علي رباح: حزب الله على مفترق النووي وأمن إسرائيل/علي نون: أوباما إن أراد

281

حزب الله» على مفترق «النووي».. وأمن إسرائيل
علي رباح/المستقبل/21 تموز/15

انتهى «ماراثون» التوقيع على «الاتفاق النووي» بين إيران ومجموعة الـ»5+1». وكما جرت العادة، فإن أصحاب البشرة السوداء والسمراء يملكون القدرة على الركض وإحراز اللقب. هكذا فاز الرئيس الأميركي باراك أوباما باللقب وبكأس «التوقيع»، ليهديه الى «الإصلاحيين» في إيران، أصحاب المشاريع المتمايزة عن مشاريع السيّد علي خامنئي والحرس الثوري. وهكذا، وبدهاءٍ وخبثٍ كبيرين، نجحت الإدارة الأميركية في تحويل الخلاف والسجالات بين إيران والمجتمع الدولي الى صراعٍ داخل البيت الإيراني الواحد.

مشروعان داخل إيران ظهرا بوضوح قبيل وعقب التوقيع على الاتفاق النووي. المشروع الأول يقوده الرئيس حسن روحاني بدعمٍ من الفريق الإصلاحي والمجتمع الدولي، يهدف الى تحسين الاقتصاد الداخلي، لتصبح إيران قوة اقتصادية عظمى (على الطريقة التركية). والمشروع الثاني، يقوده السيّد علي خامنئي مدعوماً من الحرس الثوري داخلياً و«حزب الله إقليمياً، ويهدف الى تصدير الثورة كسبيل لفرض النفوذ، حتى لو جاع الشعب. شهد يوم السبت الماضي خطابين كانا بمثابة التجسيد الواقعي لهذين المشروعين. خطاب صباحي للسيّد خامنئي، قال فيه إن «الاتفاق النووي مع القوى العظمى لن يغيّر سياسة إيران في مواجهة الغطرسة الأميركية، ولا في دعم إيران لأصدقائها في لبنان وفلسطين وسوريا والعراق واليمن والبحرين». وحديث مسائي للرئيس روحاني، أكد فيه أن «الاتفاق النووي يؤدي الى توثيق العلاقات بين إيران والجيران العرب».

من المؤكد أن الأمر يتعدى تقسيم الأدوار بين رأسَي النظام الإيراني. فإذا نجح مشروع الإصلاحيين، المدعومين من الغرب، فسيشكّل ذلك انتكاسة كبيرة للمحافظين، الساعين الى توسيع حروبهم تمهيداً لفرض النفوذ. وبين هذين الخطابين والمشروعين، يقف «حزب الله« على مفترق طرق يحدّد مصيره ومستقبله. فكيف يقرأ «حزب الله« الاتفاق النووي؟ وما هو موقفه من تجاذبات البيت الإيراني؟ وما هي هواجسه الفعلية؟ في عام 2013، وعقب انطلاق المفاوضات المباشرة بين إيران و»الشيطان الأكبر»، أطلّ الأمين العام لـ»حزب الله» السيد نصرالله في خطاب عاشورائي، ليشمت بـ»14 آذار» على اعتبار أن «الأميركيين باعوا جماعتهم». يومها لم يعبّر حديثه عن شماتةٍ بالفريق الآخر بقدر ما كانت رسالة الى إيران التي «لن تبيع جماعتها». وقبل أيام على توقيع الاتفاق، قال السيّد في خطابه بمناسبة يوم القدس إنه «لو أعطوا إيران كل ما تريده في الملف النووي وما لا تحلم به، شريطة اعترافها بوجود دولة إسرائيل، فإن جمهورية الإمام الخميني بقيادة السيّد خامنئي وبحكومتها وبمجلس نوابها، لن توافق على بند من هذا النوع». وعقب التوقيع على النووي، وبينما كانت التجاذبات الإيرانية الداخلية آخذة بالتفاقم، قال مسؤولو حزب الله إن «الحزب بعد النووي هو نفسه حزب الله المقاومة ونصرة فلسطين».

