داود البصري: المالكي والزاملي صراع اللصوص والقتلة/عبد الرحمن الراشد: الخوف من تراجع دخل البترول/روزانا بومنصف: ماذا يعني بيان مجلس الأمن حول سوريا/علي نون: حدود الوهم

333

المالكي والزاملي… صراع اللصوص والقتلة!
داود البصري/السياسة 21 آب/15

تقرير لجنة التحقيق البرلمانية العراقية بشأن سقوط الموصل بأيدي تنظيم “داعش” صيف عام 2014, ومسؤولية المخلوع نوري المالكي عما حصل بإعتباره القائد العام للقوات المسلحة, وزير الدفاع والداخلية وكل شيء, فجر الأوضاع العراقية المتفجرة أصلا, وأثار موجات إرتدادية من الزوابع الكلامية, والإتهامات المتطايرة, فبعيدا عن الخوض في مسؤولية الأسماء ال¯35 التي إتهمها تقرير اللجنة البرلمانية ومدى مصداقية تلكم الإتهامات أو إبتعادها وإقترابها من مظلة “التسييس”!, فإن إسم رئيس الحكومة الأسبق نوري المخلوع يبقى المحور, خصوصا أن التظاهرات الشعبية التي عمت المدن العراقية تطالب صراحة بإيقافه والتحقيق معه, ومحاكمته على خلفية إتهامات عديدة بالفساد وسوء إدارة السلطة, حتى أن الجماهير هتفت بوضوح ومن دون مواربة ضده بالقول الصريح “نوري المالكي قائد النشالة”! وطبعا فإن حيدر العبادي رئيس الحكومة العراقية, الذي ورث المنصب من زعيمه وقائده في حزب “الدعوة” نوري المالكي كجزء من عملية التحاصص الطائفي, يقف اليوم مشدوها وفي حالة حيرة تامة, نظرا إلى عدم قدرته السايكولوجية, وحتى السلطوية, على تنفيذ مطالب الجماهير وإعتقال المالكي الذي يبدو مطمئنا لوضعه السياسي والأدبي, ومتكئا على قاعدة الحماية الإيرانية, وإرادة الولي الإيراني الفقيه بالذات الذي يعتبره رمزا ممانعا ومقاوما أسوة بزميله بشار في الشام! وذلك التصنيف الإيراني يجعل من المستحيل على حيدر العبادي مس شعرة واحدة من جسم المالكي, الذي رغم صيحات الجماهير الرافضة له والمطالبة برأسه, ورغم إقالته من منصبه الحكومي التشريفي كنائب لرئيس الجمهورية, وإنتفاء صفته الرسمية في الدولة العراقية, فإنه سافر لإيران وقابل الولي الفقيه, ومارس نشاطات سياسية ذات أهمية صرح خلالها بتصريحات معادية للمملكة العربية السعودية كجزء من حملة إيرانية شاملة ضد المملكة, عاد بعدها ليفجر قنبلته الأخرى في وجه التقرير البرلماني الذي أحيل للقضاء العراقي, والذي يتهمه صراحة بمسؤوليته المباشرة عن ضياع الموصل, وإصداره أمر الإنسحاب السريع مما عجل بالهزيمة الكارثية, وتسبب في مصرع آلاف الشباب العراقي في مجزرة معسكر “سبايكر”! إضافة إلى مسؤولية ضباطه الفاشلين من أمثال عبود قنبر وفاروق الأعرجي ومهدي الغراوي وعلي غيدان وغيرهم فكان رد نوري المالكي الصاعق من إيران يتمثل عبر سخريته من رئيس اللجنة البرلمانية التحقيقية, وهو النائب الصدري حاكم الزاملي, بقولته أن: “الزاملي هو أحد المتهمين الفعليين بممارسة الإرهاب الطائفي وقيادة عصابات طائفية كانت تقتل أهل السنة في بغداد”.
لكنه وهو يوزع إتهاماته للزاملي تناسى أن تلك الجرائم التي إقترفها الزاملي قد تمت في زمن حكومته, أي بمعرفة ومتابعة أجهزته الأمنية والإستخبارية, وإن سكوته عنها, حينذاك, يمثل مشاركة فعلية في الجرائم المقترفة, لذلك فإن إنكاره للمسؤولية عبر إلقائها على الآخرين والتشكيك في مصداقية تحقيقاتهم قد ثبت في الواقع من مسؤوليته المباشرة عما حصل, وقديما قيل: “إذا إختلف اللصوص ظهرت السرقة”! وهذا ما يحصل بالفعل في العراق الملتهب بحملات فضح الملفات القذرة التي دخلت اليوم في مرحلة حرجة, فحرب الفساد وملفاته في العراق هي من اكبر الحروب, وإجراءات رئيس الحكومة لم تلامس حقيقة إستئصال الفساد, بقدر ما رسخته من خلال التمسك بوزير يعتبر رمزا للفساد وهو حسين الشهرستاني, ولأسباب معروفة, بينما تم إبعاد وزير كفوء, وهو فارس ججو وزير العلوم والتكنولوجيا!
المهم إن ملفات الفاسدين والقتلة كثيرا ما سبق لنوري المالكي أن هدد بأنه يمتلك جميع ملفاتها بحكم تربيته الإستخبارية الإيرانية والسورية وموقعه في العمل الإرهابي في حزب “الدعوة” الإرهابي العميل, وهويحتفظ بجميع الملفات القذرة لأغراض إبتزازية واضحة, وما سيحصل حتما خلال الأيام المقبلة هو فيضان من ملفات الفساد التي ستظهر تباعا لتطفو في الشارع العراقي مسببة نزاعاً كبيراً ستتطاير شراراته بين قوى التحالف الطائفي الحاكم خصوصا. حروب ضد نوعية كبيرة بإنتظار العراق طالما رؤوس الفتنة تتحرك بحرية وسلاسة, العبادي لن يستطيع أبدا تحجيم تماسيح الفساد العراقي العظيم!

