عبد الكريم أبو النصر: الديبلوماسية – تحالف أميركي – خليجي لمواجهة إيران//ضغوط على الحكومة اللبنانية لشرْعنة معركة حزب الله المحتملة في جرود عرسال

383

ضغوط على الحكومة اللبنانية لـ «شرْعنة» معركة «حزب الله» المحتملة في جرود عرسال
النائب محمد رعد يهدّد أحمد الحريري: «حسابو بعدين»/بيروت – «الراي»22.05.15

عكست بعض التطورات والمواقف السياسية الأخيرة في لبنان اتجاهات مثيرة لمزيد من الاحتدامات السياسية، بما بات يرسم الكثير من الغموض حول طبيعة التطوّرات السياسية والأمنية التي قد تحملها الأسابيع القليلة المقبلة.

وبرزت في هذا السياق اندفاعة ضغوط منسَّقة بشكل واضح بين وزراء «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» (يقوده العماد ميشال عون) داخل الحكومة بغية حمل مجلس الوزراء على اتخاذ قرار في شأن الواقع الذي بات يضع معركة جرود عرسال (البقاع الشمالي) في عين العاصفة الميدانية كواحدة من أخطر تداعيات معركة القلمون السورية، الأمر الذي بات يحتلّ بُعداً شديد الخطورة.

وفيما نجح رئيس الحكومة تمام سلام في تمرير جلسة مجلس الوزراء، أول من أمس، التي كانت مخصصة لاستكمال مناقشة الموازنة، برفْضه إدراج موضوع عرسال من خارج جدول الأعمال، فإن المجلس الذي انعقد أمس، في جلسته العادية، بدا على مشارف الخوض في نقاش معقّد انقسامي جديد في ضوء ما يعتبره وزراء «14 مارس» والنائب وليد جنبلاط والمستقلون محاولة متقدمة من وزراء «8 مارس»، ولا سيما منهم وزراء «حزب الله» و«التيار الحر»، لشرعنة الاتجاهات التي سبق للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ان أعلنها في خطابه الأخير، حين دعا الدولة الى الانخراط في امتدادات معركة القلمون لجهة جبهة جرود عرسال «وإلا فإن الأهالي لن يقبلوا باستمرار احتلال التكفيريين» لمناطق لبنانية هناك، وهو الاتجاه الذي حظي بتغطية مباشرة وفورية من العماد عون.

ولكن الواضح كما تقول مصادر وزارية بارزة لـ «الراي» أن الحزب لن تكفيه التغطية العونية وحدها في مسألة شديدة الحساسية ميدانياً ومذهبياً، وهو يضغط في اتجاه تغطية حكومية أوسع لحمْل الجيش اللبناني على الانخراط في الفصل الأخير من المعركة الذي يضع عرسال وجرودها في عين الاستحقاق الميداني.

وعاد المناخ السياسي والاعلامي يشهد تصاعُداً في السخونة، ترجمه كلامٌ حاد لرئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد ليل أول من أمس، توعّد فيه الامين العام لـ «تيار المستقبل» أحمد الحريري بقوله: «حسابو بعدين»، وذلك في معرض الرد على مواقف الحريري من تورُّط الحزب في معركة القلمون.

وتطرح المصادر الوزارية نفسها تساؤلات في هذا السياق، حول ما اذا كان الحزب الذي يتعرّض لاستنزاف بشري واسع في معركته، اندفع من دون حسابات دقيقة نحو محاولة تغيير الاستراتيجية التي يتبعها الجيش اللبناني على جبهة الجرود الشرقية، التي بات يمسكها بصلابة وبسيطرة قوية، ولكن ضمن اطار دفاعي صرف ومن دون التورّط في معارك خارج الحدود اولاً، ومن دون افتعال ما يتسبب بإشعال مواجهة على الخطوط التي ينتشر عليها تالياً.

