الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/المقاطعة هي فعل ديمقراطي قاطِع، والمستسلم هو مَن يذهب إلى انتخابات خاسرة…

530

المقاطعة هي فعل ديمقراطي قاطِع، والمستسلم هو مَن يذهب إلى انتخابات خاسرة…

الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/04 أيار/2022

وتُصرّون على أنّنا، نحن الشعب، مسؤولون عن نتائج الانتخابات. لا تنفكّون تجترئون على القبائح بحقّنا، وتستخفّون بعقولنا، وأنتم أخفّاء العقول. آخر بدعكم التضليليّة خُرافة الحاصل الانتخابي التي تجهدون للترويج لها بوقاحة. توهموننا بأنّ مقاطعتنا الانتخابات ستتسبّب بانخفاض الحاصل، ما سيعزّز فرص حزب الله بالفوز بالأكثريّة البرلمانية، وهذا ادّعاء خسيس باطل، علميًّا ومنطقيًّا!

القانون الانتخابي نسبيّ؛ فمتى انخفض الحاصل، تتأثّر به كلّ اللوائح، سلبًا أو إيجابًا، بحسب حجم كلّ منها (نسبيًّا)، ولا تكون لوائح حزب الله هي المستفيدة من دون غيرها. المعادلة نفسها تنطبق على اللوائح متى ارتفع الحاصل، فهو أيضًا يطالها جميعها بحسب حجم كلّ منها.

والبرهان،
حين تتوقّع شركات الاستطلاع نتائج انتخابات ما، تبني دراساتها على شريحة صغيرة من الناس (آلاف وأحيانًا مئات)، بمعنى أنّ المرشّح الذي ينال نسبة 5% من الأصوات في استطلاع الشريحة الصغيرة، من المؤكّد أنّه سوف ينال النسبة نفسها على مستوى الدائرة الانتخابيّة مهما بلغ حجم المقترعين فيها.

إذًا في القانون النسبي لا تتغيّر النتيجة لصالح لوائح على أخرى إذا ارتفع أو انخفض الحاصل. هذا ما يؤكّده علم الرياضيات. هذا ما يبرهنه علم المنطق.

ولأكون أكثر دقّة، هناك حالة استثنائيّة، واستثنائيّة جدًا، يفيد خلالها ارتفاع الحاصل مجموعة معيّنة، ألا وهي أن كلّ الذين سيتحمّسون للمشاركة بغية رفع الحاصل، عليهم أن يصوّتوا للمجموعة نفسها كي يقع التغيير، وهذا أمر مستحيل!!!

مَن قال لكم إنّه إذا كنّا ضدّ حزب الله سوف نعطي أصواتنا الحرّة لمنافقين يستهزئون بعقولنا!!؟

من أجل مَن تُريدوننا أن نرفع الحاصل!؟ أَمِن أجل مَن يُرهبونَنا باتّهام كلّ مَن يقاطع الانتخابات منّا بأنّه يصوّت لحزب الله!؟ أم من أجل من يتّهمونَنا بالاستسلام والخيانة لأنّنا سنقاطع!!؟ أم من أجل السياديين الذين يحمّلوننا مسؤولية تسليم البلد لحزب الله إذا لم ننتخبهم، مع العلم أنّهم بالأمس كانوا يُساكنون هذا الحزب في الوزارات والبرلمان، وأنّه لم نسمع من أحدهم بعد عمّا سيفعله بحزب الله إذا وصل مجدّدًا إلى البرلمان. هل سيدخل وبيده رشّاش ويرشّ نواب الحزب لا سمح الله؟ أم سيتقدّم بمشروع قانون لتجريد هذا الحزب من سلاحه، وهو الأمر الذي لم يقم به طيلة اثنتين وعشرين سنة من قبل!؟

وهل نرفع الحاصل بتصويتنا مِن أجل مَن ترشّح وفي أحلامه تغيير القوانين لينعم ببلد “ديمقراطي” يستطيع أن ينتعل فيه كوفيّة ياسر عرفات بسلام!!؟ أم مِن أجل تلك التي تعتبر أنّ من حقّها أن تكون نائبًا عن الامّة “لأنّها امرأة، ولأنّها نصف المجتمع”، وليس لأيّ سبب آخر!!؟ أم من أجل المناهضات للذكوريّة وهنّ مسترجلات!!؟