 الخوف من تراجع دخل البترول
عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط/21 آب/15

الأخبار الصحيحة مع الإشاعات والمبالغات تكاد تتفق على أننا على باب مرحلة مالية صعبة، فأسعار النفط هوت إلى أكثر من النصف، وقد تستمر في الانحدار. وهذه ليست المرة الأولى فقد سبق للمملكة العربية السعودية أن مرت بصدمة الاثني عشر دولارا للبرميل في عام 1986 وما تلاها من سنوات عجاف. ورغم أننا نعرف منذ قرن أن مدخول النفط زائل، فإننا على مدى عقود نردد دعوى السعي لتنمية «موارد بديلة عن مداخيل النفط». صارت تلك المقولة مجرد شعار بلا معنى. فالاعتماد على أموال النفط ظل يزداد مع كل ميزانية جديدة، حتى توقفنا عن التفكير في معالجة إدماننا البترول في أي زمن مقبل. بوجود سعر البترول الغالي كانت إدارة موارد النفط مهمة سهلة جدا للبيروقراطيين. ففي الميزانية بابان، الإيرادات والنفقات. لا تحتاج إلى ذكاء ولا جهد، مجرد توزيع للمتوقع من ريع مبيعات النفط ومشتقاته، هذه للمستشفيات، وتلك للتعليم، وأخرى لدعم الصناعة، وشراء الشعير والأعلاف للمواشي المستوردة، وهذه للقمح للأوادم. وتدفع الحكومة معونات للإسمنت، والحديد، والبنزين، والمشروبات الغازية، والكتب المدرسية، والأندية الرياضية، ومكافآت للدارسين في الجامعات! طالما أن هناك مشترين للنفط لا يحتاج البيروقراطيون إلى إرهاق أنفسهم بالتفكير، المسألة محاسبية فقط. وكحال المدمنين، سيأتي اليوم الصعب، عندما لا تكفيه الجرعات القليلة ويجد المتعاطي نفسه مريضا. النفط أسهل وسيلة للحصول على المال، والمال السهل يفترض أنه وسيلة استثمار وليس للإنفاق. فالإنفاق على التعليم الجيد ينجب شبابا وبنات قادرين على الإنتاج، وتحقيق موارد للبلاد، أما الخريجون غير المنتجين فيستهلكون من موارد الدولة ولا يعينونها. هل شاهدتم منتجين كثيرين يمشون على أقدامهم في شوارعنا؟ قليل جدا من أطباء ومهندسين. يفترض أن يستثمر المال الوفير في بناء صناعات قابلة للحياة بعد انقطاع موارد النفط، لكن معظم الصناعات الحالية تحصل على كهرباء وماء ووقود كلها معانة، وتدار بعمالة مستوردة رخيصة، وهذه المصانع سيغلقها ملاكها فور وقف المعونات عنهم. وفي ظل انخفاض البترول لن يبقى البلد مكتظا بالخدم والسائقين، وهي نتيجة إيجابية، لأن معظم الدول الأغنى منا والأكثر تقدما لا تعرف عادات الكسالى. التحدي الحقيقي على الحكومة أكبر، حيث يتوجب عليها أن تجد موارد مالية إضافية. مهمتها عسيرة، مما يعني أن عليها أن تعين عقولا مبدعة، وستحتاج إلى إدارة جيدة قادرة على خلق المعجزات، تخفض النفقات وتستكشف موارد إضافية. والحقيقة أن البلد واعد، فالبنوك مكتنزة بأموال الأفراد والشركات التي لا يجد أهلها مجالات يمكن أن يستثمروها فيه. ولا يزال في جيب الدولة ما يكفي من المليارات من الدولارات لتغيير الخطة والعادات القديمة. فاحتياطات الحكومة المالية والثروات الخاصة تدعو للتفاؤل وليس للتشاؤم، مهما تناقصت مداخيل البترول لكن المهمة كبيرة. من دون تعديل أهداف التعليم، وتوجيهه لنشاطات منتجة محددة فإن الخمسة ملايين طالب سيصبحون عالة إنما بلا عائل. ومن دون تغيير أسلوب إدارة مؤسسات الدولة، وخدماتها وتجويدها، فإن هذا الفيل الكبير، أي الحكومة البيروقراطية، سيتعب كثيرا، وسيجوع طويلا. وفي رأيي أنه ليس سيئا أبدا أن تنخفض مداخيل البترول، لأننا في حاجة إلى صدمة حتى نستفيق على الحقيقة، نستبق الصدمة الأكبر ونصحح المسارات، والوقت مناسب الآن.