وإذا كانت مباشرة الضغوط على الحكومة لدفْعها نحو اتخاذ قرار مختلف في شأن عرسال تزجّ الجيش في واقع معقّد وخطر راهناً، فإن المصادر نفسها لم تنظر بعين تقليدية الى نبرة الاستفزاز اللافتة التي برزت في كلام النائب رعد، وصولاً الى إعلانه رداً على سؤال عن تَعارُض محتمل بين الرئيس اللبناني والولي الفقيه، انه «لا تَعارُض بين الاثنين ولا يمكن ان يتعارض الالتزام بولاية الفقيه مع شأن لبناني خاص»، مضيفاً: «الرئيس قد يختلف معنا وليس مع الولي الفقيه. ثمة فارق بين ان يتخذ الرئيس موقفاً يختلف مع قناعتنا وتوجهاتنا وهو لا يختلف معه، فهو دون مستوى ان يختلف مع الولي الفقيه».

ولفتت المصادر نفسها الى ان نواب الحزب «شرعوا في الأيام الأخيرة في إطلاق التصريحات والمواقف بكثافة غير مألوفة عن الفترة السابقة بما يؤشر الى قرار لدى الحزب بتصعيد وتيرة المعركة الإعلامية والسياسية في موازاة بلوغ المعركة الميدانية مراحل متقدمة».

وأشارت هذه المصادر الى ان «مجمل التحركات الأخرى الداخلية ومنها جولة وفود (التيار الحر) على القيادات والكتل النيابية، أضحت بمثابة ملء فراغ لا أكثر ولا أقلّ وأن الواقع يتّجه نحو صفحة جديدة مقترنة بمعطيات تؤثر تأثيراً قوياً على الاستقرار الداخلي وواقع الحكومة، علماً ان جولة الوفود العونية لم تفض عملياً الى أيّ نتائج ايجابية في زحزحة الخلافات العميقة حول الأزمة الرئاسية التي ستمرّ ذكرى سنة على بدئها الاثنين المقبل».

وتشدد المصادر على ناحية بارزة في هذا الإطار وهي ان «قوى (14 مارس) والنائب وليد جنبلاط والمستقلين، ككتلة الرئيس ميشال سليمان الوزارية، لا تبدو في وارد التساهل مع أي محاولة غير محسوبة لحصول حزب الله وحليفه العوني على تغطية لمغامرة خطرة في عرسال وجرودها، وخصوصاً ان هذه القوى تستشعر ايضاً بأن الحزب والحليف العوني يستخدمان هذا التطور ويوظّفانه في ضغوطهما المستمرّة في المعركة السياسية والرئاسية وهو ما لن يكون ممكناً التسليم به».

من حقيبة “النهار” الديبلوماسية – تحالف أميركي – خليجي لمواجهة إيران
عبد الكريم أبو النصر/النهار/22 أيار 2015

“كرست قمة المصارحة الأميركية – الخليجية في كمب ديفيد واقع ان التحالف الحقيقي الإستراتيجي – السياسي – النفطي – الأمني – الإقتصادي قائم بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي ومتواصل ولن يتخلى عنه الأميركيون من أجل استبداله بتحالف جديد آخر مع إيران حتى إذا أسفرت المفاوضات بين مجموعة الدول الست والقيادة الإيرانية عن اتفاق نهائي ينهي النزاع النووي. ولخص مسؤول أميركي بارز الوضع بقوله: “ان الأمن القومي الخليجي جزء أساسي من الأمن القومي الأميركي ومن المصالح الحيوية للولايات المتحدة وعنصر مهم من عناصر الإستراتيجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط ككل. الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام كل إمكاناتها وقدراتها لمنع إيران أو أية دولة أخرى من فرض هيمنتها على الخليج العربي أو من تشكيل خطر وتهديد جدي للدول الخليجية”.

هذا ما صرح به لنا مسؤول غربي وثيق الإطلاع على المحادثات الأميركية – الخليجية. وقال: “ان قمة كمب ديفيد نجحت خلافاً للكثير من الرهانات والحسابات الخاطئة وأظهرت ان المصالح الأساسية المشتركة بين أميركا والدول الخليجية أقوى وأكثر أهمية للطرفين من أية خلافات. والأبرز في هذه القمة انها اتخذت قرارات وإجراءات محددة عسكرية وأمنية وسياسية تضمن أمن الخليج وتعزز التحالف الأميركي – الخليجي، وانها وجهت رسالة رسمية حازمة الى القيادة الإيرانية مفادها ان أميركا والدول الخليجية ترفض سياساتها الإقليمية وانها متفقة على التعاون معاً من أجل مواجهة وإحباط خطط إيران في المنطقة المعادية للدول العربية المعتدلة وللغرب”. وأضاف: “ان قمة كمب ديفيد أدخلت العامل الإيراني في حساباتها من منطلق دعم مواقف دول الخليج ومصالحها المشروعة الأمر الذي تعكسه وثائق القمة وقراراتها ونتائجها الأساسية الآتية:

