نديم قطيش/هل سقط الكيان اللبناني؟

340

هل سقط الكيان اللبناني؟
نديم قطيش/المدن/الخميس/المدن/04 حزيران/15

يتقن حزب الله فن التضليل الاعلامي. يجيد لعبة المرايا وقنابل الدخان. ثمة دائماً ما يقوله، وثمة ما يفعله، ولو التقى في احيان كثيرة القول والفعل. في سجله افعال كثيرة لا يمكن تبريرها بقول الحقيقة بشأنها. في مثل هذه الحالات يزين حزب الله للرأي العام افعاله بإنتحال صفات لا حصر وباستعارة قواميس ومعاجم سياسية تتناقض مع كل ما يمثله.آخر تقليعات حزب الله دعوته “الدولة” الى تحمل مسؤولياتها حيال ما يجري في جرود عرسال، والضغط عليها إعلامياً وسياسياً لتفويض الجيش اللبناني، المفوض أصلاً، معالجة ازمة الجرود التي تأوي مسلحين دخلوا اليها في أعقاب معارك القصير ويبرود! قلما بدا حزب الله مهتماً فعلياً بالدولة. ونادراً ما أبدى حيالها مستوىً من الالتزام والمسؤولية. لا واجبات عنده حيال الدولة. هي قوة إسناد غب الطلب، او شماعة يعبر منها الى مشاريعه ومخططاته متذرعا بضعفها وقلة حيلتها. دعا امين عام حزب الله الدولة الى إطلاق عملية عسكرية في جرود عرسال، مهدداً انه لن يتأخر في الحلول مكانها اذا لزم الامر. ظاهر الامر انه أعطاها فرصة التحرك والمبادرة، وحقيقته انه مضى في مشروعه في الجرود حتى قبل جلسة مجلس الوزراء.

ويوم دخل الحرب السورية، دخلها في زمن حكومته، لكن سجلات مجلس الوزراء تكشف ان حزب الله لم يناقش في اي جلسة من جلسات حكومته الهواجس التي تذرع بها يومها للدخول في الحرب. لم يبذل حتى الجهد الدعائي الذي يبذله اليوم للقول بأنه يحل حلولاً اضطرارياً مكان الدولة.اما حين يناقش حزب الله على طاولة مجلس الوزراء ما يتصل بالحرب في سوريا، ودوره ودور الدولة وطبيعة الصراع، فهو يبدو في حالة انفصال تام عن واقع سوريا وواقع المنطقة. انفصال متعمد، هو الآخر احدى أدوات التعمية والتضليل.

يؤطر دوره السوري في إطار مكافحة الارهاب، مستعيراً كل قاموس الإسلاموفوبيا التي قاتلها واستنكرها في السنوات الممتدة من جريمة ١١ أيلول وحتى خروج الرئيس جورج دبليو بوش من البيت الأبيض. هو ببساطة حامي لبنان، من موجة ارهاب سقطت علينا من السماء. ثم لا يلبث ان يدعو الى توحيد ساحات الصراع في المنطقة، اي ساحات الحروب الأهلية العربية التي يخالطها إرهاب سني هنا وشيعي هناك! بسذاجة مقصودة يتنقل الخطاب بين قومية حمائية لبنانية وبين إسلامية، حرب أهلية الطابع، تستعيد عناوين الحرب الأهلية داخل الاسلام بالاسم الواضح، كإستعادة سبي السيدة زينب او معركة صفين!!دخل حزب الله حرباً لا علاقة لأسباب دخوله اليها بأسباب استمراره فيها، كمثل ما هي الحروب الأهلية دوماً. سقط من حسابه حماية النظام السوري، في سوريا التي انتهت. وهو اليوم شريك في مغامرة رسم الخطوط داخل سوريا وربما خارجها. ايران التي دفعت بالاف المسلحين مؤخراً تعلن بخطوتها هذه ما يضمره حزب الله، لا سيما انها اجبرت نظام الاسد،على التسليم بان المهمة الان هي ترسيم خطوط النفوذ والتماس وتحديد ما يمكن حمايته والإمساك به قبل انطلاق البحث في حل “المسألة السورية”.تركيا في الشمال السوري، سيزداد تدخلها علنية بمجرد انتهاء الانتخابات التركية. الأردن يعمل جنوباً. اسرائيل ليست بعيدة، وباتت تقر بأدوارها. وإيران عبر ميليشياتها في الساحل العلوي وامتداده اللبناني. ودوّل لا حصر لها تحتل السماء بقيادة واشنطن. قريباً لن يحتاج حزب الله لإحراج الدولة قبل الانطلاق في مغامراته. سننظر، وينظر حزب الله ولن تكون هناك لا دولة ولا كيان ولا من يحزنون.