نعيم قاسم والأيدي المقطوعة// طارق السيد: نقمة جنوبية على حزب الله

234

 نقمة جنوبية على “حزب الله”
 طارق السيد/موقع 14 آذار/16 حزيران/15

فرغ الجنوب اللبناني من اهله وناسه وما عاد للحياة هناك “طعمة ورائحة” بعدما توجّه الاف الشباب من القرى والبلدات للمشاركة في الحرب السوريّة، الحرب التي حوّلت الجنوب بأكمله إلى مجرد صورة مُزينة بشريط أسود تحكي قصص مختلفة عن شبان منهم من قُتل دفاعا عن ارضه، ومنهم من سقط للدفاع عن كرسي بشار الأسد. بين من سقط اثناء قيامه بواجبه الجهادي وبين من سقط في مواجهة اسرائيل ثمة فرق شاسع في النظرة اليه. الجنوبيون يتحسرون على زمن مضى كانت فيه شهادة أبنائهم فخرا وعزا لهم وكانت صورهم تزين جدران بيوتهم وترفع من شأنهم امام الناس على عكس صور القتلى الذين يسقطون اليوم في سوريا والتي بدأت تخفي معالم الصراع مع اسرائيل وتحتل الساحات وواجهات الابنية لكن من دون ان يكون لها اي تأثير لا في النفوس ولا امام الغير.

قسّم “حزب الله” موت عناصره الى فئتين، واحدة خلّدها التاريخ وجعلها ابرز محطاته، واخرى نبذها التاريخ وجعلها من بقايا مخلفاته. النظرة الى عناصر الحزب لم تعد هي نفسها التي كانت عليه قبل العام 2005 إذ تحول العنصر بنظر شريحة واسعة من أبناء البيئة المحسوبة على “حزب الله” الى مقاتل يتلقى راتب شهري كجيش مرتزق مقابل قتاله على ارض الغير خدمة لأنظمة ما زالت تمعن في اغراق الطائفة الشيعية في حروب وصراعات منذ زمن حرب المخيمات الفلسطينية مرورا بالاقتتال الداخلي بين حزب الله وحركة امل في اقليم التفاح، وصولا الى التورط في الحرب السورية اليوم وما ينتج عنه من استعداء مذهبي سواء في لبنان او في الدول المجاورة.

يستغل “حزب الله” حاجات الناس وفقرها واصحاب النفوس الضعيفة خصوصا في القرى والبلدات النائية التي لم يمنع الحزب نفسه وصول خدمات الدولة اليها بغية ابقائها في حاجة مستمرة اليه. يقول احد القياديين القُدامى في الحزب الشيوعي اللبناني كانت له مشاركات لسنوات طويلة في العمل المقاوم ضد اسرائيل قبل أن يُسيطر “حزب الله” على كل شبر من ارض الجنوب أنه لولا الخدمات التي يُقدمها الحزب لعناصره من مساهمة كبيرة في اعمار المنازل ومساعدة الشبان على فرشها بالكامل بالاضافة الى المعونات الشهرية وغيرها الكثير من الامور، لما كان يوجد اليوم جنوبي واحد مؤيد له لا في العسكر ولا في السياسة.

يُذكّر القيادي نفسه بحادثة حصلت معه منذ سنوات، يومها زاره احد المسؤولين في “حزب الله” للتقرب منه وضمّه الى الحزب خصوصا وان هناك اكثر من خمسين شابا من الحزب الشيوعي كانوا مستعدون للإنضمام الى “حزب الله” في ما لو وافق القيادي، لكن القيادي اعلن حينها موافقة الانخراط في العمل العسكري تحت شرط وهو اعطائه الحرية المطلقة في العمل وابقائه بعيدا عن التوجهات السياسية والدينية وجعل العمل العسكري منوطا فقط بالواقع الميداني ومقتضياته، الا ان قيادة الحزب لم تكتفي برفض عرضه، بل عمدت الى التضييق عليه وعلى العديد من الشبان امثاله حتى اجبروه على مغادرة البلد لفترة تزيد عن عشر سنوات.

اعتراضات كثيرة داخل البيئة الجنوبية، فعلى هذه الارض التي ناضلت لاكثر من ثلاثين عاما من اجل تحرير نفسها من المغتصب الاسرائيلي، هناك مغتصب اخر لكنه يلبس ثوب الحمل يسرق من الاهالي أبنائهم ويرسلهم الى جبهات الموت ومن ثم يعيدهم اليهم داخل صناديق خشبية. وهنا يقول والد احد هؤلاء الشبان الذين عادوا من سوريا مؤخرا محملين في نعوش ” كنا نحلم بنيل الشهادة اثناء صراعنا مع اسرئيل، وبعدها تحول حلمنا الى العيش بأمان لنكمل مع أبنائنا ما تبقى لنا من عمر في هذه الدنيا. اما اليوم فقد تحخولت احلامنا كلها الى كوابيس، لا ندري متى يرن هاتفنا ليخبرونا عن مقتل أبنائنا واحفادنا.”

