من جريدة الأنوار/مقابلة موسعة وشاملة وغنية مع السياسي اللبناني فارس سعيد

620

حذر من فيدرالية الطوائف ومن عودة الإغتيالات السياسية الى البلاد
فارس سعيد لالانوار: ١٤ آذار صنعها الشعب لا القيادات
والجمهورية ليست مفهوماً غامضاً بل أساس لدولة موحدة!

حاوره: فؤاد دعبول وريتا الجمال/الأنوار/16 آذار/15

النائب السابق فارس سعيد، قيادي بارز في حركة ١٤ آذار، يحتل منذ عشر سنوات، منصب المنسق العام للحركة، ويقود المنحى السياسي لابرز تجمع ينضوي في إطاره تيار المستقبل والقياديون في الأحزاب والكتل النيابية المستقلة فيه.

يوصف بالفيلسوف السياسي للرابع عشر من آذار، لكنه يسارع الى التنصل من أي عبارة تجرح تواضعه السياسي.

في حديثه الى الانوار يحلل الأوضاع بعمق، ويقول بعقله الثاقب ان الحركة لم يخف بريقها، ولا تعاني من أزمة رجال، بل هي أزمة لبنانية. على مدى الحقبات السابقة والراهنة.

ويرى الزعيم السياسي ان انتفاضة ١٤ آذار صنعها الشعب، ولم تفرزها القيادات.

ويؤكد النائب السابق عن بلاد جبيل ان لا مساكنة بين جيشين في بلد واحد، ولا نقبل بقرارين خارج اطار الدستور، وان حماية لبنان مسؤولية الدولة، وكذلك قرار السلم والحرب.

يشدد فارس سعيد على ان اتفاق الطائف نموذج لحل أزمات لبنان والعالم، ويقول ان الجمهورية ليست مفهوماً مبهماً ونحن دفعنا غالياً ثمن الوصول الى دستور مكتوب.

يحذر النائب السابق فارس سعيد من التداول بفيدرالية الطوائف، لكنه يعرب عن مخاوفه من عودة الإغتيالات الى لبنان. وهذه هي وقائع الحوار:

أزمة لبنان

يوم آذار كان حدثاً بارزاً في تاريخ لبنان، حيث نزل الناس من أعالي الجبال وزحفوا من أقاصي الشمال والجنوب الى بيروت، إحتجاجاً على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

لماذا غاب هذا اليوم الآن وفقد وزنه الشعبي ووحيه السياسي؟ هل فقدت ١٤ آذار دورها أم انسحب رجالها منها؟؟

– بدايةً، ان ١٤ آذار لا يعاني من أزمة ادارية أو أزمة رجال، بل أزمة وطن وأزمة لبنانية.

١٤ آذار هو الدليل الساطع بأن وحدة اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين تصنع المعجزات، فالإعتراض على الجيش السوري كان مسيحياً، ولو بقيَ كذلك لظل ورقياً، دفترياً وتفكيرياً من دون نتائج فعلية، حيث ان وحدة اللبنانيين هي التي أدّت الى خروج الجيش السوري، وشكلت قمة نشوة التجربة اللبنانية.

من ناحية ثانية، اذا قارنا هذه التجربة مع ما حصل في استقلال لبنان عام ١٩٤٣، حيث ان الاستقلال الأول كان عبارة عن وحدة نخبويّة لبنانية أي نخبة المسلمين والنظرة المسيحية في مواجهة الإنتداب الفرنسي، يومئذ انقسمت الغالبية المسيحية مع بقاء الإنتداب فيما وقفت الغالبية الإسلامية الى جانب الوحدة مع سوريا.

وبالتالي، فان استقلال العام ٤٣ كان لطبقة سياسية ونخبة جامعية متنوّرة، في المقابل، شكّل استقلال ٢٠٠٥ استقلالاً شعبياً، حيث نزل الناس، وقالوا انهم بوحدتهم الإسلامية – المسيحية قادرون على صنع المعجزات.

أما الأسباب وراء التغييرات انه بعد ١٠ أعوام عاد اللبنانيون تدريجياً من مساحتهم الوطنية أي ١٤ آذار، الى طوائفهم نتيجة أمور داخلية وأخرى خارجية. وهذه الازمة لا يعاني منها فقط ١٤ آذار بل الوطن ككل.

