كل ما نشر اليوم الإثنين عن مسرحية توقيف الأسير التي هي من انتاج واخراج وتنفيذ حزب الله ومرتزقته في الدولة وخارجها

517

  الأسير وغياب العدالة
عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط/17 آب/15

من المفارقة أن يتم الاحتفاء بالقبض على الداعية المتطرف الهارب أحمد الأسير، في وقت هناك على الأقل ثلاثة من المطلوبين دوليًا يحتسون القهوة في الضاحية، جنوب بيروت، دون أن تتجرأ الأجهزة الأمنية على اعتقالهم. تعتقل الأسير بتهم مثل التحريض، وعرقلة سير العدالة، ولا تعتقل المطلوبين الأحياء الثلاثة، المتهمين بقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. الأسير يستحق اعتقاله على تطرفه وتحريضه ومحاولته تحدي الدولة، لكن العدالة اللبنانية صارت محل سخرية العالم، عندما تتجاهل السلطات متهمين بجريمة أعظم، مثل قتلة الحريري، تفاديًا لإغضاب حزب الله. وغالبية السنة لا يهمهم كثيرًا اعتقال الأسير، إنما يغضبون من ازدواجية المعايير، والظلم الصريح ضدهم. بروز أحمد الأسير هدد التركيبة الاجتماعية السياسية القديمة لطائفته السنية. بإعلانه أنه يمثلها، ويدافع عنها، في مواجهة تنظيمات حزب الله، أحرج القيادات التقليدية. وهو في الحقيقة كان ظاهرة صوتية، ولم يكن قادرًا على بناء تنظيم ميليشيا سنية، وعندما حاول فشل. الزعامات السنية في لبنان مدنية دائمًا. وهذه التركيبة المدنية الرافضة للتسلح، عزز موقفها، بخلاف ما يظنه البعض، وجنب الطائفة، ولبنان عمومًا، حالة حرب أهلية ثانية. نجاح شعبية الأسير القصيرة سببه أنه عزف على وتر المظالم السنية، وحاول التكسب دعائيًا ضد حزب الله في القضية السورية، التي كانت تمثل أكبر جرح للسنة بشكل عام. وعندما وجد الأسير نفسه فجأة وسط الاهتمام اللبناني، والإقليمي أيضًا، كشف عن غوغائيته ضد قيادات طائفته السنة. حاول اللعب على المتناقضات المحلية. فهاجم، وحرض، على سعد الحريري، بحجة أنه لم يدافع عن طائفته في وجه حزب الله. ثم اصطف مع المتطرفين ضد السعودية ربما لينسجم موقفه مع مموليه، رغم أن السعودية كانت الداعم الأكبر للثورة السورية. مواقفه المتعددة والمتناقضة كشفت عن شخصية زعيم انتهازي. والأسير يرى في زعيم الشيعة حسن نصر الله نموذجًا يريد أن يصبح مثله، زعيمًا دينيًا سياسيًا للسنّة، لكن ما كان ذلك ممكنًا في لبنان دون دعم خارجي كبير. نصر الله وحزبه ما كان لهم وجود لولا إيران، التي التزمت طوال ثلاثة عقود بتمويل وتدريب وإدارة الحزب لمصالحها العليا في المنطقة. وجاء ذلك على حساب المجتمع الشيعي اللبناني الذي همشت قياداته المدنية المعتدلة، وطغى المتدينون المتطرفون على حياة الإنسان الشيعي، واختطف الحزب أبناء الطائفة فكريًا وعسكريًا، ليكونوا ميليشيا في خدمة الممول الإيراني السوري، فحاربوا وحدهم إسرائيل لعقود، وهم الآن يحاربون للدفاع عن نظام الأسد في سوريا. هذا الوضع ليس مقبولاً عند السنّة، ولا توجد حكومات إقليمية سنية مستعدة لبناء ميليشيات تتبعها، لأنها لا تملك مشاريع توسعية أو صدامية. وحتى الحكومات التي استغلت الأسير ودعمته سرعان ما تخلت عنه وباعته سريعًا. ومع أن الأسير يستحق الإيقاف والمحاسبة، لكن العدالة في لبنان تبدو في أسوأ أيامها، فهي تعتقل داعية دينيًا فقط لغوغائيته وتحريضه، وتترك مجرمين قتلة طليقي السراح لأنهم في حماية حزب الله! كل من يشاهد هذا الموقف المحرج، والمخجل، للدولة اللبنانية، يرى دولة تعامل مواطنيها درجات.. قانون لمواطني حزب الله وقانون للآخرين!

