إن لم ترد إيران قد تكون الغارة الإسرائيلية المقبلة داخل إيران نفسها/ماذا ستفعل إيران؟

368

 إيران ما لم تردّ..
وسام سعادة/المستقبل
الأربعاء 21 كانون الثاني 2015

توثيق الغارات الاسرائيلية التي استهدفت مواقع وأهدافاً في سوريا قبل اندلاع الثورة وبعده، مهمّة قد تبدو سهلة للوهلة الأولى. لكنها ليست فعلاً كذلك. فمن الغارات ما خفي أو خفيت دائرة استهدافه فضلاً عن النتيجة. هناك ما يتّصل بالبرنامج النووي السوريّ المرتبط بالبرنامج النووي الايرانيّ. وهناك ما يتّصل بشبكة الامداد الصاروخية لـ «حزب الله». وهناك ما يتّصل بالشبكة الصاروخية نفسها للحزب وحرس الثورة، التي باتت تمتد على جانبي الحدود اللبنانية – السورية، وتفرض وضعاً جديداً في المنطقة «الواصلة الفاصلة» بين مناطق تمركز القوة الدولية الفاصلة في مرتفعات الجولان وبين القوة الدولية في جنوب الليطاني. ورغم الصخب الاسرائيليّ المتمثّل باستعراض ابعاد سيطرة وتوسع «جبهة النصرة» على المناطق القريبة المتاخمة لمنطقة الفصل الدولية في الجولان، الا أنّ الحسابات الاسرائيلية معنية أساساً بصراع المواقع والملفات والحملات، غير المباشر في أغلب محطاته، والمباشر في لحظات بعينها، مع ايران، على ما حدث في الهجوم الأخير.

توثيق الغارات مسألة مضنية. توثيق ردّ فعل النظام السوريّ فضلاً عن مختلف أطراف النزاع السوريّ مسألة أسهل. لكنها الى حد كبير مضيعة وقت. بعمقه، يبدو النزاع السوري «غير مبالٍ« جدّياً بالغارات الاسرائيلية. يودّ أنْ لا يَراها ولا أن يرى مسألة الاحتلال الاسرائيلي للهضبة الآن الا من زاوية دعائية استهلاكية بحتة، وهامشية بين كل عناوين الصراع الدائرة رحاه في سوريا اليوم.

وانّها لمفارقة غير قليلة، ان يكون هناك سجل متتابع يمتد لسنوات الى الوراء، من الغارات الاسرائيلية الاستهدافية للنظام السوري او لـ«حزب الله» في سوريا والآن للايرانيين في سوريا، وهو سجل متسارع الايقاع والخطورة في المدة الأخيرة، وليس فقط مع الغارة الاخيرة، في حين ان حرباً، أميركية وأطلسية وعربية، ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» انطلقت منذ اشهر، بالتوازي. وفي الحالتين، حتى الغارة الاخيرة في القنيطرة، كان السائد، حرص النظام السوري على التعايش مع الغارات الاسرائيلية كمسألة اجرائية، وجرعات ادارية، ينبغي ان لا يُكرّس لها وقت كثير، وكذلك حرص تنظيم «داعش» على انْ التعامل مع الغارات المستهدفة لها كقضية «غير مصيرية» بالنسبة إليه، وغير جديدة أساساً، ما دامت «دولة العراق الاسلامية» لم تولد سابقاً في جزيرة نائية، بل في العراق المحتل اميركياً، وسط الهجمات والغارات.

فمن بعيد، ستبدو الحرب السورية الآن كحرب يسترسل فيها جهاديون سنّة من تشكيلات مختلفة وجهاديّون شيعة من تشكيلات لبنانية وعراقية في «حرب أهلية داخل الحركة الاسلامية» تتقاطع مع الحرب الأهلية السورية بين الأكثرية السنية المشطّرة، والأقلية العلوية الحاكمة المنكمشة على بعضها البعض. وبالتوازي، تصيب الغارات الأميركية تنظيم «داعش» وتصيب الغارات الاسرائيلية المقلب الآخر، لكن النزيف الدموي الجهادي – الجهادي لا يتوقف.