بماذا تفسرون ذلك التباين؟

– عندما يبرز الضامن الوحيد لجميع اللبنانيين أي الدولة، وكأنها عاجزة على تأمين ضمانتهم، يبحث الناس عندها عن أخرى، رديفة، أكان في داخل طوائفهم أو أحزابهم، أو عبر أوراق تفاهم بين حزبين أو طائفتين.

وبالتالي فإن الأزمة ليست في ١٤ آذار، بل هي وطنية لبنانية، بحيث ان اللبنانيين تدرّجوا منذ لحظة ٢٠٠٥، من مشهد الوحدة الداخلية، الى العودة لكهوفهم الطائفية.

وهذه الأمور تعود الى عاملين أساسيين هما: أولاً، حزب الله الذي دفع اللبنانيين من خلال تجربته في سوريا للعودة الى طوائفهم، مع ان حلمنا في العام ٢٠٠٥، كان بأن يتشابه حزب الله بلبنان، ويأتي تدريجياً الى لبنان، الاّ ان الطوائف، وبعد ١٠ أعوام، تحاول اليوم أن تشبه الحزب. وبالتالي فإن السبب الأول هو سلوك حزب الله الذي دفع باللبنانيين الى داخل كهوفهم الطائفية. والذي قاد إنتفاضة مضادة لانتفاضة الإستقلال، وارتكزت على إغتيالات، وحرب تموز، واشتباك إقليمي و٧ أيار وفرض املاءات على عملية بناء الدولة، وقراءة مميّزة للدستور اللبناني، تقريباً من فيديرالية الطوائف.. هذه المواضيع كلها أدت الى عودة المواطنين الى طوائفهم.

أما العامل الثاني الذي ساهم بالعودة المذكورة، فهو إنهيار النظام العربي، وبروز الحرب الموصوفة السنية – الشيعية في المنطقة، الى جانب ظهور العنف في العراق واليمن وسوريا، ما أخاف جميع الطوائف في لبنان وأدخل الناس أكثر وأكثر في أزماتهم الطائفية، حتى ظن بعضهم انه قادر على حلّ مشاكله من مربعه الطائفي أو الحزبي.

انطلاقاً من هذه الاسباب كلها، نلاحظ بأن هناك أزمة وطنية لبنانية لا علاقة لها ب١٤ آذار، التي يمكنها أن تساهم من خلال الإتيان باللبنانيين في مربعاتهم الطائفية، والعودة بهم الى مساحة وطنية مشتركة، حيث انه لا حل لأزمات الطوائف والأفراد والإستحقاقات المقبلة، الا بالعودة الى وحدة اللبنانيين. اي ان هناك حلاً وطنياً ينعكس على الطوائف كلها لا يمكن تجزئته.

الانتفاضة الشعبية

لو امعنا النظر في ١٤ آذار اليوم، لوجدنا ان هناك عناصر سارت في ركاب قيادات هذا الفريق أو كانت داعية لها.

– إن ١٤ آذار لم تصنعها قيادات بل الشعب اللبناني، وهذه حقيقة لا يمكن ان نتجاوزها.

من ناحية ثانية، ان الانتفاضة هي التي صنعت ١٤ آذار وليس العكس، والدليل على ذلك، انه عندما اندلعت هذه الإنتفاضة كان الدكتور سمير جعجع الذي يعتبر من القيادات البارزة، موجوداً داخل السجن، وكذلك القائد البارز ميشال عون كان في المنفى، في حين لم يكن تيار المستقبل قد تألف بعد، أي ان القيادات لم تصنع ١٤ آذار، بل الإنتفاضة الشعبية التي صنعها الشعب اللبناني، اي تلك الراهبة التي وضعت إشارة الصليب، بينما كانت تقف أمام ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكذلك صنعها الشعب الذي اعتبر ان الإغتيال الذي وقع لا يحتمل ولا يطاق، لقد تحوّل اغتيال الرئيس الشهيد من مادة خلاف اسلامي – مسيحي الى وحدة بين الطوائف.

وفقاً لذلك، فإن الإنتفاضة لم تأتِ من صنع القامات الوطنية، فهذه الأخيرة خرجت من سجونها وعادت من المنفى واستعادت احزابها وشكّلت تيارات على انتصار الإنتفاضة والشعب و١٤ آذار.

