في الكواليس طبخة قديمة – متجدّدة لإنقاذ الحكومة والمجلس/التمديد لرئيس الأركان حُسم وبري «كسَر الجرّة» مع عون ولن يصوّت له رئيساً

278

في الكواليس طبخة قديمة – متجدّدة لإنقاذ الحكومة والمجلس
هدى شديد/النهار/4 آب 2015/لا جديد تقدمه جلسة مجلس الوزراء هذا الاربعاء سوى تثبيت المأزق الحقيقي الذي تقف أمامه جميع القوى السياسية عاجزة عن ابتداع حلّ ولو لعقدة واحدة من العقد المتناسلة من جلسة الى اخرى. ملف النفايات يفرض نفسه بنداً طارئاً، والاتجاه الإلزامي امام الجميع بات البحث في امكانات تصدير هذه النفايات الى الخارج. وفي ما عدا ذلك،فإن موقف “تكتل التغيير والإصلاح” وحليفه حزب الله ما زال على حاله، لجهة الإصرار على البحث في آلية عمل الحكومة واعتماد قاعدة التوافق في ظل الشغور الرئاسي، ووضع حدّ لما يعتبرونه مخالفات بتأجيل التسريح للقيادات الأمنية. هل يطرح وزير الدفاع سمير مقبل اسماء ثلاثة عمداء هم الأعلى رتبة من الطائفة الدرزية لتعيين احدهم مكان رئيس الأركان اللواء وليد سلمان الذي يخرج على التقاعد في السابع من هذا الشهر؟ جدول اعمال مجلس الوزراء هو نفسه المرحّٰل من الجلسة السابقة، ولا يلحظ اي بند في موضوع التعيين. وهذا الموضوع يمكن رئيس الحكومة تمام سلام طرحه من خارج الجدول، بالتشاور مع وزير الدفاع اذا تأمّن اتفاق سياسي في شأنه، الا ان هذا الاتفاق غير موجود. كما أن مقبل يتكتٰم على اي خطوة سيقدم عليها سواء في مجلس الوزراء، او في أعقاب الجلسة، مع العلم ان كل المعطيات تتقاطع على التمديد سنتين للواء سلمان بناء على اقتراح من قائد الجيش العماد جان قهوجي.
امام هذا المأزق الذي يتهدّد مصير الحكومة، آخر المؤسسات الدستورية التي يصرّ على بقائها الداخل والخارج، علم ان طرحاً قديماً – متجدداً عاد الى التداول في الكواليس، ويفترض ان يكون البند الرئيس في حوار “حزب الله” و”تيار المستقبل” هذا الأربعاء في أعقاب جلسة مجلس الوزراء: مشروع او اقتراح قانون لرفع سن التقاعد للعسكريين الذي كان “نائماً” في درج الأمانة العامة لمجلس الوزراء بسبب خلافات سياسية حوله، وبسبب تحفّظ قيادة الجيش عليه لأسباب لها علاقة بالتخمة التي يخلٰفها على صعيد العمداء وتأثيره في هرمية المؤسسة العسكرية. ولكن المعنيين بالاتصالات الناشطة لابتداع حلّ ينقذ الحكومة والمجلس معاً يتداولونه كأحد المخارج الكفيلة بإعادة تفعيل الحكومة والمجلس معاً. صحيح أن لا إمكان، لطرحه على جدول الاعمال في الحكومة ليقرّ بمشروع قانون، وصحيح ان المجلس النيابي ليس في دورة عادية ومرسوم فتح الدورة الاستثنائية ما زال ينتظر التوقيع من وزراء التكتل وحزب الله، الا أن الاتفاق السياسي في حال تحقّقه يمكن ان يفضي اما الى تمريره في الحكومة او الى تقديمه باقتراح قانون من احد النواب، وهذا ما يجري العمل عليه.