مِن اجل مَن؛ أجيبوا عليّ بالله عليكم!!!
أَمِن اجل ذاك الغلام الطرابلسي – الضنّاوي الذي بوقاحة يتكلّم على التلفزيون عن دور المال الانتخابي الذي لا مفرّ منه لشراء ضمير الناخب وعِرضه!!؟ أم من أجل مَن خانوا قرار زعيمهم “المقاطعة” وركضوا لاهثين لكسب مقاعد نيابيّة!!؟

مِن أجل مَن! مَن!!!
أمِن أجل مَن أسّس للعهد الحالي بالتسويات وبالاتفاقيّات، ثمّ عاد وغيّر رأيه فجأة، وهو لا يخجل!!؟ أم من أجل من استقال من البرلمان، ولم يؤثّر بشيء، لا خلال نيابته ولا باستقالته!!؟ أم من اجل الذي سخر من مطالبة الثوّار، والثورة في أوجها نحو التغيير، بانتخابات نيابيّة مبكّرة، ثمّ فجأة، صار هذا “الذي” نفسه يفطر ويتغدّى ويتعشّى وينام مطالبًا بانتخابات مبكّرة!!؟

هل الذين وقّعوا متكافلين متضامنين على قانون جورج عدوان النسبي يستحقّون أن نرفع الحاصل من أجلهم؟ أم غلمان ابائهم، وأباءُهم كانوا بالأمس من روّاد عنجر الوصاية، يستحقّونه؟ أم الذين ركبوا الثورة، من اليسار الملحد المعفّن، ومنذ البداية هدفهم خازوقًا نيابيّا لاستخدامه في قفا المسيحيين تحت شعار “الهبل المدني” و “الحريات السِكسيّة”؟؟

“السكس” شيء جميل وانساني، لكن لا نجعله هدفًا تحت الاحتلال، مثله مثل الانتخابات.
في مقابل كلّ ما سبق، وبحال ارتفع الحاصل الانتخابيّ، كما يتمنى أصحاب النوايا غير السويّة، ماذا سيكون موقف المجتمَعَين العربي والدولي من الصادقين الداعين إلى التخلّص من حزب الله، بعدما انكسرت الهواجس وصار أكثر من 65% من الشعب اللبناني ينادون بأنّ حزب الله يحتلّ لبنان؟ ببساطة سيكون التعاطي مع معضلة لبنان على قاعدة “أنتم انتخبتموهم”، كما سبق وقال الرئيس الفرنسي اِيمانويل ماكرون. ولمَن لا يعلم، فإنّ هذا يعني باللبناني “المشبرح”: “روحوا انفطسوا إنتو ويلّي انتخبتوهم”.

ولأنّنا لسنا في حسابات أحد، ليس عندي أدنى شكّ بأنّ المجتمع الدولي يشجع على المشاركة في الانتخابات ليغسل يديه من المجزرة التي ستُرتكب بحقّ لبنان واللبنانيين متى حصلت هذه الانتخابات واستولى بنتيجتها حزب الله على البلاد، وبالتالي سيحمّل الشعب البريء مسؤوليّة النتائج بحسب المفهوم العام للديمقراطيّة، في بلد لا ديمقراطيّة فيه!!

مثل المجتمع الدولي؛ “الأوليغارشيون” حيتان المال، وأحزاب المنظومة، ومَن يدّعون السيادة والمعارضة، والخارجون عن مبادئ “كلّن يعني كلّن”، ورؤساء الطوائف مسيحيون ومسلمون، جميعهم يريدون غسل أيديهم من دم لبنان، وتحميل الشعب المسؤولية عن جريمة لم يرتكبها ليبقوا هم ويموت لبنان.

أنا أسأل نفسي إن كنتم منافقين أم أنّكم أغبياء، أيّها الداعون إلى المشاركة بكثافة في الاقتراع!! الثابت الوحيد هو أنّ المجلس النيابي المقبل سيكون مؤلّفًا إمّا من منافقين، وإمّا من أغبياء، وإمّا من الاثنين معًا، ما يؤكّد أنّ لا تغييرًا انتخابيًا يلوح في الأفق، وأنّ المقاطعة هي، وهي وحدها، العلاج الديمقراطي السحري لاستدراك تحويل لبنان إلى جمهوريّة إسلاميّة ملاليّة.

هم يلهثون وراء صوت في صحارة، ونحن سنقاطع، وسنكون الأكثريّة، من أجل أن يبقى صوتك لبنان.
وبالإذن من حرّاس الأرز (شو بعمِلكُن إذا شعاراتُن ثابتي ورنّاني)
“لبيك لبنان”