وبالتالي، فهذا الأمر يشكّل لغطاً كبيراً، فالناس تعتبر ان ١٤ آذار هي من صنع القيادات، الا ان الحقيقة تكمن في ان هؤلاء استفادوا منها، وحققوا مكاسب من خلالها، ودخلوا في كتل نيابية ذهبت الى المجلس للمرة الأولى، وأخرى وزارية الى مجلس الوزراء، والى لعبة السلطة، وتقدموا المسارح السياسية، وانا هنا لا انتقد القامات، فهي تستحق ذلك، لكن من صنع ١٤ آذار كحركة سياسية هي الإنتفاضة التي حصلت بفضل الشعب.

المربعات الطائفية

هل ١٤ آذار اليوم تعبّر عما كانت في السابق، وتكتسب الموالاة الشعبية نفسها التي حازت عليها منذ انطلاقتها؟

– بداية، ان الولاء ل ١٤ آذار هو الولاء لفكرة العيش المشترك.

وانا اعتبر ان اللبنانيين يظنون بأن العودة الى مربعاتهم الطائفية من شأنها أن تؤمن لهم الضمانة، اكثر مما توفره المساحة الوطنية المتمثلة بالعيش المشترك، وذلك نتيجة سلوك حزب الله وأحداث المنطقة، وهذا بحد ذاته يشكل خطاً وخطورة على البلد، خصوصاً ان من سلك هذا الطريق فشل، ومثالنا على ذلك انه في صيف ٢٠١٤، سافر ٦ بطاركة يرئسون ست كنائس شرقية الى واشنطن وتأمّن لكل واحد منهم طائرة خاصة، ونزلوا في أفخم الفنادق، والتقوا الرئيس باراك أوباما. وكانت وقتها أحداث الموصل التي عانى منها المسيحيون حديثاً، وذهبوا قائلين بأنهم أقلية في المنطقة، ويتعرّضون الى التهميش والتنكيل بسبب الأصولية الإسلامية طالبين بالتالي الحماية، الا ان جواب الإدارة الأميركية كان بوجود أقلية أخرى في المنطقة تُعرف باليهود الذين بدورهم يعتبرون ان مصدر الخطر يأتي من الإسلام ويجب أن تتوحدوا معها. وهذا الكلام جاء على لسان تيد كروز الذي كان المدعو الأساس في العشاء الذي أقيم في واشنطن.

وبالتالي، فإن الموارنة فشلوا في الحصول على حل لهم بمعزل عن المنطقة على الرغم من علاقتهم التاريخية خصوصاً ان الكنائس الشرقية كانت معولمة قبل العولمة نفسها.

في مثل آخر، اعتبر وليد جنبلاط خصوصاً بعد احداث ٧ أيار ان اصطفافه داخل ١٤ آذار قد يعرّض الجماعة الدرزية الى اشتباك سياسي أو معنوي، ويمكن ان يكون عسكرياً مع حزب الله والطائفة الشيعية، فخرج تحت عنوان أمن المجتمع الدرزي فوق كل اعتبار.

وعلى الرغم من اللباقة، واللياقة، والبيت المفتوح والكرم والعلاقات، الا انه لم يستطع أن يؤمن لهذه الجماعة التي هي مسؤول عنها، في كل أنحاء العالم العربي، حماية كافية من خلال مربّعه الدرزي ومنطلقاته المذهبية والطائفية، بدليل ان هناك ٢٠ الف درزي أشهروا اسلامهم في إدلب منذ شهر بناء على طلب من داعش.

من ناحية ثالثة، هل السنّة الذين يواجهون بروز التيار الإسلامي والراديكالي داخل طوائفهم، هم قادرون على مواجهته من دون حلفاء لبنانيين، ومن خارج الطائفة السنيّة؟ أو من خلال إبراز تيار ما يسمّى الإعتدال الإسلامي في وجه داعش والنصرة وامتدادهم في العالم العربي؟!

وجوابي يقول بالطبع لا يمكن فعل ذلك، فالتجربة اللبنانية والعودة الى العيش المشترك والى ساحة ١٤ آذار، وخبرة اللبنانيين بابتكار حلول وطنية تستفيد منها الطوائف، وحدها قادرة على تأمين حماية هؤلاء والجميع.

