البقاع على نار الفتنة: الحشد الشعبي جاهز//الساكت عن التهديد: درع شيعة السفارة ضد تحريض حزب الله//لماذا لا نصدق نصر الله

640

لماذا لا نصدق نصر الله
خالد الحجيري)/لبنان الجديد/31 أيار/15

في خطابه اﻷخير، عرض السيد حسن نصر الله خدماته على اللبنانيين عامة، وأهالي عرسال خاصة، وتضمن العرض القضاء على الجماعات المسلحة في القلمون وجرود عرسال، ما يخلص لبنان من خطر “الارهاب” الذي يتهدده، وعرسال من “الاحتلال” الذي تعانيه فيعود أهلها لمزاولة أعمالهم وحياتهم الطبيعية. لا شك أن عرسال تعيش منذ بداية الثورة السورية ضيقا ومحنة كبيرين، تبدأ بأعباء النزوح السوري ولا تنتهي بمضايقات المحيط اللبناني الموالي لحزب الله، واعتداءات بعض فصائل المسلحين السوريين على اﻷهالي في الجرود وداخل البلدة وقصف الجيش اللبناني المتواصل للجرود، ما ضيق عليهم فعلا في ممارسة نشاطهم الاقتصادي في بساتينهم ومقالعهم ومناشرهم الواقعة كلها في الجرود. لكن، هل يمكن التعويل على عرض نصر الله؟! قراءة بسيطة في تناقضات الخطاب السياسي للسيد منذ بداية الثورة السورية لا تترك مجالا ﻷي ثقة أو مصداقية في هذا الشأن. لن نعتمد في ذلك على ما يتم الكلام عنه من مخطط لتهجير العراسلة وضيوفهم السوريين لضمان التواصل الكامل مع دويلة علوية عتيدة يتم العمل على إنشائها وتمتد من الساحل حتى دمشق مرورا بحمص والقلمون، فهذا المخطط يبقى ضمن التحليلات، رغم إن إرهاصاته على اﻷرض باتت واضحة. في الوقائع، خرج السيد بمقولة “ما في شي بحمص” بداية الثورة، ليتبين لاحقا أن حزبه يشارك في المعارك في غالبية المدن السورية ابتداءا بحمص وانتهاءا بدمشق وحلب ودرعا وادلب.

في معرض تبريره لمشاركته في حرب نظام اﻷسد ضد شعبه، تدرج من الدفاع عن قرى شيعية على الحدود الشمالية، الى الدفاع عن المراقد واﻷضرحة الدينية داخل سوريا، إلى الحرب الاستباقية ضد الارهاب على طريقة المحافظين الجدد اﻷميركيين، ليخلص نهاية إلى أنه يخوض حربا وجودية لا مكان فيها ﻷنصاف الحلول. في بداية مشاركته في الحرب، دعا خصومه السياسيين الى منازلته في سوريا لتجنيب لبنان مخاطر هذه المنازلة، وإذا به يرفع شعار “سنكون حيث يجب أن نكون” وأنه سيحارب في كل مكان تقتضيه “حربه الوجودية”، سواءا في اليمن والعراق وحتى لبنان، الذي يبدأ الخطر الوجودي فيه من عرسال وجرودها، في خطاب مذهبي تحريضي واضح مغلف بدعوة عشائر بعلبك الهرمل لمحاربة الارهاب ابتداءا من جرود عرسال. على ضوء هذا الغيض من فيض التناقضات التي حفلت بها خطابات نصر الله على امتداد اربع سنوات، كيف يمكن تصديق ضماناته لعرسال واللبنانيين، وهل يمكن الثقة بضمانة من يدافع حزبه وإعلامه عن مجرم ارهابي من الدرجة اﻷولى هو ميشال سماحة، دون إدانة ولو لفظية لمن أرسله ومونه بالمتفجرات لتخريب لبنان على رؤوس أهله ؟!