حزب الله لا يرى افقاً للحل الا بالحوار بين المستقبل و”التيار الوطني الحر”، وإلا فإن الجميع سيُصبِح أسير المأزق الشامل. اما العماد ميشال عون فيبدو ان هذا الطرح لم يعرض عليه بعد، خصوصاً وانه كان احد ابرز المتحفظين عليه. ولكن الاتفاق على المضي بتسوية جزئية بانتظار ان يحين وقت التسوية الكبرى يتطلّب تنازلات من الجميع، وهذا ما يمكن ترجمته باتفاق بين القوى السياسية على المضي بهذا المخرج الذي يتيح للجميع في المساهمة بإنقاذ الحكومة وإعادة تفعيل المجلس، وترحيل أزمة التعيينات الأمنية من خلال حفظ حقّ كل الأطراف في تأجيل تسريح قانوني لكل الضباط والعسكريين. هل يقبل العماد عون بالمشاركة في فتح الدورة الاستثنائية؟ أوساط الرابية تؤكد ان العماد ميشال عون لم يعارض مبدأ تشريع الضرورة، وهو على موقفه لجهة اشتراطه وضع جدول اعمال يبدأ من قانون الانتخاب واستعادة الجنسية اضافة الى الطارئ من الاستحقاقات المالية. اما طبخة الحلّ لمأزق التعيينات الأمنية فلم يطرح عليه بعد. طابخو هذا المخرج ما زالوا يحيطونه بالسرّية حرصاً على إنجاحه باعتباره خشبة الخلاص الأخيرة قبل غرق كل المؤسسات الدستورية في بحر التعطيل والموت السريري، مع تهيٰب جميع القوى السياسية، خطورة ما ينذر به ذلك من انهيار سياسي وأمني وحتى اقتصادي – مالي، وخصوصاً مع الاستحقاقات المالية الداهمة، ومنها ضرورة تسديد سندات اليوروبوند، وتأمين رواتب موظفي القطاع العام. هل ينجح تعويم هذا السيناريو؟ الايام القليلة المقبلة هي الحدّ الفاصل.

لبنان يترقّب «الأربعاء الساخن» و«التيار الحر» يلوّح بـ «تحرّك موجِع»
التمديد لرئيس الأركان حُسم وبري «كسَر الجرّة» مع عون ولن يصوّت له رئيساً
بيروت/الراي/04 آب/15
في وقت لامست فيه الحرارة الاربعين درجة مئوية، يشي المناخ السياسي في بيروت بمزيد من السخونة، عشية جلسة الخيارات الصعبة التي يعقدها مجلس الوزراء غداً، على وقْع ملامح أزمة اجتماعية تطلّ برأسها من جبال النفايات التي تتراكم فوق عجز عن الحلّ، وتقنين غير مسبوق في الكهرباء، والمخاوف من مشكلة رواتب في القطاع العام، نتيجة الشلل المتمادي في عمل المؤسسات الدستورية.
وقبل ساعات من موعد الجلسة الوزارية الحاسمة، بدا أن ما كُتب قد كُتب على صعيد أبرز البنود الإشكالية المتعلّقة بالتمديد للقادة الأمنيّين والعسكريين، إذ إن قرار تأجيل تسريح رئيس الأركان في الجيش اللبناني اللواء الركن وليد سلمان بات جاهزاً في جيْب وزير الدفاع سمير مقبل، الذي سيعمد الى طرح عدد من الأسماء على مجلس الوزراء لاختيار أحدها لتولي هذا المنصب، إلا أن أياً منها لن ينال التوافق المطلوب، ما يجعل مقبل يسير بالتمديد لسلمان الخميس، اي عشية انتهاء خدمته 7 الجاري.
وبهذا السيناريو شبه المحسوم، يكون زعيم «التيار الوطني الحر» النائب ميشال عون تلقّى ضربة جديدة لمساره الاعتراضي على التمديد لسلمان كخط دفاع – هجومي، للدفْع نحو منْع تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي في سبتمبر المقبل، وذلك في إطار المعركة التي يخوضها لايصال صهره العميد شامل روكز الى رأس المؤسسة العسكرية. ورغم ان جلسة الأربعاء مخصصة لاستكمال بحث مقاربة عمل الحكومة على ان تتخلّلها مناقشة لملف النفايات وسْط بدْء صدور تحذيرات من «فائض» النفايات التي تملأ الشوارع في جبل لبنان والتي تنذر بالعودة الى شوارع بيروت في ظلّ الكلام عن أن خيار تصديرها الى الخارج يحتاج – اذا بُت – الى وقت للسير به، فإن ملف التمديد لرئيس أركان الجيش سيشكّل الاختبار الفعلي للعديد من الأطراف وسيظهّر ما ستكون عليه المرحلة المقبلة في لبنان.
