رندة تقي الدين: هل يبقى لبنان مزبلة/مصطفى العويك: زيارة جعجع للسعودية في ميزان المستقبل: رسالة إلى الداخل وورقة قوّة ضد إيران

352

هل يبقى لبنان مزبلة؟
 رندة تقي الدين/الحياة/29 تموز/15

في الوقت الذي يتطلع الجميع الى نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الى طهران لفك عقدة انتخاب الرئيس في لبنان، تتحمل الطبقة السياسية والشعب اللبناني المسؤولية عن تحويل بلدهم الى مزبلة مع تراكم النفايات فيه. وكان يجب أن تضع الطبقة السياسية في الأولوية منذ عقود إنشاء محارق ومصانع لتحويل النفايات. فالبحر في لبنان تلوث شيئاً فشيئاً خلال سنوات من دون اي اجراء لمنع ذلك. وكنا باستمرار نسمع المواطنين يشكون من تلوث البحر والمياه للزراعة والشرب ولا أحد يتحرك. واللبنانيون قاطبة مسؤولون وليس فقط الطبقة السياسية المنتخبة من شعب يتحمس لزعمائه يوم الانتخاب ولم يحاسبهم يوماً على ما يقدمونه له. فلو اهتم اللبنانيون بنفاياتهم وضغطوا بقوة منذ سنوات لإنشاء مصانع لتحويل النفايات ومحارق للتخلص منها لما كنا وصلنا الى هذه الدرجة من القذارة، حيث انتشرت نفايات البلد في أحياء العاصمة وبدأ السعي لدفنها في الأنهار او الجبال. ان تحويل لبنان وعاصمته الى مزبلة جريمة بحق هذا البلد وهي ناتجة من فساد وإهمال ولا مبالاة بالوطن من الجميع. ان طمر النفايات بهذا الشكل اينما كان ومحاولة ايجاد مناطق لهذا الطمر خيار خطير على المواطنين المعرضين للأمراض نتيجة نفايات تتراكم ويتم البحث عن طمرها هنا وهناك من دون ايجاد حل جذري للمشكلة الملحة والتي ينبغي ان تكون اولوية. فهذه لا تتطلب جهوداً خارجية لا من ايران ولا من السعودية ولا من الولايات المتحدة ولا من فرنسا. فهي قضية داخلية يجب على المواطن اللبناني وبعيداً من اي انتماء سياسي ان يتحرك للضغط من اجل جعلها اولوية لأنها مرتبطة بحياة المواطن وبصحة الكبار والصغار. النفايات المنتشرة في احياء بيروت تعطي الانطباع بأن الحرب عادت الى لبنان في حين ان الجميع في الخارج يتحدث عن وجود نوع من الاستقرار الهش في البلد المحاط بالحروب. ولكن من يتحدث عن هذا الاستقرار الهش يعيش خارج البلد ولا يرى ان شوارع العاصمة تحولت الى مزبلة وعجز الدولة معيب. ان السياسيين في لبنان يقودون معارك لتعيين هذا او ذاك في منصب معين اما النفايات فليست في اولويات معاركهم. ان حماية البيئة كانت ينبغي ان تكون اولوية سياسية واقتصادية واجتماعية في البلد لأن التلوث في الهواء او الماء كارثة تزداد خطورة يوماً بعد يوم ولا احد يسرع لمعالجتها. مسكين هذا البلد الذي يتدهور بهذا الشكل. فالتلوث البيئي الخطير الذي يعود الى سنوات ماضية ادى بنا الى العثور على كل انواع الغرائب على الشاطئ اللبناني الذي كان بإمكانه ان يكون لؤلؤة المتوسط. فوجدنا مثلاً قناديل بحر عملاقة حجمها يعبر عن الأوساخ التي تتغذى منها في البحر. وكم سمعنا عن اكتشاف بقرة او حيوان ملقى على الشاطئ دفعته الأمواج من البحر. اما السباحة في لبنان فقد اصبحت مجازفة نتيجة التلوث الذي جعل البحر مكباً للنفايات. والمشكلة تتراكم منذ سنوات والإهمال والفساد يؤجلان ايجاد حل لها. والسؤال لماذا لم تبحث الحكومات المتتالية عن إنشاء مصانع لتحويل النفايات وكان بإمكان دول اوروبية عديدة ان تقدم المساعدات لمثل هذه المشاريع. حرام ان تهدر طبيعة لبنان بهذا الشكل وأمر معيب للجميع في لبنان ان يتحول بلدهم الى مزبلة وهي ليست قضية بيد الخارج ولكنها تبعث بتشاؤم كبير بمستقبل خطير للأجيال الشابة فيه ولجميع سكانه. المطلوب إنقاذ لبنان من المزبلة.

