محمد حجيري: سبّابة الشيخ نعيم//حنان الصباغ: إستبدال الحزب العباءة بالزي العسكري.. نصر أو هزيمة؟

695

 سبّابة الشيخ نعيم
محمد حجيري/المدن/الثلاثاء 16/06/2015 

لم نلاحظ شاباً يسمع خطبته مسجلة على كاسيت في الشارع، ولم نر صورته على زجاج سيارة

على ما أذكر، إن لم تخني الذاكرة، لم أسمع في يوم من الأيام، نائب أمين عام حزب الله، الشيخ نعيم قاسم، يتحدث في أمور دينية مع أنه يحمل لقب المشيخة ويرتدي ثيابها، ويضع على رأسه عمامة بيضاء.

في كل مرة أتابعه في نشرات الأخبار، أجده بوتيرة واحدة، مواقف سياسية تتعلق باستراتجيات المنطقة، المحلية والاقليمية، سبابتة مرفوعة ونبرته عالية الى حد الصراخ، يلقي كلمات تتضمن تهديداً ووعيداً وتحذيراً، خصوصاً حين يخاطب الداخل اللبناني و”أمريكا”. دائماً يتحدث بمنطق مختصره “حزب الله امامكم والبحر من ورائكم فأين المفر”، أو يقول لـ14 آذار: “خير لكم أن تقبلوا أيدينا الممدودة لنسير معا وإلا تخلفتم عن الركب”، و”أمام الفريق الآخر خيارين: إما انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية أو الفراغ إلى أجل غير مسمى”.

لا خيارات وسطية لدى الشيخ قاسم، دائما يخير خصومه في السياسة بين خيارين كلاهما مشكلة، هو المتمرس في التحدي والحدية والعسكرة، حتى وإن كان في مناسبة حزينة لـ”حزب الله” أو عزاء أو تخرج طلاب أو تحجيب جيل جديد من الفتيات، فلهجته لا تتغير. يختلف عنه السيد حسن نصرالله الذي يسايس قليلاً في خطابه، يرفع من وتيرة لهجته أحياناً، ويخفف مرات، يصعد كثيراً، يناقض نفسه، ينكت، يمازح، يقترب من المنحى البراغماتي، يستعمل أحيانا النفس الإيماني العاشورائي، يجادل. في الحروب قد يخرج أرنباً من كمه. في كل الأحوال، يختلف من حيث الأداء عن الشيخ نعيم، وإن كانا بجوهر واحد ومصدر واحد ولهدف واحد.

فالشيخ نعيم صاحب النبرة والنارية و”الصقرية” في أحسن الظروف، أصبعه المرفوعة تتكلم أو تسبق لسان في الكلام. السبابة لسان اليد واليد لا تهدأ، لكن لا يبدو أن الشيخ يفلح في الاقناع والتواصل والتقارب مع الآخرين. كأنه لا يجيد سوى التوتير والاستفزاز. حتى داخل جمهور “حزب الله”، لا يتمتع بالشعبية. لم نلاحظ شاباً يسمع خطبه مسجلة على كاسيت في الشارع، ولم نر صورته على زجاج سيارة.

الشيخ نعيم قاسم الذي أوكلت إليه مهمة اصدار كتاب “حزب الله المنهج ـ التجربة ـ المستقبل”، يشرح رؤية “حزب الله”… في الأيام القليلة الماضية، ارتدى البدلة العسكرية والتقطت له بعض الصور مع مقاتلي “حزب الله”، قيل إنها في جرود عرسال أو القلمون. بدت البدلة كأنها تكمل نبرة الشيخ نعيم الحادة، أو تعيده إلى صورته الطبيعة المناسبة. في الصورة شيء من عُدّة المعركة الدائرة، بروباغندا لرفع المعنويات. مع كثرة “الانتصارات” وازدياد عدد القتلى والجنازات، ضاع الواقع الحقيقي في غياهب الجرود. صارت المعركة كأنها معركة صُور بعدما كانت معركة أصوات، اذ لا تنفع نبرة الشيخ الحادة مع الجماعات المسلحة في جرود القلمون والقاع. فهؤلاء ليسوا في الداخل اللبناني، ولا ينفع معهم كلام.