روايات متعدّدة للقبض على الأسير.. هنا أبرزها
خاصّ جنوبية / الإثنين، 17 أغسطس 2015
تابعت الصحف اللبنانية اليوم خبر القبض على الفار أحمد الأسير وتفاصيل إعتقاله. وهنا أبرز الروايات: “المستقبل”: “الرحلة الأخيرة”
روت مصادر مطلعة لـ”المستقبل” وقائع متصلة بعملية توقيف الأسير. وبحسب المعلومات، فإنّه كان قبيل توجّهه إلى المطار يقيم في منزل في منطقة سيروب إلى الجنوب الشرقي من صيدا عند تخوم عين الحلوة، يعود للمدعو “عبد ش.”، بحيث كان متوارياً لديه ويتنقل بين منزلين يعودان له في سيروب وجدرا. وصبيحة اليوم الذي أوقف فيه، استقلّ الأسير سيارة أجرة أقلّته من سيروب إلى ساحة النجمة في صيدا، ومن هناك استقل “تاكسي” لوحده طالباً من السائق أن يقلّه إلى المطار، وكان متنكراً بالمظهر نفسه الذي أوقف به في المطار، وهي السيارة التي جرى تعميم مواصفاتها، وأفيد أنه تم توقيف سائقها الذي تبين أنه لم يكن يعلم من هي الشخصية التي يقلّها. وإلى المطار، وصل الأسير قبل ظهر السبت حاملاً جواز سفر فلسطينياً مزوراً وكان في نيّته التوجّه إلى القاهرة ومنها “ترانزيت” إلى نيجيريا عبر الخطوط الجوية المصرية مستنداً في خطته إلى أن يساعده في الفرار تنكّره والتعديلات التي أجراها على ملامح وجهه وتسريحة شعره وشاربه، غير أنّ التعرّف إليه تم بناءً لصورة كانت الأجهزة الأمنية قد حصلت عليها من شخص في مخيم عين الحلوة كان هو نفسه قد زوّد الأسير بجواز السفر المزوّر ومن ثمّ قام بتزويد الأجهزة الرسمية بالصورة التي تظهر شكله الجديد بعد تغيير ملامحه. في حين تشير المعلومات إلى أن الأسير كان بصدد السفر إلى نيجيريا بمساعدة شخص مغترب موجود هناك تردّد أنه لبناني.
رواية “النهار”
وفي المعلومات “النهار” أن الأسير كان قد وصل من عين الحلوة الى مطار الرئيس رفيق الحريري بمفرده في سيارة مرسيدس وليس كما قيل من انه كان في رفقة شخص، وقبض عليه عند نقطة الأمن العام في حرم المطار وليس في الطائرة بعدما اثار جواز سفره الفلسطيني المزور الشكوك لدى عنصر الأمن العام، الذي طلب منه مرافقته. ولم ينكر الأسير هويته واعترف انه هو، على رغم خضوعه لعمليات تجميل. أما عن الحديث عن نجاح الأمن العام في توقيف الأسير نتيجة بصمة العين، فنفاه المصدر، موضحاً ان جهاز الأمن العام لا يملك هذه الآلة التي تخوله مراقبة بصمة العين، بل ان القبض عليه تم بعد مراقبة دقيقة وحثيثة وبسرية تامة من الأمن العام منذ مدة.
