ساطع نور الدين: إيران تتعجل يوم القيامة// صبحي أمهز: حركيو “البقاع” لـ”حزب الله”: حذار توريط العشائر

311

حركيو “البقاع” لـ”حزب الله”: حذار توريط العشائر
 صبحي أمهز/المدن/الجمعة 05/06/2015 

الشرخ ضمن الطائفة الشيعية، بات ملموساً. يمسك “حزب الله” بأغلبية الطائفة، إلا أن من هم خارج عباءته ينظرون بعين الريبة الى تحركاته في لبنان وسوريا، والى المصير المحتم الذي يجر الطائفة الشيعية إليه. من الواضح أن الشارع الشيعي المعارض لـ”حزب الله”، بات يعبر أكثر عن نفسه وعن توجهاته، في مواجهة سياسة التعبئة التي ينتهجها “حزب الله” ضمن الطائفة الشيعية، والتي لا تستثني الحلفاء في حركة “أمل”. عندما حذر الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ما يسمى بـ”شيعة السفارة”، قيل أنه لا يقصد الخصوم فقط، بل أيضاً حركة “أمل” التي أظهرت بوضوح تمايزها عن الحزب سورياً، وعربياً، وإن كانت تحتفظ بالكثير من خطوط الوصل، التي تسمح لها بالبقاء في الجهة الرمادية. ليست مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الأخيرة وحدها ما يبرز التباين بين “حزب الله” وحركة “أمل”. الشارع الذي تماهى إلى حد كبير تحديداً منذ العام 2006، بعد عدوان تموز، بدأ يعيد حساباته. وفي البقاع بات الشارع التابع إلى “أمل” منقسماً على نفسه بين من هو متماهٍ كلياً مع “حزب الله” وخياراته، وبين من بدأ يرفع الصوت. لا تخفي أوساط حركة “أمل” في البقاع خوفها من الفتنة التي قد تمتد إلى قرى بعلبك، في حال حصول أي تحرك عسكري تحت ستار العشائر في وجه عرسال، بعد أن أعلن تشكيل “لواء القلعة”، كستار ولو إعلامي لتحرك “حزب الله”. في حديث قادة “الحركة” في البقاع، كثير من التروي، مقارنة مع خطاب قادة “حزب الله”. بسهولة يمكن تلمس أولويتهم التي تبدأ بلبنان، على عكس أولوية قادة “الحزب” التي تبدأ بمحور الممانعة وتنتهي بالدفاع عن الطائفة. مؤخراً، إرتفعت في أوساط “الحركة” في البقاع المخاوف من جر قرى بعلبك إلى فتنة مذهبية، بين عشائر البقاع وعرسال، يمكن أن تنسحب حرباً مذهبية إلى مناطق أخرى كطرابلس وبيروت، وقد تكون شرارة حرب تذكر ببوسطة عين الرمانة، ولكن بنسخة بقاعية منقحة. خوفاً من الفتنة أيضاً، يسارع قادة الحركة الى نفي أي صلة لهم بـ”لواء القلعة”، تماماً كما النفي الحازم الذي أصدره بري رداً على بعض الصور التي إنتشرت قبيل معركة القلمون لعناصر وآليات ترفع علم “أمل”، وتستعد للمشاركة في المعركة. مصدر رفيع في الحركة، يؤكد عبر “المدن”، أن ما يسمى بـ”لواء القلعة” الذي تبناه بعض من أبناء العشائر، لا علاقة له بـ”أمل”، ولا يوجد أي دور عسكري أو تنظيمي للحركة في هذا الإطار، كما أنه لا دور للحركة في أي عملية تجييش ضد عرسال. في أوساط “أمل” بقاعاً، خوف من أن يلجأ “حزب الله” إلى نسب أي عمل ضد العراسلة إلى العشاير، لكنهم في المقابل، يراهنون على دور الجيش اللبناني، الذي يحكم السيطرة على المنافذ المؤدية إلى عرسال، آملين أن يؤدي ذلك إلى إبعاد شبح الفتنة عن قرى بعلبك، خصوصاً أن الوضع عموماً مسؤولية القوى الشرعية ممثلة بالجيش وقوى الأمن الداخلي. ينطلق قادة “أمل” في البقاع في رفض الفتنة وتوريط العشائر من مواقف الإمام موسى الصدر. أحدهم يذكر بأنه عندما قرر البقاعيون عام 1975 الهجوم على بلدتي دير الأحمر والقاع، المسيحيتين، قال الصدر عبارته الشهيرة: “مَن يطلق رصاصة على دير الأحمر كأنه يطلقها على صدري ومحرابي وعمامتي”.
نصرالله يفصل عرسال عن جرودها
في سياق متصل بتطورات البقاع وعرسال، خرج الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، في خطاب جديد خلال إحتفال لكشافة “المهدي”، أكد فيه أن “الحزب ليس بصدد الدخول إلى بلدة عرسال وهي مسؤولية الجيش والدولة”، مشيراً إلى “الخصوصيات الموجودة في البلدة”، وإلى أن الحزب يدركها. وفي خطاب نصرالله، الذي خصص جزءاً منه لتطورات القلمون وعرسال، أيد التسوية التي خرج بها مجلس الوزراء في جلسته بالأمس التي صدر عنها بيان يؤكد الثقة بالجيش، اذ لفت إلى أن “مسألة بلدة عرسال خرجت من النقاش السياسي وأصبحت في عهدة قيادة الجيش اللبناني، كما حيد العشائر البقاعية عن معركته، واضعاً “خطوات التضامن” التي تجلت بالإعلان عن “لواء القلعة” في إطار “التضامن والدعم”، لأنه “لسنا بحاجة إلى مقاتلين، ونملك ما يكفي لانجاز الهدف”.