البيت الداخلي

ولكن هناك من يقول ان هذه الحركات الداعشية والمتطرفة ما كانت لتنمو وتمتد لو لم تجد غضاضة طائفية بادئ الأمر، وعدم معارضة عند قوى الاعتدال في ١٤ آذار.

كيف يمكن أن تدافعوا عن أنفسكم تجاه هذا الكلام؟

– اولاً، ليس علينا أن ندافع عن انفسنا، بل من شأننا أن نشرح الوضع كوننا غير مسؤولين عن بروز التيارات الأصولية في البيئة الإسلامية، بدليل ان ١٤ آذار ليست موجودة في العراق واليمن وسوريا.

ما أقوله انه عندما تتراجع فكرة الوحدة الداخلية، ويعود اللبنانيون الى داخل طوائفهم، تبرز هذه الحالات، مثل إنكفاء المسيحيين عن الحياة الوطنية منذ ان تعقدت الثورة في سوريا، معتبرة ان ما يجري في المنطقة، هو حرب بين أجنحة اسلامية لا تعنيهم، حاصرين إهتمامهم بترتيب البيت الداخلي.

كما ان وليد جنبلاط انسحب قبلهم من الحياة الوطنية، وقال ان ما يعنيه هو ترتيب البيت الدرزي.

لذلك، فأنا اعتبر بأن الأصوليات، تبرز عندما نبتعد عن التجربة اللبنانية، والعكس صحيح.

أما اتهام ١٤ آذار أو تيار المسقبل بأنه وراء هذه الأصوليات، فهو من أجل تبرير الذات ودفع اللبنانيين ليسلموا شأنهم لحزب الله الذي يدافع عن لبنان بوجه التكفيريين، وهذا الكلام موجّه بشكل خاص الى المسيحيين، لتوكيل حماية لبنان الى حزب الله الذي حمى البلد من اسرائيل ويفعل الامر نفسه اليوم مع الاصولية الإسلامية، وذلك تحت عنوان وجود مسلمين جيّدين مثل حزب الله وآخرين غير جيّدين مثل السنّة وتيار المستقبل.

ونحن سمعنا هذا الكلام، وكذلك التصنيفات حتى قبل بروز داعش.

مبدأ المقايضة

في الاسبوع الأخير، عشية ١٤ آذار اصدرت الأمانة العامة مواقف وبيانات تدافع فيها عن نفسها، من دون أن تزعم انها تهاجم الفريق الآخر، ولاحظ المراقبون ان دفاعكم أو هجومكم كانا ضعيفين، كأنكم عارفون بخطئكم في التفسير، بين معارض لسلاح حزب الله، والقتال في سوريا والدفاع عن مواقفكم في لبنان. كيف تفسّرون هذا الكلام؟

– أولاً، ان جيلي كما السابق، يعاصر منذ العام ٦٩ معادلة سياسية ووطنية دقيقة وصعبة، فهناك من يقول للبنان واللبنانيين أعطونا جزءاً من السيادة نعطيكم جزءاً من الاستقرار، واللبنانيون يعطون جزءاً من السيادة تحت عنوان البراغماتية السياسية من دون أن يحصلوا على الاستقرار، وهذا الموضوع موجود منذ لحظة إتفاق القاهرة، حيث انتقلنا خلال الحرب الأهلية الى مساكنة حملة السلاح غير الشرعي ثم عدنا وانتقلنا مع إتفاق الطائف الى مساكنة اخرى بين السلاح السوري غير الشرعي والدولة اللبنانية، والامر نفسه يحصل اليوم مع هذه الاخيرة والسلاح الإيراني غير الشرعي داخل لبنان.

وفقاً لذلك، فان من يريد ان يتعامل مع حزب الله من أجل مكاسبه الخاصة، كأن يصبح مختاراً أو رئيس بلدية… يُبرم مقايضة مع الحزب، تقوم على مبادلة السيادة والمكاسب، أما من يريد ان يخضع لشروطه من دون ابرام اتفاق مصلحة مع حزب الله، فيقول باعطاء هذا الأخير جزءاً من السيادة حتى أحصل على جزء من الاستقرار.

وأنا لا أعتقد بأن أصحاب المصالح الخاصة أمّنوا مكاسبهم، عندما وقّعوا مقايضة مع السلاح غير الشرعي، كذلك لا أرى بأن من يظنون في اعطاء جزء من السيادة، مقابل قسم من الاستقرار، سيحصلون على هذا الاخير.