البقاع على نار الفتنة: “الحشد الشعبي” جاهز!
لوسي بارسخيان/المدن/الأحد 31/05/2015 

من الهرمل في اقصى شرق بعلبك الى علي النهري في البقاع الاوسط، توزعت حركة “حزب الله” مع المجتمعات الاهلية وفعاليات المنطقة وممثلي عشائرها في نهاية الاسبوع . عقد ثمانية لقاءات تستكمل مساء اليوم الأحد، واختتم كل منها ببيان معد سلفا بإسم كل منطقة، حمل خمس نقاط مشتركة، ابرزها اعلان الاستعداد الاهلي للوقوف كرأس حربة في “طرد التكفيريين من جرود عرسال وتطهير ارضنا من دنسهم، اذا حالت التدخلات من بعض الاطراف التي دأبت على تأمين الغطاء السياسي للجماعات التكفيرية دون قيام الجيش ببسط سلطته في بلدة عرسال وجرودها”. بدأ “حزب الله” عملياً بذلك ترجمة تجربة “الحشد الشعبي” في العراق، لخوض معركة  “مواجهة الارهاب على الحدود في عرسال” تحت غطاء “تحركات عشائر بعلبك والهرمل”، أتت هذه الخطوات سريعاً بعد إشارة الإنطلاق في الخطاب الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، الذي اشاد فيه بـ”الحشد الشعبي” في العراق، داعياً الى تعميم هذه التجربة، معطوفة على تجربة لبنان، وثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة”.

يرى البعض أن الحشد بقاعاً مجرد شد على اصابع الحكومة لإلزامها باتخاذ قرار يتعلق بمواجهة المجموعات المتطرفة التي شارك “حزب الله” بدفعها الى جرود لبنان اثر معركة القلمون، فيما يضعها البعض الآخر في سياق استكمال مستلزمات المعركة التي تترجم حالة استنفار مكشوفة لمقاتلي “حزب الله”، وآلياتهم التي يمكن مصادفتها بشكل لافت  كلما تم التوغل في شمال البقاع. بعيداً عن تحليل ما يحصل، يدرك “حزب الله” تماما طبيعة التركيبة النفسية لهذه العشائر التي لا تأتمر “من فوق”، حتى في ظل حالة الفرز المذهبي السائدة، ولذلك سلمها الطعم ليصبح الأمر وكأنه قرارها في محاربة “الجماعات التكفيرية” المتربصة بالمرتفعات المطلة على بلداتهم. مع علمه التام بأن دعوة العشائر إلى الإنخراط في هذه المعركة، لا تستوي من دون استحضار الحوادث التي تعرض لها من جراء تواجد المسلحين في جرود عرسال. وأبرزها حادثة قتل 4 من عشيرتي امهز وجعفر في جرود عرسال منذ حزيران 2013، التي ذكر بها  نائب “حزب الله” علي المقداد في اكثر من لقاء شعبي مع ابناء المنطقة، منتظرا جمع غلالها في الهرمل خصوصا، ارض العشائر التي تتهيأ لاستنهاض طاقاتها القتالية بعد ان “عضت على جرحها نحو عامين اكراما لرغبة نصرالله الحفاظ على السلم الاهلي في المنطقة” كما قال المقداد. مهمة استنهاض “الغرائز العشائرية” بعد تهدئتها ليست صعبة في بيئة عانت اكثر من غيرها من وجود المسلحين في المرتفعات، تفجيرا وقتلا وتدميرا لاقتصادها، وبالتالي يكفي استنساخ بعض لافتات بعبارات مقتبسة من خطاب نصرالله الأخير على طول الشريط الشيعي الممتد في البقاع الشمالي، ورفع نبرة المواجهة على صوت الموسيقى الهادئة التي صدرت من القاعة المغلقة التي تداعى للاجتماع فيها ممثلو العائلات والعشائر في الهرمل، حتى تصبح المنطقة كلها بمثابة “حشد شعبي” يقوده “حزب الله” الى عرسال، في ما يشبه تجربة “الحشد الشعبي” الذي يخوض معاركه بدعم من النظام في العراق.