“السفير” تنشر القصة الكاملة لتوقيف الأسير
من جهتها، قالت “السفير” أنه قرابة العاشرة والربع من صباح أمس الأول، وصلت سيارة الأجرة التي كانت تقلّ خالد العباسي من بلدة جدرا الى مطار رفيق الحريري الدولي، وعندما قاربت الساعة العاشرة والنصف، وما ان قدّم جواز سفره للعسكري، حتى سأله الأخير: اسمك خالد العباسي، أجابه نعم، فاستأذنه الدخول معه الى مكتب التحقيق المحاذي. تبلّغ الضابط المعني أن خالد العباسي صار موجودا في المكتب. التقطت له أكثر من صورة، وتم ارسالها بواسطة “الواتساب” الى الضابط المعني في مكتب المعلومات في المديرية العامة للأمن العام. تكامل جهد مختبر الأمن العام في المطار مع مكتب المعلومات، في الجزم بأن جواز سفر خالد العباسي مزور. عندها صار أمر توقيفه محسوماً، ليبدأ البعد الأمني في المديرية العامة للأمن العام في المتحف. هناك، ما ان تسلم الضابط الكبير الموقوف خالد العباسي، حتى كان يخاطب المدير العام للأمن العام الموجود في مسقط رأسه بلدة كوثرية السياد: مبروك سيدي. أحمد الأسير صار في ضيافتنا في المديرية. ولفتت “السفير” إلى انه قبل هذه اللحظة، كانت قد اتخذت اجراءات في مطار بيروت وأروقته شاركت فيها قوة مؤلفة من 40 عسكرياً من الأمن العام. المفارقة اللافتة أن هذه القوة لم تتحرك من أماكنها، ولم تصدر عنها أية حركة تلفت انتباه المسافرين. وقالت “السفير” أنه منذ ستة أشهر، تلقى الأمن العام إشارة حول نيّة الأسير مغادرة لبنان بأوراق مزوّرة الى الخارج، وقبل ثلاثة اشهر، تمّ التأكد أنه مصمم على المغادرة وهو اختار التوجه الى نيجيريا بسبب إمكان حصوله على تأشيرة من السفارة النيجيرية في بيروت عبر إحدى شركات السفر، ومن دون الحاجة الى الحضور شخصياً. وتمّ تشكيل أكثر من مجموعة في الأمن العام. مجموعات كانت تراقب حركة اتصالات مشتبه بصلتها بالأسير. مجموعة كانت تتواصل مع مجموعة مخبرين في صيدا وإقليم الخروب والشمال. مجموعة كانت تقوم بوضع كل الصور التي يمكن أن ينتحلها الأسير عبر برنامج “فوتوشوب” متطور. مجموعة كانت تدقق في الأمن العام في رحلات الطيران والمسافرين، خصوصا الى نيجيريا وعواصم أخرى. وفيما كان الجهد متمحورا حول كمين مطار بيروت، كادت الصدفة تجعل الأسير يقع في قبضة الأمن العام في مطلع هذا الشهر، وذلك أثناء وجوده في منطقة شرحبيل لولا مصادفة تحرك دوريات عسكرية لبنانية في المنطقة جعلت الأسير يغير مكانه سريعا باتجاه عين الحلوة.
وقد حمل أحمد الأسير وفق “السفير” مجموعة من الأوراق الشخصية، بينها جواز سفره الفلسطيني المزوّر باسم خالد علي العباسي ووالدته فاطمة وهو من مواليد صيدا 1972، وهو صالح لمدة ثلاث سنوات. كما حمل بطاقة هوية مزوّرة خاصة باللاجئين الفلسطينيين، وفيها أنه من مواليد صيدا (1972) ومن سكان حي البراد. كما حمل جواز سفره تاشيرة سياحية الى نيجيريا بدءا من تاريخ 10 آب 2015 ولمدة شهرين من تاريخه.

هذه اعترافات الأسير.. وقد تعاون مع المحقّقين
خاصّ جنوبية /الإثنين، 17 أغسطس 2015
خطف الانجاز الامني للامن العام الذي حققه بتوقيف الشيخ السلفي الفار منذ أكثر من سنتين احمد الاسير ظهر السبت، لدى محاولته مغادرة مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي متنكراً ومبدلاً ملامحه، الاضواء عن الأزمة السياسية – الحكومية، خصوصاً ان كل محركات الاتصالات والوساطات في شأن هذه الازمة اخمدت طوال الايام الاخيرة في انتظار معاودتها مطلع الاسبوع.