قبل الشيخ نعيم، كان وكيل الخامنئي في لبنان، الشيخ محمد يزبك، يرتدي البدلة المرقطة ويلتقط الصور. قبلهما أيضا راجت صور قيل إنها للسيد نصرالله في القلمون لناحية بريتال وعسال الورد. كل هذه الصور هي لرفع المعنويات وسط الخيبات والقلق والتوجس…

لا عجب أن تكون نبرة الشيخ نعيم قاسم حادة ومتطرفة ومطعّمة بحركة سبابته، ما دام أن جوقة المثقفين والشعراء والصحافيين الذين يدورون في فلك “حزب الله” و”مقاومته” يتسابقون في البحث عن لهجات حادة وأصابع مرفوعة وسلوكية متطرفة. فهم حين يحللون، فلغة سبابتهم تغلب تفكيرهم. نرى ذلك في البرامج الحوارية المتلفزة، التي شهدت الكثير من اللحظات المثيرة والمحرجة، سواء بضرب الكوؤس أو الشتم وحتى الصفع والكباش. وفي الصحافة المكتوبة، أقل تهمة توجّه لمعارضي “حزب الله” هي التخوين والتكفير، من دون أن ننسى التهديد بتكسير العظام او تحسس الرقاب.

إستبدال الحزب العباءة بالزي العسكري.. نصر أو هزيمة؟
حنان الصباغ/لبنان الجديد/16 حزيران/15

يحاول”حزب الله” أن يخبىء معنويات جنوده الهابطة عبر الإعلام الحربي وعبر الإنتصارات التي يعلنها كل دقيقة والتي هي بالحقيقة لا تعدو كونها إنجازات قليلة بالنسبة للجرود، لكن يبدو أن المعنويات الهابطة ظهرت للعلن بمجرد بدئه بإرسال كوادره إلى المعارك ببذات عسكرية أمثال رئيس الهيئة الشرعية في الحزب الشيخ محمد يزبك” والذي ظهر مباشرة بعد أن تم الإعلان عن سقوط 14 عنصرا بحسب بعض الوسائل الإعلامية و9 عناصر بحسب الإعلام الحربي، ثم نتفاجأ بصور وسيلفي لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في الجرود مع الععناصر مرتديا أيضا البذة العسكرية. وعلى ما يبدو أن بعد كل خسارة للحزب يصعد رجلا من رجال “المقاومة”، ليرفع الإحباط من قلوب المقاتلين خصوصا وإن أردنا المقاربة بين الإطلالتين في الجرود لكل منهما نجد أن يزبك ظهر بعد سقوط عدد كبير من العناصر والشيخ قاسم ظهر بالصور بعد الإعلان أيضا عن مقتل ما لا يقل عن 14 عنصرا وعدم قدرة الحزب على انتشالهم وسحبهم. وانطلاقا من هنا، من يقول أن حزب الله بأحسن حالاته فهو مخطىء إذ أن الأسلوب الذي اعتمده الحزب من الإطلالات الدائمة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والبروباغندا الإعلامية في الكلام بالإضافة إلى اللافتات التي ترفع في قلب المعركة والثناء على العناصر بالإضافة إلى “همرجات” الإعلام الحربي، كلها أساليب تؤثر بدرجة كبيرة على نفسية المقاتلين وتعيد إليهم الثقة بعد إحباط عاشوه كما أنها دليل على مدى التعب والتوتر النفسي الذي يحيط بالعناصر ومن يرسل كادرا مقربا إلى هذه الدرجة من الامين العام لحزب الله ويخاطر به في الجرود معناه أن الخسارة كبيرة والجو المشحون بهواجس الإحباط والفشل مسيطر على نفسية المقاتلين.

والجدير بالذكر أنه كلما زادت المعنويات زادت معه نسبة النجاح حيث يصبح تخطي المصاعب هاجسا يلوح في فكر الجندي أو المقاتل. وقد تنبه “حزب الله” لهذا الأمر واستغله جيدا، حيث أن فشل الكثير من الجيوش عبر مر التاريخ، كان سببه المعنويات النفسية الهابطة أو الشعور بأن القائد تخلى عن العسكريين ما يسبب حالة انهيار الأعصاب بين المقاتلين وبالتالي يفقدون حماستهم، لذلك لجأوا إلى هذا الأسلوب من رفع المعنويات وظهر يزبك بالبذة العسكرية، هذا الظهور ليس فقط مجرد استعراض إنما له أبعاد أكبر من ذلك بكثير حيث أن صقل شخصية المقاتل وتشجيعه ليبقى محمسا ومليئا بروح القتال هي الكلمات ومع كل إطلالة لأحد شخصيات كوادر الحزب نسمعهم يهتفون بأقوال “نفتخر بشهدائنا، النصر قادم، أنتم رجال الله”، وهذا الأمر ينطبع في ذهن المقاتلين وربما ما قام به يزبك وقاسم في الجرود هو التصرف على هذا المنوال، والجدير بالذكر هنا أنه حسب علم النفس، فالنفس البشرية وثقتها بقدراتها تتأثر بالمحيط، لذا خوفا من التضييق النفسي خصوصا في ظل الأحداث المتسارعة وفي ظل تزايد أعداد العناصر التي تسقط ورؤية أصدقائهم لهم وهم يسقطون، كان المخرج والتشجيع بزيارة إلى الجرود.