روزانا بومنصف: كيف يُقنع الفاتيكان المسيحيّين بالمهمّة الأصعب// نبيل بومنصف: على صوص ونقطة

298

كيف يُقنع الفاتيكان المسيحيّين بالمهمّة الأصعب؟
 روزانا بومنصف/النهار/1 حزيران 2015

يتطلع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الى حماية وضع الدروز في سوريا، فيبذل جهوداً ويقدم نصائح منذ اربع سنوات من اجل عدم تعاون الدروز مع النظام والنظر على نحو رؤيوي الى تطورات المنطقة على قاعدة ان ثمة منطقاً سيثبت نفسه في نهاية الامر مبنياً على جوار سني عريض لا يمكن تجاهله. ويندفع بعض الافرقاء المسيحيين في المقابل الى رؤية مغايرة تمعن في تسويغ ما يسمى تحالف الاقليات تتبنى “الحماية” التي قال الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إن الحزب يعتزم توفيرها للمسيحيين وسواهم في تبريره انخراطه المستمر في الحرب ونيته استدراج الجيش الى حرب يشكل فيها الواجهة في عرسال وجرودها مدعوماً من حليفه المسيحي الذي يرفع الصوت من اجل تغيير في قيادة الجيش قبل انتهاء ولاية قائده في ايلول المقبل على نحو بات يثير التساؤل عما اذا ما كان يفترض بالقائد الجديد ان يقوم بحرب عرسال تلبية لطلب الحزب وحليفه من دون الغطاء السني. ثمة استفزاز اثاره عرض “الحماية” الذي قدمه السيد نصرالله في رأي كثر في الوقت الذي هجر المسيحيون، الذين قيل انهم داعون للنظام ولا يزالون، سوريا بحيث ان نسبة المسيحيين فيها قد تراجعت الى ما يقل عن 3 في المئة وفق خبراء في الوضع السوري، ويكاد الوجود المسيحي ينتهي كما انتهى في العراق. وثمة سؤال: اذا كان ثمة حوار بين الفريقين المسيحيين الاساسيين ما الذي يمكن أن يتضمنه “اعلان نيات” في ظل اصطفاف سني شيعي وصل حده في معركة “تحرير عرسال” ومعارضة كلية وحازمة من تيار المستقبل لتطويع عرسال أو إخضاعها على الاقل من ضمن معركة القلمون؟

إبان رئاسة الرئيس الراحل الياس الهراوي والتحالف الذي كان قائما بينه وبين النظام السوري في مقابل الابتعاد المسيحي عنه، تحت وطأة نفي العماد ميشال عون الى العاصمة الفرنسية ووجود الدكتور سمير جعجع في السجن، كان الهراوي يقول بأنه سيأخذ المسيحيين قسراً الى ما يراه مصلحتهم في التحالف مع سوريا بدلا من معاداتها، الامر الذي كان هؤلاء ينكرونه في رأيه. ورحل الهراوي ولم يستطع اقناع المسيحيين “المحبطين” بالتحالف مع سوريا آنذاك، فيما يتم السعي الى اخذ المسيحيين للتحالف مجددا اليوم انما مع النظام دون سائر السوريين خصوصاً ممن ثاروا عليه. لذلك فإن مهمة موفد الكرسي الرسولي الكاردينال دومينيك مومبرتي في بيروت لن يقدّر لها النجاح ليس في المساعدة في تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد مرور سنة على شغور موقع الرئاسة الاولى، والفاتيكان تجنب التدخل مباشرة طيلة هذه المدة لادراكه باستحالة الانتخاب في ظل الصراع الاقليمي، بل ان المهمة الاصعب قد تكون كيف يمكن اقناع المسيحيين بامتلاك رؤية بعيدة المدى لمصالهحم ووجودهم في المنطقة والمحافظة عليها. فثمة صراعات مصلحية يلهون بها اللبنانيين، فيما يتطلع المسيحيون بقوة الى الهجرة مجدداً وأكثر من أي وقت مضى.

 “على صوص ونقطة
 نبيل بومنصف/النهار/1 حزيران 2015

لعل كثراً بات عليهم ان يعيدوا الحسابات في شأن ظاهرة طالعة ومتدرجة في السلوكيات الضاغطة لكل من “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” المتصلة بتحريك الانصار والقواعد الشعبية على خلفية ملفات عرسال والتعيينات والانتخابات الرئاسية. لم تعد المسألة في ظل ما يحصل في البقاع الشمالي من معالم تعبئة قتالية للعشائر الشيعية على يد الحزب أو في الرابية مع محطات تحشيد الانصار العونيين مجرد “عودة” الى القواعد الشعبية فقط ما دام الفريقان لا يخفيان الخط البياني العريض في التحفز لذاك “الشيء” المجهول – المعلوم الذي يهول به من خلف الأبواب. نذهب في “الظن” الى ان معالم التعبئة هذه بدأت ترسم ملامح انتقالية في الأنماط المتبعة لدى الحليفين لوصل الضغوط السياسية بامتدادات شعبية وميدانية. لا نثير ذلك من واقع التطورات الداخلية وحدها التي وضعت معها حكومة الرئيس تمّام سلام بين نيران الحصار تحت وطأة التهديد بفرطها أو شلّها واستباحة البلاد لفراغ دستوري شامل. بل ان البعد الاخطر لهذه “النقلة” المحمومة ما كان ليتخذ جديته لولا انها موصولة بترددات الانهيارات السريعة المتعاقبة للنظام السوري المرشحة لأن تتحول زلزالا سيهتز لبنان على وقعه القوي اكثر من كل الدول المحيطة بسوريا. لعل الخطأ الفادح هنا ان يقلل خصوم التحالف الثنائي خطورة اللحظة الآتية خصوصا بالنسبة الى “حزب الله”. على رغم كل الحسابات الباردة لدى بعضهم لا ترانا نجد الحزب لا يمضي الى قلب الطاولة بشكل ما في خضم هذا الزلزال غير المتصور ولا ينبغي اطلاقاً تقليل قدرته على ذلك. لكن الخطأ الاشد فداحة يترتب على الحزب وحليفه العوني إن هما قللا أيضاً خطورة التوهج لدى فئات لبنانية واسعة حيال اي استعادة نزعات انقلابية على ارض حارقة. لم تكن مسألة طرح استفتاءات شعبية للانتخابات الرئاسية أو تحكيم “الشعب” إلا الوجه المكمّل لوضع البلاد أمام مفترق خارج عن السكة الدستورية بما يعمم مناخ التهويل باطاحة انقلابية بالنظام. مثل هذا المناخ عرف لبنان نماذج سابقة له معروفة النتائج ومحسومة سلفاً لا تزال تجرجر خسائرها المدمرة حتى الآن ولم يكن هناك آنذاك عالم عربي يتهاوى وينهار وينفجر كما اليوم في جحيم حرب مذهبية طاحنة لم يشهد التاريخ مثيلا لها. أفلا يثير ذلك ما يتجاوز الغرابة المذهلة أمام هذه العودة الى تجريب المجرب؟ وماذا لو اطلق ذلك العدوى في كل انحاء الجمهورية الشاغرة الرأس والمؤسسات إلا من حكومة مهدّدة بالشلل وعالقة “على صوص ونقطة”؟  ثم أخيراً من قال إن هذه هي الوصفة الناجعة لمحاربة التكفيريين؟