بعد 48 ساعة على توقيف الشيخ أحمد الأسير (47 عاماً) في مطار رفيق الحريري الدولي، وإحباط مخططه الرامي للإنتقال إلى نيجيريا عن طريق القاهرة، ووقوعه في قبضة الأمن العام اللبناني الذي سيحيله إلى المحكمة العسكرية، ريثما تنتهي التحقيقات التي تجريها شعبة المعلومات في الأمن العام، بإشراف المدير العام اللواء عباس إبراهيم، بقي هذا الملف في دائرة الاهتمام، سواء في ما خصّ تقصي المعلومات المتعلقة بهذا “الحدث الكبير”، أو النتائج التي ستترتب عليه سياسياً، وعلى صعيد قضية العسكريين المخطوفين وملاحقة سائر المطلوبين للعدالة..
إلى المحاكمة..
وحتى ليل أمس كان الأسير وفق “النهار” لا يزال موقوفاً في المديرية العامة للأمن العام حيث يجري استجوابه وسينقل لاحقا الى المحكمة العسكرية. ورجحت مصادر قضائية لـ”المستقبل” أن تتم إحالة الأسير غداً للمثول أمام المحكمة العسكرية بعد الانتهاء من التحقيقات الأولية الجارية لدى “معلومات” الأمن العام تحت إشراف مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود.
وأشارت “المستقبل” إلى أنه ينتظر اتضاح قرار المحكمة العسكرية ما إذا كانت بصدد فصل ملف الأسير عن ملف الموقوفين في أحداث عبرا أم إلحاقه به ربطاً بكونه المطلوب الأساس في المحاكمات في القضية والتي باتت في مراحلها النهائية. وفيما تكتمت أوساط التحقيق عبر “اللواء” عن الوقت الذي ستستغرقه هذه العملية “بالنظر إلى ما في جعبة الأسير من معلومات وما لديه من مخططات على إطلاع عليها أو متورّط فيها”، كشفت مصادر أن ملف المحاكمات سيتوقف بانتظار ضم أوراق الأسير إليه، باعتباره أبرز متهم موقوف فيه.
وإلى ذلك، قالت مصادر واسعة الاطّلاع لـ”الجمهورية” إنّ التحقيقات الأوّلية التي خضَع لها الأسير “لم تكن صعبة إطلاقاً، نظراً إلى حجم الثقة التي كانت موجودة بأنّه هو الأسير بلا شكّ، لأنّ كلّ المعلومات عنه كانت موثوقة وعلى جانب كبير من الدقّة، ما جعلَ توقيفَه عملية نظيفة لم يَشعر بها أحد حتى في المطار عندما اصطحبَه ضابط في الأمن العام بلِباس مدني ورافقَه إلى مكتب التحقيق من دون أن ينتبه إلى ما حصل أيٌّ مِن ركّاب الطائرة وروّاد المطار”.
وذكرَ مرجع معني لـ”الجمهورية” أنّ التحقيق “كان سَهلاً، وتجاوَب خلاله الأسير في التعريف عن نفسه، وردّ على أسئلة المحقّقين بسهولة، متردّداً في بعض الأسئلة، ليتذكّر وقائع محدّدة واجَهه بها المحقّقون، كاشفاً عن كثير ممّا هو في عهدة الأمن العام من معلومات، فيُؤكّده ويوضح جوانبَ منه كانت تحتاج إلى توثيق وتوضيح من دون أيّ مفاجآت”. أوضَح أنّ الأسير أكّد المؤكّد في التحقيقات وكشفَ عن قضايا يمكن اعتبارها حسّاسة ومهمّة، لأنّها أضاءت على ملفّات عدّة وكشفَت عن أخرى ستسَهّل عملاً أمنيّاً إستباقياً بدأ بدَهمٍ في مناطق عدّة في جوار صيدا ومنطقة سيروب وعبرا منذ اللحظة الأولى للاعترافات، وسَهَّلَ الإيقاع بعدد من المتورّطين في عمليات كانت متوقّعة أو يخطّط لها ولم يكشف عنها كاملةً بعد. ونَبَّه إلى ضرورة الترَيّث في نسجِ السيناريوهات ومنها التي نشِرَت، لأنّ كثيراً ممّا نُشر لم يكن صحيحاً، وأنّ مثولَ الأسير أمام القضاء في غضون 12 ساعة على الأكثر من اليوم سيُغيّر معظمها ويوضح ما ذهبَت إليه بعض المخيّلات.