وأيضاً بعيداً عن خلفيات خطوة “حزب الله”، إلا أن الثابت أن البقاع، وبعلبك – الهرمل تحديداً، دخلت مرحلة خطيرة جداً، سياسياً وعسكرياً، في منطقة يغلب عليها النمط العشائري، خصوصاً أن الشارع العشائري المضاد في عرسال وبعلبك، ينظر إلى ما يحصل بعين الريبة، بعد أن نظر مراراُ إلى تدخل “حزب الله” في سوريا، بعين الخوف من إرتداد ذلك على الداخل اللبناني. ولعل الواقع العشائري هو ما ألزم “حزب الله” حفظ خط العودة نسبياً مع العائلات والعشائر السنية، وذلك كما بدا من خلال سلسلة لقاءاته التي عقدها، في فصله اولا عرسال عن جرودها  ومن ثم  امهال الوقت الكافي للحكومة في مسألة “تطهير” جيوب السلسلة الشرقية من الارهابيين قبل ان يستخدم ورقة العشائر في البقاع، وهو ما تضعه مصادر أخرى في خانة الضغط على الحكومة والجيش.

لكن في المقابل، عكست مداخلات ممثلي العائلات والعشائر في اللقاءات المعقودة، الاحتقان، فكانت دعوة من الهرمل لأهالي عرسال بأن لا يشكلوا “ستارة لحماية الارهابيين” ولـ”نفض اليد من الارهابيين الذين حموهم” ، ليتحدث البعض عن اختلاف حاد في “المسلمات الوطنية” مع من يحاولون “حماية الارهاب” في عرسال. وفي هذا الإطار، يرى النائب جمال الجراح، الذي كان على رأس الوفد العرسالي الذي جال على قيادات البلد العسكرية والأمنية، لـ”المدن” أن “استخدام هذه الورقة مخفوف بتداعيات لا عودة عنها”، خصوصا في ظل النفوس المشحونة سلفا. ومن هنا  يحذر من “حملة التحريض للعشائر على عرسال والقول انها محتلة من الارهابيين، واقحام الجيش بمعارك في داخلها “، معتبرا انها “كلها أمور تجعل حزب الله يدفع الى الفتنة المذهبية في المنطقة وبإتجاه قتل اهالي عرسال، وهذا ما يحاوله لحجب الانظار عن فشله في اماكن اخرى”. ويؤكد ان “الجيش موجود في عرسال وهو يتعاطى بكل حزم ومسؤولية مع الارهابيين في الجرود.” محذرا من ان عرسال ليست وحدها، وقلناها سابقا ان حدودها مجدل عنجر وسعدنايل وعندما تتعرض لاي اعتداء سيتم الرد بكل لبنان على الاعتداء وبكل اشكال الرد”. كل هذا الشحن الممتد منذ خطاب نصرالله الأخير، وإنتقاله الى خطوات عملية مع “الحشد الشعبي”، بدأ يترك أثراً واضحاً على الشارع البقاعي. الفتنة تتقدم، خصوصاً أن من يحمل السلاح، بمعية “حزب الله” لمواجهة “التكفيريين”، عدد كبير منهم مطلوب أصلاً للدولة اللبنانية، ومنهم تاجر المخدرات الشهير نوح زعيتر، ما يفاقم القلق لدى شارع العشائر السنية، من ممارسات هؤلاء في المستقبل.

وبدا واضحاً أن كل هذه المخاوف، إنتقلت عملياً الى حيز المواجهة المباشرة، بعد الاشتباكات المسلحة التي شهدها حي الشراونة في بعلبك  ليل السبت بين مجموعة افراد من آل الصلح والشياح من جهة ومن آل جعفر ووهبي من جهة أخرى، عكست التخوفات من استعادة كل مظاهر الاقتتال التي شهدتها المنطقة في فترات التشنج السابقة، قبل أن يتدخل الجيش مجددا ليقف حاجزا بين عائلات المدينة الواحدة، وسط اتصالات سياسية منعت تدهور الامور بشكل اكبر، اقله في المرحلة الحالية.