أولاً – أظهرت قرارات القمة ان احتمال توقيع اتفاق نووي نهائي مع إيران لن يضعف العلاقات بين اميركا والدول الخليجية كما يتوقع حلفاء طهران، إذ ان القمة أكدت التزام الطرفين “بناء علاقات أوثق بينهما في كل المجالات بما فيها الدفاع والتعاون الأمني، وتعهد اميركا توسيع التعاون العسكري في مجالات عدة مع دول الخليج والإسراع في إرسال الأسلحة المتطورة اليها واستعدادها لتنفيذ أعمال عسكرية مشتركة. وتعهدت أميركا أيضا “استخدام كل عناصر القوة لردع أي عدوان خارجي على حلفائنا وشركائنا في الخليج” وأبدت استعدادها للعمل مع الدول الخليجية “لردع ومواجهة أي تهديد خارجي لها” ولتكرار تجربة تحرير الكويت. ومهدت القمة لإنشاء مظلة حماية صاروخية أميركية – خليجية للمنطقة.

ثانياً – إنحازت إدارة أوباما الى الموقف الخليجي من إيران وتبنت وجهة النظر الخليجية – العربية الرافضة للسياسات الإقليمية الإيرانية إذ أكدت القمة أن “أميركا والدول الخليجية ترفض نشاطات إيران المزعزعة للإستقرار في المنطقة وستتعاون معاً من أجل التصدي لها ومواجهتها”. وفي رأي المسؤول الغربي “إن الدول الخليجية ليست لديها سياسات عدائية حيال إيران بل انها تريد علاقات حسن جوار معها وتطوير الروابط معها شرط امتناع قيادتها عن التدخل سلباً في شؤون الدول الأخرى والتوقف عن العمل على تهديد الأمن والإستقرار في ساحات عدة”.

ثالثاً – تبنت الإدارة الأميركية في هذه القمة المواقف الخليجية – العربية من القضايا الإقليمية المعادية لإيران وأبرزها قضايا اليمن وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين، إذ أكدت القمة في ما يتعلق بالأزمة السورية ان الرئيس بشار الأسد حليف طهران “فقد كل شرعيته وليس له أي دور في مستقبل سوريا” وتعهدت أميركا والدول الخليجية “اتخاذ إجراءات أقوى لدعم المعارضة السورية المعتدلة” والتعاون معاً من أجل بناء مرحلة ما بعد الأسد.

رابعاً – أكدت القمة ان أميركا والدول الخليجية “متفقة على ان توقيع اتفاق نووي شامل مع إيران قابل للتحقق منه يخدم المصلحة الأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي”. وهذا الموقف مرده الى ان الدول الخليجية تدرك ان مصالحها الأمنية والحيوية تتطلب منع إيران من امتلاك السلاح النووي وهي مهمة تضطلع بها أميركا والدول الكبرى الأخرى في المفاوضات المتواصلة مع القيادة الإيرانية.

وأوضح المسؤول الغربي ان الدول الخليجية اتخذت هذا الموقف “بعدما حصلت على تعهدات رسمية أميركية مسجلة في محاضر قمة كمب ديفيد تؤكد ان أميركا لن توقع اتفاقاً نووياً نهائياً ما لم ترضخ إيران لكل المطالب والشروط القاسية التي حددتها لها مجموعة الدول الست والتي تنسجم مع متطلبات أمن المنطقة واستقرارها. وهذا الموقف يطمئن الدول الخليجية والعربية عموماً لكنه يثير استياء القيادة الإيرانية التي تواجه خيار تقديم تنازلات جوهرية كبيرة تتناقض مع حساباتها ومطالبها وطموحاتها أو خيار انهيار عملية التفاوض مع الدول الست”.