إيلـي فــواز/فخّ المفاوضات السوريّة

290

فخّ المفاوضات السوريّة

 إيلـي فــواز/لبنان الآن/25.12.14

من ستيفان ديمستورا، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، وصولاً إلى الدب الروسي الجريح، تتالى المبادرات في الشأن السوري، وآخرها محاولة جمع الرئيس السوري بشار الأسد بالسيد معاذ الخطيب في موسكو لمناقشة حلّ سياسي للأزمة السورية. الأفكار التي يتم تداولها تحوم حول تجميد القتال والبحث في قيام حكومة تجمع الاطراف المتقاتلة. لكن لا جديد في الأفق الروسي، فالهدف عند موسكو لا حلّ الأزمة، بل المحافظة على النظام السوري. فكيف ذلك؟ المشكلة تكمن أولاً في المشاركين المعارضين، الذين لا يمثّلون أياً من الفصائل المقاتلة التي تسيطر على الأرض. فالسيد معاذ الخطيب لا يستطيع فرض أوامره أو إعطاء توجيهاته لأي من المقاتلين المعارضين، في حال تم الاتفاق لأنه لا يملك أساساً تفويضاً منهم. ثانياً لا يملك المشاركون في الحوار أيّ ورقة ضغط على الرئيس السوري، ولا يملكون ما يفاوضون بشأنه، سوى نظريات سياسية لطالما حفلت بها اجتماعات الإئتلاف الوطني السوري المعارض في تركيا، وكانت في أساس فشله.

ثالثاً يُصرّ الداعون لتلك المبادرات على تجاهل جبهة النصرة، كفريق أساسي في اي محاولة للخروج من الحرب الأهلية السورية، ويصرّون على اعتبارها فصيلاً إرهابياً، فيما تمضي الجبهة في تثبيت نفسها قوة بارزة ومهمة على أرض الواقع.

رابعاً ليس هناك أي حديث في هذه المفاوضات عن إزالة النظام، إنّما مجرد عملية تجميل، بحيث ينضمّ إلى جانب اركان النظام بعض الشخصيات السنّية التي قد تعطيه بعداً إصلاحياً – سياسياً ما، على أن يبقى العسكر بأُمرة الأسد أو من ينوب عنه.

طبعاً أمام تلك المعطيات لا يمكن لأي حوار ان ينجح أو يأتي بنتيجة تُخفّف من معاناة الشعب السوري، أو تحلّ من معضلته. هذا الحوار إن جرى، على هذه الأسس، لن يكون هدفه إيجاد حلول، بل تعزيز موقف الأسد وإطالة عمر نظامه، وبالتالي إطالة أمد الحرب. ولذلك المطلوب إيجاد مُحاوِر مُعارض، له بعض من مصداقية، ليجلس وجهاً لوجه مع الأسد، ويخرج بنوع من اتفاق ما معروف سلفا أنّه لن يكون قابلاً للتطبيق، بما أن أياً من المعارضين في الائتلاف لا يملك إمكانية تطبيقه، ولذلك سيكون الاتفاق تسليف موقف للأسد يُظهره بمظهر الضحية. فالصحافة والمحللون والقادة السياسيون، الروس والإيرانيون، الغربيون والأميركيون، لن يروا في تلك المفاوضات الأسباب التي أدّت إلى فشلها، بل سيخرجون بنتيجة واحدة: المعارضون إرهابيون لا يريدون حل الأزمة السورية، والأسد الذي قدم تنازلات في تلك المفاوضات المفبركة هو جزء أساسي وشريك في محاربة الارهاب. هذا ما يحضّر له الروس للمعارضة السورية.