وأخضع والدا الأسير هلال ومريم أمس، إلى فحص الحمض النووي لدى الأمن العام للتثبت علمياً وجينياً من أنه الأسير فعلاً وذلك بناء لطلب النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود الذي أوضح ان هناك قراراً اتهامياً سبق ان صدر بحق الأسير عن قاضي التحقيق العسكري، ما يعني ان ملفه القضائي متكامل، ولا يحتاج إلى وقت طويل للمثول أمام المحكمة، لكن لا بدّ من اجراء تحقيق أولي وتأسيس محضر يكون مستنداً أساسياً للاستجواب الذي سيخضع إليه الأسير أمام المحكمة العسكرية في محاكمة علنية.
وقال مصدر قضائي رسمي لـ”السفير” إنّ الأسير لن يستجوب أمام قاضي التحقيق العسكري الأول إلا إذا ادعي عليه بتهم جديدة (كتزوير مستندات)، وإنما سينفّذ به رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل إبراهيم وجاهياً، مذكرة التوقيف الصادرة بحقّه. ولم يستبعد المصدر أن يساق إمام “مسجد بلال بن رباح” إلى الجلسة المخصّصة لمرافعات عدد من موقوفي عبرا غداً، إذا ما أرسل الأمن العام إشعاراً بتوقيفه إلى “العسكرية” قبل هذا الموعد، غير أن مصادر الأمن العام قالت إن هذا الأمر غير محسوم حتى الآن.

 

الاسير: الحق والحماقة
نديم قطيش/المدن/الإثنين 17/08/2015

إختار الداعية السلفي أحمد الأسير، الذي اوقفه الأمن العام اللبناني يوم السبت الفائت، طريقاً لا توصل الا الى ما وصل اليه. كانت صورته التي تنذر بنهايته تلك التي تظهره وقد ارتدى لباساً عسكرياً أسوداً حاملاً بندقيته الرشاشة. استسهل الاسير لعبة السلاح في مواجهة سلاح حزب الله، الذي، لأسباب كثيرة، يحتفظ ببقايا شرعية لسلاحه، وهو أكثر عدة وعديداً وخبرة، وأعمق في علاقته بمؤسسات النظام اللبناني لا سيما الأمنية والعسكرية، ما يجعل لعبة السلاح لصالح حزب الله، حتى إشعار آخر.
قوة أحمد الأسير كانت في حجم الاعتراض المدني وشبه العصيان، على حال الشذوذ الوطني التي يمثلها سلاح الحزب ودوره في الحياة السياسية والاجتماعية في لبنان، ولو بموازاة خطاب ولغة مذهبيين، مضادين للهوية المذهبية لحزب الله. لكنه في العمق كان يشكل صرخة تعترض بالعقل والمنطق البسيط والجماهيري على كل ما يمثله حزب الله من لا توازن في تركيبة البلد وعلاقات طوائفه ومواطنيه ببعضهم البعض.
