كرم سكافي: عرسال: معركة استراتيجية ودولية//لوسي بارسخيان: أهالي القاع والراس: لنا الجيش فقط

292

عرسال: معركة استراتيجية ودولية
كرم سكافي/جنوبية/الأربعاء، 10 يونيو 2015
المعارك اليوم معارك إستراتيجية، تقررها عواصم دول معنية، تدور رحاها على تخوم مدن ومناطق حيوية، تقودها مباشرة أو بالواسطة قوى إقليمية فهل صدر القرار بأن عرسال من ضمن معارك المناطق الإستراتيجية؟ يُروى عن الملك فيليب أنّه جهز جيشاً ديني قومي قويّ قاده نحو الشرق صوب عكا والقدس لملاقاة ريتشارد قلب الأسد في مهمة قيل حينها أنها لإستعادة ثلاثة لفائف مقدسة، وإنه وبعد إنتهاء المهمة ابتلي بمرض عضال ألزمه الفراش فأتى إليه من يسأله عن حقيقة قدسية اللفائف، فنظر إليه متهكماً منهكاً، ومجهداً نفسه قال: إنه كم الدم الذي أريق في سبيلها، فلأجله هي الآن حرب مقدسة. صلوا إذن كي لا تتعرضوا للتجربة، لقد عبرت سفينتكم بحر الدم في يوم سيأتي غروب شمسه والخوف يبقى فيما لو طال إبحاركم أن تعطشوا فلا تجدون ماء بل الخل ستشربون.المتورط في الحرب بطبعه يسعى بكل ما أوتي من قوة ليشعلها فوضى، والفوضى المقصود بها هنا شبيهة بتلك القائمة على الحدود البرية وفوق الجغرافيا السورية، يستحضر لها عناصرها، يحرص على سفك الدماء ويعمل على توريط أكبر عدد من المخلوقات سواء منهم الأفراد أو الجماعات، يدفعهم بغريزتهم إلى التقاتل والإقتتال خدمةً لتحقيقه المزيد من الأهداف، ولتبسيط الامر عليهم يبشرهم أن تلك المعارك مقدسة ولأجلها سالت كل تلك الدماء والحقيقة انها ليست كذلك إنها تتمة لمعارك رفع الكتاب على السلاح، وهي لا تعني البتة سوى إنهيار القدرة على التمييز، وزوال المعايير، ومن ثم الإستسلام والتسليم السلبي للحرب كما لوكانت كارثة لا مناص منها وعليه فالفتنة بإختصار هي الخلاصة الطبيعية لإنعدام القرار وغياب الرؤية وإمكانية الإختيار. المعارك اليوم معارك إستراتيجية، تقررها عواصم دول معنية، تدور رحاها على تخوم مدن ومناطق حيوية، تقودها مباشرة أو بالواسطة قوى إقليمية، سوادها الأعظم من مقاتلي أحزاب محلية وحشود شعبية والقصد منها وبعد الرصد تحقيق تعادل يبقيها في حال من المراوحة الأبدية، أوأقلها هي كذلك بإنتظار بروز تطورات تتقاطع ومصالح إحدى القوى المتقاتلة المتناحرة المحلية مع أخرى دولية اوحتى إقليمية. وللشهادة وبين هلالين لا بد لنا هنا أن نذكر قول وفعل دولة الرئيس الأخ الأستاذ النبيه وأحد الساعين دوماً إلى عدم توريط الكل أومن تبقى منهم في صراعات طائفية تذكرنا بمعارك الفتن الكبرى (الجمل والصفين)، كما لا يمكننا أن نتجاهل حراك ودور رئيس مجلس الوزراء السابق سعد الحريري العامل على تفويت الفرص على حفاري القبور وبعثرت دعواتهم إلى التقاتل والإقتتال سواء في طرابلس وصيدا وبيروت أو في عرسال، في حين أن الأمينين على العائلة وبكوات التوريث والتعيين وكذا المتلبسين زوراً بصورة الناسك الحكيم يلهيهم تقاسم مراكز المدراء العامين وتعيين القادة والسفراء المنتجبين، أما عنوان فخامة الرئيس فهو وللأسف وبعد التجربة وبسبب فعلهم اليوم كما في الأمس ليس بيدهم وإن مجتمعين.
عرسال
الأمر بعد ما تقدم ومن دون مواربة كتاب فصلت أحكامه بإتقان يأتينا من الخارج بالتنزيل، وما تقوم به الفرق الباغية والناجية (كما يحب أولئك ويدعي هؤلاء ويصفون) ومن لف لفهم، يشكل تتمة لكتاب الفتنة الكبرى وصفحة من صفحاته المؤثرة التي تؤرخ لحقبة موت (او إستشهاد إن شأت) مجموعة ضخمة من المسلمين على أيدي مسلمين في صورة شبيهة بمعارك أفضت إلى قتل صحابة على أيدي صحابة، قصص مستنسخة وحوارات مقلدة عن حادثة التحكيم التي أدت إلى قتل المزيد. يستمرون في ممارسة ما شرعوا به وما ورثوه ليقيموا قلاع على أكوام الجثث، ونستمر بالدعاء لله لكي يبعد عنا هذا الكأس ولتكن مشيئته وليس مشيئتنا وعليه فليتوكل المتوكلين.