وفقاً لذلك وحتى لو بقينا وحدنا في لبنان، سنقول بصوت عال وعناد كبير ووضوح موصوف، بأننا ضد السلاح غير الشرعي، ومساكنة جيشين في بلد واحد، أي جيش تحت إمرة الحكومة اللبنانية، يتحّكم بمفاصله آخر تحت إمرة قوّة اقليمية.

ولا يمكن أن نقبل بوجود قرارين في لبنان، في ما خصّ قرار السلم والحرب، خارج إطار الدستور، كذلك نرفض أن يتحكّم بنا من يأتي ويمنّنا بأنه حمى لبنان، وكأن هناك اختصاصات للطوائف، واحدة تحمي وأخرى تبني الاقتصاد وثالثة تغنّي عتابة.

انطلاقاً مما سبق ذكره، نقول بأن حماية لبنان هي من مسؤولية الدولة مجتمعة، وكذلك قرار السلم والحرب، وإذا ظنّ بعضهم بأن هناك نشوة ما في لحظة اقليمية معيّنة تخوّله التمسك بلبنان فليقرأ التاريخ الذي يثبت أن كمال جنبلاط لم يستطع أن يحكم لبنان مع أبو عمّار، وكذلك لم يتمكن بشير الجميل أن يفعل ذلك رغم علاقاته الاقليمية. ولن يكون بوسع السيد حسن نصرالله أن يحقق بدوره هذه الغاية.

من سيحمي لبنان إذاً؟

– من يحمي لبنان هو الشعب، والقانون وكذلك العيش المشترك الذي يجب أن يجعلوا منه الكنز النموذج لحلّ ازمات العالم.

ورقة الإستحقاق

لماذا برز خوفكم وترددكم والقلق الذي ظهر في مواقف ١٤ آذار أو بعض أركانها، تجاه الحوار القائم، سواء بين تيار المستقبل وحزب الله أو بين الرئىس العماد عون والدكتور جعجع؟ هل انتم خائفون من ان يأخذ الحوار منكم الورقة السياسية؟

– نحن خائفون على المتحاورين، ونعتبر أن سمير جعجع هو قامة كبيرة ورفض معادلة المقايضة فدخل السجن، وبالتالي فانه عندما يقبل بها مع عون يفعل ذلك أيضاً مع الإيرانيين، وعندها لِمَ لا يذهب مباشرة الى الإيرانيين! ولِمَ رفضها بالاساس أيام السوريين! لكنه فعل ذلك لانه رجل مبدئي ولا يزال يرفض الامر ونحن سعيدون بموقفه.

ثانياً، نحن حريصون على قامة الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، وعلى الحوار الذي يجب أن يكون موجوداً، إنما نرى انه لن يؤدي الى نتائج، لان قرار حزب الله ليس وطنياً لبنانياً. وكذلك الامر بالنسبة الى قرار عون المتأثر بحليفه الذي يدعمه ويشجعه على العناد في ما خص رئاسة الجمهورية. في المقابل، هم يريدون القول بأن المسؤول عن شغور الموقع الأول هو جعجع، الذي يرفض دعم عون إلى الرئاسة، علماً ان المسؤولية تقع فقط على ايران التي تصنع ورقة الاستحقاق.

في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة، وتعرقلها من أجل تحسين ظروفها فيما أميركا لا تريد أن توفع ثمن هذه الورقة. هذه هي أزمة انتخاب الرئيس، اي ليس لها علاقة بالحوار المسيحي – المسيحي أو الاسلامي – الاسلامي.

شبكة أمان

هل يصطدم الحوار بقرار اقليمي أم انكم تنتظرون تسوية دولية؟

– ليس هناك تسوية دولية، فالمنطقة ذهبت نحو أزمة طويلة، سواء في سوريا، اليمن، العراق أو حتى لبنان. وفقاً لذلك، على اللبنانيين أن يصنعوا شبكة أمان بنفسهم وهذا الأمر لا يحصل من خلال الحوارات بين كل طائفتين على حدة، بل من خلال حوار وطني جامع.