فهل ثمة متغيّر جديّ يقلب هذا المشهد بعد الغارة الأخيرة؟ لا يتعلّق هذا السؤال بردّ الفعل الايراني على الفعل الاسرائيلي فقط، بل على الفعل الاسرائيلي القادم أيضاً، فالغارة الأخيرة سبقتها غارات، وليست تطرح نفسها أبداً كغارة أخيرة، وفرضاً «احتفظت» ايران بحق الردّ هذه المرة، فهي ليست كالنظام السوري كي يمكنها تخزينه في كل مرة، خصوصاً وانّ النظام السوري حين لا يردّ فالغارات على مواقعه لن تتبدّل نوعياً بسبب من احجامه عن ردّه، واذا تبدّل نوعها فلأسباب أخرى. أما ايران، اذا لم تردّ، فان الغارة الاسرائيلية المقبلة يمكن ان تصل الى الداخل الايراني نفسه.

ما الأسباب التي دفعت إسرائيل إلى استفزاز حزب الله؟
موقع لبنان الجديد/20.01.15
في نهاية السنة الماضية كان لافتاً تركيز التوقعات الإسرائيلية العسكرية على احتمال ان تحمل سنة 2015 مواجهة عسكرية جديدة مع “حزب الله” رغم الادعاءات الإسرائيلية بأن ليس من مصلحة إسرائيل اليوم الدخول في مواجهة مع “حزب الله” وأنه من الافضل ترك الحزب يغرق في اتون الحرب الاهلية السورية وفي مواجهة المخاطر المحدقة به في لبنان من جانب التنظيمات الجهادية المتشددة. لكن في الوقت عينه فقد اجمعت جميع هذه التوقعات على ان “حزب الله” في الوقت الراهن يشكل بترسانته الصاروخية التي تشمل اكثر من 100 الف صاروخ يمكنه ان يصل الى اي نقطة في إسرائيل، وبالخبرة القتالية التي اكتسبها من خلال مشاركته في الحرب في سوريا، اهم قوة عسكرية في المنطقة تهدد إسرائيل، بعد تفكك الجيش السوري جراء سنوات الاقتتال الداخلي، وانشغال الجيش المصري بمعالجة مشكلاته الداخلية. فما الذي دفع بالقيادتين العسكرية والسياسية في إسرائيل اليوم الى تنفيذ هذا الاغتيال الذي يشكل تحدياً كبيراً للحزب واستفزازاً لأمينه العام؟ والى اي حد تشكل حادثة الاغتيال محاولة إسرائيلية لاستدراج الحزب للرد وبالتالي اشعال الحدود مع لبنان؟ في ظل الصمت الإسرائيلي الرسمي عن الاعتراف بالعملية التي تحمل بصمات إسرائيلية لا لبس فيها، تشير تعليقات الصحف الإسرائيلية الى ان القيادتين العسكرية والسياسية في إسرائيل قد درستا جميع الاحتمالات واخذتها في حساباتها قبل تنفيذ الهجوم، من الرد المحدود مروراً بالهجمات على اهداف إسرائيلية في الخارج، وصولاً الى رد شامل ومواجهة عسكرية واسعة النطاق. ففي راي الباحث في معهد دايان إيال زيسر، يضع الهجوم الاخير السيد حسن نصرالله امام المعضلة عينها التي واجهها بعد اغتيال عماد مغنية قبل 8 سنوات. والسؤال المطروح هل سينجر الحزب الى رد مباشر على الاغتيال أم سيضبط نفسه ويؤجل ذلك حتى تنضج الظروف؟ وهل سيختار رداً محدوداً على جبهة مزارع شبعا؟ أم عملية واسعة ومؤلمة ونوعية ضد اهداف إسرائيلية في الخارج؟ اما المعلق ألون بن ديفيد في صحيفة “معاريف” فراى ان الهجوم يفتح جبهة جديدة مع “حزب الله” في الجولان ويسعى الى توريط إيران أيضاَ اذا صح خبر مقتل ضابط إيراني في الهجوم هو علي طبطبائي الذي يقض مضاجع قادة الجيش الإسرائيلي منذ تعيينه قائداً لـ”قوات التدخل” في الحزب، وهي قوة هجومية موازية لقوات النخبة في حركة”حماس” التي فاجأت إسرائيل في الصيف الماضي في عملية تسلل نوعية عبر الانفاق. أما رون بن يشاي المعلق العسكري في “يديعوت أحرونوت” فاعتبر الهدف من الهجوم احباط الخطط التي كان يعدها الحزب ضد إسرائيل انطلاقاً من هضبة الجولان، واسترجاع إسرائيل قدرتها على ردع الحزب التي تآكلت في الفترة الأخيرة. لكن عملية الجولان طرحت تساؤلات داخل إسرائيل بشأن صلتها بالمعركة الانتخابية الدائرة وما اذا كان هدفها زيادة التأييد لنتنياهو زعيم الليكود الذي اظهرت الاستطلاعات الاخيرة تراجعه، وهل هجوم الجولان هو مجازفة خطيرة قد تجر نتائج وخيمة على إسرائيل؟ والى اي حد يمكن الاعتماد على عدم رغبة إيران والحزب اليوم في التورط في مواجهة عسكرية واسعة مع إسرائيل وهل ما حدث بداية تصعيد خطر على الحدود مع لبنان سيدفع ثمنه الإسرائيليون كلهم؟