نعيم قاسم… والأيدي المقطوعة
 موقع 14 آذار /١٦ حزيران ٢٠١٥

 يبدو أن زيارة واحدة لقياديي “حزب الله” إلى جرود القلمون، والتقاط بعض الصور مع عناصر “إيران” اللبنانيين هناك، كافية بالنسبة إلى للشعور بنشوة السيطرة على مفاصل البلد وتعطيله رئاسة وحكومة ومجلس نواب، فهي شبيهة بخطوة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني الذي يقفز من لبنان إلى سوريا إلى العراق لالتقاط الصور، مؤكداً الحضور الايراني ميدانياً، لكنه بالتأكيد يدرك أنه سيلتقط صورة سقوط النظام قريباً، بعدما بات واضحاً أن كل ميليشيات ايران فشلت في ابقاء النظام على حاله.

ربما من يزور جرود القلمون يشعر بأن حزبه أنقذ العالم والشعوب بسيطرته على مساحات جغرافية قاحلة، ناسياً أن هذا الأمر كلفه مقتل أكثر من 60 شخصاً من الشباب اللبناني، قتلوا من أجل المال ولحماية النظام السوري، وأمام العدد الفائق لقتلى الأزمة السورية فلن يذكر أي أحد ضحايا الحزب في هذا التاريخ، خصوصاً أنهم سقطوا في معركة لا شأن لوطننا بها، فضلاً عن أنهم سقطوا لمعركة خاسرة، ومعالمها الميدانية بدأت مع تحرير مدينة إدلب.

التواجد بين مقاتلي الحزب في الجرود حرّك العواطف الايرانية لدى نائب الامين لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم الذي أطل علينا بتصريح يقول فيه لقوى “14 آذار”: “نحن أقوى من أي وقت مضى، ولن تستطيعوا اللحاق بنا، فخير لكم أن تقبلوا أيدينا الممدودة لنسير معا، وإلا تخلفتم عن الركب”. وهو الشخص نفسه الذي قال منذ أيام “عون او لا رئاسة”.

“نحو أقوى من أي وقت مضى” صدق في ذلك الشيخ قاسم، فالحز أقوى من اي وقت مضى في اللعب على الوتر الطائفي والتجييش المذهبي، أقوى بالتطرف إلى الشيعية الفارسية، أقوى بالقتل والتعذيب والاعتقال في حق السوريين الأحرار، هو أقضى بالقضاء على ما تبقى من دستور وقوانين في هذا البلد، أقوى بفئة الميليشيات وحشد الزعران ووصفهم بالمقاومين، اقوى بعناصر غير منضبطين ويرتكبون الجرائم ويهون القتل فباتوا في الجرود بحجة الدفاع عن لبنان، أقوى بالتسلط والقمع… نعم أقوى لأن “حزب الله” يعطل وجود رئيس جمهورية في هذا البلد، وأقوى لأنه لا يسمع للشريك الآخر ويعتبر أن الأمر له في كل شيء.

السلاح وحده يؤمّن فائض القوة لـ”حزب الله” وكوادره ومنهم الشيخ قاسم، ومن دون يتحول الحزب إلى مكون هزيل لا قيمة له، سوى انه منبر لايران في لبنان، وبات واضحاً من تصريحات هؤلاء أن “حزب الله” يشعر بالخطر وبات يستخدم كل قوته العسكرية والسياسية لشل لبنان وابقائه رهن التطورات في سوريا بعدما أدرك انه على طريق التقوقع والضعف، فهو اليوم يعتبر نفسه الاقوى، خصوصاً في ظل فتات النظام السوري لكن ماذا إن سقط النظام المتهالك، هل سيكون “اقوى من أي وقت مضى”.

“لن تستطيعوا اللحاق بنا” ومن قال لكم يا شيخ أن قوى “14 آذار” تريد اللحاق بكم، فأنتم أصبحتم في الوحول حتى رؤوسكم، وشعاركم اليومي “القتل من أجل إيران”، فأين أنتم.. الاجرام والقتل والقمع والاحتلال وأين نحن أصحاب الدولة والسيادة وحب الحياة وأجندة لبنان أفضل.

قوى “14 آذار” مشهورة بيدها الممدودة، وافعال الرئيس سعد الحريري تشهد على هذا الأمر، ففي العام 2008 اجتاحت ميليشياتكم بيروت وهددت اللبنانيين بالسلاح ومددنا يدنا وفي العام 2009 وبعد الفوز الكاسح في الانتخابات مددنا يدنا للشراكة مع “حزب الله”، واسقطتم حكومة الحريري ودخلتم الحرب السورية وجذبتم الارهاب إلى لبنان وضربتم الحوار ومدنا يدنا في حكومة شراكة، ورغم تعطيل موقع الرئاسة ومجلس النواب ومحاولة شل مجلس الوزراء مد “المستقبل” يده في جلسات حوار في عين التينة… تأكد شيخ قاسم أننا لن نسير سوياً إلا إذا عدتم إلى لبنانيتكم وانسحبتم من سوريا، لأنكم قريباً ستصبحون الأضعف ونحن أصحاب اليد الممدودة لصالح هذه الجمهورية.