حرص «حزب الله« على التأكيد أن المقاومة باقية وتتمدّد، وبأن فلسطين هي وجهتها، حتى إذا مرّ طريقها في سوريا، ذلك الطريق الذي يبدأ ولا ينتهي. لكن الحزب أثبت أنه مسكون بهواجس الحفاظ على مشروعيته، ليقينه أن دخول إيران في المنظومة الدولية، يعني التزامها بالقرارات الدولية وبالقانون الدولي. أي أن ممارسات «الحرس الثوري«، الذي هو جزء من هيكليته، والمتمثّلة باختراق الحدود وسيادة دول المنطقة، باتت من الخطوط الحمر الدولية. ربما لهذا السبب استشرس «المقاومون» في الأيام القليلة الماضية في الحديث عن سقوط الدولة اللبنانية وضرورة الذهاب الى مؤتمر تأسيسي، علّه يعوّض انتكاسة «مشروعيته» بمكاسب داخلية.

لكن هل تسعى واشنطن بالفعل الى ضرب «حزب الله« وسلاحه؟

على الرغم من خطاب الممانعة المعادي لـ»الشيطان الأكبر»، إلّا أن هذا «الشيطان» لم يعطِ يوماً انطباعاً بأنه ضد تضخّم دور «حزب الله« في الداخل اللبناني. غداة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لم تعارض واشنطن انتاج توافق دولي عرف بـ»التحالف الرباعي». وأثناء غزوة بيروت في «7 أيار»، كان كثيراً على الموقف الأميركي أن يوصف بالخجول. ما يهم واشنطن، كما تل أبيب، هو أمن إسرائيل. وبعدها لا يهم إن هيمن حزب الله على الدولة اللبنانية، أو حارب السوريين على «طريق القدس». بل على العكس تماماً. قد تعزّز واشنطن دور الحزب في محاربة «الإرهاب والتكفير» في المنطقة. وبذلك تبقى إسرائيل سعيدة لما يجري في المنطقة، كما قال نصرالله في خطابه الأخير، ويُستنزف الحزب في سوريا والمنطقة بعيداً عن القدس وتراب فلسطين. حتى في ذلك مصلحة مشتركة بين الأميركيين ونصرالله، الذي بات يرى أن «الإرهاب» يشكل خطراً وجودياً أكبر من الخطر الإسرائيلي! من المؤكد حتى اللحظة أن الاتفاق النووي جاء في سياق الطرح «الإصلاحي» على حساب استراتيجية الولي الفقيه الذي عمل سنوات على بنائها. اتفاق يرى فيه اللواء سعيد قاسمي، أحد المحافظين المتشددين المقربين من المرشد، نهاية نظام الولي الفقيه. وبينما يخوص الإصلاحيون والمحافظون صراعاً على مستقبل إيران وليس حاضرها، يقف «حزب الله« على «ضفة النهر» يراقب مرور جثث السلاح ورفاق السلاح.. و»ما باليد حيلة». مرّت جثة الكيماوي السوري، لتلحق بها جثة «السلاح النووي العسكري» الإيراني، وها هو العدو الإسرائيلي يتحدث اليوم عن أن «صواريخ حزب الله أخطر عليه من النووي الإيراني»! فهل تمر جثة «المنظومة الصاروخية» لـ»حزب الله«، الذي بات محكوماً بالالتزام بالقرارات الدولية، كما سيده الإيراني، بعد أن كان يركلها برجله لعقود طويلة؟ المنظومة الإعلامية لحزب الله تُهلّل للاتفاق النووي؟ إن كيد الممانعة عظيم!

