تعليقاً على جريمة قتل جورج الريف الوحشية كتب نديم قطيش ما يلي تحت عنوان: أنا كافر

422

تعليقاً على جريمة قتل جورج الريف الوحشية كتب نديم قطيش ما يلي تحت عنوان: أنا كافر

نديم قطيش/المدن /20 تموز/15

جورج الريف الذي أردي في وضح النهار، لخلاف على أسبقية المرور هو نحن جميعاً. جثته هي جثثنا نحن. جثة الدولة مدرجة بالدماء. جثة المؤسسات والأمن والإستقرار والحد الأدنى من تماسك العقد الإجتماعي بين اللبنانيين الذين باتوا يعيشون في غابة.

إتسعت حدود الغابة. لم تعد ضمن حصون قلعة النظام المافيوي بمعظمه، الذي يديره، عقلاء نظام المافيا. باتت غابة، للرعاع فيها ايضاً كلمة فصل. ككل شيء في لبنان، سرعان ما إتخذت القضية أبعاداً سياسية وسرعان ما دخلت في زواريب التسييس. البله الطائفي دفع بتعليقات الى الواجهة حملت الجريمة على محمل التسييب الإسلامي، الشيعي تحديداً، الذي قتل مسيحياً في منطقة مسيحية!! لم تصمد هذه التفاهة إلا ساعات قليلة ليتبين أن، التسيب الاسلامي الشيعي، بريء هذه المرة.إتضح أن القاتل محسوب على، أو قريب من، شخصية إقتصادية لبنانية مسيحية في صلب ١٤ آذار سياسياً! زاد من حدة التسييس قفز العونيين لتبني القضية والنفخ فيها، ما جعل للقاتل فوراً بيئة حاضنة او تبريرية او تخفيفية. فالضحية “فيها إن” إن ناصرها عونيون. والقاتل “في جريمته إن” إن نافحه عونيون!!

قفز الى الواجهة بله من نوع آخر. بعض “النشطاء” المدنيين أربكهم أن لا تكون الجريمة وتغطية المجرمين والتعامي عليهم وإدارة مؤسسات الأمن والقضاء بإستنسابية “من جماعتنا، ومن غير جماعتنا”، كلها صفات حصرية لحزب الله. اربكهم أن في صلب ١٤ آذار من لا يقل عن حزب الله اشتراكاً في ثقافة اللادولة حين تمس مصالحه.ذهب نشطاء هذا النوع من البله الى إختراع قصص بوليسية، من نوع أن القاتل هو من كان مطارداً، ولأنه لا يدري هوية من يلاحقه إستدرجه الى منطقته، الى مكان يشعر فيه بالتفوق، لكن “للأسف”، حتى حين إكتشف أن مُطارِدَه ليس خطراً على النحو الذي ظنه، تغلبت، “للأسف مرة أخرى” طبيعته الإجرامية على تعقله وقتل جورج الريف بدم بارد.

أحسب أن التفصيل في سرد هذه الوقائع مرده الى أن القاتل محسوب على رجل اعمال لبناني ينتمي سياسياً الى ١٤ آذار، ما يعني أن الجريمة لا يمكن أن تكون جريمة وحسب. أن القاتل قاتل بلا أي إضافات. “فالاربعتش آذاريون” لا يمكن أن يكونوا من صنف الوحوش الذين هم الآخر دائماً. فهو حزب الهي اولاً، ثم حين إكتشف بعض النشطاء خطأ الإفتراض أصبح التفتيش عن سياقات أخرى للجريمة هو بوابتنا الى النكران وتطهير النفس!الموجع أن القاتل من اصحاب السوابق المرعبة. سبق له أن أطلق الرصاص في ملهى ليلي وكان بصحبة الشخصية المحسوب عليها. درجت حينها تبريرات تشبه ما يتم لوكه الان. وسبق له أن إعتدى مراراً على أناس، ربما ظن أنهم خطيرون قبل أن يكتشف أنهم ليسوا كذلك، ثم “للأسف” تغلبت طبيعته الإجرامية على عقله!! الموجع أنه وجد من يحميه. وجد من يتدخل مع الامن والقضاء لضبضبة الموضوع. لتخفيف الاحكام. لإخراجه من السجن. لمنع المحاكمة عنه. او لأي مناورة أمنية قانونية يجيدها مافيويو النظام في ٨ و ١٤ آذار!وهو قتل جورج الريف لأنه حُمي في السابق، ويعرف أنه محمي الآن. أخطأ فقط في رفع دوز الجريمة بما لا يمكن احتماله. مع ذلك وجد من ينقب له عن أسباب تخفيفية ومن يخترع له “العروض الجانبية” للتغطية على “العرض الرئيسي”.جورج ديب قُتل. قاتله معروف. جريمته موثقة. وبالتالي ليس من مبرر على الإطلاق أن تطول المحاكمة أو أن تدخل نفق إمتصاص تداعياتها بالتحالف مع الوقت ضد ذاكرة اللبنانيين.التوقيف بحد ذاته غير مطمئن. هو حتى اشعار آخر إبرة مورفين. المحاكمة العلنية والسريعة هي الحل. العلنية اولاً، تماماً كما الجريمة.

إنتقدني البعض لأنني كتبت على صفحتي على الفايسبوك أقول أن التأخر في المحاكمة والإعدام هو دعوة للناس لأن تأخذ حقوقها بيديها. ساء بعض “المدنيين” أن يسمعني أعلن كفري بالدولة والنظام والقضاء والأمن، وأعبر عن رغبتي في وجود فرقة إغتيالات خاصة تأخذ حقوق الناس من القتلة والمجرمين. نعم هذه دعوة متطرفة. ودعوة عصبية. ونعم هي إعلان كفر تام بالنظام العام في لبنان وبالدولة وبالعبور اليها. وهي ليست “كوول” ولا “كيوت” ولا تناسب رهافة بعض “المدنيين” من أصدقائي ورفاقي، ولا تلتقي مع “أيقونة دولة القانون” التي ينبغي أن نظل نرددها حتى حين يكون بيننا نخبتنا فاسدون وقتلة وحماة فاسدين وقتلة.أنا كافر ولن يعيد إيماني إلا المعجزات. الدولة عاجزة عن معجزة قيامة الموتى. صحيح، لكنها ليست عاجزة عن الإسراع في محاكمة علنية صارمة لقاتل جورج الريف ولقتلة ايف نوفل ولعشرات القتلة الآخرين. هذه معجزة ترمم بعض الإيمان. إستعادته تتطلب معجزات أكبر.آسف ان كان كلامي لا يستوي مع بعض كهنة ١٤ آذار وحراس هيكل لغوها عن الدولة والقانون والنظام العام.ولكن مجرد اضطرارنا للنقاش في ما يفترض أنه بديهي هو دليل على أي قعر وصلنا اليه في مسألة الشأن العام!