سابين عويس: قطار الحكومة إلى محطة الخميس وعون إلى الشارع//علي نون: قصَر النظر

456

قطار الحكومة إلى محطة الخميس وعون إلى الشارع كيف تقرأ أوساط سلام التصعيد قبل الجلسة؟
سابين عويس/النهار/6 تموز 2015
فيما يجهد الفريق المسلم بجناحيه السني والشيعي عبر طاولة الحوار لتلافي الانزلاق نحو الفتنة ومنع الشارع من ان يكون مسرحاً لتنفيس الاحتقان، يفشل الحوار المسيحي على ضفتي “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” في التلاقي على مفهوم واحد لحماية حقوق المسيحيين وصحة تمثيلهم، وهو ما أدى برئيس التيار البرتقالي إلى التوجه نحو الشارع سعياً وراء وسيلة ضغط فشل في ممارستها على طاولة مجلس الوزراء. في أول تعبير واضح وصريح عن النيات التصعيدية، قرر عون استعمال الشارع المسيحي مرة جديدة في عملية عرض عضلات يمارسها لتوجيه أكثر من رسالة وفي أكثر من اتجاه. يستهدف اولا الحليف الشيعي لإحراجه ودفعه نحو موقف أكثر تضامنا معه، لإدراكه أن هذا الحليف لا يمكنه التخلي عنه بعدما وفر له الغطاء المسيحي والشرعية لتورطه في الجبهات خارج الحدود اللبنانية. والرسالة الثانية في اتجاه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لدفعه إلى إعادة النظر في حساباته ومواقفه نتيجة استعراض القوة والتمثيل الذي يسعى اليه الجنرال على إيقاع الاستفتاء الذي دعا اليه.
أما الرسالة الاهم والاقسى، فذهبت في اتجاه رئيس الحكومة تمّام سلام والفريق السني الذي يمثله “تيار المستقبل” عندما قرر مواجهة الحكومة في الشارع وساوى بين ” السيف الذي يقضي على المسيحيين والقضاء علينا هنا في السياسة”.
لاقت رسالة عون الاخيرة إستياء كبيراً في أوساط رئيس الحكومة التي أعربت عبر “النهار” عن أسفها لما آلت اليه أمور الجنرال فدفعته إلى هذه المقاربة المرفوضة شكلا ومضمونا، مشيرة الى أن المقارنة التي أجراها بين فريق لبناني وطني وتنظيم إرهابي لا تدل إلا على ان الرجل يتصرف بعصبية، وقد باتت مواقفه المرتبطة بحسابات شخصية لها علاقة بترشحه للرئاسة وترشيح صهره لقيادة الجيش مصدر قلق وخطر على صيغة التعايش التي طالما آمن بها اللبنانيون وعملوا من اجلها وحافظوا عليها رغم كل ما يحيط بلبنان في المنطقة من ألسنة النار الارهابية والتكفيرية القائمة على عصبيات مذهبية واصوليات طائفية.
وترى الاوساط ان عون أخطأ كثيرا بمساواته هذه، وهو لا يزال يمعن في الخطأ عندما يستبق جلسة مجلس الوزراء الخميس بدعوة مناصريه للنزول إلى الشارع. وتسأل: “هل التهديد بالقوة لأخذ الحقوق المسيحية هو الذي يحقق الهدف، أو النزول إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ وتضيف: “لماذ يجرّ عون الشارع المسيحي إلى الصدام والسلبية تحت شعار تمثيل المسيحيين ويتناسى أن هناك فريقا مسيحيا لا يقل وزنا وتمثيلا ممثل في الحكومة ويتحدث بإسم المسيحيين أيضاً، ولكن بمقاربة صحيحة ودستورية؟
ولدى سؤال الاوساط عن انعكاسات هذا التصعيد على الجلسة الحكومية، تجيب بأن كل المعلومات المتوافرة حتى الآن تشير إلى أن الجلسة ستكون حتما صاخبة في ظل تمسك عون بموقفه التصعيدي. لكنها تضيف أن رئيس الحكومة مصمم وعازم على المضي في تفعيل عمل الحكومة، وهو سيدخل الجلسة ويطرح جدول الاعمال المتراكم على طاولة البحث، ولن تثنيه عن ذلك أي مقاطعة من خارج سياق الجلسة وبنودها. وتستبعد الاوساط أن تؤثر حركة الاتصالات الجارية في تغيير موقف عون، مشيرة إلى ان ما وصفته بـ”رهانات او حسابات خاطئة” لدى رئيس التيار ستدفعه الى الاستمرار على موقفه. في المقابل، تؤكد مصادر وزارية ان التصعيد المتوقع في الجلسة سيبقى محكوما بمجموعة عوامل باتت من الثوابت في المرحلة الراهنة:
– إن هز الحكومة غير وارد، ورئيسها كان تلقى جرعات دعم كبيرة محلية وخارجية لقاء مواقفه في الجلسة الاخيرة تدعوه الى الاستمرار على هذا النهج صوناً للحكومة التي تشكل آخر معقل دستوري فاعل في البلاد بعد تعطل الرئاسة والمجلس النيابي.
– إن ثمة توافقا على تفعيل الحكومة مقابل تفعيل السلطة التشريعية. وتؤكد المصادر في هذا المجال ان مرسوم الدورة الاستثنائية سيكون منجزا الاسبوع المقبل وسيحظى بكل التواقيع اللازمة وكالة عن توقيع رئيس الجمهورية.
– إن زعزعة الاستقرار غير واردة تحت اي مسمى. وإذا تعذر ولوج الفتنة من الباب السني – الشيعي لوعي الفريقين اخطارها الكبيرة على كليهما، فهذا لا يعني السماح بولوجها من باب الشارع المسيحي بسبب وجود ثغرة ضعيفة لدى هذا الفريق يمكن النفاذ عبرها.
– إن وقوف “حزب الله” الى جانب عون في السياسة لن يصل إلى درجة التفريط بالحكومة او تعريضها للخطر او زعزعة الاستقرار الداخلي. وقد عبر الشيخ نعيم قاسم عن هذا الموقف بوضوح.

