أسعد حيدر: أي سوريا بعد الأسد؟//إيلي ليك: إيران تنفق المليارات لدعم الأسد

415

أي سوريا بعد الأسد؟
أسعد حيدر/المستقبل/13 حزيران/15

«انتهى الأسد». هذا التوصيف الحاسم ليس من أحد الواقفين على ضفة النهر بانتظار «جثة الأسد» وإنما من سياسي عربي لعب ويلعب أدواراً حساسة ودقيقة وأحياناً خطيرة، وقد سبق له أن زار دمشق والتقى الأسد مرات. يضيف: «السؤال ليس متى وإنما ماذا بعد؟. حتى الآن لا يوجد بديل معروف سواء كان فرداً أو تنظيماً. المطلوب أن لا «تتعرقن« سوريا، وأن لا يرتكب السنّة فيها أخطاء وخطايا الشيعة في العراق، فيعتبرون السلطة ممراً للثأر والانتقام للسنوات الماضية، فتتعدد الكوارث وتتعمق الأحقاد». بشار الأسد، سيقاتل ويقاوم أي حل حتى اللحظة التي ييأس فيها من النجاة. لقد خسر كل شيء، فلماذا يسأل عن خسائر الآخرين! ليست الخسائر العسكرية ولا الهزيمة هي التي ستقنع الأسد بأنه انتهى. يجب أن تقول له طهران وموسكو إن الحل يتجاوزك. معنى ذلك أن تضمن كل عاصمة من العاصمتين أقصى ما يمكنها من مصالحها، التي دفعت ثمنها غالياً من المال والرجال، خصوصاً إيران. سقوط الأسد سيغيّر الكثير من المعادلات، ومن مصلحة الولايات المتحدة الأميركية قبل غيرها الانخراط في ترتيب «البيت السوري»، سواء مباشرة أو بالوكالة. الحرب ضد «داعش» تصبح مفتوحة وبلا حواجز ولا ضوابط. أوروبا، لا يمكنها الصبر على استقرار «داعش» في سوريا. كل العواصم الأوروبية تصبح على «مرمى حجر» من «داعش». هذه العواصم تدرك كم أن الخطاب «الداعشي« مغرٍ للشباب المسلم وحتى غير المسلم عندها. انضمام العدد الكبير منهم الى «داعش» في الحرب يفتح الأبواب أمام كل الاحتمالات. ما يعني المنطقة هو ارتدادات سقوط الأسد على العراق وعلى الموقف الإيراني ومشروع طهران في إقامة «الهلال الشيعي». في جميع المجالات مستقبل العراق كما يقول السياسي العربي «ليس زاهراً ولا زهرياً. العراق الذي كان قد انتهى أيضاً مثل سوريا. مهما حصل لن يعود العراق دولة مركزية. أقصى الطموحات أن يكون كونفدرالياً. الأكراد إن لم يعلنوا استقلالهم، فإنهم على الأقل يعملون وكأنهم استقلوا، وهم أخذوا حقوقهم من الدولة العراقية، ويأخذون ما استطاعوا منها إضافة الى مكاسبهم. السنّة ممزقون بين رفضهم للشيعة وخوفهم من حكم «داعش». لكن ما العمل عندما تمتزج خسارة السلطة «بالقمع الشيعي وممارسات لم يمارسها حتى صدام بحقهم؟«. «داعش» مزيج متفجر من كل ذلك، إضافة الى مجموعات من ضباط صدام الخبراء المجربين بنار حروب بدأت ضد إيران وامتدت الى الأميركيين والسلطة في بغداد. لا يمكن القضاء على «داعش» بالطائرات، يجب أولاً إقناع السنّة أنهم شركاء في صياغة الدولة ومواقعها، وضمن لامركزية شديدة وحقيقية حتى يمكن الحديث عن استقرار الأنبار وغيرها. أيضاً على الطرف الشيعي الذي أقام دولة وهمية من أبرز ركائزها «الجيش الوهمي»، الذي سُرقت أمواله فكان أن انسحب الباقي من المعارك من دون قتال تاركاً دباباته وأسلحته لداعش، لينضم العديد منهم إليه». تبقى إيران في قلب كل هذه الحرب، يعترف السياسي العربي الذي زار طهران مرات عديدة، «أنه وآخرين من العراقيين، طالبوا القيادة الإيرانية منذ سنوات بتغيير نهجها في التعامل مع المنطقة وخصوصاً العراق، وأن تنفتح أكثر على القوى الأخرى. لكن لم يجدوا يوماً آذاناً صاغية». اعتمدت إيران استراتيجية استثمار «الفوضى الخلاقة» في المنطقة. فإذا بها منخرطة في مواجهات على طول «الهلال الشيعي» الذي أرادت أن تقيمه ولو على «بحر من الدماء» في المنطقة لتصبح القوة الإقليمية الأقوى. وهي بلا شك، ستخسر الكثير مع سقوط الأسد حتى ولو حافظت على بعض مصالحها. ذلك أن سوريا القادمة سواء كانت دولة مركزية أو فيدرالية لن تكون معها كما كانت سوريا الأسد. أخيراً، على من ينتظر أن تتحرك واشنطن لإخراج «الأيدي من النار» أن يعلم أنها لن تفعل. يقول السياسي العربي. «واشنطن كلها ترى أنها قدمت الكثير لدفع المنطقة نحو الديموقراطية والاستقرار فماذا كانت النتيجة؟ لقد خسرت في العراق ثلاثة آلاف مليار دولار و4500 جندي، وطولبت بالخروج، لذلك ستبقى الإدارة الأميركية على موقفها في إدارة ظهرها لكل المطالب وعلى الجميع أن «يقلع شوكه بيديه» حتى إشعار آخر«.