ماذا سيفعل حزب الله … ؟؟
موقع لبنان الجديد/20.01.15
هل ُتدخل الغارة التي نفذتها اسرائيل ضد مجموعة من قياديي حزب الله قرب مدينة القنيطرة السورية المنطقة عموما في ” منعطف ” كما اعلنت مصادر مقربة من حزب الله ، وذلك تعليقا على الغارة التي أودت عصر امس بحياة ستة يعتبرهم الحزب من نخبه القيادية ؟؟سؤال بالتاكيد سيأخذ الحيز الاكبر من الجدل خلال الساعات او الايام القليلة المقبلة .. كعادته الحزب وبعد كل عدوان من قبل العدو الاسرائيلي ، يلتزم الصمت ، وهو ما عكسته هذه المصادر بقولها : ان الوقت ليس للكلام ، لافتة الى ان الغارة تشكل التدخل الاسرائيلي الأوضح في الأزمة السورية . لا شك ان هذه الضربة هي الأوجع التي يتلقاها حزب الله خلال سنوات انخراطه في الأزمة السورية ،إذ انها أدت الى خسارته قائدا عسكريا بارزا هو محمد عيسى الملقب ” بأبو عيسى ” وهو احد مسؤولي ملفي سوريا والعراق اضافة الى نجل القائد الراحل عماد مغنية ، جهاد ، الذي تردد انه والأسير المحرر سمير القنطار احد مسؤولي ملف الجولان. لن يسكت الحزب .. فهي ضربة لا تحتمل السكوت .. ونحن ما تعودنا منه ذلك .. هذا ما قاله احد المحللين السياسيين الدائرين في فلكه ، وهو ربط بين توقيت الضربة ومسألة استئناف المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن والتي تزعج اسرائيل كثيرا ، كما ربطها بتدني شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عشية انتخابات إسرائيلية محتملة. واذا اردنا كمراقبين العودة قليلا الى الوراء وتحديدا الى ما نشرته صحيفة ” هآرست الاسرائيلية الشهر الفائت ، من انه وخلال سنوات الحرب الأهلية في سوريا بنى “حزب الله” بنية تحتية في منطقة الجولان بمساعدة إيرانية وسورية. ويتولى إدارة هذه البنية إسمان تعرفهما إسرائيل جيداً: المسؤول الأول هو جهاد مغنية، إبن القيادي عماد مغنية، والثاني هو سمير القنطار ، يتضح انها كانت تتحين فرصة توجيه ضربة قاسية الى الحزب تكون بمثابة لجم لتمدد نفوذه وقوته ، وردع لإمكانية او محاولات خلقه لتغيير في موازين القوة ووقائع الامور على الارض في مناطق قريبة من دائرة نفوذ وهيمنة الاحتلال على مرتفعات الجولان. في الحقيقة ، وضع لا يحسد عليه حزب الله ، فهو الذي يركز جهوده على مواجهة مخططات تنظيمي “النصرة ” و “داعش ” وخصوصا بعد ما كشفته التحقيقات مع الارهابيين الموقوفين بعد عملية اقتحام المبنى ًب ً في سجن رومية من تحضير لتفجيرات تطال الداخل اللبناني وتحديدا منطقة الضاحية الجنوبية ، نجده الآن في وضع ، الرد فيه على العدوان الاسرائيلي معقد ويمكن ان يدخل لبنان في متاهات خطرة ، وانعدام الرد فيه من الكسر لهالته وعنفوانه ما يجعله لا يستطيع السكوت .. ماذا سيفعل الحزب .. وكيف سيواجه هذا الموقف الدقيق ؟؟ هل يرد على العدوان الاسرائيلي ؟؟ ام يحجم .. ويعمل على امتصاص الصدمة نظرا لحراجة اللحظة الاقليمية ؟؟ سؤال .. يكشفه القريب المنظور .