لم يعزه السلاح. على العكس. لعبة السلاح سهلت على خصومه القضاء عليه. إستدرج بعد أسابيع من هذه الصورة، التي اراد القول من خلالها إن الحديد لا يفله الا الحديد، الى الاصطدام بالخط الاحمر وهو الاصطدام بالجيش اللبناني، وكان الاستدراج مقدمة لتصفيته. دم الجيش اللبناني على يديه، قاتَله شخصياً أم لم يقاتل، أسقط الحالة الصعبة التي شكلها الاسير في وجه حزب الله كما في وجه تيار الاعتدال الذي كانت بدأت تسوويته وفائض حرصه على مرتكزات السلم الاهلي تُشعر جمهوره بشيء من الغربة في مكان، والدونية تجاه خصومه في أمكنة ثانية. سقط الاسير في اول فخ جدي نصب له، مبدداً حالة حقيقية من الاعتراض لم يسبقه الى تمثيلها خارج إطار السنية السياسية اي فرد او مجموعة. وكان يعبر عن وجدان كبير في صفوف قوى الرابع عشر من آذار. تحديداً في الجزئية المتعلقة بشجاعة إعتراضه على الامر الواقع الذي يمثله التعايش مع سلاح حزب الله. رفض الأسير لهذا التعايش بوصفه الممر الإلزامي للحفاظ على السلم الاهلي مقابل التخلي عن المساواة بين المواطنين والطوائف، كان يخاطب في العمق مزاجاً وجمهوراً متعطشاً لقول الاشياء بفجاجة، وإن كان التقاؤه مع الاسير لا يتجاوز هذه النقطة المركزية. أحمد الأسير، بعد معركة عبرا، وتورطه بدم الجيش اللبناني، ثم إعتقاله، نعجة سوداء، لا يثير شهية أو مصلحة أحد للدفاع عنه. لكن يخطىء من يتصور أن أعتقال الأسير، أعتقل معه أجندته وعناوين المظلومية الحقيقية التي عبر عنها، قبل إصطدامه المريع والأحمق بالجيش اللبناني. أقصى ما يمكن أن يقال في هذه الحالة، أن الأسير بنزقه وتسرعه وربما بصعود البخار الى رأسه، هو ممثل شديد السوء لقضية شديدة الأحقية. ولو ذهبنا بسوء النوايا الى غايته المنطقية، لقلنا إن الاسير هو مؤامرة على القضية التي ادعى تمثيلها. سيختار كل من موقعه القراءة التي تناسبه. لكن هذا لا يلغي حقيقة أن الاسير قال كلاماً محدداً في مواجهة الظلم والشذوذ الذي يمثله حزب الله، وهو كلام دقيق وحقيقي، ويعبر عن شريحة من الناس تتجاوز بكثير، مريديه وأنصاره.
إعتقال الداعية أحمد الأسير الآن يعيد تسليط الضوء على هذه القضية التي إنتسب اليها الرجل متأخراً. لا يناقش أحد في لبنان في عدالة ومشروعية اعتقال الاسير نتيجة اصطدامه الدموي بالجيش. لكن اختصار سيرة اعتراضه بلحظة الاصطدام هذه وادغام قضيته بعنوان التمرد على الدولة يوفر الاسباب لإستئناف أسير آخر، ما بدأه الأسير الأول. التوقيف نفسه بما هو عدالة انتقائية بحق فريق دوناً عن غيره من الفرقاء برهان على عدالة القضية التي مثلها الأسير وصوابها، مع تسجيل تحفظي الشديد على ادائه وانحيازي التام لحق الدولة ودماء أبنائها. غير أن جمهور الأسير الذي تنامى لديه الشعور بوجود رتبتين للمواطنة في لبنان، مواطن حزب الله وبيئته المتحصن ضد القانون والعدالة خلف غلالة المقاومة، والبقية جميعاً، ممن يطالهم وحدهم القانون وعناوين الانتظام العام، هذا الجمهور قدمت له الدولة في لحظة التوقيف دليلاً على صواب خياراته وظنونه. الجهود الجدية التي بذلت لتوقيف الاسير، وهي واجبة، لم يبذل جزء الجزء من أجزائها للبحث عن المتهمين بقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، دعك عن توقيفهم، وبينهم من شارك في مناسبة علنية مصورة.
التوازي بين توقيف أحمد الأسير وتمتع اولئك المتهمين بالحرية التامة هو الطاقة المولدة لأسير آخر سيظهر بيننا حتماً، وهو القضية التي لا يمكن اعتقالها وتوقيف قوة دفعها باعتقال وتوقيف الأسير. الأسير هو نتيجة منطقية للإختلال العميق الذي يمثله مشروع الغلبة المذهبية لحزب الله في لبنان بما هو مادة إيرانية شديدة الانفجار مزروعة داخل انسجة السلم الاهلي والاجتماعي اللبناني.

 

صيدا: الأسير لم يمر من هنا
صبحي أمهز/المدن/الإثنين 17/08/2015
صيدا: الأسير لم يمر من هنا! هاجس “المستقبل” ألا يؤثر التوقيف على تسريع محاكمات الموقوفين بأحداث عبرا.