 

إيران تنفق المليارات لدعم الأسد
إيلي ليك/الشرق الأوسط/13 حزيران/15

تنفق إيران المليارات من الدولارات كل عام لإسناد الديكتاتور السوري بشار الأسد، وذلك وفقًا لمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا وغير ذلك من الخبراء بالخارج. وتأتي تلك التقديرات أكبر بكثير مما أشارت إدارة الرئيس باراك أوباما، المنشغلة حتى أسنانها بالتفاوض حول الصفقة النووية مع حكومة طهران، إلى ما تنفقه الجمهورية الإسلامية في تعزيز سياسات زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط. صرحت لي، يوم الاثنين، الناطقة الرسمية باسم ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، أن المبعوث الخاص يقدر إنفاق إيران بما يقرب من 6 مليارات دولار في العام على حكومة الأسد. وبعض الخبراء الآخرين ممن تحدثت معهم يقدرون المبلغ بأكثر من ذلك. حيث قال نديم شهادي، مدير مركز فارس للدراسات الشرق أوسطية لدى جامعة تافتس الأميركية، إن أبحاثه تشير إلى أن إيران أنفقت مبالغ تتراوح بين 14 إلى 15 مليار دولار في صورة مساعدات عسكرية واقتصادية إلى نظام دمشق الحاكم في الفترة بين عامي 2012 و2013. تقوض تلك الأرقام الواردة من مزاعم إدارة الرئيس أوباما وكبار المسؤولين في حكومته الذين يشيرون إلى أن إيران لا تنفق إلا مبالغ زهيدة لتناوئ مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. وفي حين أن الإدارة الأميركية لم تفصح قط عن تقديراتها لحجم الإنفاق الإيراني لإسناد نظام الأسد في سوريا وغيره من حلفائها في الشرق الأوسط، إلا أن أوباما قال في حديث له الأسبوع الماضي مع القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي: «إن الخطر الذي تواجهه المنطقة من إيران ليس بسبب كثرة الأموال. إن ميزانيتهم – الميزانية العسكرية – تبلغ 15 مليار دولار، مقارنة بـ150 مليار دولار هي حاصل الميزانيات العسكرية لدول الخليج العربي مجتمعة». غير أن الخبراء ينظرون إلى القضية من زاوية مغايرة. فقد جاء تقرير لدى مجلة «كريستيان ساينس مونيتور» الشهر الماضي، ليفيد بأن دي ميستورا أخبر أحد المراكز البحثية في واشنطن العاصمة، بأن إيران كانت تنفق من الأموال ما يفوق بثلاثة أضعاف قيمة ميزانيتها العسكرية – ما يوازي 35 مليار دولار سنويًا – لدعم نظام الأسد في سوريا. وحينما سئلت جيسي شاهين، الناطقة الرسمية باسم المبعوث الأممي الخاص، حول تلك المسألة، جاء ردها عبر رسالة بالبريد الإلكتروني تقول فيها: «قدّر المبعوث الخاص إنفاق إيران لمبلغ 6 مليارات دولار سنويًا لإسناد نظام الأسد في سوريا. ولذا، فإن المبلغ المذكور هو 6 مليارات وليس 35 مليار دولار».