أهالي القاع والراس: لنا الجيش فقط!
لوسي بارسخيان/المدن/الأربعاء 10/06/2015
شوشت اشتباكات جرود رأس بعلبك والقاع اول من امس على الجو الاعلامي الذي اشاعه “حزب الله” حول سيطرته على اجزاء واسعة من جرود السلسة الشرقية الفاصلة بين الاراضي اللبنانية وسوريا، فاستعادت البلدتان المتاخمتان للسلسلة الملتهبة، المخاوف من تسلل الارهاب المحتمي في جيوبها، تزامنا مع اصوات القصف التي ترددت فيهما، والتي تبين لاحقا انها ناتجة عن هجوم شنه عناصر من تنظيم “داعش” على مراكز لـ”حزب الله” في منطقة النعمات بأقصى شمال شرق السلسلة، استدعت هجوماً دفاعياً اسفر عن مقتل عدد من مقاتلي “داعش” بالاضافة الى مصادرة آليات وفقا للروايات التي تتردد. أتت الإشتباكات بعد نحو 5 أشهر من معارك تلة الحمرا الاستراتيجية التي خاضها الجيش اللبناني في رأس بعلبك، والتي دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة الى المنطقة، سمحت بحسب ما تؤكد مصادر “المدن” بوصل مراكز الجيش امتداداً من جرود القاع الى جرود عرسال، لتشكل سداً منيعاً في وجه اي محاولة لتقدم المسلحين باتجاه المناطق السكنية.   سبقت هذه التعزيزات حملة “تطهير عرسال من الارهابيين” التي اطلقها الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، منذ اسابيع، وما رافقها من محاولات ضاغطة على الحكومة لتعزيز المراكز العسكرية واطلاق يدها الدفاعية في المنطقة كما تقول المصادر. نجح الجيش منذ معركة تلة الحمرا الاخيرة، بحسب ما يقول رئيس بلدية رأس بعلبك هشام العرجا لـ”المدن” في “إرخاء جو من الهدوء في البلدة، التي تقف خلف الجيش اللبناني في أي تحرك يقوم به، وتدعمه خصوصا في إستعادة جرود البلدة المحتلة منذ معارك القلمون الأولى”. يشرح العرجا انه “منذ شهر حزيران 2014 وبعد حادثة خطف المواطن مخول مراد من كسّارة، على ايدي مسلحين تابعين للدولة الاسلامية في جرود رأس بعلبك، لم يعد أحد يجرؤ على التوجه اليها. وأهالي البلدة الذين يملكون بساتين شاسعة في المرتفعات، اهملوها في الموسم الحالي، بإنتظار تحرير الأراضي التي دُفع اليها المسلحون على اثر معارك القلمون الأخيرة”.