ذلك أن عون الذي يصرّ على اعتماد التوافق الاجماعي في اتخاذ القرارات داخل الحكومة (وعلى مشاركة رئيس الحكومة في وضع جدول اعمال الجلسات)، سيجد ان سيناريو مرور التمديد لسلمان بعد عدم حصول توافق على اسم جديد سيتكرر حكماً عند حلول استحقاق موعد انتهاء خدمة العماد قهوجي في سبتمر، رغم بعض التقارير التي لم تستبعد ان يصدر قرار متزامن بتأجيل تسريح سلمان وقهوجي معاً، على ان يبدأ سريان التمديد للأخير في 24 سبتمبر المقبل.
وتتجه الانظار في هذا السياق الى ردّ الفعل الذي سيقوم به عون على هذا المسار، وسْط تأكيد اوساط «التيار الحر» لـ «الراي» ان «التمديد لسلمان سيؤدي الى تحرك اعتراضي موجِع، في اشارة الى ان الشارع ما زال على جهوزيته لتلبية نداء عون الى النزول للشارع، تصدياً لما يعتبره سطواً على حقوق المسيحيين وتجاوزاً للميثاقية وخرْقاً للدستور والقوانين».
غير ان أوساطاً سياسية ترى أن «أي حركة رفْضية من عون باتت محكومة بأفق مسدود لأنها محاصَرة بمجموعة خطوط حمر ،رسمها حلفاؤه قبل خصومه. فـ (حزب الله) يجاريه في مطالبه، ولكنه ملتزم بعد السماح بإسقاط الحكومة في لحظة اقليمية بالغة الحساسية. اما (حليف الحليف) اي رئيس البرلمان نبيه بري فعاد ليرفع الصوت والسقف بوجه عون موحياً بانكسار الجرّة بالكامل معه»، وهو ما عبّر عنه في موقف لافت بلغ حدّ إعلان رفضه التصويت لمصلحة زعيم (التيار الحر) لرئاسة الجمهورية اذ اكد «أنني ورئيس الحكومة تمام سلام واحد، وبالتالي فإن خيار استقالته مرفوض، ومن يدفع في هذا الاتجاه إنما يدفع نحو الخراب»، مستغرباً «كيف أن عون لا يزال يصرّ على اعتبار مجلس النواب الحالي غير شرعي، بسبب التمديد، وفي الوقت ذاته لا يجد حرجاً في ان يطلب من هذا المجلس انتخابه رئيساً للجمهورية»، مضيفاً: «أنا شخصياً لا أقبل هذا المنطق، وأرفض التصويت لمن يقول عني إنني غير شرعي، وإذا كان الجنرال يريد أن يتمسّك بهذا الطرح، فأنا من جهتي أتمسّك باحترام كرامتي وكرامة المجلس»، وداعياً سلام الى تطبيق الدستور «لا سيّما أنّ نحو 18 وزيراً يؤيدونه في ذلك، ولتُطرح القضايا التي تحتاج إلى نصاب النصف زائد واحد على التصويت (ووزرائي معك) وسيكونون أوّل المصوّتين». واعتُبر كلام بري بمثابة اشارة الى انه لن يتم تعليق جلسات الحكومة حتى سبتمبر المقبل، كما أوحت بعض التقارير، باعتبار ان مثل هذا الأمر سبق ان عبّرت عواصم غربية وعربية عن عدم تحبيذه لانه يعني اعلان فشل آخر المؤسسات العاملة في لبنان، مع ما يعنيه ذلك من تعريض الاستقرار اللبناني للخطر في غمرة التطورات المفصلية في المنطقة. عدا عن ان طبيعة الملفات التي دهمت لبنان لا سيما النفايات ،وأزمة الرواتب المحتملة التي حذر منها وزير المال علي حسن خليل (من فريق بري) ، تستوجب متابعة حثيثة من الحكومة في محاولة لتفادي «كارثة صحية» ،حذّر منها وزير الصحة وائل ابو فاعور في حال استمرّ العجز عن التصدي لمشكلة النفايات ،التي اعلن انها بلغت «الخط الأحمر»، ومشكلات اجتماعية ستبرز اذا بلغت الأمور حدّ القصور عن دفْع الرواتب في القطاع العام بدءاً من نهاية سبتمبر المقبل. والمفارقة في جلسة الأربعاء انها تنعقد قبل ساعات من موعد الجولة 16 من الحوار بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله» الذي يستضيفه بري في مقره (عين التينة)، والتي من شأنها ان تحتوي مفاعيل أي مناخ ساخن قد يكون هبّ من مجلس الوزراء وفي الشارع.