“الساكت عن التهديد”:درع “شيعة السفارة” ضد تحريض حزب الله
المدن/ميديا/31 أيار/15/

لم يعد “شيعة السفارة” مجرد صحافيين وكتّاب ومفكرين، يعبرون عن رأيهم المخالف لحزب الله، في واقع مشتت. فقد جمعهم التهديد في فضاء الكتروني، والتأموا في صفحة “الساكت عن التهديد” في “فايسبوك”، يتناقلون عبرها تطورات التهديد والوعيد الذي يتضاعف يومياً في صفحات الصحف والمواقع الالكترونية. تبدو الصفحة، إجراء حماية، معنوية بالحد الأدني، بما يتخطى دورها كمكان افتراضي للإجتماع اليومي. التجمع يحولهم الى “رزمة”، يصعب كسرها، بدلاً من أن يكونوا أغصاناً متفرقة. وفي ظل الهجمة عليهم، وتصاعد وتيرة التحريض والتخوين، تكسبهم الصفحة مناعة رمزية. يتشاركون الآراء، ويطلعون على تطورات “التهديد” لحظة بلحظة، ويستقطبون التضامن ودروع الحماية الشعبية دفاعاً عن حرية التعبير، في مكان واحد، بدلاً من أن تكون مطالعات الدفاع مشتتة.

يتساءل الصحافي والكاتب، يوسف بزي، عبر تعليق في الصفحة، عن اللائحة التي وزعتها مواقع وصفحات “حزب الله” التي تضم “شيعة السفارة”. فيأتيه الجواب بلائحة تضم أكثر من عشرين اسماً، وثلاث مواقع الكترونية على الأقل، يظللها العلم الأميركي. يطّلع أعضاء الصفحة على الأسماء التي تتضمن ناشطين مدنيين وصحافيين، من اللبنانيين الشيعة المعروف معظمهم أساساً بعلمانيته. ويزيد الناشط نضال حمادة، في تعليق لاحق، “سبب العمالة” وظروفها وأدواتها، شارحاً ان اسبابها تتلخص في “الانتماء الى لبنان المدني ودولة المؤسسات”، بينما ظروفها تتمثل في “الدفاع عن الثورة السورية واعتبارها حقاً، ورفض الارتهان لولي الفقيه”.

الوظيفة الأساس للصفحة هي رفع الصوت في وجه السلاح والتهديد، كما يشير مضمون صورة غلافها التي تصور مذياعاً يتصدى لمسدس. وتبدو موجهة، بحسب الزميلة الصحافية ديانا مقلد التي أنشأت الصفحة قبل يومين، “لمن يرفض الصمت والرضوخ للتهديد”، موضحة: “لمن يرفض الصمت والرضوخ للتهديد .. نحن مجموعة أفراد من صحافيين وصحافيات وكتّاب وكاتبات وناشطين وناشطات نرفض لهجة التخوين والتهديد التي اطلقها في تصريحاته الاخيرة الامين العام لحزب الله حسن نصرالله كما نرفض لغة التخوين من أي جهة كانت ..”.

أما في مناقشاتها، فيتبادل الأعضاء بوستات “المحرضين” للإطلاع عليها والتعليق، إضافة إلى الدعوات لإخراس “الخونة” وإزالتهم من الوجود، وشتمهم، ومقاطعتهم. ويبرز اسما جهاد أيوب، وخضر عواركة، وغيرهما من الإعلاميين في الصحف والمنابر اللصيقة بحزب الله، كرأس حربة في التحريض على شخصيات اعلامية وناشطين لبنانيين ونشر الشائعات. حداثة الصفحة، لم تسمح بعد باستقطاب العدد الكبير من المدافعين عن حرية التعبير، والمعارضين للتخوين والتهديد، إذ بلغت حتى لحظة كتابة هذه السطور نحو 800 عضو. لكنها تكبر، يوماً بعد يوم، وتستقطب الكثير من معارضي الفكر الإلغائي في لبنان، والتهديد والتحريض، وكشف الظهور، بذريعة العمالة لأميركا… التي، وللمفارقة، يتفاوض معها نظام الولي الفقيه نفسه في إيران، لإتمام الاتفاق النووي، ما يفترض، بحسب منطق نصرالله نفسه، أن يجعل الفريق الإيراني المفاوض على رأس لائحة “العملاء” و”الخونة” من “شيعة السفارة” الأميركية. وهذه ما يحيل إلى تعليق الصحافي فداء عيتاني في الصفحة “الساكت عن التهديد..” مستشهداً بعبارة لنصرالله نفسه من خطاب سابق:

“حان موعد فقرة فصل الخطاب: سجلوا لديكم بالصوت والصورة: إذا حصل تفاهم نووي إيراني-دولي، فريقنا سيكون أقوى وأفضل حالاً محلياً وإقليمياً” (الأمين العام لحزب الله 13-11-2013).