في كلتا الحالتين، فإن الرقم كبير بحق. وقد أعرب أعضاء كثر في الكونغرس الأميركي وكثير من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة عن قلقهم من السيولة المالية الضخمة التي تتوقعها إيران كشرط من شروط صفقتها النووية المزمع التوقيع عليها هذا الصيف. ولقد صرّح أوباما بنفسه قائلاً إن هناك ما لا يقل عن 150 مليار دولار من أموال الدولة الإيرانية مجمدة في البنوك الخارجية كجزء من حزمة العقوبات الدولية المفروضة عليها. فإذا ما أنفقت إيران مليارات الدولارات من مواردها المحدودة والمقيدة في الوقت الراهن على إسناد ودعم وكلائها في الشرق الأوسط، فسوف تتابع انتهاج نفس السياسة وبضراوة أكبر إذا ما رفعت عنها العقوبات الدولية. ولا تتفق إدارة الرئيس أوباما مع ذلك الطرح. حيث تقول إن المبالغ التي تنفقها إيران على إلحاق الضرر بمختلف دول المنطقة قليلة للغاية، بحيث إن أي تخفيف مستقبلي لحزمة العقوبات الدولية المفروضة لن يُحدث الفارق أو الأثر المتوقع في سلوكياتها السياسية. صرّح جاك ليو، وزير الخزانة الأميركي، في مؤتمر أشرفت عليه صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية هذا الأسبوع، قائلاً: «حتى مع معاناة الاقتصاد الإيراني من العقوبات خلال السنوات الأخيرة، إلا أن إيران كانت قادرة على المحافظة على مساعداتها (المعقولة) للإرهابيين وغيرهم من الوكلاء. وتبقى الحقيقة المؤسفة أن تكلفة تلك المساعدات صغيرة بما فيه الكفاية، مما يستلزم منا البقاء حذرين في وجود الاتفاق النووي أو عدمه من حيث استخدام أدوات أخرى لردع تمويل الإرهاب وزعزعة الاستقرار المنطقة هناك». يقول شهادي وغيره من الخبراء إن الأرقام المطروحة من جانبهم ليست إلا تقديرات، وذلك لأن النظام في طهران لا يعلن عن ميزانية قوات الحرس الثوري أو عن الإعانات الكاملة المقدمة إلى حلفائه. ورغم ذلك، يوضح شهادي أن الدعم الإيراني لسوريا اليوم كبير للغاية، خصوصًا فيما يتعلق بخطوط الائتمان المالي، والإعانات النفطية، وغير ذلك من أنواع المساعدات الاقتصادية التي توفرها إيران لنظام الأسد.

أخبرني السيد ستيفن هايدمان في وقت مبكر من هذا العام، وكان نائبًا لرئيس الأبحاث التطبيقية حول الصراع لدى المعهد الأميركي للسلام، أن قيمة التحويلات النفطية الإيرانية، وخطوط الائتمان المالي، وتكاليف الأفراد العسكريين، وإعانات الأسلحة المقدمة إلى الحكومة السورية تتراوح بين 3.5 إلى 4 مليارات دولار سنويًا. وقال إنه لا يعلم كم أنفقت إيران على دعم «حزب الله» اللبناني وغير ذلك من الميليشيات المقاتلة لمعارضي الأسد في سوريا. وتابع هايدمان يقول إنه يقدر إجمالي الدعم المقدم من إيران إلى الأسد بقيمة تتراوح بين 15 إلى 20 مليار دولار سنويًا. وكان التقرير الأخير الصادر عن وزارة الدفاع الأميركية، الأسبوع الماضي، صريحًا حول الآمال التي تصبو إيران لتحقيقها من خلال إنفاقاتها المذكورة: «لم تغير إيران بشكل جوهري من سياسة الأمن القومي أو الاستراتيجية العسكرية الوطنية خلال العام الماضي.

إذا انتهى الأمر بإيران لقبول الاتفاق حيال برنامجها النووي، فسوف تشهد فيضانًا من الأموال يمكنها من متابعة أجندتها الإقليمية.

*بالاتفاق مع بلومبيرغ