وعلى سبيل المثال، أذا انتخبنا عون رئيساً للجمهورية، وأعطينا حقيبتي الدفاع والداخلية الى جعجع، وقمنا بتعيين أفضل الضباط الموارنة قائداً للجيش، وأوكلنا وزارة الاشغال الى مطران من بكركي، لضبط قضية الحوض الرابع، وآخر لحل مسألة كازينو لبنان فيما بقي قرار الحرب والسلم بيد حزب الله، ماذا نفعل عندها؟

ومن قال لكم انه سيفعل ذلك؟

– سبق أن فعلها في حرب تموز، وعبر دخوله الى سوريا، من دون أن يستأذن أحداً.

خطوة باتجاه المجهول

مضت عشرون جلسة من دون انتخاب رئيس، لكن الايام، أثبتت أن القضية ليست بالأصوات بل بالمواقف التي تنقذ الجمهورية لماذا تعرقلون هذه القضية؟ ولا تنتقلون الى مخرج سياسي لأزمة تعني الجمهورية؟

– أولاً، ان نواب ١٤ آذار حضروا هذه الجلسات كلها، مؤكدين احترامهم للدستور والمهل الدستورية وتلبية لقرار المجلس النيابي، في دعوته إلى انتخاب الرئيس.

ثانياً، هذا الكلام يجب أن يوجه الى من يقاطع الجلسات.

ثالثاً، ان الجمهورية ليست مفهوماً مبهماً، ونحن دفعنا الثمن غالياً خلال الحرب الاهلية، حتى نصل إلى دستور مكتوب، وبالتالي فإن الخروج عنه هو خطوة باتجاه المجهول. ومن لديه مصلحة في الوقت الراهن ببسط نظرة مختلفة عن الجمهورية المشار اليها كالمؤتمر التأسيسي الذي يجري الحديث عنه.

وهنا أسأل هل سيكون هذا المؤتمر الجديد عادلاً ومنصفاً مع المكونات الاجتماعية والافراد والمواطنين أكثر من إتفاق الطائف؟ ولمصلحة من ستذهب المكاسب؟

فيديرالية الطوائف

هل يخاف حضرة النائب السابق من أن يعتاد اللبنانيون على غياب الرئيس والفراغ والشغور في المؤسسات؟

– بدايةً، ان اللبنانيين تعوّدوا على غياب الرئيس والخطأ هنا أرتكبه المسيحيون والمسلمون معاً، أي عندما قال المسيحيون انهم سيجتمعون في بكركي ولا سيما ان موضوع انتخاب الرئيس هو من اختصاصهم والموارنة بالتحديد، على أن يبلغوا لبنان بنتيجة اتفاقهم، وكان جواب المسلمين أنهم سيشكلون حكومة برئاسة سني، ونمدد للمجلس النيابي ورئيسه الشيعي، الى حين تلقيهم إتفاق المسيحيين. وفقاً لذلك، على الجميع أن يقول أن المسؤولية هي وطنية مشتركة لا تقتصر فقط، على المسيحي، بغية إعادة رئاسة الجمهورية على المساحة الوطنية.

أما القول بأن الاقوى سنياً يشكل حكومة، وكذلك الشيعي في ما خص مجلس النواب، وليأت المسيحيون بالرئيس، فليذهبوا اذاً الى أبعد من ذلك، وليقولوا بأن البلد هو فيديرالية طوائف، أي ان كل طائفة تخوض معركتين، أولى لتمدد فيها قيادتها الداخلية، وثانية تقودها هذه الاخيرة مع الطوائف الاخرى لتتحول عندها الى عشائر وقبائل…

العيش المشترك

هل تتعايشون مع فيديرالية الطوائف أم تتخوفون منها؟

– أنا مؤمن بالعيش المشترك في لبنان وهذا ما ميز المسلم أو المسيحي على مساحة العالم العربي من خلال الالتقاء مع بعضهما.

فليس تفصيلاً، أن تعنون صحيفة يملكها سني إسمه سعد الحريري، Je Suis Charlie وليس تفصيلاً أن تجتمع المجموعات الروحية الاسلامية في اليوم الثاني على الحادثة، وأصدرت بياناً دانت فيه الإرهاب.

وهذا التنوع والعيش المشترك جعل منا مسلمين ومسيحيين مميزين بهذا الايمان، هل أنتم خائفون من عودة الإغتيالات؟

– نعم، نحن خائفون لأن الحدود مفتوحة، وظهور داعش يمكن أن ينسب إليه أي عمل إرهابي، الى جانب الفلتان الموجود في بيروت مع حلول الليل.