علي الحسيني/توضيح «حزب الله» لا يُقنع الراشدين.. والقاصرين

441

توضيح «حزب الله» لا يُقنع الراشدين.. والقاصرين
علي الحسيني/المستقبل/01 أيار/15

بعدما تفاقمت قضيّة مقتل الطفل «المُقاتل» في «حزب الله» مشهور شمس الدين منذ يومين والتي أحدثت صدمة غير متوقّعة في صفوف جمهوره، سارعت وحدة العلاقات الإعلامية في الحزب إلى إصدار بيان نفت فيه أن يكون الطفل قد قُتل في سوريا بل تعرّض لحادث أثناء قيامه بـ«واجبه الجهادي» في جنوب.

حاول «حزب الله» من خلال بيانه رفع التهمة عنه بأنه يقوم بتجنيد أطفال قاصرين وإرسالهم إلى جبهات الموت في سوريا، لكنه ومن خلال نفيه هذا أوقع نفسه في جملة تساؤلات من ضمنها اعترافه الضُمني بأن القتال في سوريا تهمة وبمثابة عار وإلّا لما كان اضطّر الى إصدار توضيح خصوصاً أن معلومات مؤكّدة تقول إن أهل الطفل كانوا تلقّوا أكثر من تبليغ من جهات مُتعدّدة في الحزب حول السبب الحقيقي وراء مقتله وذلك خلال أقل من أربع وعشرين ساعة من تلقيّهم الخبر المُفجع.

واقع «حزب الله» الحالي يؤشّر إلى مدى عمق الأزمة التي يمر بها على صعيد الكادر البشري، فمن المعروف أن الحزب خسر خلال السنوات التسع الأخيرة، اي منذ تموز العام 2006 ولغاية اليوم ما يُقارب الثلاثة آلاف عنصر أكثر من نصفهم من خيرة كوادره العسكريين، مع العلم أنّه بالكاد تمكّن من تعبئة نصف العدد ضمن صفوفه طيلة تلك الفترة. ولذلك فإن عين «حزب الله» قد وقعت على الجيل الصاعد بين سن الخامسة عشرة والسابعة عشرة، وفق دراسة أعدّها مؤخّراً داخل أروقته العسكريّة تؤكد أنّ الأطفال بهذا العمر عادة ما يكونون مندفعين أكثر من الفئات العمرية الأكبر التي سبقتهم الى «الجهاد»، ومن هناك كانت التوصيّات العُليا بالتشديد على ضرورة وجود وحضور الجيل الجديد خلال المناسبات الحزبيّة.

لماذا الأطفال؟ من المعروف أن «القوّة الخاصّة» في «حزب الله» وهي الفرقة الأكثر تدريباً وتسليحاً واهتماماً والتي توكل اليها العمليّات الخاصّة قد خسرت جزءاً كبيراً من عناصرها بالإضافة إلى أنّ بعضهم تخطّى سن الأربعين والخمسين عاماً، ما يعني عمليّاً مغادرتهم هذه القوّة كون الحد الأقصى للأعمار المُتاح انخراطها ضمنها خمسة وثلاثين. ومع التراجع الملحوظ الذي شهده الحزب في عمليّة استقطاب العناصر الجديدة، كان لا بد من التركيز على الأعمار الصغير من خلال اللعب على الوتر المذهبي ضمن الحلقات الدينيّة أو عبر تقديم الدعم المعنوي مثل منحهم بطاقة حزبيّة بالإضافة إلى بعض المغريات الماديّة والمساعدات الشهريّة.

اليوم ومع اشتداد المعارك في سوريا وما ينتج عنها من خسائر في الأرواح وفي ظل المعلومات عن التحضير لعمل عسكري كبير ضمن جبهة القلمون السوريّة، وجد «حزب الله» نفسه مضطّراً أكثر من أي وقت مضى الى الاستعانة بأطفال بعمر الورود لزجّهم بشكل عملي ومُباشر في العمل المُسلّح على عكس الطرق التي كان يستعملها في زمن مقاومته إسرائيل، زمن العز والانتصارات و«الغار»، حيث كانت ترتكز أسس تجنيد الأطفال على العمل الكشفي ومن ثم أدلجتهم بعد تحضيرهم عقليّاً وجسديّاً ودائماً تحت شرعة «ولاية الفقيه» قبل أن يُصبحوا عناصر مُقاتلة تحت الراية «الصفراء».

الطفل مشهور شمس الدين خطا بالأمس نحو قدر رسمه له «حزب الله» منذ وافق على انخراطه في صفوفه القتاليّة في سوريا وتحديداً في بلدة «فليطة» في القلمون وذلك وفقاً لمعلومات تضاربت مع ما أعلنه الحزب. لكن ما هو أخطر وأبعد من مقتل مشهور أن مجموعات من الأعمار نفسها تم استدعاؤها خلال الأسبوع الفائت من قرى البقاع والجنوب ودمجها ضمن حلقات تدريبيّة مُكثّفة استعداداً للمرحلة المقبلة، ما يعني أن العديد من أمثال مشهور سيلقون المصير نفسه.