الـيـاس الزغـبـي/الحلّ الوحيد أمامكم

284

الحلّ الوحيد أمامكم …”
الـيـاس الزغـبـي/لبنان الآن/02 أيار/15

أسوأ وأخطر ما يتعرّض له جسم حيّ، سياسي أو عسكري، هو الإقفال على نفسه، وسدّ كلّ منافذ الخروج، إلاّ واحداً مفتوحاً على المجهول.

هذه هي في الواقع، حال “حزب الله” عندنا:

–  وضع نفسه، بل وضعوه، في ورطة الحرب السوريّة، ويدعونا إلى مشاركته كـ”حلّ وحيد”.

–  يستعدّ لمعركة القلمون داخل الأراضي السوريّة، ويريد من الجيش اللبناني مشاركته أو حماية ظهره على الأقلّ.

–  يقبل بخطّة أمنيّة في بيئته (الضاحية وسواها) بشروطه وسقوفه، وبما يريحه للتفرّغ في الخارج.

–  يعطّل انتخاب رئيس للجمهوريّة، ويرمينا بدائه وينسلّ.. ويقول لنا بكلّ صفاقة “عون هو الحلّ”.

–  يُطلق نار ألسنته ضدّ السعوديّة، عبر اليمن، ويُبلغنا أنّ “الخيار الإيراني” هو الحلَ.

–  يتابع حربه بالنظّارات على إسرائيل لإيهام الجميع بأنّه “ممانع ومقاوم”.

لا يختلف اثنان حول تأزّم “حزب الله” في المسالك المقفلة التي زجّوه فيها، فهو يدرك خطورة الانتكاسات العسكريّة التي مُني بها حليفه بشّار الأسد في شمال سوريّا وجنوبها، وحتّى في وسطها، وما يكتنف دقّة الوضع في العاصمة دمشق.

وهو يعلم أنّ “عاصفة الحزم” ليست غباراً في الصحراء، أو مجرّد سراب في الرمال المتحرّكة.

ويستشعر ارتباكات طهران في مراكز نفوذها الأربعة التي طالما تباهت بها.

لكنّ مأزقه الحقيقي هو داخل سوريّا، وفي ارتدادات محدلتها العسكريّة عليه وصولاً إلى لبنان.

يعرف بالملموس معاني سيطرة المعارضة السوريّة على المحور الاستراتيجي بين إدلب وجسر الشغور، وامتداداتها الجغرافيّة في اتجاهَيّ حمص واللاذقيّة.

وعودة الكلام عن حمص يضع كلّ إنجازاته في القصير وريفها في مهبّ التغيير.

لذلك، نراه يستعجل حرب القلمون بعد ذوبان الثلوج، ويتراجع في توصيفه لها بأنّها المعركة الفاصلة ليصفها بأنّها لتثبيت المواقع. وفي هذا التراجع إقرار واضح بتبدّل موازين القوى، وتقليص للطموحات.

لو كان القرار ملكاً له وحده، لَما تردّد لحظة في إعادة ترتيب وضعه، ولملمة أطرافه، ولبننة خياراته. لكنّه مأمور، وظهره إلى الحائط، وليس له إلاّ الهروب إلى الأمام. هذه هي محنته، ومحنة لبنان بسببه.

وسيخضع لبنان لتجربة شديدة الصعوبة مع اندلاع معركة القلمون: قراره السياسي والعسكري ضدّ التورّط، بل الدفاع فقط عن الحدود والقرى اللبنانيّة في حال تعرّضها لأيّ اعتداء. لكنّ الحرب ستكون بين ظهرانيه وعلى عتبة داره، و”حزب الله” يريدها كذلك لتوريط لبنان. والتحدّي الكبير يكمن في قدرة لبنان على تحييد نفسه.

ولو كان “حزب الله” يريد فعلاً حماية بيئته، لكان تراصف وراء الجيش اللبناني، الوحيد القادر على حماية لبنان بفضل ركيزتين: تسليحه الحديث ودعم شرعيّته عربيّاً وإقليميّاً ودوليّاً، وإجماع كبير داخلي وخارجي على جعله الوسيلة الدفاعيّة الوحيدة المعتمدة لحماية لبنان.

حماية بيئة حزب الله لا تكون من ريف حلب واللاذقيّة ودرعا والغوطة والقنيطرة والقلمون، ولا من الرمادي والأنبار والموصل وصعدة وعدن… هي فقط في خطّة تحمي سلسلة البقاع الشمالي، كما حمت طرابلس، وقد توسّلها لتحمي الضاحية الآن. خطّة في عهدة القوى اللبنانيّة الشرعيّة، وليست في عهدة سلاحه.

مشكلة “حزب الله” أنّه مكلّف بحماية الأسد وليس الشيعة، وهذا الأخير دخل مرحلة العدّ العكسي لنظامه. ومنقذ الغريق معرّض للغرق أيضاً.

ومشكلتنا مع حزب الله أنّه يرفع شارة النصر في لحظة الغرق، راسماً بسبّابته عبارته القاتلة “الحلّ الوحيد أمامكم…”