الأب أثناسيوس شهوان/يا أيها المسيحيون كونوا رجالًا

729

يا أيها المسيحيون كونوا رجالًا
الأب أثناسيوس شهوان/ليبانون ديبايت/04 شباط/15

نتحسَّرُ على عهدٍ لا بل عُهودٍ كان الصَّوتُ فيها صوتًا، والمقامُ مقامًا، والرِّجالُ رِجالاً.

إنّ الحُضُورَ المسيحيَّ في وظائفِ الدَّولَةِ باتَ اليومَ شَحيحًا وشحيحًا جدًّا.

واعذُروني يا “أشباه الرِّجالِ” وأنتُم، في الواقِعِ، أتباعٌ وَمُوَظَّفون، مُصَنَّفون ضِمنَ فئتَين: مسيحيٌّ مُسَنَّنٌ، ومَسيحيٌّ مُشَيَّعٌ، وكأنّ الانتماء المسيحيَّ وحده لم يَعُد كافيًا لا بل أصبحَ هزيلاً.

تَشغَرُ اليومَ، وَظائفُ في الدَّولَة وهي مُخَصَّصَةٌ، حَسب العُرفِ، للمسيحيّين، فيتمُّ تَعيينُ مُوَظَّفينَ فيها على أساسِ التَّبعيَّةِ والانتماء، وأحيانًا تُستَبدَلُ الطَّوائف، فيُعَيَّنُ مارونيٌّ مُسَنَّن بَدَل الأرثوذكسيّ، أو أرثوذكسيٌّ مُشَيَّعٌ بَدل المارونيّ المُسَنَّن، والعكس صحيح، وكلُّ هذا تَفرِضُهُ الجِهَةُ المُسَيطِرَةُ على الموقع الوظيفيّ، والتي من المُفتَرَضِ أن تكونَ الشّريكَ في الوطن، وعندما يَستَحيلُ عليها تَعيينُ حليفٍ تُعَيِّنُ بَديلاً بالتّكليف، شَرطَ أن يكون “مننا وإلنا”.

وا حسرتاه! تُرى متى سَيَفيقُ المسيحيّون ويَعونَ أنَّهُم بهذا يَخسرُون، يفقدون الأهمَّ وهو الأخلاق والإيمان؟

نرى السّماسِرَةَ المسيحيّين يَشترونَ أراضيَ لِمَصلَحةِ آخرين من غير المسيحيّين، والكلامُ هنا ليس طائفيًّا، وإنّما للتّذكير بضرورَةِ الوُجودِ المسيحيّ وعدم اضمحلاله لتكتَمِلَ المحبَّةُ.

نحن على أبواب الصوم لنسير إلى القيامة، فهل المعفّن يقوم؟ بالطبع لا.

يا أيها المسيحيون كونوا رجالًا، كفانا مهزلة. حتى مزبلة التاريخ سترفض من هو رخيص. المال لن يدوم، والممتلكات لن تقوم، وحده الصِّدقُ، إن وُجِدَ فيكم، سيعرِّفُ عنكم بأسمائكم. لا تبيعوا أنفسكم من أجل منصب وراتبٍ وصفة.

صحيحٌ أنَّ موطِنَنا الأوَّلَ هو السَّماء، ولكنَّ هذا لا يَعني أن نَخونَ مَوطِننا الأرضيّ.

كرامتكم هي بإلهكم الذي تجسّد وصار إنسانًا ليكون للإنسان موقعٌ إلهيٌّ لأن أصله إلهيّ. فهل تعون ذلك؟