 

قٍصَر النظر..
علي نون/المستقبل/06 تموز/15
يذهب «حزب الله» إلى الزبداني ويتابع سيرته المعنونة بقصر النظر.. وهذا، ما كان الظن يوماً، أنه يمكن أن يكون على هذا القدر من العدمية والعبث. يكسب في معارك متفرقة لكنه يخسر الحرب! إلا إذا كان يفترض (ويحسب) أن غالبية الشعب السوري ستستسلم للتيه والمنفى، وستقبل في نهاية المطاف ما ترفضه في بدايته، وستعود إلى الإذعان لحكم أقلوي فئوي فاجر، أو أن المحيط العربي والإسلامي الأكبر سيرضى، وأياً كانت الأثمان، برعاية نكبة سورية مشابهة لنكبة الشعب الفلسطيني، بل هي في مطارح عدة، أشد مضاضة منها، وأمرّ! قِصَر النظر عنده بدأ في القصير.. والواضح أنه يحاول أن يكمل في الزبداني ما بدأه في تلك المدينة المنكوبة التي منع أهلها من العودة إليها ومسح أبنيتها بالأرض: يبني فاصلاً في الجغرافيا والديموغرافيا بين الخط الحدودي الممتد من الساحل الشمالي إلى الجنوب، وباقي أرجاء سوريا، ويحاول حماية دمشق من الجهة المطلّة على لبنان، وينخرط، في واقع الحال وحتى نخاعه، في تحضير بديل تقسيمي تفتيتي عن سقوط سيطرة السلطة الأسدية على عموم سوريا.. ثم يتولى، منتشياً! تظهير البُعد المذهبي التام للمشروع الإيراني في الديار العربية. .. يتصرف في سوريا، تماماً مثل أي محتل لأرض غيره، ويعتمد سياسة الأرض المحروقة من خلال تدمير المناطق التي يسيطر عليها لمنع عودة أهلها إليها، لكنه يتجاهل حقيقة أن بين هؤلاء من هم الآن وسيكونون في المستقبل، أكثر شراسة وبأساً منه، عندما كان يقاتل المحتل الإسرائيلي في الجنوب اللبناني! وإذا كان يشكك في ضراوة التشبيه فمصيبته أكبر من تغاضيه، عن واقعة، أن إسرائيل هجّرت الفلسطينيين إلى خارج كيانها، فيما هو يهجّر السوريين إلى داخل لبنان! الأنكى من ذلك، أنه يعتمد خيارات ثابتة في عالم متقلّب وخطوات ذات طابع استراتيجي في واقع يتبدّل على مدار الساعة. ولا يضع في حسبانه، أنه لاعب صغير في ملعب كبير. وأن مطاحن الدول تحركها مصالحها وليس عصبياتها وأن هذه كفيلة بقلب عاليها سافلها وجعل الشيطان ملاكاً! أو العكس.. وأن العالم المُقرّر قلّص «مساحة» المشروع الإسرائيلي ولا يزال يعلن أنه يبحث عن حل قائم على هذه الثابتة! وأنه في الاجمال لا يمكنه أن يتغاضى عن تمدد «مساحة» المشروع الإيراني خصوصاً إذا أظهر إشارات الى تحوّله من خانة الاستنزاف إلى خانة الكسب! .. وذلك كله، إذا ما بقي ذلك المشروع على ما هو عليه، وبقيت إيران من الداخل على ما هي عليه، بعد الاتفاق النووي أو من دونه!