انتهت حالة الشيخ أحمد الأسير، وتغير لقبه، من “الشيخ الفار” أو “المطلوب إلى العدالة”، إلى “الشيخ الموقوف”، بعد إلقاء القبض عليه يوم السبت في المطار بعد محاولته الخروج من لبنان بجواز سفر فلسطيني مزور، لكن الأبرز يبقى في حالة الهدوء التام التي شهدتها مدينته صيدا، ما عد تخلياً كلياً عن الأسير وظاهرته وما رافقها، وكأنه لم تخرج منها هذه الحالة، أو كأنه لم ينجرف نحوها عدد من أبناء المدينة.
بعد التوقيف، اتجهت الانظار إلى مسقط رأسه صيدا، وسط مخاوف من ردود فعل شعبية، إلا أن مصدراً صيداوياً رفيعاً يؤكد لـ”المدن” أن حالة المدينة طبيعية جداً، ولا أحد يشعر ان هناك حدث أمنياً قد وقع، ويقول ان “الحركة الاحتجاجية للنساء أساسها زوجة الأسير، وهذا الأمر لا يعدو كونه ردة فعل طبيعية، إذ ان زوجته لم تظهر إلا بعد توقيفه، ولا تملك أي حيثية وعدد النساء المعتصمات ما هو إلا مؤشر على ضعف الالتفاف الشعبي حولها”.
في الشارع حضر الخبر كأولوية مثل كل المناطق اللبنانية لا أكثر. وتجمع الأوساط الصيداوية على أنه لا يوجد حالة للاسير في صيدا اليوم، إذ لا أحد يجاهر بتعاطفه معه شعبيا على الأرض، بل فقط بعض الحالات على مواقع التواصل الإجتماعي.
وفي هذا الإطار، تشرح مصادر “المدن” ان “من كان يدور سابقا في فلك الأسير، إنقسم إلى ثلاثة مجموعات، الاولى تم توقيفها، والثانية فرت إلى خارج لبنان والثالثة لا تزال متوارية عن الأنظار ولا تشكل عدداً كبيرا وتقتصر على حلقة مصغرة دخلت مع الأسير إلى عين الحلوة بعد أحداث عبرا، الأمر الذي يجعل من الأخيرة غير مؤثرة ولا مصدر قلق لجهة إمكانية إحداث خضات أمنية بعيد التوقيف”. في الشارع الصيداوي، ثمة حديث متنامٍ عن أن هذه الحالة لم تخدم قبل واليوم سوى “حزب الله”، وبالتالي تبرر سبب انفضاض الناس من حولها، خصوصاً لناحية الاجندة التي وضع في خدمتها، وتقول المصادر ان الاسير خدم مشروع “حزب الله” بطريقة أو بأُخرى، وضرب الساحة الصيداوية، وتالياً الساحة السنية. وتستشهد بفرار الأسير بعد معركة عبرا، وتوقيت توقيفه اليوم بعد أن إنتهت ورقته.
في هذا الاطار، تتخوف مصادر مقربة من “المستقبل” من ان “يحاول الفريق الاخر ان يخلط الاوراق والاستثمار لخدمة مشروعه، فالطريقة التي توقف فيها الاسير وردة الفعل البسيطة مؤشر على أن الأسير ليس له غطاء باستثناء مشغليه الذين استفادوا منه وعندما انتهى دوره تم القاء القبض عليه “. وتقول المصادر ان الحديث عن ان بلال بدر هو من دعم الأسير فيه الكثير من المبالغة، ويتساءل المصدر: “لماذا لم يتم التطرق إلى اسامة الشامي وعصبة الأنصار وحركة حماس الذين أمنوا جواز السفر للأسير؟”، قبل أن يضيف أن “هناك خرقاً حققه حزب الله بطريقة غير مباشرة، لعناصر من حماس وعصبة الأنصار قد تكون هي من سهلت كشف أمر الأسير”. وبعيد توقيف الأسير يطرح التساؤل عن مصير ملف فضل شاكر، إلا أن المصادر تؤكد أن “شاكر لا يزال متواريا بإنتظار نضوج صفقة ما يحكى عنها لتسوية وضعه”، أما النائب بهية الحريري، فتقول مصادر مقربة منها لـ”المدن” أنها “مرتاحة جدا” لكن “همها يكمن في اقفال الملف وإخراج من توقف بسبب الأسير، خصوصاً أن هاجسها ألا يؤثر التوقيف على تسريع محاكمات الموقوفين بأحداث عبرا”.