جويس كرم/هل ينتقل “حزب الله” الى الخطة “ب” في سورية؟

278

هل ينتقل “حزب الله” الى الخطة “ب” في سورية؟
 جويس كرم/الحياة/26 أيار/15

مع دخول حرب “حزب الله” في سورية عامها الرابع، تحيط ملامح التخبط وغياب الرؤية الاستراتيجية بهذا الانخراط، وسط تراجع النظام السوري على الأرض وازدياد الكلفة اللوجيستية والقتالية للحزب في النزاع. “التعبئة العامة” التي قيل أن “حزب الله” وأمينه العام  حسن نصرالله  قد يدعو اليها، هي إقرار فعلي بالتعثرات التي تصاحب تدخله في سورية. فلا الحرب “خلصت” كما نقلت قيادات الحزب لحلفائها اللبنانيين أكثر من مرة واضعة تواريخ وهمية على نزاع جوهره سياسي، ولا مكاسب القصير وحمص والقلمون كانت قادرة استراتيجيا على قلب المعادلة السورية أو حسم المعركة لصالح نظام الأسد. ولا بد وأن يدرك الحزب البراغماتي في حساباته الداخلية وتكتيكات معاركه ضد اسرائيل أن أفق إنقاذ نظام الأسد ليس فقط غير واقعي إنما بات مسدوداً سياسيا وعسكريا. فرقعة التمرد ضد النظام وصلت الى أريحا شمالا والقحطانية جنوبا، و”حزب الله” الذي خسر بحسب صحيفة “كريستشن ساينس مونيتور” أكثر من 1280 مقاتلا في سورية غير قادر عدديا أو لوجيستيا على إنقاذ النظام في إدلب وجسر الشغور وغيرها من المناطق البعيدة من الحدود اللبنانية. ومن هنا، قد يتدارك الحزب هذا المأزق بتغيير نوع مهمته في سورية، وتحويلها الى ضبط الحدود وحماية مسالك إيصال أسلحته والسعي لضمان حد أدنى من “العمق الاستراتيجي” الذي وفره النظام السوري تاريخيا له، عبر حماية دمشق والابتعاد عن المعارك الشمالية.

مثل هذا التحول، ولو ان أهدافه قد تكون صعبة المنال في المدى الأبعد وفي حال استمرار تقدم المعارضة وفشل التقسيم الجزئي لسورية، إلا انه يشتري بعض الوقت للحزب، إلى حين دخول إيران خط المفاوضات على سورية، والذي قد يصبح سالكاً بعد الاتفاق النووي هذا الصيف. شراء الوقت يستلزم من “حزب الله” حشد قاعدته الشعبية وسط تململ داخلي ممن ضحوا بأبنائهم في حرب لا هدفها مقنع ولا استراتجيتها رابحة. فالدفاع عن العمق الاستراتيجي الذي تمثله سورية للحزب ليس موازياً لحماية “العرض والدين” كما قال نصرالله. والمعارضة السورية التي يحاربها الحزب لا تختصر بشلة من “التكفيريين”، وبعض قياداتها مثل معاذ الخطيب مقبول اليوم من القيادة الإيرانية. علما أن الخطيب هو صاحب الصدقية الأكبر بين الفصائل على الارض التي يحاربها “حزب الله”.

دخول الحزب الحرب السورية يرسخ واقع الاستنزاف والتشتت قبل أي عنوان آخر. هذا الواقع ترحب به اسرائيل والولايات المتحدة وترى في تمدد الحزب والمواجهة بينه وبين تنظيمات تعتبرها واشنطن “إرهابية” سيناريو مثاليا يلهي الجميع عن اسرائيل ويضعفها في الوقت نفسه.

العام الرابع لـ “حزب الله” في سورية قد يكون الاصعب مع تقلص خياراته وتحسن قدرات المعارضة. والانتقال الى الخطة “ب” وعدم الغرق مع النظام قد يصبح ضرورة استراتيجية للحزب، اذا تعذر الخروج واستحالت “الانتصارات الإلهية”.