ماذا يعني بيان مجلس الأمن حول سوريا؟
روزانا بومنصف /النهار/21 آب 2015
لا يتمتع البيان الرئاسي الذي صدر عن مجلس الامن الدولي دعماً لخطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا بقوة الالزام التي للقرارات الدولية لا سيما منها تلك التي تندرج تحت الفصل السابع بما يسمح لمجلس الأمن باللجوء الى اجراءات لفرض قراراته. لكن حتى لو صدر القرار تحت الفصل السابع ثمة شكوك في قدرة مجلس الأمن على فرض تنفيذه، والاحدث في تجارب مجلس الأمن القرار المتعلّق باليمن الذي صدر في 14 نيسان الماضي والذي قضى بحظر تزويد الحوثيين الأسلحة وفرض عقوبات على قادتهم وعلى نجل الرئيس اليمني السابق. لكن أهمية البيان ليست في تقديم الدعم لمبادرة دو ميستورا بل في كونه المنبر الذي يحدد مسار الأمور بالنسبة الى الوضع السوري. والمغزى الأساسي فيه ان هناك توافقاً بين الدول الخمس الكبرى وتحديداً بين الولايات المتحدة وروسيا على مسار حول الازمة السورية ولو ان هناك خلافاً لا يزال قائماً حول ما بات يعرف في أروقة الأمم المتحدة بعقدة الأسد نسبة الى الخلاف على مصير بشار الاسد، بين ايران وروسيا الداعمتين له منذ بداية الأزمة السورية من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من جهة اخرى. وزير الخارجية السوري وليد المعلم وجد فرصة ليعتبر البيان الرئاسي استهلاكا للوقت حتى تشرين الأول المقبل وقد ازعجه استنكار دو ميستورا للجريمة التي ارتكبها النظام في دوما والتي ترقى كما قال نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان الى “جريمة حرب” يتعيّن محاسبة المسؤولين عنها. ومنتصف تشرين الأول هو الموعد المفترض لانتهاء الادارة الاميركي من الجدل حول النووي الايراني ما يريح طهران أيضاً وقد يجعلها أكثر تشدداً. أعاد البيان الاعتبار أولاً لبيان جنيف 1 في حزيران 2012 من خلال الدعوة الى اقامة “هيئة حاكمة انتقالية جامعة لديها الصلاحيات التنفيذية كافة ويتم تشكيلها على قاعدة التوافق المشترك من ضمن استمرارية المؤسسات”. فالاتفاق الاميركي الروسي على هذا المبدأ هو الاهم ويؤكد ان هناك اتفاقا متجدداً بين القوى الكبرى على هذا المستوى، فيما ينزع من يد ايران ورقة افكار او مقترحات كانت تود عرضها على الأمم المتحدة. هذه المبادرة اجهضها البيان الرئاسي لمجلس الامن في مهدها، علما ان اي مقترحات ايرانية لن تكون قابلة للتسويق في ظل الظروف الاقليمية الراهنة من جهة، كما في ظل الظروف الدولية حيث لا يتم تقبل ايران بعد في ظل الجدل على الاتفاق النووي بين ادارة الرئيس باراك اوباما والكونغرس الاميركي. وتبرز في هذا الاطار عوامل من بينها: ان كلا من الرئيس الاميركي اوباما و الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ورئيس الائتلاف السوري خالد خوجه تحدثوا عن تغيّر في موقف موسكو من الرئيس السوري، كما لو انهم اخذوا تعهدا ما من الروس حول مصير النظام ولو ان موسكو اكدت ثباتها على موقفها. والبيان الرئاسي يقوي الموقف الروسي في هذا السياق، كما ان موافقة موسكو قبل اسبوعين، على لجنة تحقيق تحدد مسؤولية من ارتكب جرائم استخدام الاسلحة الكيميائية، تبدو كمؤشر على اعداد دقيق لتسوية لم يتم التوصل اليها بعد لكن ترسم معالمها ما يقلق النظام فعلاًً.

