إيلـي فــواز/هولاند والراعي و”الأم الحنون”البطريرك الراعي والرئيس الفرنسي

270

هولاند والراعي و”الأم الحنون”البطريرك الراعي والرئيس الفرنسي
إيلـي فــواز/لبنان الآن/29 نيسان/15

إذا سأل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ضيفه البطريرك مار بشارة الراعي، ما الذي يمنع مجلس النواب اللبناني من انتخاب رئيس للجمهورية، فبماذا تراه يردّ البطريرك؟

ربما يلوم البطريرك الوضع الإقليمي وصراعاته التي تنعكس سلباً على لبنان، أو يشرح لمُضيفه كيف أن ميشال عون ونوابه وحلفاءه يقاطعون جلسات الانتخاب، ولا يؤمّنون النصاب بحجة أن إيصال أي شخصية سياسية غير عون إلى سدّة الرئاسة سيُعتبر نكسة مسيحية إقليمية كبرى، كون عون منذ انتخابات 2009 “الأكثر شعبية”.

وسيعرّج الراعي طبعاً على قضية تهميش مسيحيين المشرق، وأخيراً سيطلب مساعدة فرنسا في حلّ أزمات لبنان كونها في قلب البطريرك لا تزال “أمّنا الحنون”.

من جهته سيردّد هولاند ما كتبه الأكاديمي الفرنسي لعدد صحيفة الفيغارو الأخير: “كلّنا مسيحيو الشرق”. وسيَعِد ضيفه بتكثيف اتصالاته بالدول المؤثّرة على القرار اللبناني من أجل أن لا يكون الرئيس ميشال سليمان آخر رئيس مسيحي في الجمهورية اللبنانية الثانية.

لن يكون من الصعب التنبّؤ بنتائج تلك الزيارة. فلا الراعي هو البطريرك الحويّك، ولا هولاند هو كليمنصو. إذ بين هذا وذاك تراجعت قوة فرنسا وتغيّر وضع لبنان. وجلّ ما تستطيع فرنسا تقديمه هو استقبال المهاجرين المسيحيين المشرقيين ولكن بأعداد ضئيلة.

وجلّ ما يستطيع الموارنة فعله اليوم هو أن يكونوا إمّا موارنة السنّة أو موارنة الشيعة. وفي هذا مرآة لانعدام حال التوازن عندهم كما لفقدانهم أية رؤية أو استراتيجية لمستقبل لبنان ولدورهم فيه. وهذا التراجع في دور الموارنة او تأثيرهم على مجريات السياسة في لبنان يعود لأخطاء ارتكبوها فيما مضى ولا يزالون. وهو أيضاً نتيجة لتحميل من هم دون المستوى مسؤوليات كبيرة ونفوذ يستعملونه لتصفية حسابات الماضي أو لمجرد تغذية حساباتهم المصرفية.

قد يخجل الأباء الموارنة المؤسسون للبنان إذا ما سمعوا جبران باسيل مثلاً، وهو باكورة أعمال التيار العوني، يحاضر بالتاريخ والجغرافيا والأقليات.

على كل الأحوال الشرق الأوسط يتحول الى الأسوأ. فبين اعتراف الرئيس الأميركي باراك أوباما- الذي سيعلن الأمر رسمياً في حزيران – بإيران شريكة أساسية في ادارة الشرق الأوسط، وبين رفض العرب لهذا المنطق بما أن إيران ما زالت تعمل وتسعى لإخضاعهم، ربما تشتعل أكثر من حرب، وربما يستعر سباق التسلح النووي. وقد يكون ما نشهده اليوم من فوضى سهل أمام ما سيأتي.

لذا وبدل أن يقوم الراعي بالسفر إلى فرنسا ولقاء هولاند طلبًا للمساعدة في انتخاب رئيس، عليه أن يجيب وأقطاب الموارنة على أسئلة عدة: في زمن الفوضى وسقوط الحدود، في زمن داعش وأخواتها، أي دور يراد للبنان؟ ما موقف الموارنة من الصراع السنّي- الشيعي، أو العربي- الفارسي لنكن اكثر تحديداً، الذي يلف المنطقة؟ من هم شركاؤهم في اعادة ترميم لبنان بانتظار يوم إعادة بنائه؟ وعلى أية قاعدة وأية أسس؟ ما هو موقف الكنيسة من حزب الله؟ ومن سلاحه ومن تجاوزاته؟ ما هو موقف الكنيسة من مطاراته التي يبنيها في البقاع؟

لم نقرأ حتى يومنا هذا بحثاً واحداً جدّي رعته الكنيسة كونها أحد أهم المؤسسين لدولة لبنان الكبير، يجيب عن تلك الأسئلة او بعضها. لم نسمع البطريركية تنادي مثقّفي لبنان، وباحثيه وعلمائه، لمؤتمر يُبحّث فيه مستقبل البلد وعلاقات أبنائه. كل ما سمعناه هو تصريح للبطريرك يقول فيه “إن فرنسا أمّنا الحنون لن تتركنا”. عندما يجد الموارنة أجوبة على تلك الأسئلة عندها تصبح مسألة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية سهلة جداً.