 

أوباما إن أراد
علي نون/المستقبل/21 تموز/15

لن يغيّر الاختلاف في «شرح» «اتفاق فيينا» بين إيران والدول الست الكبرى، شيئاً من صيرورة ذلك الاتفاق حكماً مبرماً. ولن يغيّر أي شيء، بما فيه المطوّلات المرتقبة في الكونغرس الأميركي، أو مزايدات المحافظين وقادة «الحرس الثوري» في طهران، أي حرف في النصّ الذي كُتب، والذي أقرّه مجلس الأمن بعد الاتحاد الأوروبي، بسرعة قياسية. كما لن تعدِّل القراءة المتفاوتة لتداعيات ذلك الاتفاق، ولا كثرة اللغط المرافق له، شيئاً من حقائقه الثابتة، وفي رأسها انه كرّس المقايضة بين مشروع «القنبلة النووية» الإيرانية ورفع العقوبات الدولية…لكن أحكام المنطق تستدعي بعض الاستطرادات. من نوع ان الإصرار المتبادل من فريقي الاتفاق على حصره في الشق النووي، والاعلان عن استمرار النزاع حيال كل شيء آخر تقريباً(!) يعني تلقائياً (أو يُفترض أن يعني تلقائياً) أن السياسة الإغرائية التي اعتمدها أوباما خلال مرحلة التفاوض، يجب أن تتغير تبعاً لانتهاء وظيفتها! وذلك يدفع حسابياً، الى توقّع سياسة أميركية مغايرة إزاء النكبة السورية مثلاً وأولاً وأساساً! خصوصاً وأن «المرشد» الإيراني قطع نصف المسافة من جهته، وأكد بوضوح استمرار النهج المعتمد من قبل بلاده في سوريا واليمن والعراق ولبنان وفلسطين. والحاصل، هو ان الضجيج الصدامي المتبادل بين الطرفين يكاد يتخطى وظيفته التبريرية. وإذا كان الأمر لا يسبب الكثير من الحرج للطرف الإيراني، فإنه بالنسبة الى صاحب القرار في واشنطن يزيد من وتيرة الضغط عليه، من الداخل والخارج، كي يعطي تبريراته بعض الصدقية، أي أن يؤكد ويفعّل ما يقوله من أن الاتفاق النووي، هو نووي فقط! ولا يعني نسفاً لكل التراث المتراكم في دوائر الادارات الأميركية المتعاقبة إزاء إيران وسياساتها العدوانية والداعمة للإرهاب. ولا تسليماً لها في الملفات الحارقة في المنطقة العربية والإسلامية! وذلك، إذا ركب المنطق على سيبة مستوية وليست ملتوية، يفترض أن يُترجم سريعاً على الأرض في سوريا قبل غيرها وأكثر من غيرها. من خلال العودة الى اعتماد مقاربة طبيعية لا يُجادل في صحتها عاقلان، تفيد بأن محاربة الارهاب «الداعشي» تستدعي ضرب القطب الجاذب لذلك الارهاب، أي بقايا سلطة بشار الأسد وارتكاباتها وفظاعاتها وكيماوياتها وجرائمها، والخروج من نكتة «تدريب» المعارضة المعتدلة الى السماح لتلك المعارضة بالحصول على أنواع محدّدة من الأسلحة، وخصوصاً تلك المضادة للطيران الحربي، ورفع الحظر عن مشروع اقامة منطقة آمنة في الشمال، وغير ذلك من التفاصيل الميدانية، الكفيلة إذا اكتملت بتقصير عمر النكبة السورية، وبناء معادلة ممكنة لمحاربة الإرهاب، شبيهة فعليًّا، بتلك التي بُنيت في العراق تحت اسم «الصحوات». .. لكن، هل يريد أوباما ذلك أساساً، أم انه في مكان آخر؟! هل يريد تقصير عمر النكبة السورية وإنهاء الإرهاب «الداعشي» أم ان الأمر، وفق تصوراته وتصورات أركانه، سيحتاج الى سنوات طويلة؟!