في ظل حديث نصرالله عن تحرير 80 بالمئة من الجرود، يجزم اهالي رأس بعلبك ان لا شيء تغير بالنسبة لجردهم المحتل من قبل “داعش”، بل قلص هذا الوجود المستمر منذ اكثر من سنتين مساحات القرية الاوسع عقارياً على صعيد لبنان. لا يلمس العرجا اي تقدم في استعادة جرود البلدة حتى الآن “فالمسلحون لا يزالون يطبقون عليها”، كما يقول، “من دون ان يملكوا قدرة على التقدم نحو البلدة، اولا بسبب السد المنيع الذي شكله انتشار الجيش على مرتفعاتهاـ وثانيا لأن ذلك يشكل انتحاراً عسكرياً للجهات المتطرفة التي تعلم ان رأس بعلبك هي خط الدفاع الاول عسكرياً عن الامتداد الشيعي الواسع الذي تشكله المنطقة، وبالتالي من الطبيعي ان تواجه اي خطوة غير محسوبة بإتجاه الراس بمقاومة شرسة ليس فقط من قبل اهالي البلدة بل من كل الجوار”. يدرك الأهالي جيداً خصوصية المنطقة جغرافياً، يقولون إن حراك “حزب الله” في الجرود، هو لحماية قراه ونفسه أولاً، لكنهم في المقابل على أهبة الإستعداد للدفاع عن قراهم، ولن يتكلوا على أحد بإستثناء الجيش، في حال تطورت الأمور.

وفق ذلك، استنفرت ترددات المعارك التي دارت مع تنظيم “داعش” في هذه المنطقة، ما يسمى في المنطقة بـ”هيئة الدفاع المدنية” بعد استرخائها لفترة، وهي شكلت سابقاً من العسكريين المتقاعدين، “لتكون عيون الجيش وظهره الحامي”، كما يقول العرجا، متحدثاً عن انضمام عدد قليل جداً من ابناء البلدة المسيحيين الى “سرايا المقاومة”، بينما القسم الأكبر بغض النظر عن التوجهات السياسية، يملك سلاحاً فردياً بما أن “الحرب الاهلية مرت من هنا ايضا”، إضافة الى طبيعة المنطقة. يقول العرجا انه “عندما تكون هناك اراض محتلة، يتكتل اهالي البلدة بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية لتحريرها. الا ان ذلك لا يعني ان اهالي رأس بعلبك هم في حالة عداء مع اي من بلدات الجوار، بل العلاقات ممتازة مع اهالي عرسال، كما اللبوة، والمطلوب واحد فقط استعادة الارزاق من تحت سيطرة الجهات المتطرفة”. تجدد الاستشعار بخطر التطرف بعد أشهر من هدوء الاجواء، أعاد مخاوف اهالي القاع، على الرغم من أن هذه المخاوف بدت مضبوطة وليست في الشكل الذي تسوق له بعض وسائل الإعلام. القلق الأساسي في القاع مرده كثافة اللجوء السوري، المنتشر على مسافات واسعة، ومن إمكانية أن يستخدم من قبل “داعش”، كدرع بشري، اذا ما اضطروا للفرار من المعارك الدائرة في الجرود، الا ان ذلك يبقى مستبعداً، وفقا للمحامي وديع ضاهر، أحد الناشطين في القرية، الذي يشرح لـ”المدن” أن “المنطقة ساقطة إستراتيجياً اولا بسبب طبيعتها السهلية، وثانيا لكونها محاصرة بامتدادي الهرمل والقصير الشيعيتين”. عموماً، يصف الأهالي إنتشار الجيش وإجراءاته بأنها لافتة، يثنون عليها، ويعولون عليها كذلك، الا ان ذلك لا يعني، وفقا لمختار البلدة سمير عوض، ان “الاهالي مرتاحون كليا، خصوصا بعد تجدد الاشتباكات”، خصوصاً أن المخاوف، بحسب الأهالي، إرتفعت بعد “التحرش بجيوب الارهابيين”، وما قد يحمله من “تداعيات غير محسوبة” ما “يبقي الاهالي في قلق يستدعي يقظة دائمة طالما ان لا نتائج ملموسة للانتصارات المعلنة حتى الآن”.