كمال رشا/لهذه الاسباب يتداعى التيار العوني

309

لهذه الاسباب يتداعى التيار العوني.
كمال رشا/من مدونته
07 آب/15

هل بلغ التيار العوني نهاية الطريق؟ ولماذا يتلقى الضربة تلو الضربة من دون ان يستطيع الرد على اي منها؟
يشير مراقبون الى ان التيار العوني لا يعيش افضل ايامه، فحال الارباك والتخبط تضربه من جميع جوانبه، ويبدو الجنرال عون وكأنه أسقط في يديه يحاول لملمة ما يمكنه والحد من الخسائر المتتالية التي اوقع التيار بها.
دهمت الاستحقاقات التيار، فالجنرال وضع على الطاولة جملة مطالب، في الوقت المستقطع بين انتهاء الازمة السورية وجلاء الصورة الاقليمية، محاولا وضع الحلفاء والخصوم امام امر واقع يساعده على تحسين شروط حضوره على الساحتين الوطنية والمسيحية إضافة الى ترتيب البيت الداخلي تحسبا للقادم من الايام.
اول الاستحقاقات، كان الدعوة الى انتخاب رئيس للتيار، فهذه الخطوة التي كان مقدرا لها ان تكون دمقراطية بامتياز، عملا بادبيات التيار منذ نشأته، والتي استدعت إنضمام الكثير الى التيار، خصوصا رفض التوريث السياسي، تحولت الى عقدة تهدد بإحداث شرخ داخل التيار، بعد ان انحصرت المنافسة بين الصهر وابن الشقيقة، ما احرج العونيين بعد ان كانوا عناصر في التيار الوطني الحر، فاصبحوا انصارا للعماد عون، واحرج ايضا الجنرال الذي لم يخطر في باله يوما ان احدا في التيار بتجرأ على مخالفة رغبته في تولية الوزير باسيل رئاسة التيار.
الاستحقاق الثاني، ويتمثل بمحاولة الجنرال إيجاد موقع لصهره العميد شامل روكز، فرفع السقف عاليا، وهدد الجميع، حلفاء وخصوم، ما لم يعين العميد روكز، قائدا للجيش، وانزل تظاهرة خجولة الى مقر الحكومة بعد ان كان يحشد لها منذ اشهر، فجاءت التظاهرة مخيبة لآمال الجنرال، قبل الخصوم، وأصدرت الحكومة قرار بالتمديد للقادة المنيين، وما زال الجنرال يهدد.
ثالث الاستحقاقات، استهداف المؤسسة العسكرية للمرة الاولى في تاريخ التيار العوني، حيث لم يألو الجنرال عون في انتقاد المؤسسة العسكرية وقائدها، في عز مواجهات يخوضها الجيش على غير جبهة داخلية وعلى الحدود، في حين انه وقبل اشهر كان ما يسمى ب”انصار الجيش” يقطعون الطرقات دعما للجيش، في مواجهة المسلحين في طرابلس، وفي عبرا وسواها….
ورقة إعلان النوايا مع حزب القوات اللبنانية، هي الاستحقاق الرابع، هذه الورقة لم تمر الى الآن مرور الكرام في صفوف العونيين، الذين بنوا استراتيجيتهم خلال عقود على العداء المستحكم للقوات ولرئيسها سمير جعجع، وجاءت ورقة إعلان النوايا لتنهي هذا العداء، من دون ان يسجل للتيار العوني، اي مكسب كان يتوقعه خصوم جعجع في التيار، على شكل تنازل من القوات او اعتراف بالاخطاء في حق العونيين او اعتذار منهم، وعلى العكس من ذلك افقدت ورقة النوايا الجنرال عون الكثير من خطابه التحريضي، حيث كانت حشود العونيين تتحمس للمشاركة في اي نشاط حزبي إذا كان المستهدف القوات ورئيسها سمير جعجع.
ورقة إعلان النوايا إنقلب سحرها على الساحر الجنرال، حيث اعقبها بالدعوة الى استطلاع رأي اراد منه الجنرال إثبات اولوية زعامته على المسيحيين، واندفع مع قياديين في التيار نحو تسويق مبدأ إستطلاع الرأي، وفي يقينه ان النتائج ستأتي لصالحه، ما يضع الحلفاء والخصوم امام إعادة تأكيد زعامة عون المسيحية، ودعوتهم تاليا الى إنتخابه رئيسا للجمهورية، عملا بنتائج الاستطلاع الذي لم ولن يحصل، لان الانتخابات النيابية لم تحصل.