زيارة جعجع للسعودية في ميزان “المستقبل”: رسالة إلى الداخل وورقة قوّة ضد إيران
مصطفى العويك/النهار/29 تموز 2015

في توقيت سياسي لافت، حطت طائرة رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في مطار جدة السعودي. المناسبة وفقاً لرأي “القواتيين” هي زيارة طبيعية وروتينية للقاء القادة في المملكة والوقوف عند وجهة نظرهم في مستجدات المنطقة، ورؤيتهم الى تطور الملفات السياسية في لبنان، وفي المقابل طرح وجهة نظر “القوات” في المستجدات اللبنانية والاقليمية. البعض في لبنان من فريق 8 آذار، ومن باب تأويله لهدف الزيارة، حدد لها بعدين: الأول إقليمي، إذ إن المملكة رحبت بجعجع بهذا الشكل اللافت في ظل الحديث عن استهداف المسيحيين في المنطقة لتقول إنها عرّابة مسيحيي الشرق وحاميتهم، وللافادة من جعجع أيضاً في حربها المفتوحة على إيران، خصوصاً بعد توقيع الاتفاق النووي بين طهران والدول الخمس زائد واحد، وسعي السعودية الى تجميع أوراقها في المنطقة وتوحيد صفوفها في مواجهة ما يعرف بالتغلغل الإيراني في الدول العربية. والثاني لبناني محض يتضمن رسالة الى بعض الزعماء المحليين كالرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط اللذين تداول بعض وسائل الاعلام امتعاضهما من الحفاوة التي استقبل بها جعجع في السعودية وكأنه رئيس للجمهورية.

فكيف ينظر “المستقبل” الى هذه الزيارة؟ وهل فعلاً شكّلت مصدر إزعاج له؟ ينطلق عضو المكتب السياسي في “تيار المستقبل” مصطفى علوش في قراءته للموضوع من ثابتة أساسية “هي حق السعودية في الاحتفاء والترحيب بالزائر الذي تريد، فقيادة المملكة هي التي تقرر من تستقبل وبأي طريقة، ومن المنطقي والطبيعي أن يكون هناك انفتاح سعودي على كل الافرقاء اللبنانيين”. ويقول لـ”النهار”: “نحن نشجع المملكة في تحالفها وانفتاحها على جميع القوى التي تؤمن بالحرية في المنطقة، وبخاصة قوى 14 آذار”. أما في التوقيت السياسي، فوفقاً لعلوش، أتت الزيارة من باب “تثبيت الحلفاء على الأرض في ظل فتح المواجهة مع إيران، وباعتبار أن الميدان اللبناني هو أبرز ساحات المواجهة”. ورداً على سؤال عما إذا كانت الزيارة تركت انزعاجاً مستقبلياً بالنظر الى حفاوة الاستقبال الذي حظي به “الحكيم”، قال علوش: “لو كان هناك انزعاج لما استقبله الرئيس سعد الحريري في منزله وناقش معه الملفات الساخنة لبنانياً وإقليمياً”. بدوره، لا يرى النائب كاظم الخير أي سلبيات لزيارة جعجع في ميزان “المستقبل”، ولا رسائل سياسية أو غير سياسية، ويقول لـ”النهار”: نحن كتيار مستقبل وقوى 14 آذار فريق عمل واحد، والمملكة العربية السعودية التي تسعى الى الخير في لبنان لا تختصر علاقتها بلبنان في فريق 14 آذار، بل هي حريصة على الدولة بشكل عام، والدليل على ذلك الهبة الأخيرة للجيش اللبناني”. ويضيف الخير من زاوية منع أي تأويل للزيارة: “وبهدف إراحة كثيرين ممن يحاولون اللعب على الكلام أو البحث عن ثغرات بسيطة لضرب العلاقة بين”القوات” و”المستقبل”، نحن سعداء جداً بالزيارة وخصوصاً بالحفاوة التي تم استقباله بها، وأي أمر يحسّن العلاقات اللبنانية – السعودية ويدفعها خطوة الى الأمام ويمكن أن يساعد على حل الملفات الداخلية العالقة نؤيده بقوة، وكل اللبنانيين يكونون سعداء عندما يكون هناك تواصل جيد مع السعودية لمواجهة خصوم المشروع العربي”. وعن ارتباط الزيارة بالملف الرئاسي، يقول الخير: “المملكة ليس لديها مرشح رئاسي في لبنان، وهي تدعم التوافق وتحضّ الأفرقاء جميعاً على اللقاء والتوافق على رئيس جديد للجمهورية”. وعن طبيعة اللقاء بين الحريري وجعجع في جدة مع وجود اختلافات في وجهات النظر حول تشريع الضرورة وفتح دورة استثنائية لمجلس النواب بجدول أعمال محدد البنود، يجيب: “ضمن تيار المستقبل هناك أفكار عدة حول هذا الموضوع، لكن الهدف واحد بالنسبة إلينا والى جميع قوى 14 آذار، وهو الوصول بلبنان الى استقرار سياسي وأمني دائم. اللقاء كان ودياً وطبيعياً ومناسبة للتشاور في الملفات الداخلية وملفات المنطقة في ظل التطورات المستجدة”.