حدود الوهم
علي نون/المستقبل/21 آب/15
الاستنزاف الدموي الذي يتعرض له «حزب الله» في الزبداني، عيّنة مريرة عن العبث في أبهى تجلياته.. خصوصاً، إذا كان عبثاً من ذلك النوع الذي يضعه أصحابه في خانة فوق بشرية، متعلقة من جهة بالبعد الديني (المذهبي) ومن جهة ثانية بالادعاءات التخريفية الخاصة بـ«مصير الأمة» و«خيار المقاومة» و«مواجهة الصهاينة» والتصدي لـ«مشروع الشرق الأوسط الجديد»، وإسقاط «المخططات الاستراتيجية الاستحواذية» الأميركية في المنطقة.. وصولاً في آخر البيان والكلام والتخريف والتحريف الى التصدي لـ«الجماعات الارهابية التكفيرية».
ما كان هذا الحزب يتوقع (بداية) أن يقابل هديره النزالي بهدير مضاد وعلى مستواه وأكثر. ولا أن تُواجه آلته المسلحة برياح الصدأ التي تطلقها المعارضة السورية. ولا أن يُصدّ صخب البأس الذي بناه على دفعات متتالية خلال مواجهة الاسرائيليين في الجنوب اللبناني ووصل الى مواصيله بعد العام 2000، بصخب أكبر وأكثر حيوية!… يحصد في الزبداني، بلحم شبابه ودمائهم، سوء قراءاته وسقوط فرضياته. ويلمس لمس اليد ركاكة البناء التبليغي والتعبوي الذي يستند إليه والذي استبدل السوري بالإسرائيلي وعموم شعب سوريا بالجماعات التكفيرية والارهابية وما فيها من طلاسم وأحاجٍ وأوبئة! يتفاجأ بأن بضع عشرات من المقاتلين المحاصرين في الزبداني، أمكنهم كسر «الصورة» و«الفكرة» عنده، بقدر ما كسروا هجماته المتتالية المدعومة بالطيران والصواريخ ومدافع الميدان والآليات الثقيلة والوحدات النخبوية المقاتلة: هو هناك وفي كل سوريا، محتل كامل المواصفات، ولا تختلف ممارساته الحصارية والتدميرية في شيء، عن الممارسات التي واجهها هو في قتاله الإسرائيليين وجعلت من «صورته» مثالاً لـِ»المقاومة». وهو هناك، في الزبداني وفي كل سوريا، يواجه امتحاناً غير مسبوق في تاريخه: امتحان الميدان الذي أسقط عنه فرادة البأس وأسطرة القدرات. وامتحان التاريخ الذي سيذكر بوضوح صارخ أنه كان أحد أبرز أسباب تعرض الشعب السوري الى أفظع نكبة في كل تاريخه، منذ الحملات الصليبية الاولى قبل ألف عام وأكثر!
الافتراض البريء يفيد، بأن أحداً غير حزب «الله»، مصاب بالدهشة أو متفاجئ من الذي يحصل في الزبداني وفي غيرها.. كل من عليها كان يرى ولا يضرب في الرمل، بأن هذا الحزب «قام» في جنوب لبنان «وسقط» في سوريا! وانه هو وليس أخصامه ولا أعداؤه، مَن تولى ويتولى تنظيم ذلك السقوط المتدحرج والمتدرج والمتكامل والمشتمل على كل النواحي! ورطته في سوريا موازية لحجمه وصيته! وسقوطه فيها من النوع الدائم والاستراتيجي.. صحيح ان الميدان متحرك والحرب سجال، لكن الأصح هو أن الحقائق ثابتة ثبوت الجبال. وهذه لا تفيد معها، مطوّلات الادعاءات التحريضية ولا الافتراضات الموازية لـ«الفئة الناجية»! ولا كثرة اللغو بالمهام الاستراتيجية والواجبات المصيرية والالهية.. ولا التهجير والمذابح والفظاعات ولا غير ذلك، مهما طال الزمن وتوسعت المقابر وفاضت أنهار الدم المسال: سوريا لأهلها، وهم في غالبيتهم الساحقة مَن سيقرّر مصيرها. ولذلك تبعات أبعد بكثير من مصير السلطة الأسدية العابرة، ومن خرائط خطوط الفصل المهيأة لما بعد السقوط في دمشق!