وحقيقة الامر ان القوات لم تمانع إجراء الاستطلاع إلا أنها أعلنت عن عدم مشاركتها فيه، وعن ان نتائجه ليست ملزمة، في حين ان شركة الاحصاء التي سعى الجنرال لتكليفها إجراء الاستطلاع رفضت القيام به ما لم يشارك حزب القوات عبر مراقبين او شركة ثانية من قبل القوات حرصا على الصدقية والمهنية، وعند هذا الحد توقفت مساعي الجنرال.
وفي المعلومات ان استطلاعات رأي أجريت بطريقة جانبية من قبل سفارات أجنبية وشركات محلية، وجاءت نتائجها مخيبة لآمال الجنرال، حيث اظهرت تقدم القوات على التيار العوني مسيحيا، ما دفع الرئيس بري الى ارسال رسالة الى الجنرال يسأله ما إذا كان يقبل بتبني ترشيح الدكتور جعجع لرئاسة الجمهورية إذا ما أظهر استطلاع الرأي تقدمه على الجنرال؟.
مدير شركة استطلاع قال إن اي استطلاع للرأي يجري حاليا سيكون مخيبا لآمال الكثيرين لان المستطلعين يعانون يوميا من تراكم النفايات وانقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الازمة الاقتصادية، وان الهم السياسي ليس في سلم اولويات اللبنانيين، وتاليا لا احد يستطيع التكهن بنتائج أي استطلاع خصوصا ان التيار العوني لم يدل بأي موقف في شأن معالجة النفايات ما يثير علامات استفهام حول هذا السكوت.!
والى ما سبق يشير مدير الشركة، الى ان التيار العوني إستطاع مع حكومة الرئيس ميقاتي الامساك بزمام عشر وزارات، مدة ثلاث سنوات تقريبا، فلم يثبت وزراء التيار اي تقدم على مستوى خطاب الاصلاح والتغيير، بل على العكس من ذلك، تراجع آداء وزارة الطاقة وكل الطاقات، بإدارة الوزير جبران باسيل، على الرغم من كل الوعود والاعلانات الدعائية، والخطط العشوائية لتطوير قطاع الكهرباء، تزامنا مع الخطة العشوائية للسدود المائية التي لم يتم تنفيذ اي سد منها بطريقة علمية الى الآن.
ويحّمل انصار العماد عون، ورقة التفاهم مع حزب الله مسؤولية القصور في آدائهم، فالحزب منع وزراء التيار من تعيين حتى نواطير الاحراج، ما لم يوافق الحزب، والحزب لا يريد الجنرال رئيس ولا العميد روكز قائدا للجيش، وإلا لكانت مسألة انتخاب رئيس اصبحت خلفنا.
كل ذلك اثار جملة تساؤلات لدى العونيين من غير المنتفعين مباشرة، من بينها إذا كنا التزمنا “الكتاب البرتقالي”، لانتخابات العام 2005، وطويناه لصالح ورقة التفاهم مع حزب الله، قبل صياح الديك، وإذا كنا التزمنا كتاب “الابراء المستحيل” وطويناه، لصالح حوار مع المستقبل، فكيف يمكن لنا ان نبرر الموقف ونقيضه في مهلة زمنية قصيرة، ليتبين لاحقا ان كل ما في الامر مصالح عائلة الجنرال وشخصه.
لهذه الاسباب مجتمعة، يقول مدير شركة الاحصاء، يتهيب الجنرال السير في استطلاع الرأي في المرحلة الراهنة، وهو قد يلجأ اليه في وقت في حال تبين له ان النتائج قد تعيده الى واجهة الصدارة.
مراقبون يؤكدون ان التيار ليس في افضل ايامه فهو يقبع في منطقة وسطى، تتناتشه القيود التي الزم نفسه بها في ورقة التفاهم مع حزب الله ومراعاة مقتضياتها، وورقة النوايا مع القوات ومراعاة مقتضياتها، والاستحقاقات الداخلية، فلا يجد اماه سوى تيار المستقبل ليحمله مسؤولية المصائب والنوائب التي تصيب التيار والبلاد وربما المنطقة العربية بكاملها لاحقا.