هشام ملحم/الطريق إلى إيران

189

الطريق إلى إيران
هشام ملحم/النهار/9 نيسان 2015

اهتمام الرئيس الأميركي باراك اوباما بإيران ورغبته في فتح صفحة جديدة مع هذه الأمة المهمة كانا واضحين لأي مراقب لمقابلته المصورة مع معلق “النيويورك تايمس” توماس فريدمان. يعتقد أوباما أن ثمة فرصة لقوى اصلاحية في ايران تريد “كسر” الأطر الجامدة التي قيدتها منذ زمن، “الامر الذي يوفر لنا فرصة لإقامة علاقة مختلفة”. وهو يرى “ان الاتفاق الاطار” النووي يعبر عن ذلك. في المقابل، يعبر أوباما بشكل أوضح من أي وقت مضى عن احباطه في التعامل مع الدول العربية التي يرى ان “أكبر الاخطار التي تواجهها ليس مصدرها غزو ايراني، بل مشاعر السخط الداخلي، والمتمثلة بشباب مغيّب والبطالة، ووجود ايديولوجيا عدمية، وغياب قنوات سياسية شرعية للتعبير عن المظالم.

هذه المواقف ليست جديدة كلياً، بل هي تنويعات لمواقف قديمة، وان كان توقيتها بعد الاتفاق الاولي على البرنامج النووي الايراني يعطيها بعداً اضافياً ومقلقاً لبعض جيران ايران العرب. اهتمام أوباما بايران وانبهاره بامكان تحقيق تحول تاريخي في العلاقة معها مماثل لما فعله الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون مع الصين، قديمان قدم رحلة المرشح أوباما الى البيت الابيض والتي بدأت في 2007. آنذاك قال أوباما خلال مناظرة انه كرئيس لن يتردد في التحاور مع قادة دول تعتبرها واشنطن مارقة مثل ايران وسوريا. في خطاب التنصيب في 2009 مد أوباما يده على أمل ان تتغير القبضة الايرانية الى يد ممدودة. بعد اسبوع من ذلك جدد أوباما توجيه الرسالة نفسها في المقابلة الأولى التي أجرتها معه فضائية “العربية”.

وتوالت الاشارات الى ايران بأشكال متعددة، منها رسائل الى الشعب الايراني في مناسبة عيد النوروز، اذ حيا “قادة الجمهورية الاسلامية الايرانية”، وفي اعترافه بخطابه في القاهرة في حزيران 2009، بأن واشنطن كانت متورّطة في الانقلاب على حكومة محمد مصدق الشرعية في 1953. وفي السنوات اللاحقة بعث أوباما بعدد من الرسائل الى المرشد علي خامنئي أجاب الولي الفقيه على بعضها فقط مردداً الشكاوى الايرانية التقليدية. الاتفاق، في حال اقراره، سوف يجمد الابحاث التي يمكن ان تسمح لإيران بتصنيع قنبلة نووية على الاقل لعقد من الزمن في مقابل خروجها من قبضة العقوبات. والاتفاق يسمح لأوباما بأن يقول إنه جمد البرنامج الايراني وتفادى الحرب. المشكلة ان الاتفاق يأتي في أسوأ ظرف اقليمي منذ عقود، وعلى خلفية انهيار عربي شبه كامل، اذ يعيش عدد كبير من العرب في ظل ايران. وبما ان واشنطن تحتاج الى دور ايراني عسكري في العراق، ولا تتحدى نفوذها الجامح في سوريا ولبنان وحتى اليمن، فان الاتفاق سوف يعزز الهيمنة الايرانية في المنطقة.