 

إيران تتعجل يوم القيامة
ساطع نور الدين/جنوبية/الجمعة 05/06/2015 

القتال الذي يخوضه حزب الله اليوم في جرود عرسال يبدو في الظاهر وكأنه تفصيل بسيط في لوحة الصراع على سوريا، الذي يزداد ضراوة، ويقترب يوماً بعد يوم من سيناريوهات يوم القيامة الموعود.

مقاتلو الحزب الذين يقدر عددهم ببضعة آلاف يقومون في الظاهر بمهمة محددة هي تأمين منطقة متاخمة للحدود اللبنانية الشرقية، ومساعدة الجيش السوري في حماية خطوطه الاكثر حيوية الممتدة من دمشق الى الساحل السوري. وهم بلا شك جزء من  خريطة الحرب التي تغطي الجغرافيا السورية كلها، والتي طرأ عليها في الايام الماضية متغير استراتيجي بالغ الاهمية والخطورة هو الاعلان من دمشق وطهران عن وصول آلاف المقاتلين الايرانيين (والعراقيين) الى العاصمة السورية لحمايتها من الجهاديين السوريين.

كادت الخطوة الايرانية الطارئة تمر مرور الكرام، باعتبار ان الوجود العسكري الايراني معروف ومعلن منذ بداية الثورة السورية، وهو كان يتخذ شكل خبراء ومستشارين عسكريين، ثم تطور الى ارسال مقاتلين “متطوعين”، حسبما تردد اكثر من مرة، مع ان تلك الصفة لا تصح على مواطني دولة باتت هي نفسها ترفض ان يتم تصنيف الحرس الثوري كميليشيا او حتى كوحدات تدخل خارجي. لان “الحرس” هي الجيش الفعلي والوحيد لايران، وكل ما عداه، من جيش نظامي وباسيدج، ليس سوى تلوينات على مشهد داخلي شديد الانضباط العسكري والامني.

التزامن بين الاعلان عن هجوم حزب الله على جرود عرسال وبين الاعلان دخول القوات العسكرية الايرانية الى دمشق، لم يكن مجرد دليل ظرفي على وجود غرفة عمليات واحدة ، إيرانية-سورية، تدير المعركة على مختلف الجبهات في سوريا، وتركز الان على وسط سوريا وعلى العاصمة دمشق التي أعلنها المقاتلون السوريون هدفهم المقبل. ثمة توغل عسكري إيراني  في الداخل السوري هو الاوسع نطاقاً حتى الان، وهو يعد على الارجح أكبر إنتشار عسكري إيراني بعيد عن الحدود الايرانية، منذ حرب الخليج الاولى في ثمانينات القرن الماضي.. اذا ما استثني الانتشار الايراني المتكرر داخل الاراضي العراقية والذي لم يعد يتخذ شكل خرق للحدود المشتركة بين البلدين، اللذين أزالا العلامات الحدودية في اكثر من منطقة.

هي حتما أبعد عملية تدخل إيراني خارج الحدود، اتخذ القرار بتنفيذها على عجل، وتعمدت دمشق وطهران الاعلان عنها لرسم خط أحمر حول العاصمة دمشق، وحول النظام السوري الذي يتهاوى تحت ضربات معارضيه. وإذا ما أضيفت هذه الخطوة الى ما ذكر عن وصول وحدات عسكرية ايرانية الى منطقة الساحل السوري، يمكن الحديث عن أن إيران التي سبق أن المحت اكثر من مرة الى استعدادها لارسال مئات الالاف من مقاتليها الى سوريا، قررت ان الوقت قد حان لكي ترمي بثقلها العسكري الكامل في الحرب، وتتولى بنفسها مهمة القيادة والادارة، العسكرية وتاليا السياسية، للصراع على سوريا.

من وجهة نظر طهران يمكن ان يوضع هذا التدخل العسكري الايراني الواسع في سوريا في سياق الرد المسبق على الهزيمة الايرانية المرتقبة في اليمن عندما ينعقد الحوار الداخلي على خلفية انكفاء الحوثيين وانتهاء مشروعهم التوسعي وينفك حلفهم مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وعندما ينفتح الحوار مع اميركا على الملفات غير النووية، واهمها سوريا ولبنان بما هما ركيزة اساسية للنفوذ الايراني في الاقليم وعلى خطوط المواجهة مع اسرائيل.

تحاول ايران الان ان ترسم خطوطها الاقليمية الحمراء، التي لا تحد فقط بعلويي سوريا وشيعة لبنان. لكنها تخاطر بالاثنين معاً. سيناريو التدخل العسكري لن يكون من طرف واحد. هو لم يكن كذلك يوماً. قدرة الاقليتين على الصمود، وربما البقاء في مرحلة لاحقة، محدودة جدا في ظل هذا المستوى من التعبئة التي لا تغفل صفحة من كتب التاريخ المشين. معركة دمشق تقترب. يوم القيامة يدنو.