حـازم الأميـن/عام إيران

210

عام إيران
حـازم الأميـن/لبنان الآن
01/01/15

في موازاة الذهول الذي خلّفته “داعش” جرّاء طوفانها في العام 2014 على عالمنا وإقليمنا ونسائنا وأقلياتنا، ثمة ذهول موازٍ لم يُتح له أن يُسجل لأسباب كثيرة. إنه طوفان الإمبراطورية الإيرانية الخمينية.

وهو طوفان يفوق طوفان “داعش” لجهة المساحة التي اقتطعها. لبنان في المنطقة المباشرة للنفوذ الايراني، وفي سورية انتقلت السلطة من حزب البعث إلى الحرس الثوري الإيراني، وفي العراق يُشكل قاسم سليماني رأس حربة مواجهات الجيش العراقي مع “داعش”، أما في اليمن فقد أحكمت الذراع اليمنية للحرس الثوري الإيراني، أي جماعة الحوثيين، السيطرة على العاصمة صنعاء وهم بصدد المزيد من التمدد.

ويُمكن والحال هذه أن يحمل العام 2015 “فتحاً” جديداً لهذه الامبراطورية الناشئة، فقد أعلن الأميركيون نهاية عملياتهم العسكرية في أفغانستان، ولإيران حدود طويلة مع أفغانستان، لكن لها أيضاً ذراع مذهبية في تلك الدولة، هي جماعة الهزارة، وهي من الأقليات الكبرى في أفغانستان، وتنتشر على مساحة جغرافية واسعة تصل إلى قلب العاصمة كابول.

ومن المرجح أن يعني انسحاب واشنطن من أفغانستان لايران ما عناه لها انسحابها من العراق، أي المباشرة في قضم تلك الدولة التي ربما لن تكون سهلة لكنها ممكنة في ظل ضعف الهوية وتبعثرها بين الأقوام والجماعات. مع العلم أن باكستان النووية والجارة السنّية الكبرى لأفغانستان ربما تعاملت مع الطموحات الايرانية على نحو ما تعاملت تركيا (الجارة السنية الكبرى للعراق) مع استحواذ طهران على بغداد، أي بتململ تقتصر أصداؤه على منافسة غير متكافئة بين الإندفاعة الايرانية والحذر التركي.

نعم عام 2014 ومثلما هو عام “داعش” هو أيضاً عام الامبراطورية الإيرانية. فطهران تُفاوض واشنطن وتُقايض الملفات، وتتقدم على مختلف المحاور. ربما (لا بل من المرجح) أن تستعيد هذه السنة (2015) حماس من الدوحة وأنقرة، وهي إذ تُمسك بـ”المقاومات الاسلامية والبعثية والفلسطينية” تحوز على إعجاب واضح من تل أبيب، ولا يُضيرها هذا الإعجاب. وهي أيضاً اذ تمنع انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان قبل أن تدفع واشنطن ثمنه في ملفات أخرى، تُهدي الأكراد في العراق، وهم آخر حلفاء واشنطن، سلاحاً وجنوداً وخبراء.

من المؤكد أن ثمة مجازفة في هذا التوسع، ذاك أن امبراطورية فئوية ولا تحمل لمُستَعمَريها وعوداً بشيء غير احتلالهم، لن يدوم نفوذها طويلاً. فزمن الامبراطوريات أفل مع انهيار آخرها، أي الامبراطورية السوفياتية، وعندما كشف فلاديمير بوتين عن رغبات في معاودة المحاولة لقنه العالم في نهاية عام 2014 درساً لن ينساه. وإيران أقل قدرة وكفاءة من روسيا البوتينية.

كل هذا لا يمنع من القول إن عام 2014 كان أيضاً عام الامبراطورية الإيرانية.