التي سيزورها وزير الخارجية جون كيري، من عروض وإجابات على الآلية التي ستُعتمد في مواجهة الإرهاب، وعمّا سيقدمه الطرف الآخر الذي تقوده ايران؟». فإذا كان السؤال هو نفسه امام الجميع، فهل هناك رهان على إسلام معتدل في ضفتَي النزاع؟

 تجيب المصادر «أنّ العقدة التي تعطّل الوصول الى عقد سياسي جديد في العراق، هي نفسها التي تعطّل الحديث عن تسويات تُطلق العملية السياسية في دول المشرق الإسلامي كله مجدّداً.

هل «الاقليات» الحاكمة في دول الخليج والمغرب العربي وشرقه مستعدّة لشراكة الآخرين معها؟ وماذا عن حقوق الأقليات وأوضاعها في دول الغالبية السنّية؟ وهل نجحت ايران في إقامة شراكات سياسية متوازنة بين شرائح القوى والمجتمعات التي تسيطر عليها منذ نحو عقد من الزمن؟»، معتبرة أنّ «تجربة العراق نموذج فاقع، مثلما هي التجربة السورية مع استمرار دعمها المستميت للنظام الأقلّوي فيها، وكذلك مع سيطرة «حزب الله» على الدولة اللبنانية وإقصائه بقية مكوّناتها».

وتكشف المصادر أنّ «هذه هي عناوين النقاشات التي تجريها الإدارة الاميركية، فيما الحديث عن خيارات ميدانية يتراوح بين سبل المواءمة بين متطلبات محاصرة الارهاب وعدم الإنجرار الى معارك لا يمكن أن يكون فيها رابح، ما لم يعتمد على قوى المنطقة ذاتها.

«فالمنطقة تتَّجه نحو جحيمٍ وجودي، والنجاح في وضع استراتيجيات مجدية ليس متوقعاً، طالما أنّ الجميع جرَّب حظوظه في لعبة السيطرة والإقصاء». وتضيف المصادر: «لا شك في أنّ إدارة أوباما راهنت على إمكانية أن يؤدّي صعود «تيار الاخوان المسلمين» دوراً سياسياً يُعيد تقديم المنطقة وفق تصوّر معين.

لكنّ السقوط السريع لتلك التجربة، أظهر أنّ التفكك هو المآل الاخير لقوى الإسلام السياسي الذي حاول استغلال فرصة «الربيع العربي» المُحكى عنه. وها هو النزاع ينفلت من عقاله بين مكوّنات هذا الاسلام نفسه وبين منافسيه في المقلب الآخر» .

من جهة أخرى، يقول بعض الدوائر السياسية الذي ينصح الإدارة الأميركية «إنّ لعبة التفكك قد تكون بلا سقف، ولعلّ الحديث عن اعتماد «الصحوات» مجدّداً، سواء في العراق او سوريا، قد يشمل دول المنطقة كلها، وأنّ المتغيّر الكبير الذي طرأ على المشهد الاقليمي هو بروز «الدولة الكردية»، في معزل عن مستقبلها القانوني والدولي. بهذا المعنى، فإنّ محاصرة قوى التطرّف قد تكون من مهمات كيانات ستجد طريقها الى التشكّل الميداني، سواء اخذت شكل دول شبه كاملة او كيانات تقيمها «صحوات» ما».

وتؤكد الأوساط أنّ «توجيه ضربات جوية ضدّ مواقع «داعش» في سوريا قد لا يتأخر، لكنه لن يضع حدّاً لها، مثلما أنّ الحديث عن إعادة إحياء «الجيش السوري الحر» وتسليحه وتمويله قد لا يكون هو الحل أيضاً، طالما أنّ بنيته العامة لا تحيد عما هو موجود، سواء في العراق او في اليمن او في ليبيا. في حين أنّ العمل على «صحوات سورية» قد يكون المحطة الإلزامية إذا ما سمح لتلك القوى بالنجاح في ردّ قوى التطرّف من ساحات القتال مجدّداً».

وإذ تسأل الأوساط عن صحة الرهان على بقاء نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا وإمكانية عقد شراكة معه، طالما أنّ لا شيء يفرّقه عن نظم الإقصاء والتهميش التي تضرب المنطقة، وعن عدد القتلى الذين تسبب نوري المالكي بسقوطهم في العراق، مقارنة مع ما أزهقه الاسد في سوريا، تؤكد أنّ «المالكي خرج، فكيف يمكن إقناع السوريين ببقاء الأسد؟».